أمين عام كبار العلماء بالأزهر: علم الحديث من أعظم مفاخر الأمة الإسلامية    «إكليل الشهداء».. عظة البابا تواضروس في اجتماع الأربعاء    نظام التعليم الألماني.. شراكة حكومية وبرامج حديثة تحفز على الابتكار    صوتها ليس كافيًا لتنبيه المشاة.. استدعاء 8390 سيارة دودج تشارجر الكهربائية    قوات الدفاع الجوي السعودي تدشن أول سرية من نظام «الثاد» الصاروخي    التشكيل الكامل لجهاز الإسماعيلي بقيادة «ميلود»    وزير التعليم يستعرض مشروع تعديل قانون التعليم وشهادة البكالوريا بمجلس النواب    نوال الزغبي تغازل جمهورها المصري.. وتطرح 3 أغنيات جديدة قريبًا    محافظ سوهاج: تخصيص 2.15 مليون فدان لدعم الاستثمار وتحول جذري في الصناعة    المغرب والتشيك يوقعان اتفاقية تجريب تقنية استخلاص الماء من رطوبة الهواء    بعد إقراره رسميًا| من الزيادات إلى الإخلاء.. أبرز 10 مواد تلخص قانون الإيجار القديم (تفاصيل)    وزير خارجية فرنسا: الهجمات الإسرائيلية والغارات الأمريكية على إيران تنتهك القانون الدولي    الأردن وفلسطين يؤكدان ضرورة وقف العدوان على غزة وضمان إدخال المساعدات الإنسانية    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    واشنطن تنفي تعليق تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا    حمد الله يبدأ مشواره مع الهلال ويؤدى مرانه الأول استعدادا لموقعة فلومينينسى    مسؤول بالأمم المتحدة: تمويل التنمية يرتبط مباشرة بالأمن    رابطة العالم الإسلامي تُدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية    سعر البطيخ والخوخ والفاكهة ب الأسواق اليوم الخميس 3 يوليو 2025    أتلتيكو مدريد يستفسر عن موقف لاعب برشلونة    فوز تاريخي للنرويج على سويسرا في بطولة أمم أوروبا للسيدات    ثنائي الهلال جاهز لمواجهة فلومينينسي في ربع نهائي مونديال الأندية    مدحت شلبي ردا على «المتحذلقين»: «المفروض نقلد المشروع السعودي مش نقلل منه»    اجتياز 40 حكمًا لاختبارات الانضمام لدورة الحصول على رخصة تقنية VAR    رسميًا.. الكشف عن الأندية المشاركة في دوري الكرة النسائية موسم 2025/2026    جالاتا سراي يستهدف حارس إنتر    وفقًا للكود المصري لمعايير تنسيق عناصر الطرق.. استمرار أعمال التخطيط بإدارة مرور الإسكندرية    «تيارات حِمل حراري».. تحذير من حالة الطقس اليوم في القاهرة والمحافظات    "القيادة الآمنة".. حملة قومية لتوعية السائقين بمخاطر المخدرات بالتعاون بين صندوق مكافحة الإدمان والهلال الأحمر    إعدام المواد الغذائية الغير صالحة بمطروح    جاسم الحجي: قوة صناعة المحتوى وأهمية في عصر الإعلام الرقمي    مصرع عامل صعقًا بمزرعة دواجن في بلطيم بكفر الشيخ    جريمة بشعة في المنيا.. أب يذبح أطفاله الثلاثة في قرية زهرة لخلافات مع الأم    نيابة البحر الأحمر تصرح بدفن ضحايا الحفار الغارق وتواصل التحقيقات في أسباب الحادث    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى اليوم الخميس 3 يوليو 2025    طارق الشيخ عن وصية أحمد عامر بحذف أغانيه: "يا بخته أنه فكر في كده"    علي الحجار يحتفل ب ذكرى زواجه: 23 سنة سعادة مع هدى    مملكة الحرير" يحقق رقمًا قياسيًا على يانغو بلاي ويتصدر الترند لليوم الثالث على التوالي    شاهد.. بهذه الطريقة احتفلت مادلين طبر بثورة 30 يونيو    أحمد زاهر ل زوجته: لولاكِ مكنتش هعرف أعيش أنتِ عمود البيت    3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    