تراجع أسعار الذهب في مصر بقيمة 140 جنيه خلال أسبوع    النائب عمرو درويش يعترض على الصياغة الحكومية لقانون الإيجار القديم    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى أهل مصر بدمياط ومصر جميلة يصل البحيرة    رئيس اتحاد الكرة الآسيوي: أرفض بشدة مقترح زيادة عدد المنتخبات بكأس العالم    انخفاض درجات الحرارة وسقوط للأمطار بمحافظة القليوبية    إنقاذ 2000 رأس ماشية من حريق في مركز أبو صوير بالإسماعيلية    حجز محاكمة متهم بحيازة مفرقعات ومقاطع تحريضية للنطق بالحكم    رمضان صبحي يقود كتيبة بيراميدز أمام فاركو    أحمد السقا يفقد الذاكرة وأحمد فهمي يتورط معه في مطاردة بالصحراء في فيلم "أحمد وأحمد"    مصر تستهدف إنهاء إجراءات وصول السائحين إلى المطارات إلكترونيا    «الإسكان»: مبيعات مبادرة «بيت الوطن» للمصريين بالخارج تسجل 10 مليارات دولار    الإسماعيلي: هل القانون يتيح استدعاء تقنية الفيديو للحكم من أجل بطاقة صفراء؟    رسمياً.. تحديد موعد ومكان نهائي كأس مصر    إعلام إسرائيلي: شركات طيران أمريكية تعلق رحلاتها إلى تل أبيب    مصر وجزر القُمر توقعان على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة    استشهاد معتقل فلسطيني في مستشفى سوروكا الإسرائيلي    مصرع شخص وإصابة آخر إثر حادث تصادم في القرين بالشرقية    ليلة سقوط اللصوص.. القبض على 17 متهمًا بضربة أمنية بالقاهرة    الإحصاء: 3.6 مليون دولار قيمة التبادل التجارى بين مصر وجزر القمر خلال 2024    وكيل مجلس "الشيوخ" يقترح سن قانون شامل للأمن السيبراني وإنشاء هيئة مستقلة لإدارته    «لوفتهانزا» و«إير يوروبا» تعلقان جميع رحلاتهما الجوية إلى مطار بن جوريون    فتاوي المصريين في نصف قرن.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    معرض أبوظبي الدولي للكتاب يعبر الأزمنة على متن المقتنيات الأثرية    رئيس الوزراء: مواجهة مخالفات البناء والتعديات جزء من تقييم أداء أي محافظ    بلعيد يعود لحسابات الأهلي مجددا    الحكومة: مشروع قومي للصوامع يضاعف السعة التخزينية ويقلل فاقد القمح في مصر    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 956 ألفا و810 جنود منذ بداية الحرب    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تجديد الخطاب الدينى    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين بمحافظتي القاهرة والوادي الجديد    حماس تحذّر من كارثة إنسانية وشيكة في قطاع غزة بسبب استمرار إغلاق المعابر وتشديد الحصار الخانق منذ أكثر من 64 يومًا    ماجد الكدوانى ضيف شرف فيلم "المشروع إكس" مع كريم عبد العزيز    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    مستشفى سوهاج الجامعي تضم أحدث جهاز قسطرة مخية على مستوى الجمهورية    برلماني: كلمة السيسي باحتفالية عيد العمال تعكس تقديره ودعمه لدورهم في مسيرة التنمية    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    اليوم.. بدء تسليم قطع أراضي بيت الوطن المرحلة التاسعة للفائزين بمدينة دمياط الجديدة    13 شهيدا جراء قصف الاحتلال أنحاء متفرقة في قطاع غزة    دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    الرئيس السيسي يوافق على استخدام بنك التنمية الأفريقي «السوفر» كسعر فائدة مرجعي    دي بروين: لا أعلم موقفي من المشاركة مع مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية    بيان - "سلوك الجماهير رد فعل على غياب العدالة".. الزمالك يرفض عقوبات الرابطة ويتهمها بالتحيز    ضبط 37.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    محمد صلاح يستهدف 3 أرقام قياسية أمام تشيلسي في الدوري الإنجليزي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 4-5-2025 في محافظة قنا    الرئيس السيسي يؤكد حرص مصر على نجاح القمة العربية المقبلة في بغداد    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي مستجدات التعاون الممتدة بين البلدين في القطاع الصحي    إحالة الفنانة رندا البحيري للمحاكمة بتهمة السب والتشهير ب طليقها    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    سر تصدر كندة علوش للتريند.. تفاصيل    بعد إخلاء المرضى.. اندلاع حريق محدود بمستشفى المطرية التعليمي    خبير تغذية روسي يكشف القاعدة الأساسية للأكل الصحي: التوازن والتنوع والاعتدال    الإكوادور: وفاة ثمانية أطفال وإصابة 46 شخصا بسبب داء البريميات البكتيري    اللهم اجعله اختطافًا (خالدًا) وخطفة (سعد) على النقابة (2-3)    أثارت الجدل.. فتاة ترفع الأذان من مسجد قلعة صلاح الدين    كلام ترامب    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"نحو رؤية إستراتيجية للتنمية الشاملة فى مصر" العلماء يطرحون الطريق للنهضة في ندوة "الشعب"
نشر في الشعب يوم 16 - 09 - 2012

متابعة: ضياء الصاوى - عبد الرحمن كمال - شيماء مصطفى

مجدى حسين: يجب تحقيق قفزة تنموية كبرى إلى الأمام

عرجون: مصر يمكن أن تصبح دولة عظمى فى 18 عامًا فقط

قرقر: التخطيط للتنمية يجب أن يسبق التخطيط العمرانى

أبو الفتوح: التنمية المستدامة والطاقة الشمسية هما الأمل.. والسلوكيات والثقافة السائدة من أهم المعوقات

الخولى: منظومة البحث العلمى فى مصر تحتاج إلى إعادة ترتيب.. ولا بد من الاهتمام بالبعد البيئى فى استخدام الموارد

حجاج: مشكلة التنمية تتمثل فى الفجوة بين الوضع المرغوب والوضع الراهن

مختار: تحقيق التنمية متوقف على سياسة الدولة وأن تكون فى كل المجالات
حداد: أسلوب الزراعة لم يختلف منذ عهد الفراعنة.. ومصر أضاعت فرصًا عديدة لتطويرها
نظمت جريدة "الشعب" الأربعاء الماضى، مائدة مستديرة بعنوان "نحو رؤية إستراتيجية للتنمية الشاملة فى مصر"، شارك فيها نخبة من العلماء والمتخصصين فى العديد من المجالات العلمية والتكنولوجية والهندسية والزراعية والعمرانية وغيرها من التخصصات التى لا غنى عنها لإقامة نهضة وتنمية حقيقية فى مصر. وقدَّم للندوة مجدى حسين رئيس حزب العمل الجديد ورئيس تحرير جريدة الشعب، الذى استهل الندوة قائلًا: "إن الهدف منها ليس إعلاميًّا وصحفيًّا فقط عبر نشرها على صفحات جريدة (الشعب)، لكن أهميتها الحقيقية تأتى من محاولة الإجابة على السؤال: ما هى الرؤية الإستراتيجية للتنمية التى تحتاجها مصر فى هذه اللحظة الراهنة؟.
