لوحة من الإبداع تجمعت فى مدينة بجايا الجزائرية التى كتب بها ابن خلدون مقدمته الشهيرة، وسط الجبال والطبيعة الخلابة. أقامت هذه المدينة فعاليات مهرجانها الدولى الرابع للمسرح وسط عرس مسرحى ضم ما يقارب اثنتين وثلاثين فرقة مسرحية من مختلف دول العالم، تتلاقى حول قيمة فن المسرح، تكشف من خلاله هويتها الثقافية والإبداعية لتعبر عن محتوى الثقافات واختلافها ومعاناتها الإنسانية والفكرية والثقافية عبر «أبو الفنون». عرس توجته الندوات الفكرية التى دارت حول إشكاليات لا تزال تؤرق المسرحيين؛ هى أن الإبداع مرهون بمسرح حر، وهو ما شدد عليه المبدع عمر فطموش رئيس المهرجان أو محافظ المهرجان، من أن الرهان فى المرحلة القادمة سينصب على تقاليد جديدة وترسيخ للمحفل كأجندة دورية، وتكثيف المضمون مع الارتقاء بالهياكل المسرحية. وتميَّز المهرجان بإقامة ثمانى ورش استوعبت مجموعة كبيرة من الطلبة وهواة فن المسرح بخبراء من إيطاليا فى الغناء ومن ألمانيا وتونس. كانت ورشة الكتابة الدرامية، وتدريب الممثل الذى أشرفت عليه الفنانة خليدة ماجدة الولى؛ من أبرز الندوات التى أقامها المهرجان والتى اثارت جدلا واسعا بين الضيوف من الأدباء والمسرحيين، حول حدود الاقتباس من الرواية إلى الفن الرابع «المسرح». ومن الندوات إلى العروض التى جابت الجزائر، مثل العرض الليبى «شيشة كخة» الذى لاقى استحسانا فنيا ونقديا وجماهيريا واسعا، وكذلك العرض التونسى «انفلات» الذى رصد معاناة الشعب التونسى والمتناقضات التى حدثت أثناء الثورة فى المجتمع. أما العرض المصرى «وجوه» لفرقة 20 يناير المستقلة، فقد كان سفيرا لمصر، ولاقى احتفاء كبيرا من المهرجان والقائمين عليه. وحرص المخرج عمر فطموش على حضور العرض وسط جمهور امتلأ به المسرح الكبير بدار الثقافة، وحفاوة بنجاح العرض؛ ما دعا المهرجان إلى إقامة ليلة أخرى للعرض فى مدينة الجزائر العاصمة، وعلى خشبة المسرح الوطنى المماثل للقومى فى مصر. وقد حرص السفير المصرى بالجزائر السيد عز الدين فهمى وطاقم السفارة المصرية بالجزائر وأسرهم؛ على حضور العرض مع جمهور الجزائر، فيما حصد العرض نجاحا نقديا وجماهيريا واضحا جليا فى المقالات النقدية التى رأت أن العرض عرَّى وجوهَ البؤس العربى، وأنه ثورة ضد الأقنعة المتحولة. واستمر الإقبال الجماهيرى وإصرار الجمهور على حضور العرض الثانى للعرض رغم أن المسافة بين بجايا والجزائر حوالى ست ساعات على الطريق؛ لذلك جاء تتويج المهرجان لنجاح العرض وفرقة 20 يناير بمنحه درع التميز، هذا بالإضافة إلى دعوة ليجوب العرض المصرى مسارح ولايات الجزائر فى الربيع القادم، مع منح الفرقة شهادة تقدير. ويذكر أن العرض المسرحى «وجوه» هو إنتاج فرقة 20 يناير المستقلة. والعرض بطولة ناصر عبد الحفيظ، ودراما حركية لكل من أحمد العراقى وآيات محمود ومحمد عاشور وعبد الرحمن أبو سعدة، وديكور وماسكات محمد فوزى بكار. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة