سعت صحف بريطانية وأمريكية لرصد الحالة في مصر بعد رحيل بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، خاصة وأن مصر تقترب من نهاية مرحلتها الانتقالية التي شابها الكثير من التوتر بين قطبي الحياة (المسلمين والمسيحيين)، الأمر الذي ضاعف مخاوف الأقباط على مستقبلهم بدون "حارسهم الأمين"، وهو ما سعت القيادة السياسية في مصر لطمأنتهم بزيارة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومختلف طوائف الشعب للكاتدرائية لتقديم واجب العزاء. ففي عددها الصادر اليوم قالت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية الملايين من المسيحيين في أنحاء مصر أصيبوا بحالة من الحزن الشديد بعد وفاة البابا شنودة -الذي توفي السبت عن عمر يناهز 88- وقاد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لأكثر من 40 عاما، أصبح خلالهم الزعيم الروحي والاجتماعي والسياسي وفي بعض الأحيان الذي يقوم بحراسة حقوق المسيحيين في مصر. ونقلت الصحيفة عن "بطرس جاد الله"، وهو صائغ القبطية قوله:"لقد تركنا في وقت صعب للغاية، والبلد كله بشكل عام، وحتى بعض المسلمين يخافون من المستقبل السياسي، ناهيك عنا نحن..لقد كان وجوده في الحالات الحرجة للأقباط دائما حاسم، لكننا نعلم أن الله سوف يتركنا في يد شخص آخر آمنة". وقال نبيل كمال:" لقد نظرت دائما للبابا شنودة مثل عراب، يمكن أن نختلف مع والدي الحقيقي ولكن ليس مع البابا .. كانت له آراء حول الدين ومختلف جوانب الحياة، وأوامره مقدسة لي وللأقباط، ليس لأنه البابا، وإنما لأنه كان منطقي، ومقنعا إلى حد كبير في كل شيء قاله أو فعله". وأوضحت الصحيفة إنه شنودة في الآونة الأخيرة، سعى لتهدئة التوترات الدينية بعد سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك، والذي أثار موجة من الاشتباكات الطائفية، والكثير يشعر بالقلق بشأن ما إذا كان خليفته سيكون لها سلطة معنوية وسياسية لقيادة الكنيسة في الأوقات الصعبة بشكل متزايد، ومع تشكيل الإسلاميين للأغلبية في البرلمان، وتشكيلهم ثلاثة من بين المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسة، يخشى الأقباط على مستقبلهم، وحقوق الإنسان في مصر هشه للغاية، رغم المرشحين الإسلاميين تعهدوا بأن فرض الشريعة، سوف يوفر المساواة للمسيحيين والجاليات الأخرى، وسعى قادة البلاد والمسلمين لتهدئة مخاوف الأقباط بإعلان الحداد على البابا شنودة وحرصهم على إظهار تضامنهم مع المسيحيين. أما صحيفة "الاندبندنت" البريطانية فقالت إن وفاة شنودة الثالث رغم أنه زاد المخاوف بين الأقباط من أن يواجهوا التمييز بعد أن صارت الأحزاب الإسلامية أكثر قوة، إلا أن التضامن الذي قدمه المصريين المسلمين حكومة شعبا خففا من حدت هذه المخاوف. وتنقل الصحيفة عن شاب قبطي يدعى أشرف قوله: إن وجود البابا شنودة جعلنا نشعر بأننا محميون.. أشعر أن حامينا قد رحل، الله يعلم ما الذي سيحدث"، إلا أن التضامن الكبير وتوافد المسلمين على الكنيسة لتقديم واجب العزاء خاصة قادة المجلس العسكري، هدى من مخاوف الاقباط، فقد اشتهر البابا شنودة بأنه قائد قبطي حذر، تعامل لأربعة عقود مع الحكومة المصرية.