أشارت نتائج الفرز الأولي لأوراق الاقتراع في الانتخابات العامة الباكستانية تقدم حزبي رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف، ولاعب الكريكيت السابق عمران خان، بفارق كبير في الاستحقاق التشريعي الذي عقد أمس السبت، في عملية انتخابية تاريخية لتعزيز الديمقراطية تميزت بمشاركة قوية من الناخبين. وأظهرت النتائج التي عرضتها قنوات تلفزيونية باكستانية، مساء أمس، أن حزب عمران خان يتقدم بأكثر من 50 مقعداً من جملة 272 مقعداً، كما أظهرت أن حزب شريف يتقدم في الصدارة، لكن حزبه قد يخسر 15 مقعداً في ولاية البنجاب الرئيسة أمام عمران خان . وأقفلت صناديق الاقتراع عند الساعة السادسة مساء أمس السبت، أي بعد ساعة من الوقت المحدد، ذلك أن اللجنة الانتخابية مددت مهلة التصويت بسبب الإقبال الكبير والتأخير في فتح بعض صناديق الاقتراع . وأعلن مسؤول كبير في اللجنة الانتخابية ل”فرانس برس” أن “نسبة المشاركة مشجعة، وأشار إلى أنها منتصف النهار زادت على 30%، وتوقع أن تبلغ 60% في ارتفاع كبير مقارنة بآخر انتخابات جرت في 2004 وكانت فيها نسبة المشاركة 44% . ويراهن معظم المراقبين على فوز الرابطة الإسلامية (وسط يمين) التي يتزعمها نواز شريف صاحب معامل الفولاذ المتحدر من النخبة التقليدية الذي سبق أن تولى رئاسة الوزراء مرتين في التسعينات . غير أن النتيجة التي ستحققها حركة الإنصاف بزعامة نجم رياضة الكريكت السابق عمران خان الذي أثار المفاجأة واستقطب الأضواء في الحملة الانتخابية، تثير تكهنات، لاسيما أنه استفاد من تعاطف كبير منذ أن سقط عن ارتفاع عدة أمتار في حادث أثناء مهرجان انتخابي الأسبوع الماضي وكسر عدداً من فقرات عموده الفقري . وقال ناخبون إنهم يصوتون لعمران خان لأنهم يريدون التغيير، وأنهم لن يتحملوا بعد الآن هؤلاء السياسيين الذين يعودون في كل مرة إلى السلطة ولا يقومون بأي شيء من أجل البلاد . وذكروا أن أسطورة الكريكيت السابق شاب ومفعم بالحيوية، ويريد تغيير الأمور باستئصال الفساد . ودعي أكثر من 86 مليون باكستاني لانتخاب نواب الجمعية الوطنية والمجالس الإقليمية الأربعة . وتعتبر هذه الانتخابات تاريخية لأنها ستتيح لحكومة مدنية أكملت ولايتها من خمس سنوات تسليم الحكم إلى حكومة أخرى مدنية أيضاً للمرة الأولى في هذا البلد الذي استقل في ،1947 ويبقى تاريخه مطبوعاً بالانقلابات العسكرية . وسقط أكثر من 130 قتيلاً خلال حملة انتخابية اعتبرها المراقبون الأكثر دموية في تاريخ البلاد، وتبنت معظم اعتداءاتها حركة طالبان الباكستانية التي تعارض العملية الديمقراطية التي يعتبرونها “غير إسلامية” . وتوعدت حركة طالبان الباكستانية بسلسلة من الهجمات في هذا اليوم الحاسم بالنسبة للديمقراطية في باكستان، حيث انتشر أكثر من 600 ألف عنصر من قوات الأمن لحماية مراكز الاقتراع . ومع ذلك انفجرت عبوة أولى في كراتشي (جنوب) بعد ساعتين على بداية الاقتراع . واستهدف الاعتداء مرشحاً من حزب عوامي الوطني العلماني، وهو من الأهداف المفضلة لحركة طالبان التي سارعت إلى تبنيه، وأسفر عن سقوط 11 قتيلاً على الأقل بينهم طفل في سن الثالثة، و36 جريحاً . وفي ولاية بلوشستان المضطربة (جنوب غرب) سقط ستة قتلى بينهم عنصران شبه عسكريين في اعتداءات مختلفة، لترتفع حصيلة القتلى في أعمال العنف الانتخابية السبت إلى 18 قتيلاً . وفي الشمال الغربي انفجرت عبوة أخرى أمام مركز اقتراع نساء في بيشاور، فأصيب ثمانية أشخاص، كما أعلن أطباء، بينما انفجرت عبوة ثالثة متوسطة القوة في مردان قرب بيشاور فأصيب أربعة أشخاص بجروح . يذكر أنه إذا لم يحصل الحزب الذي سيتصدر النتائج على أغلبية المقاعد، فبإمكانه تشكيل ائتلاف، لكنه إذا لم يتمكن فسيفسح المجال أمام الذي يليه في نظام يتيح العديد من إمكانيات التحالف التي قد تكون أحياناً غير متوقعة . وقد أيد كل من نواز شريف وعمران خان فكرة الحوار مع طالبان، في محاولة لوضع حد لأعمال العنف، وانتقدا غارات الطائرات الأمريكية من دون طيار التي تستهدف الإسلاميين في شمال غرب البلاد . لكنهما لم يوضحا كيف سيعمدان إلى ذلك من أجل إرساء السلام من دون إثارة استياء واشنطن أكبر الجهات المانحة