استقبلت السلطات الليبية الجديدة امس الرئيس السوداني عمر البشير الذي أكد أن سقوط نظام معمر القذافي أفضل هدية قدمت إلى بلاده وقال الرئيس السوداني عمر البشير في مؤتمر صحفي من طرابلس إن هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها ليبيا منشرح الصدر بعد زوال حكم القذافي. وحمل البشير نظام القذافي "مسؤولية المعاناة التي تعيشها ليبيا حاليا"، مضيفا أن بلاده "جاءت في المرتبة الثانية من المعاناة من النظام السابق". وأكد الرئيس السوداني أن بلاده حريصة كل الحرص على استقرار وسلامة وأمن ليبيا، موضحا أن زيارته "جاءت لتأكيد وقوف السودان إلى جانب الشعب الليبي خلال هذه المرحلة المهمة". وكان البشير قد وصل إلى طرابلس في وقت سابق السبت في أول زيارة له لليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي. وكان في استقباله رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل وعدد من كبار المسؤولين الليبيين. وستتركز الزيارة المتوقع أن تستغرق يومين على العلاقات بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وقوبلت الزيارة بانتقادات من منظمة هيومن رايتش ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان، وقال مدير العدالة الدولية بالمنظمة ريتشارد ديكر إن "الترحيب بالبشير يثير تساؤلات بشأن إعلان المجلس الوطني الانتقالي التزامه بحقوق الإنسان وحكم القانون". وأضاف أنه "بعد انتهاء عقود من الحكم الوحشي في ليبيا، من المزعج أن تستضيف طرابلس رئيس دولة هاربا من مذكرة اعتقال لارتكابه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" في إشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور بغرب السودان. ويرافق البشير وفد رفيع يضم مساعده نافع علي نافع، ووزير الخارجية علي كرتي، ووزير رئاسة الجمهورية بكري حسن صالح، ومدير جهاز الأمن الوطني والمخابرات محمد عطا، ومحافظ بنك السودان محمد خير الزبير. وزار عدد من المسؤولين السودانيين ليبيا بعد سقوط القذافي على رأسهم علي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السوداني، ومدير جهاز الأمن، ووزير الخارجية. وقام عبد الجليل بزيارة للخرطوم في نوفمبر وأعلن وقتها أن السودان ساند الثوار السابقين بالأسلحة للإطاحة بحكم القذافي. وتوترت العلاقات بين الخرطوموطرابلس خلال حكم القذافي بسبب مساندة الأخير للمتمردين في دارفور وفي جنوب السودان الذي انفصل في يوليو الماضي بموجب اتفاقية السلام المبرمة عام 2005. وأجرى الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، محادثات في العاصمة الليبية طرابلس مع رئيس المجلس الانتقالي، مصطفى عبدالجليل، ورئيس الحكومة، عبدالرحيم الكيب، على هامش زيارته المثيرة للجدل بسبب مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية التي تتعاون مع ليبيا في ملفات عديدة. ونقلت وكالة الأنباء السودانية أن مباحثات البشير مع عبدالجليل "تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك." ونقلت الوكالة عن الكيب قوله بعد الاجتماع مع البشير، إن المباحثات مع الجانب السوداني "كانت ودية،" معبرا عن تقديره لمواقف السودان الداعمة للثورة الليبية، مبينا أن موقف الحكومة السودانية "كان شجاعاً سواء على المستوى السياسي أو الإنساني أو الأمني." وأضاف الكيب: "نحن نعبّر عن تقديرنا لمواقف السودان في تلك الفترة العصيبة التي مرت بها ليبيا لأنه موقف تاريخي وسيبقي في أذهان الليبيين على مدى التاريخ،" في إشارة إلى دعم الخرطوم لقوات المجلس الانتقالي الليبي بمواجهة نظام العقيد معمر القذافي الذي كانت الخرطوم تتهمه بدعم التمرد المسلح ضدها في دارفور.. من جهته، قال محمد السايح، عضو المجلس الانتقالي الليبي ، إن المباحثات بين الجانبين تناولت "قضايا عالقة كثيرة" يجب التفاوض حولها. وأضاف السايح أنه في بداية المواجهة العسكرية مع نظام القذافي تدفقت أعداد من المرتزقة من منطقة دارفور السودانية بعدما وظفهم القذافي لصالحه، ومع تبدل الموقف العسكري لصالح الثوار، سعى السودان لمنع وصول المرتزقة، كما قام بتقديم بعض الأسلحة والدبابات للمجلس الانتقالي. وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش قيام ليبيا باستقبال البشير المطلوب دولياً، وقال ريتشارد ديكر، مدير برنامج العدالة الدولي في المنظمة: "ليبيا تكسر روح التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بامتناعها عن تسليم البشير." وتابع ديكر بالقول: "الترحيب برئيس متهم بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب أمر مثير للقلق لما قد يدل عليه حيال التزام الحكومة الليبية الجديدة بحقوق الإنسان وحكم القانون." يشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت مذكرات توقيف بحق عدد من كبار قادة النظام الليبي السابق، وبينهم العقيد الراحل، معمر القذافي، ونجله سيف الإسلام، ورئيس استخباراته عبد الله السنوسي.