اقترب موعد حصاد القمح الذى يعد العامل الرئيسى فى الغذاء الذى لا غنى عنه فى أى بيت مصرى، لذلك بدأ تخوف المزارعين من تدمير محاصيل القمح بسبب نقص السولار، فمجهود العام كله من زراعة ورى ومبيدات -وأغلبها ديون من التجار والبنوك- قد يضيع هباء. ويؤكد أحد المزارعين بالمنيا أن الحكومة واهمة إذا كانت تتوقع محصول قمح ضخم على مدار الفترة المقبلة، بما يمكن أن يوفر على البلاد استيراد ما تقدّر قيمته بمليارات الدولارات. وأضاف الحاج «محمود طه» من قرية برطباط بمغاغة: «كيف يمكنهم توقع أية زيادة فى إنتاج القمح وهم لا يمدوننا بالمياه، والوقود اللازم لتشغيل آلاتنا، والبذور التى تشتد الحاجة إليها؟، وإن الحكومة تفرط فى تفاؤلها عندما تتوقع زيادة كبيرة فى محصول العام الجارى، ولم تجد حتى الآن حلولا لمشكلاتهم التى يشكون منها منذ فترة طويلة بشأن جودة الأسمدة ونقص مياه الرى والبذور». وزاد عدم التيقن بشأن إنتاج القمح، بسبب مخاوف جديدة من نقص السولار اللازم، لتشغيل المضخات والجرارات والشاحنات لجمع المحصول ونقله. وأفاد عمدة زاوية الجدامى بمغاغة «محمد عبد الصمد» بأن «الله وحده يعلم حجم الحصاد هذا الموسم وسط تلك المشكلات، لكن الفلاح يبذل قصارى جهده حتى ينتهى موسم الحصاد بدون مشكلات». وكما تسعى مصر -أكبر مستورد للقمح فى العالم- إلى خفض الواردات بنحو 10% خلال العام الجارى، أملا فى أن يساعد ارتفاع الإنتاج المحلى وتحسين نظام التخزين على تدبير الخبز المدعم الذى توفره لسكان البلاد البالغ عددهم 84 مليون نسمة بسعر منخفض. وتعانى مصر من عراقيل سياسية واقتصادية منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك العام 2011. وتراجعت احتياطات النقد الأجنبى من 30 مليار دولار إلى 13.4 مليار دولار، أى أقل من تكلفة واردات ثلاثة أشهر، وهو ما أثار الشكوك بشأن قدرة الدولة على استيراد السلع الغذائية الأساسية مثل القمح. وتستورد مصر عادة نحو عشرة ملايين طن من القمح سنويا، وهو ما قد يكلفها أكثر من ثلاثة مليارات دولار، لكن الدولة تقول هذا العام: «إنها لن تستورد سوى أربعة أو خمسة ملايين طن، أملا فى الحصول على باقى احتياجاتها من الإنتاج المحلى». وأثار نقص الخبز فى العام 2008 مشكلات مماثلة فى سبعينيات القرن الماضى أعمال شغب فى وقت لم تكن فيه الاحتجاجات شائعة فى مصر مثلما صارت بعد الانتفاضة، إذ من المرجح أن يثير أى نقص فى الخبز موجة من العنف إن لم يؤدِ إلى اندلاع انتفاضة أخرى. وقال وزير التموين المصرى باسم عودة ل«رويترز» هذا الشهر «إن الخبز على رأس أولويات وزارته منذ توليه منصبه فى وقت سابق من العام الجارى». وأضاف عودة: «إن سياسة النظام السابق لم تصب قط فى مصلحة مصر أو إنتاجها المحلى من القمح»، مضيفا أن ذلك النظام كان يسيئ معاملة المزارعين، ولكن هذا العهد قد ولى. وتوقع «عودة» أن يصل حجم الإنتاج المحلى من القمح إلى 9.5 مليون طن، يذهب نصفه تقريبا إلى مطاحن الدقيق الحكومية. وتابع: «إن مصر ستوقع على صفقات استيراد إذا لزم الأمر، ولكن مع الدول التى تقبل بخطة الحكومة وجدولها الزمنى، وتقدم لها أفضل العروض والتسهيلات الائتمانية».