فالجميع يشعر بحالة من الحيرة فى الوقت الذى تقف فيه البلد على مفترق طرق، وهناك إحساس ينتاب الجميع بعدم وجود رؤية إستراتيجية لإدارة الدولة. وفى ظل إدراكنا أنه لا يوجد عقل إستراتيجى لإدارة معركة التنمية، تأتى أهمية مثل هذه اللقاءات التى نتمنى أن تستمر حتى نجيب على السؤال: لو كنا فى موقف اتخاذ القرار ماذا كنا نفعل؟ وبِمَ يمكن الآن أن ننصح الدكتور محمد مرسى؟".
وأكد رئيس حزب العمل أن مصر يمكن أن تنهض فى عدة سنوات قليلة، وقال إن فى بعض الدول تجارب كانت مذهلة، وأثبتت أن خمس سنوات كافية جدًّا لنقل بلد من حال إلى حال أخرى؛ فهذا حدث فى عشرات الدول مثل أيرلندا وماليزيا والبرازيل، وأخيرًا تركيا". لكنه أكد أن "كل ذلك مرتبط بتحقيق قفزة تنموية كبرى إلى الأمام. والمقصود بالقفزة التنموية هنا ليس إنشاء مشروع هنا ومشرع هناك، بل المقصود هو تحديد ملامح خطة إستراتيجية شاملة للتنمية"، وقال: "إن الاهتمام بتحديد قاطرة التنمية التى يجب أن نبدأ بها، أهم من الانشغال بقرض صندوق النقد الدولى الذى يخدعنا به الغرب".
عرجون: مصر فى حاجة إلى مشروع نهضة حقيقى
وفى كلمته، قال الدكتور محمد بهى الدين عرجون أستاذ هندسة الطيران والفضاء بكلية الهندسة جامعة القاهرة الملقب بأبو الفضاء المصرى: "إن النقطة الهامة التى يجب أن تتحقق لكى نصل إلى رؤية إستراتيجية للتنمية الشاملة، هى ضرورة وجود قرار للفكر التنموى فى مصر بعد الثورة؛ فالجميع انشغل بعد الثورة فى عملية الاضطراب والانفلات التى كانت تمر بها البلاد"، وقال: "إن أية ثورة هدفها التغيير. وبعد هذا التغيير يجب أن ننتقل وننطلق وأن نبدأ فى التنمية؛ حتى تكون مصر دولة كبرى، لكن مصر –للأسف- لم تدخل فى هذه المرحلة، وانشغلت النخبة والأحزاب بالأحداث المضطربة التى كانت تمر بها البلاد".
وقال إنه "بعد وجود مؤسسات منتخبة يجب أن نسعى إلى الخروج من حالة الفراغ فى الرؤية التى تحيط بنا، ويجب أن نعرف إلى أين تريد أن تذهب مصر، وكيف تذهب. وهذا لن يحدث إلا بالتخطيط وتحديد المدى الزمنى اللازم لتحقيق هذه الخطة. وهذا هو دور النخبة، ويجب أن تؤدى النخبة دورها، وأن تطرح برنامجًا وفكرًا للنهوض بمصر من دولة متخلفة ومضطربة إلى دولة ناهضة متقدمة ومتطورة وتحتل مكانتها فى اقتصادات العالم، بجوار دول مثل ماليزيا وجنوب أفريقيا وإندونيسيا. وكل هذه الدول بحجمها وإمكانياتها لا تختلف كثيرًا عن مصر، ومع ذلك استطاعت أن تحقق النهضة".
وأكد عرجون أن "مصر فى حاجة أن يكون لها مشروع نهضة، وأن القضية ليست مجرد أن نحلم أن تكون مصر كالبرازيل وماليزيا، أو أن يحدث لها طفرة تنموية، لكن القضية كيف نفعل هذا؛ فهل أعددنا العدة وجهزنا الطريق لذلك؟ للأسف كل ذلك لم يحدث". وقال إن الدور المندوه له النخبة هو أن تستعد بمشروع التنمية والنهضة؛ حتى يكون جاهزًا لمن يريد أن يطبق، سواء مؤسسة الرئاسة الحالية أو غيرها". وقال: "إن ما يلزم مصر هو مشروع يتناقش حوله النخبة والعلماء، ويقرأه الشعب ويقتنع به. وهنا تأتى أهمية الإعلام حتى يتوافر تأييد شعبى لهذا المشروع".
وقال عرجون: "إن هناك عدة محاور يجب أن نعمل عليها حتى يتحقق هذا المشروع، مثل محور التنمية البشرية، والمحور الثانى هو محور الموارد الأرضية؛ أى موارد الأرض، مثل الذهب؛ فمن المعروف أن مصر بها 270 منجمًا، لكنها غير مستغلة، باستثناء واحد فقط، كما يوجد المنجنيز والكوبلت وغيرهما؛ فموارد مصر كثيرة لكنها غير مستغلة، ويجب وضع خطة لاستغلالها والاستفادة منها، مثل السيلكون والرمال البيضاء التى لا يوازيها إلا رمال بلجيكا. ونحن نستخدم هذه الرمال فى صناعة الزجاج فقط، لكن الآن يمكن استخدامها فى صناعة الرقائق الإلكترونية التى تدخل فى صناعة الهواتف المحمولة وغيرها"، وقال: "إن المحور الثالث هو الطاقة الشمسية التى لو حسبناها بالكيلو وات لوجدنا أن مصر هى أغنى بلد فى العالم من حيث الطاقة والكهرباء؛ فمنطقة الصحراء الشرقية التى تقع بين البحر الأحمر والنيل هى أسطع نقطة على وجه الأرض".
