مباشر وديا - النجم الساحلي (1) - (1) المصري.. جووووول التعادل    برشلونة يعلن ضم ماركوس راشفورد.. ويرتدي رقم كرويف وهنري    مصر بين جمهوريتى 23 يوليو و30 يونيو ورسائل الرئيس    حوار في الجول - تيدي أوكو يكشف أسباب فشل انتقاله إلى الزمالك.. وموقف الكشف الطبي    محمد الجالى: توجيهات الرئيس السيسي عن الطاقة استراتيجية للتحول لمركز إقليمى.. وتحقيق الاكتفاء الذاتي يرتبط ب"الأمن القومي"    وزير الخارجية والهجرة يسلم رسالة خطية من فخامة رئيس الجمهورية الى رئيس جمهورية النيجر    «أجبرتها على التراجع».. مروحية إيرانية تتصدى لمدمرة أمريكية في المياه الإقليمية    صلاح عبدالعاطي: إسرائيل تستخدم المفاوضات غطاءً لإطالة أمد الحرب وفرض ترتيبات قسرية    أوكرانيا وروسيا تستعدان لإجراء محادثات سلام في تركيا    حزب إرادة جيل يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بذكرى ثورة 23 يوليو    البابا تواضروس يستقبل مجموعة خدام من كنيستنا في نيوكاسل    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي.. كليات ومعاهد تقبل مجموع 50% فقط في 2024    علي معلول يوقع على عقود انضمامه إلى ناديه الجديد    الرابط المعتمد لنتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. استعلم عبر بوابة الأزهر الشريف برقم الجلوس (فور ظهورها)    محمد رياض: نبحث عن تيارات فكرية جديدة في الكتابة المسرحية    "شفتشي" ثاني أغنيات الوش الثاني من "بيستهبل" ل أحمد سعد    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    بالأسماء.. رئيس أمناء جامعة بنها الأهلية يُصدر 9 قرارات بتعيين قيادات جامعية جديدة    منهم برج الدلو والحوت.. الأبراج الأكثر حظًا في الحياة العاطفية في شهر أغسطس 2025    متحدث الوزراء يكشف السبب الرئيسي وراء تأجيل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الدفاع يكرم أصحاب الإنجازات الرياضية من أبناء القوات المسلحة (تفاصيل)    ماذا يحدث لجسمك عند تناول السلمون نيئًا؟    من الارتفاع إلى الهبوط.. قراءة في أداء سهم "بنيان" في ثاني يوم تداول بالبورصة    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    القاهرة والرياض تبحثان مستجدات الأوضاع بالبحر الأحمر    بعد تراجع 408.. تعرف على أسعار جميع سيارات بيجو موديل 2026 بمصر    برلين تمهد الطريق أمام تصدير مقاتلات يوروفايتر لتركيا    حمدى رزق يكتب: الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    محادثات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة.. على أساس مبادئ الاحترام المتبادل    113 شهيدًا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    تحرير 7 محاضر لأصحاب أنشطة تجارية في حملة تموينية بالعاشر من رمضان    «فتحنا القبر 6 مرات في أسبوعين».. أهالي قرية دلجا بالمنيا يطالبون بتفسير وفاة أطفال «الأسرة المكلومة»    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    «ادهشيهم في الساحل الشرير».. حضري «الكشري» في حلة واحدة لغذاء مميز (المكونات والطريقة)    رضا البحراوي يمازح طلاب الثانوية العامة    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    طرح إعلان فيلم Giant لأمير المصري تمهيدا لعرضه عالميا    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    فخر أبو ظبي الجديد.. إبراهيم عادل حديث صحف الإمارات بعد انضمامه للجزيرة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    تباين أداء مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات اليوم    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    "الأعلى للإعلام" يُوقف مها الصغير ويحيلها للنيابة بتهمة التعدي على الملكية الفكرية    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



27 عاماً على رحيل الشهيد سليمان خاطر.. لؤلؤ التيجان فى بحر المنايا
نشر في الشعب يوم 06 - 01 - 2013

في الخامس من أكتوبر عام 1985م، طلع نجم كشهاب ثاقب من سماء مصر .. لم يلبث أن غيّب في غرفة من غرف مستشفى السجن الحربي .. ذلك هو الشهيد - كما نحسبه - البطل المسلم الأبي الحر الشريف الوفي لدينه وأمته
"سليمان خاطر"
هو سليمان محمد عبد الحمي خاطر الشرقاوي المصري رحمه الله تعالى
ولد رحمه الله عام 1966م، في قرية أكياد البحرية، مركز فاقوس، محافظة الشرقية، لأسرة بسيطة متدينة، وكان هو أصغر إخوانه فهناك ولدين وبنتين قبله.
