عبد القادر ياسين: أسقطت حكام العرب من حسابى منذ النكبة.. وتحرير فلسطين يحتاج إلى موقف عربى موحد حمدى المرسى: الصهاينة يستغلون الضعف العربى فى تنفيذ خططهم.. وعلى الحكام العرب تعزيز وحدة المصير عاصم الدسوقى: فلسطين تتحرر بالقوة الاقتصادية.. وعلينا أن نتخذ من إندونيسيا وروسيا وإيران ظهيرا لذلك تحل فى هذا الشهر ذكرى نكبة فلسطين، والتى يمر عليها فى 15 مايو الجارى 65 عاما، ولا تزال فلسطين تنتظر.. ورغم أن البعض توسم خيرا بالثورات العربية، خاصة فى مصر التى أطاحت ثورتها بنظام العميل الصهيونى مبارك وأعوانه من أمثال حسين سالم، فإن تدهور الأوضاع الداخلية وافتعال الأزمات والتآمر الخارجى ومَن خلفه من الطابور الخامس؛ كل ذلك يعطل خروج مصر من تبعيتها للحلف الأمريكى الصهيونى وانطلاقها إلى ركاب الدول المتقدمة، ومن ثم ظهور بوادر أمل فى العودة إلى فلسطين. من جانبه قال عبد القادر ياسين، الكاتب والمفكر الفلسطينى؛ إنه منذ «كامب ديفيد» سيئة الصيت، والقضية الفلسطينية فى تراجع، ازدادت نسبته منذ اتفاق «أوسلو» قبل عشرين عاما، وزاد الأمر استفحالا مع الاقتسام الفلسطينى قبل نحو 6 أعوام، رغم أن هذا الانقسام امتلك مبرراته القوية، وتراجعت القضية الفلسطينية كثيرا مع ظهور من ينفذ المشروع الصهيونى بين ظهرانينا، مشيرا إلى أن الحكام العرب لا ينتظر منهم إلا كل ما يضر بالقضية الفلسطينية، وآخر ما فعلوه إبداء استعدادهم لحكام واشنطن (30/4) لتقديم أراض فلسطينية للكيان الصهيونى مقابل أراض قاحلة، ليزيد أولئك الحكام مبادرتهم التى قدموها، قبل نحو 10 سنوات، وسماحهم باجتياح شارون الضفة الغربية بقواته، فى اليوم التالى من صدور المبادرة، ما يعنى أن هذه المبادرة ماتت بإسفكسيا الاختناق، والمستهجن أن حكامنا لا يزالون يتعاملون مع المبادرة المتوفاة وكأنها حية تسعى. وأضاف المفكر الفلسطينى: «لا شك أن إسقاط حركة المقاومة الفلسطينية، قبل نحو أربعة عقود، قد أساء كثيرا إلى القضية الفلسطينية وبرنامجها السياسى، مشددا على أن الأمر يحتاج إلى موقف عربى قوى موحد، وجبهة متحدة للفصائل الفلسطينية تستند إلى استراتيجية إجماع وطنى، وتتعامل مع فلسطين باعتبارها قضية تحرر وطنى، ذات عمق استراتيجى عربى، وبعد إسلامى وأفق إنسانى دولى، ومن هنا نبدأ. وعن دور الحكام العرب فى القضية الفلسطينية تابع «ياسين»: «لقد أسقطت حكام العرب من حسابى منذ نكبة فلسطين 1948، فمن لم يكن منهم متواطئا مع أعداء الأمة، شريكا لهم؟ ومن السذاجة بمكان – إن لم يكن من الغباء- الاعتماد على هؤلاء الحكام أو مناشدتهم؛ فخياراتهم واضحة وطلبهم رضا واشنطن وتل أبيب غير خاف على أحد، وتمسكهم بكرسى الحكم من تحتهم يفوق أى اعتبار لوطن أو شعب». واستطرد: «لا تزال الأقطار العربية التى شهدت (ربيعا)، فى حالة سيولة طال أمدها لذا لا نستطيع أن نحاسبها على تراخيها فيما يخص الشعب الفلسطينى وقضيته الوطنية، وسوف نحاسبها عندما تتبلور الأوضاع لديها، فالشعوب العربية مغلوبة على أمرها ومن الظلم مطالبتها بأكثر من انتزاع حقوقها من بين أنياب حكامها، وبعد ذلك يمكننا مطالبتها بالوقوف أمام مسئوليتها فى تحرير فلسطين». وأشار إلى أنه بالتعاون مع «مؤسسة القدس الدولية» و«الجبهة العربية المشاركة للمقاومة الفلسطينية» و«مصريون ضد الصهيونية»، يجرى التحضير لفعاليات دعونا إليها – قبل نحو شهر- كل الأحزاب المصرية لإرسال من يمثلها، ولكن من استجاب منها نسبة قليلة