وعن محور الموارد -وهو المحور الرابع- قال الدكتور محمد بهى الدين عرجون: "إن أموال المصريين فى الخارج سيكون لها دور كبير، لكن كيف سنأتى بها؟"، وقال: "لن تأتى إلا إذا تبلورت الرؤية من خلال النخبة والمفكرين، وأصبح هناك مشروعات جاهزة للتنفيذ؛ وقتها ستأتى كل أموال المصريين فى الخارج".
وأكد عرجون أن "مصر يمكن أن تصبح دولة عظمى فى 18 عامًا فقط إذا اتبعت كل ذلك؛ فدولة كوريا الجنوبية كانت أسوأ من مصر عام 62 فى كل المجالات الصحية والمعيشية وغيرها، لكنها فى عام 92 تفوقت علينا وسبقتنا بمراحل؛ لذلك فإن المشكلة ليست تنموية فقط، ولا مسألة فلوس وموارد فقط، لكن هناك المحور الخامس وهو محور الثقافة؛ ثقافة الإتقان وثقافة المحاسبة".
وأشار أستاذ هندسة الطيران والفضاء إلى أهمية البعد السياسى، فقال إنه حتى تستطيع الدولة أن تنهض تحتاج إلى شيئين: الأول هو الحريات السياسية، والثانى هو كفاءة إدارة الدولة والجهاز الحكومى فى تنفيذ المشروعات، وأكد أنه "لا يمكن أن ننهض إلا بتغيير الأداء الحكومى الحالى؛ إذ إن الجهاز الحكومى به 6 ملايين موظف وعامل، وهو فى صورته الحالية معوق للعمل، فيجب العودة مرة أخرى إلى تدريبهم وإيصالهم إلى مستوى معقول من الأداء"، وقال إن هذا الأمر كان يحدث قديمًا، ولكنه توقف فأصبح الأمر يقتصر على تسكين الموظفين وتثبيت المؤقتين منهم.
وأضاف عرجون أنه "إذا كنا نتحدث عن نهضة بلد قامت بثورة فيجب أن نحدد أهدافًا مرحلية؛ فالهدف ضرورة إذا أردنا أن ننهض؛ فمثلاً يمكن أن يكون الهدف أن تنتقل مصر فى عشر سنوات من المكانة العالمية الاقتصادية الحالية -وهى رقم 45 على مستوى العالم- بناتج قومى يبلغ 220 مليار دولار، إلى المكانة رقم 30 -وهى التى تحتلها الآن جنوب إفريقيا بإجمالى ناتج قومى 500 مليار دولار- وقال: "لابد من هدف رئيسى تضعه مصر أمام عينيها".
واختتم عرجون كلمته بأن الصناعة هى المستقبل، وأنه لا دولة فى العالم نهضت وتقدمت إلا واعتمدت بنسبة رئيسية على الطاقة والتكنولوجيا؛ لأنها تحقق أعلى معدل فى النمو، وقال: "إن المدى الزمنى المطلوب لكل ما سبق يمكن تقسيمه إلى أربع مدد؛ فبعد انتهاء ال100 يوم الأولى للرئيس يوجد العام الأول، وبعد ذلك الفترة الأولى كاملة للرئيس مرسى، وهى 4 سنوات، وهى كافية أن يضعنا فيها الرئيس مرسى على بداية الطريق. ولو نجح فى كسب تأييد الشعب سيكون عندنا الفترة الرئاسية الثانية أيضًا التى ستكون 5 سنوات وفق الدستور الجديد، أى الإجمالى نحو 9 سنوات. وأعتقد أنها كافية لكى تنهض مصر، وهى نصف المدة التى يمكن مصر أن تصبح فيها دولة عظمى إذا أرادت".
وقال عرجون إنه وضع قائمة ب10 مشروعات كبرى للرئيس مرسى يمكن أن يقوم بها فى هذا العام إذا أراد، وهى مشروعات تكلفتها محددوة والبنية الأساسية لها موجودة، وهى مشروعات كثيفة العمالة، "وأعتقد أنه إذا نُفِّذت سيكون لها تأثير إيجابى فى تحقيق العدالة الاجتماعية بشرط أن تُطرَح فى إطار شامل".
قرقر: لسيناء أهمية خاصة فى مشروع التنمية
ومن جانبه، قال الدكتور مجدى قرقر الأمين العام لحزب العمل ورئيس قسم التخطيط بكلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة؛ إن الهدف من وجود رؤية إستراتيجية شاملة للتنمية فى مصر، هو رفع معدلات التنمية بمصر وتقليل مستويات الفقر بها؛ حتى تكون مصر كيانًا إقليميًّا يستطيع مواجهة التحديات، وقال: "لتحقيق ذلك يلزم وجود رسالة ورؤية وخطة إستراتيجية، ويجب أن تتوافر قاعدة معلومات توضح الإمكانيات المادية المتاحة التى نسعى إلى الحصول عليها وتحديد نقاط القوة والضعف والتهديدات التى نتوقع أن نواجهها من الخارج".
وأشار قرقر إلى أنه "يجب وضع معايير لاختيار المشروعات التى يجب أن نقوم بها؛ فمثلًا يمكن أن يكون لقضية سيناء أهمية خاصة؛ لهذا يكون للمشروعات الخاصة بها الأولوية، ويمكن أن تكون المشروعات التى تدر دخلًا سريعًا يكون لها الأولوية أو أن تكون الأولوية للمشاريع القومية كثيفة العمالة قليلة رأس المال".
وأكد الدكتور مجدى قرقر أنه "يوجد إجراءات ووسائل لتنفيذ الأهداف، ويجب أن نوضح مؤشرات النجاح ثم نترجم كل ذلك إلى برنامج زمنى للتنفيذ"، واستنكر قرقر تحديد مؤسسة الرئاسة مبلغ مليار و95 مليون جنيه لتنمية سيناء، فقال: "هذا كلام غير دقيق؛ لأن تحديد مبلغ بهذه الدقة معناه أنه أجرى حساب دقيق ووُضعت خطة ورؤية ورسالة للتنمية فى سيناء، وهو ما لم يحدث".
