"ادفع 75 جنيهًا وانشر 5 من مقالاتك فى كتاب جماعى تصدره دار..." إعلان لإحدى دور النشر قد يصادفك على مواقع التواصل الاجتماعى، أو فى المواقع الثقافية، وهو يعبر عن ظاهرة جديدة فى الواقع الثقافى، تتلخص فى أن يشترك أكثر من كاتب أو أديب بقصائدهم أو قصصهم أو مقالاتهم فى كتاب واحد مطبوع، وقد يصل العدد فى بعض الأحيان إلى 50 كاتبًا فى كتاب واحد، بعد أن كان المعتاد أن يصدر المبدعون أعمالهم منفردين، وكان النشر الجماعى يكاد يقتصر على الكتب السياسية والاجتماعية. فتحى المزين، صاحب دار (إبداع)، التى أصدرت أكثر من كتاب جماعى مؤخرًا، يرى أن النشر الجماعى ظاهرة مفيدة، خاصة لمن يكتبون أول مرة، فهى تفتح الباب للكتاب الذين لا يمتلكون تكلفة طباعة أعمال منفردة، خاصة أن أصحاب دور النشر ذات التجارب الثرية لا ترحب عادة بالأقلام الجديدة، التى لم يُنشر لها من قبل أعمال، وهذا هو الوجه الإيجابى للظاهرة، أما الجانب السيء فيتمثل فى أن بعض دور النشر تحصل من مجموع الكُتاب على مبالغ تزيد كثيرًا عن تكلفة الكتاب، فتحصل منهم مثلا على 8 آلاف جنيه فى حين لا يكلفها الكتاب أكثر من 3 آلاف جنيه، ومن هنا لا تهتم بتوزيع الكتاب والترويج له، وقد تخبر الكتاب كذبًا أن الكتاب نفدت طبعته، بينما هو مكدس فى مخزنها، أو قامت ببيع نسخه لتجار الورق، خاصة أن عقد النشر الجماعى لا يجعل للمؤلفين حقوقا لدى دار النشر ولا يسمح لهم بمحاسبتها على التوزيع. ويرى "المزين" أن الحل يكمن فى أن تلتزم دور النشر بالشفافية وعمل الدعاية ونشر خريطة توزيع للكتاب وتنظيم حفلات توقيع للمؤلفين. الشاعر عبد الحميد بدوى -38 سنة- يرى أن الأدباء يقبلون النشر الجماعى مرغمين من أجل أن تصل كلماتهم للناس، ويرى فى الوقت نفسه أن احتواء العمل الجماعى على أعمال لعشرات الأدباء يجعل وصول عمل الأديب للناس صعبًا، ويمكن قبول ذلك اضطرارًا فى التجارب الأولى، وأن الهدف من النشر يتحقق حين يتفق 5 من الأصدقاء –مثلًا- على التعاون فى إصدار عمل أدبى، يتعاونون فى دفع تكلفته. القاص عبادة عشيبة -55 سنة- يؤكد الرأى السابق، ويرى أن العمل الجماعى مقبولًا شريطة التنسيق الجيد بين الكتاب، وأن يشرف على تنسيق الكتاب وتجهيزه ناقد له رؤية ويستطيع أن يُحدث تناغمًا بين الأعمال. ويرى عشيبة أنه من الممكن أن يشترك عشرات الكتاب فى عمل واحد، فى مرحلة البداية والانتشار، أما من نضجت تجربته فلا يفيده ذلك. الكاتب الساخر مصطفى الطوبجى -31 سنة- يرى أن النشر الجماعى يمثل حلًا لدور النشر وحدها، فحين يشارك 25 كاتبًا فى عمل، مثلًا، ويشترى أصدقاء كل منهم 20 نسخة من العمل، فإن الطبعة تنفد فى وقت قصير، ويكون الربح مضمونًا للناشر. وبرفض الطوبجى فكرة المشاركة فى عمل جماعى، لأن الدار لا تكتب على الغلاف سوى اسمها، وأنه من تأليف مجموعة كتاب، وربما يكون هذا مفيدًا لمن هو فى البداية، ولا يطيق تكلفة الطباعة، أما أن يشارك كاتب قوى فى عمل جماعى كهذا فلن يستفيد شيئا، بل ستعود الفائدة على دار النشر إن كانت الأعمال قوية، وإن كانت ضعيفة فسيسىء الكاتب لنفسه. أما الشاعر محمد عبد الله -55 سنة- فرغم ترحيبه بالنشر الجماعى للكتاب المبتدئين، لأنه يسهل الأمر عليهم ماديًا، فإنه يرى أنه من الأفضل أن يكون للأديب عمله المنفرد، خاصة أن الأعمال الجماعية لا يمكن للمشاركين فيها التقدم بها للحصول على عضوية اتحاد الكتاب.