ضياء رشوان: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل مليون فلسطيني منذ عام 1967    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    مستشفى النفسية بجامعة أسيوط تنظم اليوم العلمي الرابع للتمريض    مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط تنظم يوم علمي حول أمراض الكلى لدى الأطفال    فريق طبي ينجح في إنقاذ طفلة مولودة في عمر رحمي بمستشفى في الإسكندرية    ما هي الأنماط الغذائية الصحية لمصابين بالأمراض الجلدية؟.. "الصحة" تجيب    هل تنظيم الأسرة يتعارض مع دعوة الشرع بالتكاثر؟ أمين الفتوى يٌجيب    هل "الدروب شيبنج" جائز شرعًا؟ أمين الفتوى يجيب    من يتحمل تكلفة قيمة الشحن فى حال إرجاع السلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    صحة الإسكندرية: إنقاذ حياة طفلة فى عمر رحمى 37 أسبوعًا بجراحة دقيقة.. صور    وزير قطاع الأعمال: حريصون على تعزيز التعاون مع الشركات العالمية ذات الخبرة    استدعاء الممثل القانوني لقناة "المحور" بسبب مخالفات برنامج "90 دقيقة"    الشعب الجمهوري: انتخابات الشيوخ تأكيد على نضوج التجربة الديمقراطية وتعزيز لمناخ الاستقرار السياسي    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    استمرار الكشف الطبي على المتقدمين للترشح ب انتخابات مجلس الشيوخ في الشرقية    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بالمدارس الثانوية والدبلومات للعام الدراسي 2026/2025    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختبار العسكرية في الأزمة التركية
نشر في الشعب يوم 19 - 05 - 2007


بقلم: د. احمد مصطفى
لم يدعم الاميركيون، حلفاء تركيا في حلف شمال الاطلسي (ناتو)، المؤسسة العسكرية التركية في تحديها للحكومة التي رشحت وزير الخارجية عبدالله غول لرئاسة الجمهورية، كما ان الاتحاد الاوروبي التزم الحياد داعيا لحل ازمة الرئاسة التركية في اطار سلمي حسب قواعد الدستور. وهكذا بدا بيان رئاسة اركان الجيش التركي الرافض لترشيح غول للرئاسة اقصى ما يمكن ان يفعله الجيش خاصة وان مظاهرات الاحزاب القومية والعلمانية يوم الاحد حرصت على انها لا تريد وصول مرشح حزب العدالة والتنمية للرئاسة لكنها لا تريد انقلابا عسكريا كذلك. وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يوصف بالميول الإسلامية وكان زعيمه رجب طيب اردوغان نائبا لزعيم حزب الرفاه نجم الدين اربكان الذي ابعده الجيش في تركيا عن السلطة بشكل أو بآخر، قرر ترشيح غول بعدما صرح الرئيس المنتهية ولايته احمد نجدت سيزار بأنه لا يمكن ان يصبح اردوغان رئيسا لأنه سيصبغ الدولة التركية بصبغة اسلامية تتعارض مع الأسس العلمانية للدولة التي ارساها مصطفى كمال اتاتورك.
وبغض النظر عما ستقرره المحكمة الدستورية التركية بشأن الجولة الأولى من انتخابات البرلمان للرئيس التي لم يفز فيها غول بفارق بسيط، بعدما لجأت احزاب المعارضة للقضاء على اعتبار ان نصاب الجلسة البرلمانية لم يكتمل، فإن الازمة الحالية تثير عدة ملاحظات ربما تتجاوز تركيا الى المحيط الاقليمي وربما أوسع. وقبل التطرق لتلك الملاحظات نشير الى انها لا ترتبط بما يمكن ان تسفر عنه الازمة الحالية سواء دخلت المحكمة الدستورية على موجة المعارضة ونقضت جلسة التصويت البرلمانية وما قد يستتبعه ذلك من انتخابات عامة في غير موعدها أو استمرت جلسات التصويت الثانية والثالثة، ولا حتى باحتمال نيل غول منصب الرئاسة ام لا.