وأضاف الدكتور مجدى قرقر أنه "لكى نقوم بالتنمية الشاملة يجب أن نملك 5 خرائط لمصر: الخريطة الأولى هى خريطة جيولوجيا توضح مصادر وأماكن المياه والطاقة والمعادن؛ فهم أهم ثلاثة عناصر للتنمية فى الفترة القادمة. والخريطة الثانية هى الزراعة، والخريطة الثالثة هى الخريطة البيئية التى يمكن أن توضح الأرض الصالحة للزراعة والظهير الزراعى للمحافظات".
وتعجب قرقر من الحديث عن تقسيم مصر إلى محافظات طولية وعرضية، وقال: "قبل أن نتحدث عن كل ذلك، يجب عمل الخريطة التنموية الشاملة أولًا قبل التقسيم الإدارى للمحافظات"، وقال إنه "إذا استطعنا تركيب الخرائط السابقة بعضها على بعض لعمل خريطة تنموية سنستطيع وقتها أن نقوم بعمل تنمية حقيقية فى مصر".
وقال قرقر إن أغلب المشروعات المطروحة الآن على الساحة عليها علامات استفهام، لكنه أكد فى الوقت نفسه أن أفضل هذه المشروعات هو المشروع الذى أعدته هيئة التخطيط العمرانى؛ لأنه ربط العمران بالتنمية. وقال قرقر إن التخطيط للتنمية يجب أن يسبق التخطيط العمرانى وبناء المساكن؛ فالعمران لاحق بالتنمية، وقال إن مشروع فاروق الباز يعيبه أنه ملتحم بالوادى كثيرًا.
واختتم الدكتور مجدى قرقر كلمته بأن "المشروعات كثيرة، لكن يجب علينا وضع الأولويات، مثل بناء ميناء على البحر الأحمر والاهتمام بمحور قناة السويس فى مجال صناعة وإصلاح السفن"، كما أكد أهمية فكرة إنشاء جسر يربط بين مصر والسعودية، وقال إن الجسر -بالإضافة إلى فائدته لمصر عامةً- سيربط قناة السويس بالخليج والسعودية، وهذا سيزيد أهمية قناة السويس.
أبو الفتوح: الطاقة الشمسية هى الأمل
وقال د. فؤاد أبو الفتوح الأستاذ بالأكاديمية البحرية بالإسكندرية: "إن الفترة القادمة هى فترة التنمية المستدامة؛ فأغلب مشاريع التنمية السابقة لم يكتب لها النجاح لأنها لم تحقق عناصر الاستدامة، وهى الطاقة والمياه والبيئة الصالحة والموارد البشرية، وقد عرض العلماء الحاضرون اليوم أفكارًا كثيرة لمشاريع كبيرة من الممكن أن تؤدى إلى البناء، لكن ما الوسيلة المناسبة؟ بالتأكيد لا غنى عن الطاقة فى أى من مشاريع التنمية السابق عرضها، خاصةً أن الطاقة فى مصر ناضبة؛ فالبترول يكاد ينتهى، والغاز يكاد يكفى الاستهلاك المحلى؛ فالحل إذن فى الطاقة المتجددة التى نملك منها مصادر لا نهائية، ومع ذلك لم ندخل هذا المجال حتى الآن؛ فمن الغريب أن تكون لدينا مثل هذه المصادر ولا يُستفاد منها، والأغرب أن دولة مثل السعودية دخلت مجال الاستفادة من الطاقة الشمسية، وهى طاقة متجددة، رغم أن مواردها البترولية كبيرة جدًّا، والعجيب أيضًا أن السعودية دخلت مجال الطاقة الشمسية بعد نصيحتى للدكتور على النعيمى وزير البترول والثروة المعدنية الذى كان معارضًا للطاقة المتجددة؛ لأن بلاده مليئة بالموارد البترولية الضخمة، بل وكان يرى أن الطاقة المتجددة ما هى إلا مؤامرة يحيكها الغرب ليضرب البترول العربى، لكنى وضحت له أن الطاقة الشمسية يمكن أن تُصدَّر مثل البترول، وطالبته بأن ينظر باهتمام أكثر إلى الطاقة الشمسية على أنها مورد من الموارد المتاحة بالمملكة العربية السعودية، لكنى قابلته بعدها فوجدته غيَّر موقفه تمامًا ودخلت السعودية فى مشاريع بأكثر من 25 بليون دولار فى مجال الطاقة الشمسية، ومصر الأكثر احتياجًا لمصادر بديلة لطاقة لم تدخل هذا المجال بعد".
وأكد أبو الفتوح أن "الطاقة الشمسية هى الأمل، وهى التى ستساعدنا على تحقيق المشاريع الأخرى؛ فالطاقة الشمسية تساعدنا على الحصول على المياه عن طريق عملية التحلية؛ وبذلك يتوافر لدينا عنصران من عناصر التنمية المستدامة، كما أن الطاقة المتجددة ليست ملوثة للبيئة، لكن هناك مشكلة متعلقة بالعنصر البشرى؛ فإنتاجية المواطن المصرى متدنية بنسبة كبيرة، والأسوأ أنها متدنية مع سبق الإصرار والترصد، فنجد أن الثقافة السائدة الآن بين المصريين ثقافة القنص، ونجد أن أغلب المصريين يتباهون ويتبارون بالذهاب إلى العمل دون أن يؤدى ما عليه، وكما نعلم أن الفرد الجائع غير حر فلا يرجى منه خير ولن يستطيع أن يخدم نفسه أو يخدم بلده".
وأضاف أن "المخرج للتكنولوجيا المتقدمة هى "الهاى تك"، ومن الممكن استخدام شرائح السليكون فى تصنيع خلايا الطاقة الشمسية، ثم استخدام هذه الطاقة فى كافة المجالات الأخرى؛ فقاطرة التنمية يأتى على رأسها الطاقة والمياه، والدول المقدمة ركزت على إحراز تقدم فى مجال استخدام الطاقة الشمسية؛ فألمانيا مثلًا نجد أنها تولد كهرباء بالطاقة الشمسية تقدر ب7500 ميجا وات، أى أن الطاقة الشمسية ستوفر لنا كمية كبيرة من الطاقة فى مصر، كما ستحقق لنا عائدًا ماليًّا عن طريق مبيعات هذه الطاقة. إن توافر الطاقة يتبعه توافر فى المياه، ويتبعهما توفر الزراعة والصناعة وغيرهما حسب ما نريد، لكنه من الضرورى أن نعى أنه لن تكون هناك مشاريع تنموية إذا لم تتوافر الطاقة والمياه والموارد البشرية والبيئة الصالحة النظيفة غير ملوثة، وهو ما توفره لنا الطاقة المتجددة؛ فمصر مليئة بكل أشكال التلوث التى يجب القضاء عليها".
