يُفضل العديد من مسلمي الولاياتالمتحدة إلحاق أبنائهم بمدارس إسلامية للمساعدة في الحفاظ على هويتهم الإسلامية مع الاعتراف بأن هذه المدارس، ذات الميزانيات المنخفضة، تعاني بعض أوجه القصور غير الأكاديمية. وبهذا الشأن تقول "مها وهاب"، أم لثلاثة أطفال، في تصريحات لموقع "إسلام أون لاين": "في هذه المدارس يجري تعليم الطلاب ما لا تستطيع عائلتهم تعليمه إياهم في المنزل؛ فهم يتعلمون الدين يوميا". وتمضي قائلة: "لدي ولدان وبنت، ابني الأكبر وابنتي قضيا 11 عاما في مدرسة المعراج الإسلامية (بلوس أنجلوس)، أما الابن الأصغر ففي المرحلة الثالثة (بمثابة الابتدائية)، ويتعلم في مدرسة نيو هوريزون الإسلامية في بسانتا مونيكا بكاليفورنيا". وبالنسبة لبعض الأسر المسلمة، فإن المدارس الإسلامية مهمة للغاية؛ الأمر الذي قد يدفع البعض إلى تغيير أماكن سكنهم لمجرد تأمين مكان لأطفالهم في هذه المدارس. وهو ما حدث مع "منى الزاهيد"، وهي أم لأربعة أطفال، وتؤكد أن إرسال أطفال مسلمي أمريكا إلى المدارس الإسلامية يعد أولوية. وتسرد في هذا الصدد أنه حينما بلغت ابنتها مراحل التعليم الأولى، فإن الأسرة قررت إرسالها لمدرسة إسلامية، ونظرا لعدم وجود هذا النوع من المدارس بمدينتهم، فقد فضلوا الانتقال لمدينة أخرى بها مدارس إسلامية. ومضت تقول: "ورغم أن زوجي تلقى عروض توظيف أفضل في أماكن أخرى، فإننا قررنا أن المدرسة الإسلامية أولوية بالنسبة لنا؛ لذا انتقلنا إلى تولسا في أوكلاهوما حيث يستطيع أبنائي أن يتعلموا في مدرسة بيس أكاديمي الإسلامية". وأضافت: "حينما تخرجت ابنتي الكبرى في مايو الماضي، علمت أن اختيارنا إلحاقها بالمدرسة الإسلامية كان صائبا، فمن الضروري لأبنائنا أن يكون لديهم خلفية إسلامية للعيش في هذا المجتمع". وشهدت أعداد المدارس الإسلامية في الولاياتالمتحدة نموا متزايدا خلال العشرين عاما الأخيرة. كما أن هناك تحولا مطردا بالأقلية من حيث إلحاق أبنائهم بالمدارس الإسلامية ذات اليوم الكامل بدلاً من المدارس التعليمية التي تعمل لبعض الوقت في الإجازات. ويقدر عدد المدارس الإسلامية بحوالي 500 مدرسة يوم كامل تخدم نحو 30 ألف طالب يقضون يوما دراسيا كاملا فيها، فضلاً عن الآلاف الذين يقضون بعض الوقت في الإجازات. ومعظم هذه المدارس جرى إنشاؤها من قبل المهاجرين المسلمين من سلالات عربية وباكستانية. بالنسبة للعديد، فإن الهدف الأساسي لإنشاء المدارس الإسلامية هو حماية هوية أطفال مسلمي أمريكا والشباب من خلال التعليم الإسلامي. وفي هذا السياق يقول "نور حبيب"، الذي درس في مدرسة بيس أكاديمي لمدة ثمانية أعوام: "العيش في مجتمع لديه قيم ومعتقدات وأيدلوجيات مختلفة يتطلب إيجاد مكان لأطفال المسلمين لتعلم دينهم". وتابع يقول: "إنهم (الأطفال) يحتاجون إلى تعليم إسلامي قوي ليكونوا قادرين على العيش في المجتمع دون أن يكون هناك تأثير سلبي عليهم". وأضاف "حبيب"، الذي يدرس الآن في جامعة ولاية أوكلاهوما: "أنا لا أقول إن المجتمع الأمريكي بالضرورة له تأثير سلبي، ولكن ما أقصده أنه يكون لديهم القدرة (الأطفال) على التمييز بين الجيد والسيئ في تلك الثقافة، فكل ثقافة فيها الجيد والسيئ". وأردف قائلاً: "أنا لا أريد الذهاب إلى أبعد من ذلك بالقول إن المدارس الإسلامية الخيار الوحيد المتاح، ولكن يظل خيارا قويا". ويتعرض الطلاب في المدارس العامة للعديد من التحديات الصعبة، منها أخطار المخدرات والعلاقات الجنسية والعنف. أما بالنسبة ل"نور" (17 عاما)، فإن بيئة الأسرة جذبتها أكثر إلى المدارس الإسلامية حيث تقول: "ما أحببته في بيس (مدرسة إسلامية) كان البيئة.. كل واحد منا يعلم الآخر، الأمر أشبه بأسرة كبيرة، إنها تخلق نوعا من الرابطة بيننا". "رانا واهاب"، التي قضت أول 11 عاما من سنوات دراستها في مدرسة المعراج الإسلامية، تعتقد أن أسرتها قامت بالاختيار الصائب حينما ألحقتها بهذه المدرسة. وعن هذا تقول: "أنا سعيدة للغاية لأن والداي كانا قادرين على إرسالي إلى مدرسة وضعت أساسا قويا لدي فيما يتعلق بممارسة الإسلام، ومكنتني من قراءة القرآن ومعرفة تاريخ الإسلام". ورغم أن المدارس الإسلامية تكافح لوضع برامج تعليمية أفضل، فإن هناك العديد من التحديات ما زالت تواجهها. فالعديد من تلك المدارس تعاني نقصا في الموارد المالية أو في المدرسين المؤهلين أو في تطوير المناهج أو صغر حجم الفصول الدراسية أو قلة الدعم الأبوي. كما أن العديد من المدارس تعجز عن تقديم خدمات أفضل لأولئك الطلاب الذين لديهم احتياجات خاصة لسبب بسيط وهو أنه ليس لديهم مدرسون قادرون على التعاطي مع تلك الحالات أو أطباء نفسيين. وعن هذه الصعوبات تقول "مها": "أكاديميا فإن مدرسة المعراج جيدة للغاية، لكنها لا تدرس اللغة العربية، فأطفالي يقرءون ويحفظون القرآن ولكن دون فهمه". وأضافت أن المدرسة أيضا "ليس لديها معمل للكمبيوتر أو صالة رياضية". أما عن حل تلك الصعوبات فيقول "نور الدين جيفاشي"، الخبير في مجال التعليم الإسلامي: "الطريقة الوحيدة لتحسين الأداء المالي لمدارسنا الإسلامية هو أن نضع أيدينا (المؤسسات التعليمية) في أيدي مواطني أمريكا من المسلمين المقتنعين بأن المدارس العامة أقل من المدارس الإسلامية ليس فقط في السمعة ولكن أكاديميا أيضا". وتابع يقول: "كلا الحزبين عليهم العمل معا"، مشددا على أن هذا "سيحل الكثير من مشاكلنا". وألمح "جيفاشي" إلى أن الصعوبات الحقيقية للمدارس الإسلامية لا تتمثل في نقص مصادر التمويل أو غياب الصالات الرياضية أو معامل الكمبيوتر العالية التكنولوجية، مؤكدا أن التحديات الحقيقية تتمثل في "نقص الإخلاص والشعور بالمسئولية والاحتراف والعمل الجاد والتخطيط، ونقص الثقة في قدراتنا ومهارتنا". وتصل نسبة المسلمين في الولاياتالمتحدة إلى 1% من إجمالي عدد السكان البالغ 298.5 مليون نسمة.