أول تلك الملاحظات، هو ان الكثير من نظم السلطة في العالم ديموقراطية او شمولية أو ما بينهما اصبحت اقل شفافية واكثر قربا من التصرفات الاستثنائية التي غدت سمة مميزة منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001، وان كانت ارهاصاتها بدأت من نهاية القرن الماضي. فالقواعد والاصول التي تم التعارف عليها لم تعد تحترم كثيرا من جانب السلطات في غالبية انظمة الحكم، وبدأنا نشهد اصدار القوانين الكثير وتعديل القوانين الموجودة وتعديل الدساتير الى حد تغيير انظمة الحكم بالكامل بالقوة المسلحة الخارجية بدعوى رغبة الجماهير في عدوان سافر على قوانين السيادة القطرية التي تشكل ركيزة القانون الدولي. صحيح ان المجتمعات، والبشرية جمعاء، تتطور ويتطلب ذلك تطوير نظم تعاملاتها، لكن ما يجري خصوصا في اعتى الديموقراطيات يقمع ذلك التطور عنوة ويهدر الكثير من المكاسب التي تحققت عبر نضالات طويلة متنوعة.
الملاحظة الثانية والمرتبطة بالاولى ان الديموقراطية، بالمفهوم الغربي الشائع، لم تعد النموذج الأمثل لحماية الحقوق والحريات الفردية وصون اسس المجتمعات ومقوماتها الاصيلة. ناهيك عن التجاوزات المستمرة في الدول الاكثر وعظا بشأن الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان، وهي تجاوزات تنتهك ابسط مبادئ الديموقراطية الغربية في جوهرها وان تسربلت بالشكل بطريقة تنم عن نفاق كريه. وليس هذا مجرد رأي من خارج تلك المجتمعات، بل ان عددا لا بأس به من عقلاء الغرب بدا يطرح علنا، عبر الكتابات والنقاشات الجادة، مثالب الديموقراطية في ظل الانتهاكات الحالية لها من الانظمة الديموقراطية ذاتها.
الا ان الملاحظة الاهم، والتي تبدو وثيقة الصلة اكثر بالأزمة التركية، فهي دور الجيوش والمؤسسات العسكرية في صوغ السياسات الداخلية والاستراتيجيات الاقليمية للدولة الوطنية. واذا كان ذلك الدور بلغ اوجه بعد الحربين العالميتين في القرن الماضي وموجات الاستعمار التي شكلت الجيوش وسيلتها الرئيسية وما تبعها من حركات تحرر واستقلال وتداول للسلطة عبر انقلابات عسكرية في كثير من الدول النامية، فإن دور المؤسسات العسكرية اخذ في التراجع على كل الاصعدة في السنوات الاخيرة. صحيح ان المؤسسة العسكرية لعبت دور التوازن في بعض الدول في اوقات الاضطرابات السياسية الداخلية بشكل سلس، كما حدث في السودان مع حركة عبد الرحمن سوار الذهب الذي استولى على السلطة في وقت فوضى ليجري الانتخابات ويسلمها للمدنيين وما حدث في موريتانيا مؤخرا، لكنها كانت بلا دور في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق التي شهدت تغيرات عبر حركات جماهيرية. واذا كانت المؤسسة العسكرية لا تزال تمثل عصب الدولة في بعض التكوينات، فتلك اقرب الى الاقطاعيات السياسية كما هي الحال في الكيان الاستيطاني الاسرائيلي في فلسطين. كما ان القوة العسكرية الهائلة لم تفلح في التغيير الايجابي، وان تمكنت من التدمير الشامل، كما هو حال القوة العسكرية الاميركية في افغانستان والعراق. والامثلة كثيرة في مناطق الصراعات الممتدة منخفضة الحدة في مناطق مختلفة من العالم.
ربما يعتبر اختبار دور المؤسسة العسكرية في تركيا مدخلا لدراسة اوسع واكثر تعمقا لدور المؤسسة العسكرية في الدولة الحالية، والتي لا يتسع لها المجال هنا. لكن المؤكد ان الجيش التركي الذي غير خمس حكومات من قبل لن يستطيع بسهولة انفاذ ما يريد في الازمة الحالية.

كاتب وصحفي عربي مقيم ببريطانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.