وذكر أنه "من المعوقات التى ستواجهنا السلوكيات والثقافة السائدة؛ فأغلب مشكلاتنا اليومية ناتجة من سلوكياتنا، كمشكلة المرور مثلًا؛ فالشعب المصرى بحاجة إلى إعادة تقويم وتثقيف، ومن أهم ما يحتاج إلى التقويم والتغيير نظام التعليم فى مصر؛ فعلينا أن نضع فى اعتبارنا إحداث تغيير جذرى فى أسلوب التعليم، خاصةً بعد كثرة ما قيل حول "الهاى تك" وضرورة دخول مصر هذا المجال".
وتابع: "من ضمن ما أزعجنى كثيرًا فى الفترة الأخيرة فى مصر، موضوع الطاقة النووية؛ فاستخدامنا للطاقة النووية إذا كان قاصرًا على الاستهلاك، فهى خيبة جديدة تضاف إلى الموجود بمصر، لكنها إذا كانت على غرار ما فعلته إيران وباكستان فهذا هو المطلوب؛ لذا علينا -قبل أى شىء- أن نعرف أين نحن وماذا نريد؟".
قدورة: لا نهضة فى ظل مهدرات الاقتصاد
من جانبه، قال المهندس "وائل قدورة" خبير النقل البحرى ومستشار رئيس هيئة قناة السويس: إن الحديث عن النهضة لم يتطرق إلى مهدرات الاقتصاد المصرى، ولا نزال نسير على النهج القديم نفسه؛ فيوجد مثلًا عجز مزمن فى ميزان التجارة يقدر ب50 % وعجز مزمن فى الميزانية وصل العام الماضى إلى 160 مليار جنيه، كما أن نظم الضرائب فى مصر معيبة جدًا، فالمتوسط العام من نسبة الناتج القومى المصرى 23.4%، ونسمع البعض يطالب بأن يكون معدل النمو 7%، وهو ما يتطلب أن 35 % من الناتج القومى استثمارات، وإذا كان الناتج القومى وصل إلى 218 مليار دولار، والارتفاع بمعدل النمو إلى 7% فنحن نحتاج إلى أكثر من 300 مليار جنيه استثمارات، وهو ما يؤكد افتقادنا للنظرة العامة للتخطيط، وأبرز مثال على الافتقاد للنظرة العامة للتخطيط، توسعات قناة السويس التى فقدنا فيها 100 مليار جنيه.
وأشار "قدورة" إلى أن 30% من السياحة المصرية فى سيناء، ونحن لدينا مخطط فعلى لزراعة 400 ألف فدان فى سيناء ومع ذلك لم يتم زراعة سوى 35 ألف فدان، فنحن بحاجة إلى نظرة أعم وأدق خاصة إذا أردنا إحداث التطور، الذى كلما تزداد النسبة المرجوة تزداد نسبة الطاقة المطلوب توافرها، ونحن فى مصر لدينا مصادر عديدة للطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح، والطاقة الشمسية التى تعد كنز المستقبل خاصة أن أسعارها تنخفض كل عام بنسبة 20%، لكن هناك تشريعات وقوانين حاجبة لهذا التطور، كما أن المسئولين دائمًا ما يحجبون الحقائق عن الناس.
وأضاف خبير النقل البحرى أن الله وهب مصر موقعًا استراتيجيًّا مميزًا، لكننا لم نستخدمه الاستخدام الجيد، الذى وفر لدولة مثل سنغافورة فائضًا فى ميزانية العام الماضى 96 مليار دولار من الموانئ فحسب، لكن فى مصر أصبح النقل البحرى رديف للقوات البحرية المصرية، وكل عقيد أو لواء يُكرم بتوليه رئاسة هيئة موانئ.
وقال "قدورة": مصر تستورد ب50 مليار دولار وتصدر ب75 مليار دولار، تربح سفن الشحن 7.5 مليار دولار وكلها سفن أجنبية، فمثلًا فى شرق التفريعة فى العام الماضى استقبلت 4 مليون و100 ألف حاوية ترانزيت نقلتها مراكب أجنبية ب2 مليار دولار، فهى أزمة بكل المقاييس فهل لم نعد قادرين على تأسيس شركة نقل مصرية؟.
ونوه مستشار رئيس هيئة قناة السويس أننا دائمًا ننسى أو نتناسى أن من يحكم العالم بأسره هو الشركات متعددة الجنسيات، وهى التى نهضت بتركيا وماليزيا والصين، ويوم أن تدخلنا هذه الشركات فى المنظومة العالمية للإنتاج والتوزيع نكون خطونا أول خطوات النهضة فهى تضعك على طريق العالمية، ولا يجب أن نقتصر على الخريطة الإسلامية فحسب؛ إذ إن حجم اقتصاد الدول الإسلامية كلها 5.2 تريليون دولار بنسبة 7.6% من الناتج العالمى المقدر ب70 تريليون دولار، ومصر موقعها متميز وجاذب لمثل هذه الشركات بشكل، أفضل من دبى مثلًا وهى غير موجودة على خطوط الملاحة ومع ذلك فهى مركز توزيع عالمى لأن المنظومة المتبعة هناك تسمح لهذه الشركات بتعويض عنصر الموقع، فى حين أن مصر رغم موقعها إلا أن البيروقراطية الموجودة فى مصر لن تحمس بوجود مثل هذه الشركات.
وفى ختام كلمته، أكد المهندس وائل قدورة خبير النقل البحرى ومستشار رئيس هيئة قناة السويس، أن أهم شوط فى تحقيق النهضة فى مصر توفير الأمن والاهتمام بالتعليم والعنصر البشرى.
