كان ذلك صباح الجمعة الماضي 2013/1/11، حينما تداعى نحو ثلاثمائة فلسطيني من كل الاماكن الفلسطينية، من الجليل حتى الخليل، ومعهم عشرات المتضامنين الاجانب، فنصبوا خيام الصمود والمقاومة في قلب الارض الاستراتيجية التي يطلق عليها المنطقة E1، التي تسيطر على مفترق الطرق والمحاور الاستراتيجية الموصلة ما بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وما بين القدس وشرقها. اطلق عليها الكثيرون انها بداية مسيرة جديدة من المقاومة الشعبية الفلسطينية في مواجهة جنون الاستعمار الاستيطاني السرطاني، بينما اطلق عليها آخرون"بذور فجر جديد من المقاومة الشعبية الفلسطينية، في حين اطلق عليها الياس خروي صاحب رواية"باب الشمس" انها"اعادة صناعة الملحمة الفلسطينية"، وهي في الحقيقة تجمع معاني ودلالات كل هذه التسميات واكثر، فهي وفق كل المؤشرات والمعطيات وردود الافعال نقطة تحول نوعي وفعال في المقاومة الشعبية الفلسطينية، وهي تجربة رائدة في النضال الفلسطيني، وعنوانا للابداع والعنفوان والارداة الفلسطينية الحية، وليس ادل على ذلك من سرعة وشدة ردة الفعل الاسرائيلية، حيث اعلن نتنياهو قائلا: لن نسمح بالمس بالتواصل بين القدس وعاليه ادوميم-المستعمرة المدينية الواقعة شرقي القدس-، وطالب باعدام هذه الظاهرة الفلسطينية فورا، واستدعى "فائض القوة العسكرية للاجهاز على ومضة الحياة في"باب شمس" بكل براءتها وسلميتها-كما كتب عدلي صادق"، فقامت قوات الاحتلال بمحاصرتها، ومنع وصول مئات المؤازين والمتضامنين اليها، وباشرت في اقتلاع خيامها واعتقال وطرد الناشطين المقاومين منها، فجر الاحد. وفي تفاصيل الحدث، فقد اقامت اللجان الشعبية بالتعاون مع الفصائل الوطنية الفلسطينية-كما وثق على موقع القدس-دوت كوم-، ما اطلقت عليه قرية-مخيماً، في منطقة E1 المهددة بالمصادرة شرق مدينة القدس، ولم يجد الناشطون الفلسطينيون اكثر دلالة ورمزية من رواية الكاتب اللبناني الهوية، الفلسطيني الهوى، الياس خوري "باب الشمس" ليطلقوه على اسم القرية/المخيم، المنتظر منه أن يكون رأس حربة في مواجهة وحش الاستيطان الزاحف على ما تبقى من ارض فلسطين، ويأتي اقامة هذه القرية/ المخيم، ضمن تحرك شعبي فلسطيني يهدف التصدي لعملية تهويد المنطقة، التي اعلنت الحكومة الاسرائيلية مؤخرا بناء 4 الاف وحدة سكنية، وغرف فندقية، ومنطقة صناعية، فيها، وقال الناشط في لجان المقاومة الشعبية، عبد الله ابو رحمة"منذ شهر انطلقت دعوة لاقامة مخيم باب الشمس في المناطق المهددة بالمصادرة قرب قرى الطور، والعيساوية، وأبو ديس، والعيزرية، وعناتا، وبلدة الزعيم، وذلك لمنع تهويدها"، ومن المفارقات ان بعض المشاركين في بناء القرية الجديدة جاؤوا من الجليل الذي تتمحور رواية الكاتب خوري على سرد بعض من حكاية اهله في روايته "باب الشمس"، وكان القائمون على مشروع المواجهة الجديدة يحاولون اعادة نسج الرواية في نسخة واقعية جديدة"، ويضيف ابو رحمة"تحت الظلام بدأنا-الخميس-، بنقل المعدات وجميع احتياجاتنا، وفي ساعات الفجر الاولى، بنينا القرية، بمشاركة ما يقارب 300 ناشط جاؤوا من مناطق عدة كالجليل الاعلى شمالا، وحتى من الخليل جنوبا، اضافة إلى عشرين متضامنا اجنبيا"، وقال النشطاء في بيان صدر عنهم:"نعلن نحن، ابناء فلسطين، من كافة ارجائها، عن اقامة قرية "باب الشمس" بقرار من الشعب الفلسطيني، بلا تصاريح الاحتلال، وبلا إذن من أحد، لانها أرضنا ومن حقنا اعمارها، ولقد اتخذنا قرارا باقامة القرية على أراضي ما يسمى بمنطقة E1، التي اعلن الاحتلال قبل شهور عن نيته اقامة 4000 وحدة استيطانية عليها، لاننا لن نصمت على استمرار الاستيطان والاستعمار في أرضنا، ولأننا نؤمن بالفعل وبالمقاومة، نؤكد بأن القرية ستصمد لحين تثبيت حق اصحاب الارض على اراضيهم"، وبين النشطاء أن هذه الفعالية هي احد اشكال المقاومة الشعبية، وتشارك فيها نساء ورجال من الشمال الى الجنوب، وستعقد في الايام المقبلة حلقات نقاش حول مواضيع عدة، امسيات ثقافية وفنية وعروض افلام على أراضي القرية". تنتظر فلسطين بعد هذه التجربة الرائدة في تطوير المقاومة الشعبية المنظمة في مواجهة جنون الاستيطان والتهويد، ان يبدار الناشطون والمقاومون الفلسطينيون والمتضامنون معهم، الى فتح "ابواب للشمس"في كافة الاماكن الفلسطينية الممتدة من الخليل الىبيت لحم الى رام الله الى نابلس وطوباس والاغوار، فسلفيت وقلقيلية وجنين وطولكرم، وكل القرى والخرب الفلسطينية على امتداد مساحة الضفة الغربية وخاصة في المنطقة-ج- ومنطقة الاغوار الاكثر ااستهدافا وتهويدا. فهناك في هذه التجربة الفلسطينية، التي تربط ما بين المقاومة والصمود والعودة، ابواب شمس في الافق الفلسطيني، وهناك ما يدعو للتفاؤل، وهناك على الارض الفلسطينية ما يستحق الحياة. [email protected]