(تفجير وإطلاق رصاص على المصلين بمسجد الروضة فى العريش)؛ حادث آخر تتعرض له البلاد، فالضحايا فى مثل تلك الحوادث هي مصر بأثرها وليس مئات القتلي والجرحي الذين سقطوا جراء ذلك الهجوم الغاشم، الذي حُرم من فوق سبع سموات، وشرع الخالق -جلا وعلا- عقوبة فاعله بالقرآن الكريم، وشُرع أيضًا عقوبة كل من ينتهج العنف سواء من السلطة أو أى جماعة مسلحة مهما كانت دعواها، ومهما كانت حجتها، فالعنف لن يولد لبلادنا سوي الخراب، سواء كان من السلطة المتثملة فى نظام العسكر والتي تتبعه منذ اللحظة الأولي لظهورها فى المشهد، أو من الجماعات التي تتخذ من انتهاكات النظام ذريعة لحصد أرواح الآمنين من المواطنين وترويع الجزء الباقي، بمزاعم مختلفه وواهية فى الوقت ذاته. وعلى الرغ من أن كل الأطراف المشاركة فى الانتهاكات تعلم ذلك تمام العلم، إلا أن هناك مئات المصلين الآمنين قد لقوا مصرعهم وهم يؤدون الصلاة، وهذا يضعنا أمام أسئلة هامة للغاية، أولها، كيف تمت مثل تلك العملية، على الرغم من أن المسجد متواجد بقرية بها حظر تجول لمدة تزيد عن 12 ساعة، أى أن كل التحركات مرصودة، هذا فى حالة كان النظام جاد فى فرض حالة الطوارئ ومن ثم التجول فى تلك المنطقة، السؤال الثاني، وهو الأهم، من فعلها، فكل رجال النظام أو القريبين منهم من الشأن السيناوي، يتهمون تنظيم ولاية سيناء، الذي لم يسبق له أو لأي جماعة مسلحة طوال تاريخ العنف بالبلاد من المساس بأي مسجد، وبررو اتهمهم بإن القرية قريبة من تمركزهم، إذا كان ذلك ومكانهم معلوم، لما صمت الجهات الأمنية عليهم حتي الآن؟. السؤال الثالث والذي يُجيب على علامات استفهام شديدة، وكلمة واحدة أن هذا أول استهداف لمسجد، فى مشهد لم نراه من بعد، على الرغم من أن ذلك غير صحيح.
كيف تمت عملية الروضة ؟ السلطات الرسمية تتكتم على العديد من المعلومات الهامة، والتي كان من المفترض أن يتم التصريح بها للإعلام فورًا، كطريقة تنفيذ المهمة(بالأخص أن هناك ناجين من الحادث)، ثانيًا استعداد الجهات الأمنية لما بعد الحادث؟، وثالثًا الأعداد الأولية لضحايا الهجوم واستعداد وزارة الصحة لهذا الأمر. كل ما سبق لم يتم الإجابة عنه، لكن بالتواصل مع أحد الناجين من الحادث، كشف عن أن الهجوم كان مسلحًا (إطلاق رصاص)، ولم يكن هناك انفجارات، وهذا على الأقل ما رآه. أحد الناجين من الحادث، يدعي عيد أحمد سليم، الذي ذهب للصلاة بصحبة والده وأخية، لكنه ذهب إلي المستشفي للعلاج وحده، لأنه ببساطه قد فقد كلايهما، يقول عن تفاصيل الحادث، أن مجموعة من المسلحين اقتحموا المسجد إبان إقامة الصلاة، وفرقوا أنفسهم داخل المسجد، وقاموا بإطلاق الرصاص على الجميع ودون أى توقف أو شفقة على طفل أو عجوز. وأضاف "عيد" قائلاً: مهاجمينا لم يفرقوا بين أطفال أو كبار سن، الجميع كان سواسية أمام الرصاصات التي تخرج من مدافعهم، كانوا يطلقون الرصاص بشكل عشوائي وبكل مكان، دون توقف أو شفقة. وعن أوصاف المسلحين، قال "عيد": أنهم كانوا ملثمين لكن يتضح أنهم شباب، ويرتدون زي ذلك المماثل للقوات المسلحة هناك.