"يجب استخدام المورد دون الإضرار بالأجيال القادمة"
هكذا تحدث الدكتور أحمد الخولى أستاذ علم البيئة بمركز بحوث الصحراء، وأمين التنظيم والأمين العام المساعد لحزب العمل- عن التنمية الشاملة بمفهومها الشامل؛ وهو أن التنمية المركبة يتداخل بها أكثر من عنصر وليست قاصرة على العناصر ذات البعد الاقتصادى فحسب، من هذه العناصر التعليم الذى يمكِّننا من استخدام التكنولوجيا الحديثة، والتعليم فى الجامعات خاصة يحتاج إلى طفرة وتطوير، فالتعليم اليوم يختلف عن التعليم فى أيامى وكليات الهندسة والعلوم بها أعداد كبيرة من الطلاب، ومنظومة البحث العلمى تحتاج إلى تطوير، فميزانية البحث العلمى 2.% تغطى المرتبات، فتمويل البحث العلمى بمركز بحوث الصحراء فى العام الماضى كان 12 مليون جنيه صرفنا منها 10 ملايين جنيه مرتبات، هذا العام تمكنا من زيادة الميزانية المخصصة إلى 29 مليون خاصة أن مركز بحوث الصحراء فقد معدات تقدر ب56 مليون يوم 28 يناير 2011، وهو المركز الوحيد الذى تعرض للهجوم أثناء الثورة، وهو الشىء الوحيد غير السياسى الذى تحدث عنه "بيجن" إلى "السادات" أثناء زيارة الأخير القدس؛ فقد طلب بيجن من السادات تصميم مركز مماثل لمركز بحوث الصحراء فى بئر السبع، وقد تحدثت عن هذا الموضوع لكن وزير الزراعة وسلفه وسلفه كلهم من رجال يوسف والى.
وقال الخولى إن منظومة البحث العلمى بشكل عام فى مصر تحتاج ترتيبًا مختلفًا تمامًا؛ ففى اجتماع مع وزير البحث العلمى مع رؤساء المعاهد البحثية وجدت أنه حتى رؤساء المعاهد لا يشغلهم البحث العلمى كثيرًا !.
وأضاف أستاذ البيئة أن مركز بحوث الصحراء يبحث فى علوم الصحراء وهى ليست قاصرة على الزراعة، فالصحراء بها زراعة وتعدين ونباتات، والزراعة فى الصحراء مخاطرة كبيرة، لكننا نستطيع أن نزرع فى سيناء دون اللجوء إلى المياه الجوفية، باستخدام المياه السطحية الناتجة عن السيول التى تصل إلى 200 مليون متر مكعب، لكن أغلبها تذهب تجاه الكيان الصهيونى بعد أن تصب فى النقب!، كما أن أكثر من 95% من مساحة مصر صحراء فطبيعى أن تكون تنمية ال95% هى همنا الشاغل وليس تنمية ال5%، ولتحقيق أى مشروع من مشاريع التنمية سالفة الذكر يجب ألا نغفل البعد البيئى فى استخدام الموارد كالمياه، بحيث نحقق المعنى الحقيقى للتنمية المستدامة وهى أن نستخدم المورد دون الإضرار بالأجيال القادمة.
وتابع: "قدمنا برنامجًا بحثيًّا عن تنمية وديان وسط سيناء، قدمته فى الميزانية الجديدة ليأخذ قرضًا مباشرًا من وزارة المالية، كمشروع مكافحة التصحر الذى انتشر بشكل خطير بسبب البناء على الأراضى الزراعية وتملح التربة والرعى الجائر".

"الرؤية السياسية وقيمة المواطن شرطان للنهضة"

فيما عرض الدكتور "رضا حجاج" أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، المشكلات الموجودة فى مصر والتى يأتى على رأسها الاستعانة بخبير أجنبى أو صندوق النقد الدولى، وعدم استغلال عناصر الإنتاج الثمانية وهى: (المال، والمواد، والعمالة، والطاقة، والسوق، والنقل، والإدارة، وأسلوب الإنتاج). ففى عهد المخلوع ألغينا 7 عناصر وأبقينا على الاستثمار أى عنصر المال، ثم بعد ذلك أبقينا على المياه، والطاقة والموارد، إلا أنه لا بد من النظر لنقطة القوة والبناء عليها، فالصين استغلت نقطة قوتها وهى العمالة واستوردت القطن المصرى ثم صدرته لنا مرة أخرى فى هيئة منتجات بأسعار رخيصة، كما أننا لا ننظر للاقتصاديات الواعدة فى العالم المسماة بال "بريك" وهى البرازيل وروسيا والهند والصين وهم المسيطرون فى الفترة القادمة لأنهم اتبعوا الطريق الصحيحة، بعد إغلاق البنك الدولى وصندوق النقد العالمى، فالبرازيل فى أواخر الثمانينيات كانت ستشهر إفلاسها.
وأكد حجاج أن المخاطر التى تهدد مشروع النهضة المصرى تتمثل فى اللعب بفكرة النهضة الإسلامية، فبعد أن قال حافظ إبراهيم عن مصر: "أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق ودراته فرائد عقدى" أصبحت المقولة الآن "أنا تاج البلاء فى مفرق الشرق ودراته للجماعة بعدى"، مشيًرا إلى أن مشكلة التنمية تتمثل فى الفجوة بين الوضع المرغوب والوضع الراهن تترجم رقميًّا لاحتياج، وتحليل سبب وجودها عن طريق أسباب بحثية وأسباب جوهرية وأسباب مباشرة نستخرج منه سياسات واستراتيجيات، فننتج منه خطة تنمية شاملة وخططًا قطاعية وزمانية طويلة المدى وقصيرة ومتوسطة وخططًا مكانية ووظيفية، ونستخرج منه برامج ومشروعات وأنشطة ومهام، وهذه المهام مرتبطة بتحقيق الوضع المرغوب.
كما عدد أستاذ التخطيط العمرانى المعوقات التى تواجه التنمية فى مصر ومنها أولًا: عدم وجود إرادة سياسية، وثانيًا: انعدام قيمة المواطن، وثالثًا وهى أخطرها: عدم اتباع الأسلوب العلمى، وأخيرًا: عدم وضوح الرؤية للنظام الاقتصادى.
