الساعة السادسة مساء : رفع الدكتور عوض إبراهيم سماعة الكشف من على صدر المريض قائلا : كيف تسكت على نفسك طيلة هذه الفترة ؟ تساءل الأخير: وهل حالتي سيئة يا دكتور ؟ كانت الإجابة : لا أخفي عليك.. حالتك خطيرة بالفعل. ساد الصمت الرهيب المكان ، قطعه ابن عم المريض الذي كان في صحبته وقال للطبيب بعدما أخذه إلى مكان منزو: بصراحة يا دكتور.. هل تتوقع أن يعيش قريبي طويلا؟؟ انا عارف من زمان ان حالته مش حلوة وياما الأسرة كلها نصحته ان يهتم بصحته ويعرض نفسه على الدكاترة! رد قائلا : "الأعمار بيد الله" لكنه يحتاج إلى راحة كاملة وعناية فائقة. جلس الدكتور عوض إبراهيم على مكتبه، أنشغل في كتابة الروشتة المطلوبة لمريضه ومن حين الى آخر كان يختلس النظر إليه متحسرا وبعد أنتهاء المقابلة غادر المريض الغرفة مع ابن عمه، لكن الطبيب عاجله قائلا : يا أستاذ انت تحتاج إلى راحة كاملة تبدأ فورا ومن الآن! وأضاف في لهجة حاسمة: لا تمشي على قدميك.. هناك سرير متنقل عليك أن تستريح عليه وسيتعاون في حملك إلى السيارة التومرجي مع ابن عمك.. ونظر الدكتور عوض الى مرافقه قائلا : أراك قوي الجسم تستطيع التعاون في حمله أم أنك مريض انت الآخر ؟ قالها وهو يضحك.. خذ رقم تليفوني وابلغني بأي تطورات. رد ابن العم في ثقة الحمد لله صحتي زي البمب وقلبي من حديد. .الساعة الحادية عشرة من مساء ذات اليوم. دق جرس التليفون ، رفع الدكتور عوض السماعة وفوجئ بصراخ وعويل وبكاء توقع بالطبع أن يكون مريضه قد مات!! لكنه توفى بأسرع مما كان يتوقع، أصيب الطبيب بالذهول وهو يسمع من يقول له على الهاتف: ليس مريضك لكنه ابن عمه! جاءته أزمة فجائية ومات بالسكتة القلبية. أصيب الدكتور بالذهول وصاح مذعورا.. ابن عمه الذي تعاون في حمل قريبه المريض.. انا مش مصدق.. مش معقول.. مش معقول.. وأخذ يردد هذه الكلمة عشرات المرات حتى بعد إغلاق الهاتف. قال لي الطبيب راوي هذه الواقعة : الله سبحانه وتعالى قوي وقادر ومشيئته لا يستطيع الطب أن يجاريها والطبيب ما عليه إلا أن يأخذ بالأسباب فقط ، لكن الأعمار بيد الله يشفي المريض ويبتلي السليم. وصدق أو لا تصدق : الدكتور عوض إبراهيم الذي روى لي هذه الواقعة عندما سألته عن أغرب ما قابله في حياته مات هو الآخر وعاش مريضه بعده بسنوات.. عجائب.