أيد حزبنا منذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة السورية تحرك الشعب السورى من أجل الإصلاح والحريات السياسية ومحاربة الفساد، واعتبره جزءا لا يتجزأ من ظاهرة الثورات العربية المتزامنة حيث شجعت نهضة شعب عربى شقيقه العربى الآخر فى تسلسل زلزالى واضح ومخيف للحكام، ولم يخلو بلد عربى واحد من الحراك الشعبى المتصاعد، ولكن تصاعدت الأمور بصورة أكبر وأسرع فى تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن والبحرين، وقد جمع بين هذه الثورات وبين كل البلدان العربية الغضب من الاستبداد الراسخ على صدور الأمة، وتركزت كل الثورات فى حزام الدول التابعة للحلف الصهيونى الأمريكى. وفيما يتعلق بسوريا فقد رأينا أن سياسة النظام السورى الداعمة للمقاومة العربية فى فلسطين ولبنان والعراق وهى سياسة لاقت التقدير من كل القوى العربية والإسلامية المناهضة للحلف الصهيونى الأمريكى، رأينا أن هذه السياسة لا تبرر ولا تستوجب عدم حصول الشعب السورى على حقوقه الديمقراطية التى نطالب بها فى مصر وأى بلد عربى أو إسلامى آخر بل وأى بلد فى العالم. وقد رأينا ضرورة إنهاء هذا التعارض المزعوم بين الاستقلال والحريات، وكأن الاستقلال قرين الاستبداد، والحريات قرينة التبعية!! ويرى حزب العمل أن النظام السورى يتحمل فى المقام الأول المسئولية عن تفاقم الأوضاع الداخلية لأنه غلب الحل الأمنى على الحل السياسى، ولم يتعامل بجدية وبمعدلات مناسبة مع المطالب الشعبية للإصلاح، حتى وصلت الأمور إلى حد أكثر تعقيدا. ولكننا فى المقابل ووفقا لرؤيتنا الثابتة لمجمل الوضع العربى، فإننا نرفض كافة أشكال التدخل الأجنبى فى الشئون العربية، نرفض اللجوء لمجلس الأمن أو الناتو أو الولاياتالمتحدة ودول الغرب، ونرفض تدخل دول الخليج فى الشأن السورى لأنها تتحرك وفقا لإملاءات أمريكية، فى وقت يتم فيه تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان فى أحداث ثورتى اليمن والبحرين. كذلك فإن الجامعة العربية إذا كانت ستبدأ التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء فلابد أن يكون ذلك بمعايير متساوية للجميع. والواقع إن الحملة الغربية المركزة حول سوريا لا تمت بصلة بمناصرة الشعب السورى ولا بحقوق الإنسان، ولكنها تستهدف ضرب محور المقاومة والممانعة، والاستيلاء الغربى على سوريا أو إضعافها بتقسيمها. ونؤكد من جديد أن إدراك هذه الأهداف الغربية لا تعنى التساهل فى حقوق الشعب السورى، وإننا نطالب بحل وطنى سورى بدعم شعبى عربى، وفقا لخيارات سورية صميمة بالتوصل لحل تاريخى يضمن استقلال سوريا واستمرار سياستها العربية، ويحقق كافة مطالب الشعب السورى فى الحرية والديمقراطية. وتفاصيل هذا الحل من اختصاص السوريين, وما يقبله الشعب السورى نقبله فى النهاية. ولكننا ندعو لحقن الدماء ووقف النزيف، ومنع البلاد من السقوط فى مخاطر الحرب الأهلية أو التقسيم الطائفى. حمى الله سوريا وشعبها الأبى الحرية للشعب السورى والاستقلال لسوريا