مثال: وزارة الإسكان مستمرة فى مشروع مليون وحدة سكنية، وبدءوا فى مشروع الإسكان الاجتماعى، والسؤال هل الكلام بقانون الضمان الاجتماعى تمت مراجعته مع الذى حدث فى الاقتصاد الأمريكى؟ وأرى أننا نكرر ما حدث بالضبط؛ لأننا فى التنمية نقول إنها مثل الفيل الذى لا يسقط سوى ب100 حقنة من المخدر، خلافنا نحن.
وشىء آخر أن الوحدة السكنية مقدرة ب182 ألف و500 جنيه، فمَن من الشباب الفقير يقدر على دفع هذه الأسعار؟ وأقول إن الحل أن هناك مبنى فى شارع التحرير اسمه مركز بحوث الإسكان والبناء أنشأناه على 107 أمتار صافية بارتفاع طابقين فالإجمالى 214 مترًا، 235 مترًا إجمالى المساحة تكلفت48 ألف جنيه، فالوحدة التى نريد بناءها ب45 ألف جنيه ستكلفنا 20 ألف جنيه، فندفع دعمًا للوحدة 25 ألف جنيه، وأنا أقول إننا سنعطى الوحدة مجانًا فرُفضت الفكرة، وخبراء معهد "أوربل" فى باريس نقلوا هذه الفكرة إلى الهند فهناك مبان فى الهند الآن منذ 25 عامًا أسست بهذه التكنولوجيا.
وقد أخذنا النظام الصينى وتم تطبيقه فى "الإيكوفينيج" ب6 أكتوبر، فإذا أردنا اليوم بناء مليون وحدة سكنية ولا نمتلك ال200 مليار اللازمة للبناء، فيمكن تطبيق هذه التقنيات فنبنى أرخص بكثير، وهذا بيد الحكومة.
وقال حجاج: "قبل عمل الوحدات السكنية حصرنا فى 9 محافظات 120 ألف وحدة سكنية مبنية لم يسكن بها أحد، لأنها بدون مرافق منها 12 ألف وحدة فى المنيا، وتوصيل المرافق فى منتهى البساطة فقد رأى المحافظ هناك أن تكلفتها ستكلف المليارات للمياه والكهرباء، والحل وضع "أون سايت" تكنولوجى للمياه والصرف الصحى فالوحدة ستتكلف حوالى 600 جنيه من مياه وكهرباء وحدات طاقة شمسية لكل أهداف الإنارة فوق سطح المبنى تتكلف من 300 :5000 جنيه، وتغطى الكهرباء للوحدة فيمكن من خلال الإمكانيات المتاحة حل مشكلة هذه الوحدات، ولو هناك تفكير صحيح يمكن تسكينها خلال شهرين فقط وسيعطى المورد ضمان 10 سنين للوحدة".
وتابع حجاج: "عندما ذهبنا لمحافظ المنيا وعرضنا حل المشكلة فسأل هل تمت التجربة على هذه التكنولوجيات، فأجبنا: نعم تمت تجربتها بالمحافظة، فسأل أين التقرير فى إدارة تنمية القرية، وبمديرية الإسكان وشركة المياه والصرف الصحى وفى نهاية المطاف قيل إنه فى أثناء الثورة احترقت الملفات فعرضنا أن يرسل لوزارة التنمية المحلة ووزارة الإسكان للتأكد من هذا الكلام بالملفات، فقال أنه محرج يكلمهم وآخر اتفاق توصلنا إليه الذهاب مع نائب الوزير لمقابلة المحافظ ونعرض عليه التجربة، وأن الأهالى سيكلفون هم "السيستم" حتى يسكنوا، وبعد عناء التوصل لهذا الاتفاق أقيل المحافظ فعلينا البدء من جديد، فمجالس الحكومة بكل وزرائها تعمل العقلية القديمة بنفسها".
وذكر حجاج مشروعًا آخر وهو المخلفات الزراعية والبشرية، ففى القرى النائية سيتم عمل وحدة غاز طبيعى؛ وهى نوعان: إما وحدة مفردة للبيت تعطى بألفين أو 3 آلاف جنيه فى صورة قرض دوار يسدد موسميًّا عن طريق الجمعية التعاونية الزراعية، أو وحدة مجمعة للقرية لإنتاج هذا المشروع بشبكة توزيع إذا أرادت، فقيل لى بالنص من وزارة البيئة: "يادكتور رضا لا يصح فمعالى الوزير سيذهب ومعه 5 وزراء وكاميرا التليفزيون لافتتاح وحدة بألفين جنيه، بدلًا من استيراد وحدة ب25 ألف جنيه لإعطائها الفقراء!".
وقد قلت للوزير "عبد القوى خليفه": "أنت تطلب 16.3 مليار جنيه لوزارة المياه والصرف الصحى كل سنة لمدة 5 سنين، فإجمالى 81.5 مليار جنيه بالإضافة لأربعين مليار صرفوا فى 3 سنين فى عهد "حسن خالد" يبقى 121.5 مليار جنيه على 80 مليون مصرى يصبح كل طفل له 1500 جنيه وبذلك فالصين تروح تنتحر"، فلدينا "أون سايت" تكنولوجى تحل مشكلة مياه الصرف بميزانية واحدة وهى 3.6 مليار، وفى السنة 16 مليار ولكن أين هذا الكلام.
وإذا كانت الدولة لديها الموارد وتنقصها الأفكار فلماذا لا تلجأ إلى الموجودة لدى الوزارات بدلًا من أفكار جديدة، وقد تحدثت عن ال"دى إف إل" والذى تم تنفيذ 62750 وحدة بمحافظات الصعيد بأكملها، وال"تو كومبارتمنت أدفانسد" ونفذ منه 800 وحدة وال"سمول بورسيور" نفذ فى 7 محافظات وكل ذلك تم إيقافه.
"فرق كبير بين امتلاك التكنولوجيا وتصنيعها".
فيما يرى "د. محمد مختار" رئيس شركة "بيب آراب" لأنظمة التحكم أن التنمية لا بد أن تكون متكاملة، فالدولة كائن حى لا يمكن أن يعيش بالنصف اليمين دون الشمال، أو أن تعلو رأسه للسماء دون الجسد، مؤكدًا أن التنمية الحقيقية تتحقق بالآتى: سياسة الدولة، وأن تكون فى جميع المجالات والمحاور الرئيسة، وذلك على القدر المتاح من الموارد، مشيرًا إلى أن هناك العديد من العلماء تحدثوا فى بحوث الصحراء والبناء والتجارة الدولية والطاقة وغيرها؛ ففى مجال الزراعة قام "أشرف عمران" عالم الزراعة بال"هيدروبونيك" بزراعة طن الشعير ينتج فى 7 أيام، والأبحاث تقول إن الطن يستهلك 500.5 لتر من المياه وهذه الزراعة تحل أزمة ضخمة لمشكلات اللحوم فى مصر.
