ارتفاع مخيف في معدلات الطلاق تشهده مصر في السنوات الأخيرة، يقابله انخفاض ملحوظ في معدلات الزواج، ما يمثل تهديدًا خطيرًا للمجتمع المصري. الحقيقة السابقة ليست من نسج الخيال، بل هي الحقيقة التي كشفها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في بيان صحفي بمناسبة اليوم العالمي للأسرة. وسجل معدل حالات الطلاق في مصر خلال عام 2018، 24 حالة كل ساعة على مدار السنة، ما يجعلنا نطرح السؤال المهم والملح في آن: لماذا يقبل المصريون على إنهاء حياتهم الزوجية؟ ولماذا أصبح الطلاق الحل المفضل لكثير من الأزواج؟ أرقام مرعبة ارتفع عدد حالات الطلاق في مصر خلال العام الماضي 2018 إلى 211 ألفا 521حالة، مقارنة بعدد 198 269 في عام 2017، ليرتفع معدل الطلاق من 2.1 لكل ألف من السكان عام 2017 إلى 2.2 لكل ألف من السكان عام 2018، بمعدل يزيد على 24 حالة طلاق كل ساعة على مدار العام. اقرأ أيضا: 25 احتجاجا في شهر فبراير.. والعمال في صدارة المشهد في المقابل، انخفض عدد عقود الزواج من 912 606 عقود عام 2017، إلى 887 315 عقد زواج عام 2018، لينخفض معدل الزواج من 9.6 لكل ألف من السكان عام 2017 إلى 9.1 لكل ألف من السكان عام 2018. خلال السنوات الأخيرة شهد معدل الطلاق في مصر زيادة ملحوظة، مقارنة بمعدل الزواج، فوفقًا لتقارير جهاز الإحصاء، ارتفع معدل الطلاق عام 2017 ليصل إلى 198 269 حالة، بنسبة زيادة 6.5 % مقارنة بعام 2016. على مستوى المعلومات الشهرية، ارتفع عدد حالات الطلاق في مصر خلال شهر ديسمبر 2018 إلى 18500 حالة، مقارنة ب 600 17حالة في ديسمبر 2017، بنسبة زيادة بلغت 5.1%، وبمعدل 26 حالة طلاق كل ساعة. جاء هذا ضمن النشرة المعلوماتية لشهر أبريل التي أصدرها جهاز الإحصاء. المصريون يفضلون الطلاق بحسب هذه الأرقام فإنه من بين 887 ألف حالة زواج سنويًا تفشل 211 ألف حالة وهي نسبة كبيرة للطلاق تبلغ نحو 24%. كان الناطق باسم مجلس الوزراء المصري نادر سعد قد قال في مقابلة تليفزيونية إن 38-40 % من حالات الطلاق تحدث في السنوات الثلاث الأولى من الزواج، مشيرًا إلى أن الطلاق ينتشر بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة. في وقت سابق، قال مفتي مصر إن ما لا يقل عن 4200 سؤال حول الطلاق يتم إرسالها إلى دار الإفتاء المصرية الشهرية، وهو رقم يشير إلى معدل متزايد من الطلاق في البلاد. اقرأ أيضا: محطة الجميل.. 400 فدان مجانية لتسميم التربة المصرية وإقامة "منطقة خضراء" (الحلقة الثانية) لماذا يفضلون الطلاق؟ في دراسة للدكتور أحمد المجدوب خبير علم الاجتماع، قال إن هناك أسباباً اجتماعية واقتصادية وثقافية تتفاعل معاً في المجتمع كي تؤدي لهذه النتيجة المؤسفة وهي الطلاق. وأكد "المجدوب" أن التغير الاجتماعي الذي صاحب التحولات الاقتصادية مثلاً في ربع القرن الأخير ضاعف من حالات الطلاق، وأدى إلي سرعة وقوعه أيضاً في كثير من الأحوال. وأضاف: "الظروف الحديثة مثل الاختلاط الزائد حالياً وتحرر الفتيات وسيطرة المادة وتراجع القيم الاجتماعية التقليدية عن إطار الزواج، كل هذه الأسباب لها دور في أن أصبح الزواج مجرد عملية اقتصادية أكثر منه عملية اجتماعية، وهذا يؤدي لعدم استقرار المجتمع". أسباب اجتماعية وأوضح "المجدوب" أن التغيرات الاجتماعية مثل زيادة فرص عمل المرأة، وظهور دعاوى المساواة الكاملة والمطلقة بين الرجل والمرأة، وما فيها من تطرف فهو يناصب مبدأ القوامة للرجل العداء، وظهرت المطالبة بما يسمى حقوق المرأة، مما جعل العلاقة المستقرة في الغالب تعاني من الاضطراب والخلل. وأشار إلى أن هذه التغيرات لم يصاحبها توعية كافية للفتيات بالكيفية المرادة للحصول على حقوقها، ولم يتم توعيتها من أجل الإبقاء على الأسرة والزواج مع أخذ حقوقها بحيث لا تشذ عن الأوضاع الفطرية والطبيعية، فالدعاوى البراقة كثيراً ما تخدع المرأة ويجعلها تتنازل في مقابل حقوقها المزعومة عن أسرتها واستقرارها، فحدث تغير أدوار داخل الأسرة. وتابع: "حتى الثلاثين عاماً الماضية كان الزوج يقود الأسرة بسلام وهدوء بدون دعاوى وشعارات، لكن مع مساهمة المرأة في الإنفاق على الأسرة جعلها تطالب بالمساواة، وقد تصدر القرارات الأسرية من منطلق أنها تساهم مثله في نفقات المنزل لأن المرأة في هذه الحالة كما يقولون بالبلدي "تستقو" على زوجها وتطالب بالطلاق عند أي خلاف". الأزمة الاقتصادية كما أكد "المجدوب" أن للأزمة الاقتصادية تأثير فارتفاع الأسعار والفقر والعجز الذي يصيب الأزواج أمام الوفاء بمتطلبات الحياة الزوجية المادية يؤدي لوقوع مشكلات يومية توهن العلاقة الزوجية وتحدث مشكلات باستمرار تؤدي لانهيار الحياة الزوجية. اقرأ أيضا: "إن فاتك الميري".. "العَفْشَة" بديل المصريين بعد ارتفاع أسعار الدواجن أما عن الأسباب الثقافية لزيادة معدلات الطلاق في المجتمع، قال: "طرأ على المجتمع أيضاً قانون الخلع الجديد الذي أدى لحصول المرأة على الطلاق من حكم بالمحكمة في حالات كثيرة، كما أن هناك قانوناً يسمح للفتاة المتزوجة عرفياً بالطلاق، مما يعني الاعتراف ضمنياً بالزواج العرفي، وهو يزيد من معدلات الطلاق بلا شك". وأضاف: "كما أن الثقافة السائدة في المجتمع اختلفت، فالثقافة لم تعد تحمي الزواج وتشجعه، وإنما انتشرت ثقافة أن الطلاق أمر عادي ولا يسبب قلقاً أو مشكلات للأسرة خصوصاً الزوجة بعرض نماذج من المشاهير والفنانين والفنانات خاصة وهم سعداء بعد الطلاق وهذا يروج لفلسفة الطلاق في المجتمع من خلال أجهزة خطيرة مثل التليفزيون والسينما والمسرح، فهي تسيء لمؤسسة الزواج، وتظهر الطلاق بصورة مضيئة".