وفي طفولته وهو ابن تسع سينين، عاين سليمان آثار قصف الصهاينة لمدرسة "بحرالبقر" الابتدائية المشتركة بمحافظته الشرقية في 8 أبريل سنة 1970م، قام حينها جبناء سلاح الجو الصهيوني باستخدام طائرات الفانتوم الأمريكية، وقاموا بنسف المدرسة مخلفين 30 شهيدا من الأطفال، وربما كانت هذه المشاهد من أهم ما أثر في بطلنا الذي كان حينها طفلا في التاسعة من عمره كما قالت أخته أن سليمان: " جري بسرعة لمشاهدة ما حدث وعاد مهبولا بما رأي".
أكمل دراسته الإبتدائية والإعدادية والثانوية، وحصل على شهادة الثانوية العامة، وانتسب بكلية الحقوق جامعة الزقازيق، وألتحق رحمه الله مثل غيره بالخدمة العسكرية الإجبارية، وكان مجندا في وزارة الداخلية بقوات الأمن المركزي.
أخبروه ألا يترك أحد يصعد إلي مكان الخدمة لأنه ممنوع وعندما فعل، حاكموه !!، وقالوا عليه مجنون.
بداية قصة
وفي يوم 5 أكتوبر 1985م، وكان سليمان في موقع النقطة 46 التي أوكل إلى رجالها تأمين حدود مصر من ناحية خليج العقبة، ومراقبة المياه الإقليمية والشاطئ، والطريق الممتدّ من طابا إلى شرم الشيخ، مروراً بنوبيع، وقد وصفت النيابة العامة العسكرية التي حققت فيما بعد، مع بطلنا سليمان خاطر تلك المنطقة بأنها: "جبلية صخريّة شديدة الوعورة" وبالتالي، فلا يمكن لأحد أن يخلط بينها وبين المناطق السياحية ليبرّر تواجد الصهاينة فيها، إنها منطقة غير سياحية، ولا يجوز اعتبارها غرضاًسياحياً، بل إن أقرب مكان سياحي لها، يقع على بعد 21 كم جنوباً و46 كم شمالاً.
وكان بطلنا سليمان خاطر آمراً لتلك النقطة المزوّدة بوسائل اتصال القطعات التي تتمركز في القطاع /ج/ حسب تقسيم معاهدة العار ( كامب ديفيد ) للمنطقة، وقد أعطي مدفعاً رشاشاً لحمايتها، مع الأمر بعدم السماح لأحد بالدخول إلى ذلك المركز إلاّ بإذن، مهما كان شأنه.
كان الوقت بعد الغروب بقليل، وقد أخذ الليل يزحف على تلك الهضاب الصخرية الجرداء منذراً بحلول ظلام كثيف وطويل .. وفجأة، أخذت أخيلة تتراقص أمام عينيّ البطل، زاحفة نحوه بأعداد كبيرة، ولاحت له بينها أجساد عارية لنسوة ورجال، أخذ يرقبها وهي تتقدم حتى إذا أصبحت على مدى قريب منه، وزاوله الشكٍ باليقين بأنها إنما تقصده وتقصد بالأخص نقطته التي كلّف بحمايتها ومنع أحد من دخولها، صرخ يأمر المتقدمين بالتوقف مخاطباً إياهم باللغة الإنكليزية قائلا: "stop no passing" لكنه عرف من أشكالهم وعريهم أنهم غرباء، ولكنهم لم يتوقفوا .. واستمروا في سيرهم المريب، حتى إذا لم يدعوا أيّ مجال للانتظار، أطلق النار في الهواء محذّراً، ولكنهم سخروا من تلك النار -وكانت هناك قبله حادثة كانت مازالت حديثة حين استطاعت امرأة صهيونية أن تتحايل بالعري على أحد الجنود في سيناء، وتحصل منه على تردد أجهزة الإشارة الخاصة بالأمن المركزي هناك بعد أن ادخلها الشاليه المخصص للوحدة !