وأضاف أن المتر المسطح الأرضى يعطى 12 كيلو من الطماطم، وهذا الأسلوب يخرج من 75 : 90 كيلو أورجانيك، لا تدخل فيه المبيدات ولا الكيماويات، وأخذت إسرائيل هذا الموديل وعملت 500 متر يشترك فيه 4 من الشباب تدر لكل شاب 25 ألف دولار سنويًّا.
وبالنسبة لمشكلة المياه أكد أنه تم الأسبوع الماضى تصنيع وحدة تستخلص المياه من رطوبة الهواء وتخرج معدل 5000 لتر من المياه يوميًّا، وتقول الدراسات إنها تكفى لزراعة هكتار بأسلوب ال"هيدروبونيك"، فإذًا مشكلة ال"هيدروبونيك" أن تكلفتها الاستثمارية فى البداية كبيرة ولكن هذا دور الدولة، وبذلك يتضح أن هناك أفكارًا غير تقليدية.
وشدد على ضرورة النظر للتعليم قائلًا: "أنا دخلت معمل إلكترونيات فى 7 جامعات فابتسمت، وسأل دكتور عن سبب الابتسامة فقلت له: إننى تذكرت صفوت الشريف، فقال لماذا؟، قلت: من 7 سنين قال لنا صفوت الشريف إن مصر دخلت عصر الفضاء لأننا اشترينا قمرًا صناعيًّا وصاروخًا، ولكن هناك فرق كبير بين امتلاك التكنولوجيا بمفهوم استخدامها، وامتلاك التكنولوجيا بمفهوم القدرة على تصميمها وتطويرها وبنائها، فهذا معمل مختلف عن الآخر، فالمعامل فى جامعات مصر لديها مستخدمون للتكنولوجيا، ولكن هذه المعامل لا تخرج مهندسًا ولكنها تخرج فنيًّا صناعيًّا يستخدم المعدات وليس تصميمها، كما أن الكلية الفنية العسكرية دورها تصنيع السلاح وليس استخدامه، وكلية الهندسة دورها تخريج المصمم وليس المستخدم، إذا هناك قوة سحيقة فى فهمنا لمنظور الأجهزة والمعامل وبالتالى أصبح واجبنا الشرعى أن نوضح للناس ذلك، وعلى هذا المقياس يوجد فى كل المجالات الحلول الفذة.
واقترح ضرورة وجود لجنة متخصصة فى كل مجال تدرسه وتضع الرؤية المتدرجة على كل المحاور التى لا يمكن إسقاط أحدها.
"مصر أضاعت فرصًا عديدة لتطويرها".
كما تحدث "زكريا الحداد" الخبير الزراعى عن أسلوب عمل الفلاح المصرى الذى لا يختلف عن أسلوبه أيام قدماء المصريين، فلا يعقل أن نكون فى القرن ال21 ونتحدث عن التقنيات الحديثة، ولكن لا يزال الفلاح المصرى يزرع بالأسلوب القديم نفسه الذى يفقدنا 40% من إنتاجنا الزراعى، وعلى سبيل المثال زراعة القمح: فالماكينة تأخذ فى الفدان 5 ساعات ب35 لتر سولار وثلاث عمال مصاحبين للمكنة يصابون بالأمراض من غبارها، ولكن هناك مكنة أخرى تأخذ فى الفدان ساعة ب15 لتر سولار، فلو حدثنا الزراعة سنوفر فى الطاقة 1.6 مليار جنيه سنويًّا، وتقاوى ب1.5 مليار جنيه فى السنة، وزيادة الإنتاج الزراعى بما لا يقل عن 12 مليار جنيه فى السنة.
وأضاف الحداد أننا أضعنا العديد من الفرص التى تنهض بالزراعة مثل: ماكينة القمح المسماة ب"الكومباين" عندما تحدثنا عنها قيل إنها لا تصلح لأن المساحات صغيرة، وهذا ما قمنا بدراسته وقمنا بتدريسه للطلبة، ولكن بعد العمل مع الفلاحين وعملنا مشروعات حقيقية للتحديث الزراعى كالتى تمت فى 100 قرية فى موسم واحد حتى يكون له إنبات وفى القرية الواحدة 100 فدان، وتم تنفيذ هذا المشروع حرفيًّا فوصل إنتاج القمح إلى 24 إردبًّا بعد أن كان المتوسط 16 إردبًّا فالعملية الزراعية واحدة ولكننا زرعنا بالماكينات فحسب، وأشار أنه قام بتحديث الخطة وأنها تتضمن الإنتاج الحيوانى، كما تتضمن تصنيع الماكينات على أساس التعاون مع الشركات العالمية والأفضلية لنسبة التصنيع المحلى مع وجود خطة للترقى، كما يتضمن البرنامج عملية التدريب.
وقال الحداد إن المشكلات التى حدثت فى مصر فى ال30 سنة الأخيرة لا حصر لها وضاع مجهود كبير جدًّا فى الأرض، وقد أنشأ اليابانيون لنا معهد بحوث ميكنة الأرز ثم معهد التدريب على معدات ميكنة الأرز ثم معهدًا ثالثًا لإصلاح وصيانة ميكنة الأرز، وانكسر هذا الشكل الآلى الذى يعمل على زيادة الفدان طنًّا وتوفير التقاوى، وبعد أن غادر اليابانيون أصبح المشروع كأن لم يكن، مؤكدًا أن هذا المشروع لديه جاهز للتطبيق وأنه سينفذ صناعة وزراعة معًا، وسيحافظ الفلاح على أرضه.
وأشار إلى أن مشروع ال 100 قرية كان ممولًا من الأمريكان وعندما ظهرت الزراعات فى القرى تعجب الناس من القمح، فقام عضو من ال"كونجرس" الأمريكى بزيارة المشروع فأثنى على ما رأى، وفى السنة الثانية جاء "جون فوتى" المشرف على المشروع وقال إنهم لا دخل لهم بالمشروع!.
الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.