جدا، وتستمر الفعاليات من 15/5 وحتى 7/6، وتتضمن خلالها ندوة ومسيرة إلى الجامعة العربية وأخرى إلى رفح وحفلا فنيا ومعرضا فى نقابة الصحفيين. فيما أكد حمدى المرسى مدير مؤسسة القدس الدولية أن عدد القرارات والنصوص والمواقف التى استقطبتها قضية القدسوفلسطين على أصعدة دولية وعربية وفلسطينية منذ الوعد المشئوم إلى الآن- لم تستقطبه أى من القضايا الأخرى، والبعد الزمانى والمكانى والروحى للقدس وسائر فلسطين جعلها عبر الأزمنة محط اهتمام وساحة للصراع، مشيرا إلى أن هذا الكم من القرارات لم يسفر عن نتائج إيجابية. وقال «المرسى»: «تهتم إسرائيل ببعدها الديموجرافى وزيادة عدد السكان اليهود من خلال تشجيع ميزان الهجرة من الخارج، ووضعت الخطط والبرامج والميزانيات لإكمال حلقات السيطرة والهيمنة والتهويد والتزوير ومصادرة الأراضى والعقارات مستغلة الضعف العربى والعجز الإسلامى والتأييد الدولى لتنفيذ برامجها وكان التهديد للمسجد الأقصى بإجراء الحفريات ومنع وصول المصلين». وأشار إلى أن الذكرى 65 للنكبة تأتى فى ظل ربيع عربى أطاح بأنظمة استبدادية سلمت شعوبها تركات مثقلة بالمعاهدات التى تحمى العدو وتكف أيدى الشعوب عن استرداد أرضها، غير أنها لم تصل إلى مرحلة الفعل فلا يزال الراعى الأمريكى يهيمن على حوكمة المنطقة. وعن دور حكام الربيع العربى والشعوب قال إن دورهم هو الاهتمام بالتوعية وبالثقافة القومية التى تؤكد وحدة المصير العربى وتعزيز الشعور بالانتماء. مشددا على ضرورة إبراز الموقف العربى الداعم للقضية مع ضرورة التأكيد على عدم التفريط فى الحق العربى والمبادرة لدعم الموقف الفلسطينى القائم على عدالة القضية وعودة اللاجئين والحق فى تقرير المصير وإنهاء حالة الاحتلال وعدم الاكتفاء بخطاب إزالة آثار العدوان. وأوضح مدير مؤسسة القدس الدولية أن أمن فلسطين هو أمن قومى لكل البلاد العربية، وإسرائيل محاطة بما يعرف ب«دول الطوق»، ولذلك أحاطت الصهيونية دول الطوق بطوق آخر يحاصرها من ليبيا والسودان والعراق لتفقد دول الطوق عمقها السياسى والاستراتيجى فى حالات الحرب والصراع، كما أنها لا تكف عن الحرب ولا ترضى بالسلام حتى صار السلام قرارا صهيونيا وليس عربيا، والسلطة الفلسطينية توافق على هذا الطرح فى اتفاقية «واى بلانتيشن» وقبلت بأن تقوم بدور من يحمى إسرائيل من إرهاب الفلسطينيين. كما أضاف أن استقرار شعوب الربيع العربى يضع المحتل فى موضع حرج وسيحلحل القضية باتجاه الحل، وليعلم الجميع أن مجرد تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة عربية خالصة، من البحر العربى وخليج عدن وباب المندب إلى خليج العقبة؛ كفيل وحده بإنهاء حالة الاحتلال، وعلى الجميع أن يدرك أنه لم يعد يوجد احتلال بالمعنى الكولينيالى فى العالم إلا فى فلسطين، وهذا يدعم التحرك العربى. ولا ننسى أن فوز فلسطين بعضوية مراقب فى الأممالمتحدة وعضوية فى اليونيسكو لم يكن بجهود عربية، بل بموقف دولى داعم للقضية، وكان على رأسها دول أمريكا الجنوبية التى عانت من الاحتلال طويلا، لذا علينا أن نتنبه لأهمية تحريك المحور الدولى الداعم لحق تقرير المصير والرافض للعنصرية، وعلى الحكام أن ينتبهوا أن المركز القانونى لفلسطين يضمن لها المواجهة القانونية، كما يجب على الحكام أن يدعموا خط المقاومة؛ فالطرق السياسية وحدها لا تنهى الاحتلال. وألمح «المرسى» إلى أن منظومة الأمن الصهيونى تتأرجح منذ بزوغ الربيع العربى، وإزالة كنزهم الاستراتيجى جعلهم يفكرون جديا فى الاعتماد على القوة فأعادوا بناء منظومة الدفاع عبر القبة الحديدية، وهذا مؤشر على تخوف القيادة الصهيونية من تداعيات الربيع، كما أنه بات واضحا لدى صناع القرار فى الولاياتالمتحدة والكيان الصهيونى أن الجماهير العربية دخلت وبقوة على معادلة الحرب والسلم، فلم تعد حكرا على القيادة السياسية فحسب، وهذا ما يؤرق الصهاينة. واختتم مدير مؤسسة القدس الدولية كلمته بأن أهم ما يمكن تقديمه الآن هو: تعزيز الوجود الفلسطينىبالقدس، وتأكيد قرار محكمة العدل الدولية الخاص بالجدار، والضغط الإقليمى والدولى والفلسطينى على إسرائيل، وتصعيد قضايا مصادرة الأراضى والبيوت، وتعزيز حركة الأسرى، والملاحقة الجنائية لمجرمى الحرب، والمطالبة بتعويضات برفع دعاوى فى المحكمة الدولية، وأن تطلب الأردن عمل صيانة للمقدسات بتمويل من الدول النفطية، وإنهاء الانقسام الفلسطينى، ودعم المقاومة الفلسطينية. ومن جانبه قال المؤرخ عاصم الدسوقى إن الذين صنعوا الكيان الصهيونى لا يزالون قائمين فى دولهم ملتزمين بحماية أمنه؛ فأمريكا عقدت فى عام 1951 معاهدة حماية التزمت فيها الدفاع عن العدو الصهيونى وعن أمنه، إضافة إلى أن ألمانيا والغرب الأوروبى يعتبرون أمن الكيان الصهيونى فى مرتبة أمنهم الشخصى. وأضاف «الدسوقى» أن هذه المعاناة بدأت منذ عهد السادات الذى خاض حرب أكتوبر عام 1973 وعبرت القوات المصرية قناة السويس وحطمت خط بارليف، وانتهى الموقف بتسوية سياسية فى معاهدة مارس 1979 والذى يعترف فيها بإسرائيل، مع الملاحظة أن ديباجة المعاهدة تقول: «رغبة من الطرفين» فى إقرار سلام دائم ونهائى فى الشرق الأوسط. (يعنى أن المعاهدة جزء من هدنة رودس 25 من فبراير 1949 إلى حرب 48) وآخر مادة تقول إنها مقدمة لتوقيع اتفاق سلام دائم ونهائى بالشرق الأوسط. كما أكد أنه فى ضوء القرار رقم 242 فى نوفمبر 1967 بعد عدوان يونيو 67 واحتلال إسرائيل سيناءوالقدس والضفة، وهذا القرار يقول بانسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة، وهذا يعنى الاعتراف بها وإعطاءها حق تحديد المناطق التى تنسحب منها والتى لا تنسحب. كما أشار «الدسوقى» إلى أن مصر بمقتضى الاتفاقية فقدت السيادة على سيناء، خاصة المنطقة (ج)، والتى نصت ملحقات معاهدة السلام على إخلائها من السلاح، فيما نجحت حرب الاستنزاف التى خاضها عبد الناصر فى إرباك حياتهم، بدليل أن وزير الدفاع عيزرا وايزمان قال فى مذكراته إنها الحرب الوحيدة التى لم تكسبها إسرائيل. ومباحثات كامب ديفيد تقول: اتفق الطرفان على صيغة لتطبيق الحكم الذاتى فى الضفة وغزة تمهيدا لإقامة الحكم الذاتى التام.. وليس إقامة دولة فلسطين. كما أشار إلى أن معاهدة 1979 هى (الموديل) الذى عقدت على أساسه المعاهدة مع الأردن وستكون الموديل لأية معاهدة أخرى، وهو السبب وراء ما يحدث الآن فى سوريا لأنهم يريدون منها التوقيع على معاهدة اعتراف، ولكنها ترفض ذلك لأنه بموجب هذه الاتفاقية لن يتم الانسحاب من الجولان. وأرجع السبب وراء استمرار الوضع على ما هو عليه إلى الانقسام الفلسطينى، مؤكدا أن الآليات التى تمكننا من تحرير الأرض الفلسطينيةالمحتلة تكمن فى «القوة»، ونحن لا نملك القوة؛ فقد أصبحنا سوقا للولايات المتحدة والغرب، وفقدنا سلاح المقاطعة وهو القوة الاقتصادية، فعلينا الامتناع عن الاستيراد من دول الغرب الرأسمالى، وأن نتخذ من روسيا وإندونيسيا وإيران ظهيرا يساعدنا على النهوض الاقتصادى.