فوجهها بطلنا نحوهم نيران رشاشه- بعد أنفرغ صبره، وبعد أن رأى بعضهم يبصقون باتجاهه، وباتجاه العلم المصري - فكان أن قتل سبعة منهم وجرح اثنان(1).
عمالة النظام
وبعدد ساعات من " الحادثة "، صبيحة السادس عشر 1985م، صرح المرتد الخائن حسني مبارك -قبحه الله -، أنه "في غاية الخجل" بسبب قيام جندي مصري بفتح النار على مجموعة من الصهاينة اخترقوا الحدود المصرية مما أدى إلى مقتل سبعة منهم.
صدى الحدث في " الدولة اللقيطة"
وأعلن "شيمون بيريز" رئيس الوزارة الصهيوني قبوله للتبريرات المصرية قبولاً مؤقتاً بانتظار خاتمة الأمر ونتيجة المحاكم، فالصهاينة يريدون عقوبة صارمة لكي تكون درساً في المستقبل لمن تسوّل له نفسه أن يخرج على سيادة إسرائيل، حتى لقد ذهب بعضهم إلى المطالبة بإجراءات فورية وموجعة لضمان سلامة الصهاينة أينما وجدوا، وأن دماء الإسرائيليين لدى "آرئيل شارون" بطل مجزرة صبرا وشاتيلا لا يمكن أن تذهب هدراً، ودعا بعضهم إلى تجريد المنطقة /ج/ من الأسلحة.
وخطط البعض لاغتيال القنصل المصري في إيلات، ودعا البعض الآخر لإلغاء معاهدة "كامب ديفيد" لأن السلام الصهيوني المصري زائف، ومكلف في الوقت نفسه.
خسة النظام المصري العميل
وسلم سليمان خاطر نفسه، وبدلا من أن يصدر قرار بمكافئته علي قيامه بعمله، صدرقرار جمهوريا -مستغلا سلطاته بموجب قانون الطوارئ- بتحويل البطل إلي محاكمة عسكرية، بدلا من أن يخضع على أكثر تقدير لمحاكمة مدنية كما هو الحال مع رجال الشرطة بنص الدستور الوضعي المصري.
والعجب أن سليمان خاطر من رجال الأمن لا من رجال الجيش، فالمحكمة المختصة بالنظرفي دعواه إذاً هي محكمة مدنية، والنيابة العامة أو من يمثلها هي من يخوللها وفق القانون المصري الوضعي أن يقوم بالتحقيق الأوّلي في الموضوع، إلاّ أن المسؤولين المصريين كانوا متأكدين من أنّ القضاء المصري سيبرئ ساحة هذا البطل لأنه لم يفعل سوى القيام بواجبه، وأن من الممكن أن تنشر أمامه أي أمام القضاء أمور لا يحبّ المسؤولون أن تعرف، فقد فجّر الشهيد سليمان خاطر – رحمه الله - قضيّتين خطيرتين:
الأولى : تتعلق بالمهمات التجسّسية التي تقوم بها النساء الصهيونيات العاريات أوشبه العاريات على نقاط الحدود المصرية أشباه تلك المرأة الإسرائيلية التي عملت كما يقول خاطر: "عملت سكرانه ومسطوله ودخلت ونامت في شاليه فيه جهاز إشارة، وطبعاً دي جايه مأمورية وأخذت التردد أكيد، ومشيت، وكلهم بيطلعوا مأموريات واحنا بنطلع مغمّضين".
