بقلم د.طارق عباس يبدو أن ما أعلنته الولاياتالمتحدة بعد أحداث الحادي عشر من ستبمر 2001، لم يكن حرباً علي الإرهاب كما ادعت، وإنما حرب علي الدول العربية، والإسلامية، لإضعافها، وتمزيقها، وإهدار مواردها لصالح إسرائيل، فبعد أفغانستان والعراق تدق أمريكا للمرة الثالثة طبول الحرب وتستعد لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، أملا في إكمال السيناريو، والقضاء علي القوة الإقليمية الوحيدة، التي تقف عائقاً أمامها في تكوين شرق أوسط مستسلم، وقد بدت بوادر الاستعدادات الأمريكية لهذه الحرب من خلال: - محاولة تجميع القطيع العربي في حظيرة السلام الأمريكية، لتكوين جبهة موحدة ضد العدو المختلق إيران، واحتواء هذا القطيع بوعود براقة ، واحترام ظاهري لمبادرات عربية سبق تقديمها، لم، ولن تفعل أبداً. - الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام، وهي دعوات كثيراً ما سمعناها عندما تفكر الولاياتالمتحدة في ضرب أي من الدول العربية والإسلامية، والتي سرعان ما تتلاشي بمجرد توجيه الضربة بالفعل. - زيادة الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل بنسبة 25 %، وتعزيز القدرة العسكرية لكل من مصر، والأردن، ودول الخليج، ولا أعرف أي سلام يمكن أن يتحقق، برعاية أكثر من 60 مليار جنيه، تضخها الولاياتالمتحدة لدعم سباق التسلح، وسكب الزيت علي النار. - المبالغة في تقدير المخاطر النووية الإيرانية، وتحفيز مجلس الأمن علي استصدار القرارات تلو القرارات لإجبار إيران علي التنازل عن تطوير برنامجها النووي الطموح، الأمر الذي يدفع إيران، للإصرار علي الرفض، والتقدم تدريجياً خطوة بعد خطوة، إلي حرب ستكون هي الخاسرة فيها. - تعزيز الوجود الأمريكي الجوي والبحري في منطقة الخليج، فمع بداية عام 2006، وصلت حاملة الطائرات (إيزنهاور) وعلي متنها أكثر من 6500 جندي وبحار، مزودين بطائرات الإنذار المبكر، وعدد من المدمرات، والغواصات الهجومية، وانضمت إليها بعد أشهر قليلة حاملة الطائراتuss john csi ، محملة بأسلحة دفاعية، وأنظمة لإطلاق صواريخ، وأخري مضادة لصواريخ كروز، وأنظمة إلكترونية متعلقة بمسألة التوجيه، بالإضافة إلي مستشفي لمخزون المضادات الحيوية، تحسباً من أي هجوم إيراني يستخدم فيه غاز الأعصاب (الأنثراكس). ولم نسمع أن الولاياتالمتحدة، قامت بكل هذه الحشود، ثم عادت عن قرار الحرب، وبتوجيه ضربة عسكرية لإيران، تضرب أمريكا عصافير متعددة بحجر واحد، للقضاء نهائياً علي الشرق الأوسط، لأن ضرب إيران سوف يحقق لها، القضاء علي آخر قوة إقليمية يمكن أن تكون حجر عثر أمام إسرائيل، وسوف ييسر لها تخريب دول الخليج العربي اقتصادياً، وتبعية مواردها لهيمنة الولاياتالمتحدة، الأمر الذي يساعد بشكل كبير في دعم الاقتصاد الأمريكي الذي ينتعش دائما بالحروب، وأخيرا ضمان استنزاف القوة العسكرية السعودية المتنامية - بجرها إلي الحرب - والقضاء علي ترسانتها العسكرية الضخمة، والتي بنتها بمساعدة فرنسا وإنجلترا والولاياتالمتحدة، بتكلفة أكثر من 70 مليار جنيه في السنة الأخيرة، وحصولها علي طائرات تجسس، ليست في حوزة أي من بلدان الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل. وإذا سقطت إيران، يكون السيناريو الأمريكي قد نجح في الانتصار علي إرادة الشعوب الإسلامية، وتخريب قوتهم، والسماح للفوضي، أن تكون المتحدث الرسمي باسم الإدارة الأمريكية، وبناء شرق أوسط جديد، لكنه - في رأيي - معاق، لعجزه عن الحركة، أو تقرير المصير، وتراجع كل أشكال التطور، أو التنمية فيه، وسقوط كل القوي الشريفة المقاومة لإجرام الإسرائيليين وصلفهم وتجبرهم، وأخيراً استسلام الدول العربية الناجية من الغزو الأمريكي لإرادة إسرائيل، وتسابق حكام هذه الدول في تقديم فروض الولاء والطاعة إلي كبيرة العائلة الشرق أوسطية «إسرائيل».