من فعلها ؟ نعود إلي أهم سؤال وأبرزه على الساحة الآن، والذي من المفترض أن ننتظر فيه نتائج التحقيقات، التي لا ولم ولن تظهر فى مصرنا اليوم، كعادة كل الحوادث التي يتم إلصاقها فى جماعة الإخوان، أو أى جماعة آخري والتي سرعان ما تخرج ببيان تنكر ذلك. فتنظيم الدولة والتنظيمات المسلحة هناك، لم تقم يومًا باقتحام أى مسجد أو المساس بالمصلين، بل إنهم يفعلون العكس، ويقومون بالهجوم على أى شخص غير مصلي، فكيف يقومون بذلك الآن وهم من غير ذوي السوابق فى مثل تلك العمليات لا في مصر ولا أى دولة يتواجد بها التنظيم؟. يرجع السؤال إلي بدايته، وإذا افترضتنا ابتعاد ولاية سيناء، من فعلها، هذه الإجابة تستوجب مراجعة أرشيف العمليات القديمة والتي تمت بنفس الطريقة بسيناء، أحدهما كانت من نصيب الموساد، والآخري تم انتسابها لجماعة "دحلان" التي كانت تقوم بمثل تلك العمليات فى سيناء سابقًا، عقب التتضيق عليها فى قطاع غزة. فالعملية الأولي، التي قام بها الموساد، كانت من نصيب قبيلة السواركة أيضًا التي وقع منها عشرات الضحايا فى هجوم اليوم، حيث إستهدفت حفل زفاف أشرف السواركة، الذي كان منتميًا للتنظيم وقتل إثر غارة جوية صهيونية بسيناء، وتم تصفية كل من كان فى الحفل عدا "العريس" الذي تم اختطافه ومازال مختفيًا حتي الآن. ولم يعلق النظام من قريب أو بعيد على ذلك الحادث حتي اللحظة، ولم يكبد نفسه تعب التحقيق فى الأمر. العملية الثانية والتي تم الإشارة فيها إلي رجال دحلان، الذين فشلوا فى توريط حركة المقاومة الإسلامية حماس فى هذا العنف الممنهج، وشن حرب مصرية أكثر شراسه عليها، هي مذبحة رفح الأولي، التي راح ضحيتها عشرات الجنود المصريين، والتي لم يتم الكشف فيها عن الفاعل من قِبل الأمن حتي الآن، وهي ذات الطرق التي تتبع فى العديد من العمليات التي استهدفت ضباط الجيش والشرطة هناك، من أجل توصيف سيناء أنها مركزًا قويًا للإرهابين، ومن المرجح أن يكون سيناريو قريب ل"صفقة القرن".
عملية مسجد الروضة هي الخامسة بحق مسجد فى سيناء لا تتعجب من الرقم، فنعم هذه خامس عملية بحق مسجد فى المنطقة الحدودية وفى سيناء بشكل عام، فالبداية كانت من عند النظام أثناء قيامه بعملية التهجير، حيث أنه قام بهدم 3 مساجد على الشريط الحدودي والمنطقة التي تتبعه، وهو ما أثار احتقان شديد فى نفوس أبناء المنطقة نظرًا لتهجيرهم من منازلهم من ناحية، والآخري هي القيام بذلك الفعل المشين بحق مسجد، بالمخالفة للشرع والقانون والدستور أيضًا. لكن النظام فعلها على أى حال، وكانت تلك هي الحالة الأول بشكل فعلي وواضح فى الهجوم على المساجد بسيناء. الحالة الرابعة والتي من الممكن أن تجيب على سؤال من الفاعل، هي هجوم مسلحين على مسجد منذ شهر تقريبًا، واختطاف عدد من المصلين، هؤلاء المسلحين الذين كانوا ملثمين، أشار عدد من الأهالي أنهم من جماعة "الصحوات"، المدعومة من القوات المسلحة، والتي تشتبك بين الحين والآخر مع تنظيم الدولة، لكنها فى الوقت ذاته تقوم بتصفية كل حساباتها الشخصية مع القبائل الآخري، أو الأشخاص المختلفين معها، ولها العديد من الجرائم التي يتغاضي عنها المسئولين هناك، نظرًا لمساعدتهم للقوات المسلحة فى الحرب ضد تنظيم ولاية سيناء، وهؤلاء مكونين من المهربين بشكل عام ، وتجار المخدرات بشكل خاص، حسب روايات الأهالي هناك فى تصريحات سابقة. وتأتي العملية الخامسة، والتي تأكدت كالسابقين، هي تفجير اليوم لمسجد الروضة، ليظل الفاعل مجهولاً، ويظل النظام يتحدث عن سيطرته عن الأمور التي هيا خارج سيطرته بالأساس، ونتسائل نحن، كم من الضحايا سوف يسقط فى الفترة القادمة، وكم من العمليات سوف تنفذ؟، وكم وكم، ولكن لن يُجيب سوي إعادة ترشح طبيب الفلاسفة فترة رئاسية جديدة بزعم انقاذ مصر.
إقرأ أيضًا:-
لقراءة رواية جديدة عن حادثة "مسجد الروضة"..وفيديو آخر يُظهر الضحايا والمصابين أضغط هنا لقراءة تفاصيل جديدة في حادثة "مسجد الروضة" بالعريش أضغط هنا لقراءة ارتفاع أعداد ضحايا تفجير مسجد "الروضة" إلى 155 قتيل و120مصاب (محدث) أضغط هنا