أما القضية الثانية : فهي ارتباط معظم ضباط وجنود الأمن المركزي في سيناء بالصهاينة، ويقول سليمان هنا: "كلّه عمال يشتغلوا مع الأجانب وحيضيّعوا البلد، شغّلوا عليهم المخابرات وشوفوا همّه بيروحوا فين".
لقد فات الشهيد سليمان أن المخابرات المصرية لم تكن مغمضة العينين أوجاهلة بواقع الأمر، إلا أنها لم تكن، في الحقيقة، مستاءة من هذه القضايا بل لعلها كانت تشجعها بتوجيه من المتصهينين للمسارعة في تطبيع العلاقات.
إذاً فالنظر أمام القضاء العادي بموضوع سليمان خاطر يحتوي على كثير من المخاطر، فقد يركب القضاء الموجة الوطنية التي ركبتها المعارضة المصرية نتيجة لفعل رقيب الشرطة هذا، فتأتي العواقب وخيمة، لأنها قد تحرك السوط الصهيوني هناك، على ظهور المسؤولين المصريين الذين ليس من شبيه لهم.
وقام محامي سليمان بالطعن في القرار الجمهوري وطلب محاكمته أمام محكمة مدنية، وبالطبع تم رفض الطعن.
وصفته الصحف القومية "بالمجنون"، وقادت صحف العارضة حملة من اجل تحويله إلى محكمة الجنايات بدلا منالمحكمة العسكرية، مؤتمرات وندوات وبيانات والتماسات إلى رئيس الجمهورية ولا من مجيب.
وقال التقرير النفسي الذي صدر بعد فحص سليمان بعد الحادث أن سليمان "مختل نوعا ما"، والسبب أن "الظلام كان يحول مخاوفه إلي أشكال أسطورية خرافية مرعبة تجعله يقفز من الفراش فيفزع، وكان الظلام يجعله يتصور أن الأشباح تعيش في قاع الترعة وأنها تخبط الماء بقوة في الليل وهي في طريقها إليه".
وبناء على رأى أطباء وضباط وقضاة وكلاب الحكومة، عوقب سليمان لأنهم أثبتوا أن الأشباح التي تخيفه في الظلام اسمها صهيونية.
وفي المحكمة
وهكذا وفي هذا الجو المشبع بالإحباط استمرت محاكمة سليمان خاطر حتى يوم 7/12/1985م، حيث أجلت المحكمة القضية إلى جلسة يوم 22/12/1985م للنطق بالحكم.
وفي جلسة علنيّة نسبياً "إذ حالت قوى الأمن دون وصول الجماهير إلى قاعة المحاكمة"
أصدرت المحكمة العسكرية العليا في السويس والمؤلفة من اللواء مصطفى دويدار "رئيساً" وعضوية اللواء محمد خورشيد والعميد محمود عبد العال، والمقدم يحيى قاسم حسن بصفته ممثلاً للادعاء، أصدرت هذه المحكمة يوم 22/12/1985م بحضور المتهم وهيئة الدفاع حكمها بالقضية رقم 142 لعام 1985 جنايات عسكرية السويس، وقضى الحكم بالسجن المؤبد للبطل سليمان خاطر مع الأشغال الشاقة.
وما أن سمع الشهيد سليمان خاطر الحكم حتى صاح قائلا: "أن هذا الحكم، هو حكم ضد مصر، لأن جندي مصري أدى واجبه"، ثم التفت إلى الجنود الذين يحرسونه قائلا: "روحوا واحرسوا سينا، سليمان مش عايز حراسة، سليمان مات"
وقال -رحمه الله - : "أنالا أخشي الموت ولا أرهبه .. أنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشي أن يكون بالحكم الذي سوف يصدر ضدي أثار سيئة علي زملائي، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم".
ومن العجب أن سليمان خاطر صار آخر جندي أمن مركزي متعلم!!، وكان حاصل على الثانوية العامة، ومنتسب بكلية الحقوق جامعة الزقازيق، وبسبب نخوته ورجولته وعمليته الشجاعة ضد الصهاينة، تغيرت سياسة الدولة ليصبح أختيار جنود الامن المركزي مقتصرا على الأميين فقط.
