بنى سويف محافظة ما أجمل موقعها، وما أغلى ترابها، وما أكثر ثرواتها، وما أنبل مواقف شبابها.. عندما يتصدى الشباب لقضايا الفساد.. عندما يتكلم على الملأ بصوت جهورى: لا نُشترى ولا نباع.. عندما يتحدى الصمت ويعلنها للجميع: حق الوطن سيعود وسنضرب بالقانون رأس الفساد. البداية شركة من كبرى الشركات التى تم خصخصتها بطريقة غير شرعية فى عصر الخصخصة، وهى شركة «أسمنت بنى سويف»، والتى تم تأسيسها سنة 1993 بقرار وزارى رقم 76 عام 1993 برأسمال مصدر 330 مليون جنيه؛ مقسم على 33 مليون سهم بقيمة اسمية عشرة جنيهات للسهم، المدفوع منه 26.6 مليون جنيه، علما بأن رأس المال كان بموجب ثلاثة قروض ممنوحة من الحكومة اليابنية إلى الحكومة المصرية بإجمالى 37 مليار ين يابانى، وأُعفيت الحكومة المصرية من سداد القرض الأول. وتحملت شركة «لافارج» الفرنسية وشركة «فينا» -اللتان تم بيع الشركة لهما بعد ذلك- القرضين الثانى والثالث بإجمالى 2.5 مليار ين يابانى. المهندس «عليوة محمد عبد اللطيف» أحد ضحايا البيع، يروى لنا القصة كاملة فيقول: تم تقديم خطاب ضمان إلى البنك المركزى المصرى مسحوبا على بنك «bnb» بفرنسا، وتنفيذا للبندين 1 و2 من قرار اللجنة الوزارية للخصخصة بجلسة 3/7/1999 لم تتحمل شركة «أسمنت بنى سويف» بعد بيعها إلى شركة «لافارج» بأى التزامات ضريبية نتيجة رفع القرض الأول من ميزانية الشركة. علما بأن نسبة ما حصلت عليه الشركة المشترية ال5% من صافى الأرباح للسنة المنتهية فى 30/6/1999؛ كان تنفيذا لقرار اللجنة الوزارية للخصخصة بجلسة 14/1/1999، كما قرر أن تقييم أصول الشركة وسعر السهم اشتمل على عنصر الأرض المباعة للشركة من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة باعتباره أصلا إنتاجيا من أصول الشركة، علما بأن مجلس إدارة الشركة القابضة للتعدين والحراريات وجمعيتها العامة قد رفضوا العرض المقدم من شركة «لافارج» الفرنسية لشراء شركة «أسمنت بنى سويف» بمبلغ 405420 مليون جنيه لعدم وصوله إلى السعر الأساسى للتقييم، بينما تدخلت المحسوبيات لإنهاء بيع الشركة بأسرع وقت، فتم على الفور البيع وتوقيع العقود، ومعها تم توقيع عقود تشريد العاملين بالشركة! كما أن تقييم الشركة قبل بيعها من الناحية المحاسبية والاقتصادية لم يؤخذ بالطريقة الشفافة؛ إذ من المفترض أن يتم بأربع طرق: الأولى: «المحاسبة الدفترية»، وتعتمد على حساب المصروفات بغض النظر عن مدى دقتها. والثانية: هى «القيمة السوقية»، أو طريقة «أسعار الظل» وفقا لقواعد العرض والطلب. والثالثة: «القيمة الاقتصادية» التى تعتمد على المبالغ الاقتصادية والاجتماعية للشركة. أما الأخيرة فهى «الطريقة الاسترشادية» بحساب ربحية رأس المال إذا تم توظيفه فى مجالات أخرى. ولكن لم يؤخذ بأى من هذه الطرق الأربع حال تقييم شركة أسمنت بنى سويف. وحققت الشركة فى سنة البيع فائضا 400 مليون جنيه، لذلك كان تقييم الشركة بمعرفة المكتب الاستشارى ولجنة التقييم بمبلغ 1.4 مليار جنيه بأقل من قيمتها الحقيقية. وقد ترتب على ذلك توقف الحكومة اليابنية عن تقديم المساعدات الاقتصادية إلى مصر بعد تكرار ما حدث مع شركة حديد «عز الدخيلة»، وتراجعت الحكومة اليابنية عن مواقفها السابقة بنادى باريس عن تسوية ديون مصر وتخفيضها إلى 50% وإصرارها على تحصيلها كاملة بعد انتفاء الغرض من منحتها للشركتين، وحصلت لافارج الفرنسية على منفعة وهى الحصول على قيمة القروض اليابنية الممنوحة للحكومة المصرية بفائدة 75%. وكان كل من الدكتور «مختار خطاب» وزير قطاع الأعمال الأسبق، والمهندس «محمد إبراهيم سليمان» قد وافقا على إعفاء شركة لافارج من سداد 13 مليون جنيه لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فرقَ سعر مستحق للهيئة المذكورة، طبقا للبند الثامن من عقد بيع بتاريخ 26/7/1998: الأرض المقام عليها المصنع -محل هذا العقد- أحد عناصر تقييم الشركة. وتم تقييمها على أن سعر المتر 60 جنيها وبيع السهم ؟اى؟ كافة الأصول المملوكة للشركة ومنها عنصر الأرض ويمتلكها مالكو الأسهم. وبسبب تلك المخالفات فقد تمت إحالة كل من: عاطف عبيد، ومحمد إبراهيم سليمان، ومختار خطاب إلى النيابة العامة. كما أحيل أعضاء اللجنة الوزارية المخصخصة، وأعضاء الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة للتعدين والحرارات؛ إلى النيابة العامة لأنهم باعوا مصنع أسمنت بنى سويف بثمن بخس. والقضية الآن فى المحكمة ونثق فى قضائنا لكى يعود مصنع أسمنت بنى سويف إلى العمالة الأساسية بالكامل، مثل ما تم مع مصنع أسيوط بالبطلان وعودة العمالة الأساسية بالكامل. وأخيرا أضاف «مدحت عبد الفتاح»، مدير حسابات الشركة السابق؛ «إن الشركة كانت شركة مساهمة مصرية وتابعة للشركة القابضة، ولكن تم بيعها إلى شركة «لافارج تيتان» فى عام 1999 بسعر لا يتناسب مع أسعار البيع العالمية؛ إذ إن شركة تقدر بمليار و300 مليون تم بيعها ب520 مليون جنيه!. وأضاف مدحت: إن عدد العاملين فى الشركة كان 712 عاملا، ولكن تم تصفية 450 عامل بالإجبار من قبل مجلس إدارة الشركة بالتعاون مع «حسين مجاور» أحد أعضاء جهاز أمن الدولة السابق، عن طريق تهديدهم بتلفيق تهم إليهم مثل السرقة والاختلاس وغيرها. قضت دائرة المفوضين بدائرة العقود بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، بحجز الدعوى التى تطالب ببطلان قرار اللجنة الوزارية للخصخصة، ببيع أسهم شركة أسمنت بنى سويف، إلى شركة فينا، ولافارج الفرنسية، ومنها إلى مجموعة تيتان اليونانية، لتقديم التقرير، بناءً على طلب المدعين.