كشف تقرير نشره الموقع الإلكتروني لمنظمة "كريستيان ساينس مونيتور" أن الفض الدموي لاعتصام الخرطوم من قبل عسكر السودان، حلفاء السعودية والإمارات، أدى إلى ظهور تشققات بين واشنطن من جهة، والرياض وأبو ظبي من جهة ثانية، ودفع بواشنطن إلى إعادة تسليم الملف السوداني لوزارة الخارجية وسحب الملف من القيادتين السعودية والإماراتية. ووفق التقرير، فإن قمع المعارضة في "السودان"، كشف اختلافاً في النظرة إلى التهديدات بين "أميركا" من جهة وشريكاها الخليجيان من ناحية أخرى)، إذ أن قلق "واشنطن" يقتصر على قلقها من احتمال نمو التطرف و"الإرهاب المعادي لأميركا" ، بينما يتمحور تركيز "السعودية" و"الإمارات" حول قمع أي نزعة ديمقراطية من شأنها أن تهدد نظاميهما. واشار التقرير إلى أنه غداة الفض الدموي للاعتصام، "تقصدت" وزارة الخارجية الأميركية في نشر خبر الاتصال الهاتفي الذي أجراه مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية دايفيد هايل مع مسؤولين سعوديين وإماراتيين، تحديداً مع نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان ووزير الدولة الإماراتية للشؤون الخارجية أنور قرقاش، وهما اتصالان تمحورا حول السودان تحديداً. وقال "تايلور لوك"، مراسل "كريستيان ساينس مونيتور"، أن وزارة الخارجية الأميركية استعادت الإشراف على الملف السوداني بسبب قلة اكتراث الرئيس "دونالد ترامب" والدائرة المحيطة فيه بهذا البلد، بحسب دبلوماسيين عرب على علم بسياسات البيت الأبيض (لم يسمهم). وأشار التقرير أن تعيين الإدارة الأميركية مبعوثاً خاصاً إلى "السودان" (هو الدبلوماسي السابق دونالد بوث) يوحي بأن زمن توجيه "السعودية" و"الإمارات" للسياسات الأميركية في تلك المنطقة الأفريقية، قد أوشك على نهايته. ولفت إلى أن: "السعودية والإمارات فرضتا في السودان وصفتهما المتبعة في مصر وليبيا لوأد موجة التغيير الديمقراطي، أي "ترفيع شخصية عسكرية ديكتاتورية تتكفل بقمع أي مطلب ديمقراطي، على غرار ما فعله كل من عبد الفتاح السيسي واللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر". وقال مدير مركز القدس للدراسات الاستراتيجية في عمان، عريب الرنتاوي قوله إن "هذه المجازر (فض الاعتصام) تحمل بصمات السعودية والإمارات بشكل كامل، والولايات المتحدة متورطة فيها بسبب توفيرها السلاح والدعم السياسي لكل من الرياض وأبو ظبي". وقالت مصادر دبلوماسية أميركية، فإن الاتصالين أوصلا رسالة للرياض ولأبو ظبي مفادها أن واشنطن ترفض المبررات السعودية والإماراتية للحكم العسكري في الخرطوم. وأضاف السفير الأميركي السابق، والمساعد السابق لوزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية، هرمان كوهن، إن الرسالة الأميركية التي تم إيصالها إلى العاصمتين الخليجيتين تفيد بأن أميركا تريد من الرياض وأبو ظبي وقف الدعم للحكم العسكري في السودان. ونقل التقرير عن دبلوماسيين أميركيين وجود أجواء عامة في واشنطن تعتبر أن هناك ضرورة لتدخل أميركي في الملف السوداني "ينظف الفوضى التي تسببوا بها" (في إشارة إلى المسؤولين السعوديين والإماراتيين)، نظراً للأهمية التي توليها الإدارات الأميركية لموقع السودان في الاستقرار الإقليمي في شمال أفريقيا ودول الساحل، من ضمنها إثيوييا ومصر وتشاد والصومال وصولاً إلى البحر الأحمر، وما قد يتسبب به أي تطور هناك من تهديد لأميركا ولمصالحها. وتابع إن المعسكر الخليجي، يعتبر أن نظاماً عسكرياً في الخرطوم، يكون تابعاً لهما، يضمن استمرار مشاركة السودان في حرب اليمن، ويوفر لبلديهما المنتوجات الزراعية رخيصة الثمن، وهو ما يؤكده السفير الأميركي السابق والمساعد السابق لوزير الخارجية للشؤون الأفريقية في إدارة الرئيس باراك أوباما، جوني كارسن.