الحكم قرار سياسي
وللحقيقة والتاريخ فإن الحكم على الشهيد سليمان خاطر لم يكن غير قرار سياسي أعلنته فقط محكمة مشكلة خصيصاً لهذا الغرض، ولا أدلّ على ذلك من استعدادات الدولة قبل صدوره لمواجهة النقمة الجماهيرية، وتهديد اللواء أحمد رشدي وزيرالداخلية في اليوم التالي لصدور الحكم، باستخدام قانون الطوارئ، مما يشيرأيضاً إلى مأزق النظام، من جراء ذلك الحكم الجائر.
أما الأحزاب في مصر، فقد كانت متخلفة جداً عن الجماهير، إذ رفعت الأيدي بالشكر لله الذي أنقذ سليمان خاطر من حكم الإعدام !!، ورأت في الحكم تعبيراً عن اقتناع المحكمة بأن سليمان خاطر جنديٌّ قام بواجبه وإن كان قد تجاوز حدّ الدفاع، وأنه -أي الحكم- ينفي عن سليمان خاطر صفة الإرهاب أو القتل العمد للصهاينة.
التخطيط لقتل البطل
وبعد أن صدر الحكم عليه تم ترحيله الي السجن الحربي بمدينة نصر بالقاهرة، وهناك وفي اليوم التاسع لحبسه وتحديدا في 7 يناير 1986م، وفي داخل زنزانته الانفرادية في السجن الحربي، وفي مساء الجمعة الثالث من كانون الثاني عام 1986 أي بعد أسبوع واحد من صدور الحكم الظالم بدأ مسلسلا الأحداث الذي انتهى بالإعلان عن انتحار بطل سيناء.
ففي ذلك المساء، وحسب ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية وبثّته إذاعة لندن، دخل إلى زنزانة سليمان خاطر صحفي إسرائيلي يحمل كاميرا، بحجة إجراء حديث صحفي معه، وخرج الصحفي دون أن يجري الحديث لكن بعد أن أصاب سليمان في رأسه إصابات خطيرة بالكاميرا.
وفي اليوم التالي تمّ نقل سليمان خاطر إلى مستشفى السجن الحربي، والسبب الرسمي المعلن لهذا الانتقال هو علاجه من مرض البلهارسيا والذي أكدت أسرته ورؤساؤه ومرؤوسوه أن سليمان لم يكن مصاباً به.
والمرجّح أن زيارة الصحفي الصهيوني للشهيد سليمان خاطر في زنزانته لم تكن بهدف إجراء حديث صحفي معه، بل بهدف معاينة الزنزانة والبحث في صلاحيتها لخطوة قادمة كان يجري التخطيط لها في أعلى المستويات.
وجاء تقرير الدولة كعادتها
وخرجت علينا الصحف القومية العميلة "بمانشيتات" التي تحمل إمضاء أمن الدولة وتقول": انتحر بعد أن شنق نفسه على نافذة ترتفع عن الأرض بثلاثة أمتار"، وقال تقرير الطب الشرعي انه انتحر، وحسبنا الله ونعم الوكيل في الظالمين.
وقالوا في البيان الرسمي أن الانتحار تم بمشمع الفراش، ثم قالت "مجلة المصور" أن الانتحار تم بملاءة السرير، وقال الطب الشرعي أن الانتحار تم بقطعة قماش من ما تستعمله الصاعقة.
وأمام كل ما قيل، تقدمت أسرته بطلب إعادة تشريح الجثة عن طريق لجنة مستقلة لمعرفة سبب الوفاة، وتم رفض الطلب مما أكد قصة مقتله رحمه الله.
وقال أخوه:"لقد ربيت أخي جيدا، وأعرف مدي إيمانه وتدينه، انه لا يمكن أن يكون قد شنق نفسه، لقد قتلوه في سجنه".
وقد خطب الشيخ أحمد القطان الكويتي خطبة مزلزلة سمها "لماذاقتل سليمان خاطر ؟؟" موجودة على موقع طريق الإسلام على الشبكة العنكبوتية، وهي خطبة قوية ننصح بسماعها(2). (للاستماع للخطبة اضغط هنا(
اكتشاف الجريمة
إلاّ أن الطبيبين مجدي زعبل، وعبد المنعم عبد الهادي اللذين شاركا في غسل جثمان الشهيد أبديا الملاحظات التالية:
1- وجود آثار خنق بسلك حاد قطره 3 ملم، ظهرت آثاره حمراء حول الرقبة مكذبة الرواية الرسمية من أن الشهيد سليمان خاطر انتحر بشنق نفسه بشرشف السريرالذي كان يرقد عليه.
2- وجود آثار سحجات في الرقبة.
3- وجود آثار كدمات في أعلى الفخذ الأيمن.
4- تجمعات دموية في عينيه وهو ما يتعارض مع ادّعاء الانتحار، لأن وجود هذه الأعراض يؤكد أن الشنق قد تمّ والجسد في وضع أفقي، وبالتالي ينفي حالة الانتحار.
5- تقلّصات في الأطراف العليا والسفلى، وهذا يتنافى مع أعراض الشنق، لأنه في الشنق الرأسي يكون الجسد في حالة ارتخاء.
6- وجد الفم مغلقاً واللسان غير متدلٍّ، وهذا ينفي حالة الشنق الرأسي ويؤكدالعكس: أي أن عملية الشنق تمّت في السرير، أو على الأرض. يعني في وضع أفقي.
7- وجدت في أظافر الشهيد آثار لحم بشري، ممّا يدلّ على أنه قاوم قاتليه بشراسة لا مثيل لها.
وأما أم الشهيد
أما أمه الصابرة المحتسبة فيذكرنا صنيعها بالخنساء، التي جاءها نبأ أستشهاد أبنائها الأربعة فلم تزد على القول:"الحمد لله الذي أكرمني باستشهادهم".
هكذا كانت أم سليمان خاطر صورة عن تلك النسوة، فعندما علمت بالحكم الجائر، أجهش ابنها الكبير عبد المنعم بالبكاء، فصرخت تنهره قائلة: " ما تعيطش(3) يا منعم .. أخوك راجل يا ضنايا .. واللي قتلهم أعداءنا .. أخوك مارضيش يطاطي ويبقى جسر يعدو عليه العدوّين .. أخوك ما سابش سلاحه وما فرّطش فيه".
وبعد استشهاده
وما أن شاع خبر موت الشهيد البطل سليمان خاطر حتى خرجت الجموع المسلمة في مظاهرات عارمة تندد بقتله، وخرج طلاب الجامعات، وكذلك طلاب المدارس الثانوية.
وفي قريته أكياد البحرية الواقعة على بعد 45 كم شرقي الزقازيق، شيّع البطل الشهيد سليمان خاطر -تقبله الله في عليين- في جو من الحزن العميق شمل الأقطارالإسلامية كافة.
وفي مشهد أخر في مكان ما، تسلم الصهاينة تعويضاً عن قتلاهم من الحكومة المرتدة التي قالت عنها أم سليمان خاطر حفظها الله:"أبني أتقتل عشان ترضى عنهم أمريكا وإسرائيل".
وهتف الناس في الشوارع، انقل لكم بعضها كما قيلت باللغة العامية المصرية، "الشعب هياخد التار ... الصهيوني ده غدار" و"المعقول المعقول ... إن سليمان مات مقتول" و"سليمان قالها في سينا ... قال مطالبنا وقال أمناينا" و" سليمان خاطر يا شرقاوي ... دمك فينا هفيضل راوي" و "سليمان خاطر قالها قوية ... الرصاص حل قضية" وكانت أجمل الهتفات "سليمان خاطر مات مقتول ... مات علشان مقدرش يخون".
رحم الله الشهيد البطل سليمان خاطر، وأسكنه فسيح الجنان، مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحيين، وحسن أولئك رفيقا.

الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة
التعليقات
ص
الإثنين, 07 يناير 2013 - 12:32 am
الشهيد
هو عند الله حي يرزق . ودمه في رقبة حسني مبارك عليه من الله ما يستحق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.