سعر الذهب اليوم الإثنين 20-10-2025 بعد ارتفاعه في الصاغة.. عيار 21 الآن بالمصنعية    الأهلي يحصل على توقيع صفقة جديدة.. إعلامي يكشف    «شغلوا الكشافات».. تحذير من حالة الطقس اليوم: ظاهرة جوية تضرب البلاد    أول تعليق من ميسي على تتويج المغرب بكأس العالم للشباب ضد الأرجنتين    ويتكوف: التقديرات بشأن كلفة إعادة إعمار غزة تبلغ نحو 50 مليار دولار    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 20 أكتوبر    الكاف يهنئ المغرب على التتويج بمونديال الشباب 2025    هبوط الأخضر الأمريكي.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الإثنين 20-10-2025    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    «الترحال السياسى».. ظاهرة تثير الجدل فى «الانتخابات البرلمانية»    ارتفاع كبير تجاوز 2000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 20-10-2025    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    هل ينتقل رمضان صبحي إلى الزمالك؟.. رد حاسم من بيراميدز    عاجل - ترامب يؤكد: وقف إطلاق النار في غزة مازال ساريًا رغم الخروقات    ماكرون: سرقة اللوفر هجوم على تراث فرنسا    كيت بلانشيت: مصر دورها قيادى فى إرساء السلام    ولي العهد السعودي وماكرون يناقشان جهود إحلال الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط    والد ضحية زميله بالإسماعيلية: صورة ابني لا تفارق خيالي بعد تقطيعه لأشلاء    موعد التحقيق مع عمر عصر ونجل رئيس اتحاد تنس الطاولة.. تعرف على التفاصيل    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    هانى شاكر يُشعل دار الأوبرا بحفل ضخم ضمن مهرجان الموسيقى العربية    يسرا تشعل أجواء احتفال مهرجان الجونة بمسيرتها الفنية.. وتغنى جت الحرارة    عاجل - تفاصيل موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 بعد قرار وزارة المالية    وفاة شابة عشرينية بسبب وشم قبل أسبوع من زفافها    مواد غذائية تساعدك على النوم العميق دون الحاجة إلى أدوية    فريق بحث لتحديد المتهم بالتعدي على مدرسة لغات في إمبابة    الذكرى الثامنة لملحمة الواحات.. حين كتب رجال الشرطة بدمائهم صفحة جديدة في تاريخ الشرف المصري    قيادة التغيير    ضربه ب«مفك».. مصرع طالب على يد زميله في الدقهلية    ذكرى الأب تُنهي حياة الابن.. شاب ينهي خياته في الذكرى الخامسة لوفاة والده بالإسماعيلية    أهم العوامل التي تؤثر على سوق العملات الرقمية    ثقافة إطسا تنظم ندوة بعنوان "الدروس المستفادة من حرب أكتوبر".. صور    أمريكا تفضح أكاذيب نتنياهو والبنتاجون يكشف حقيقة انفجار رفح    منصّة صيد مشبوهة قرب مطار بالم بيتش تثير قلقًا حول أمن الرئيس الأمريكي ترامب    6 أبراج «نجمهم ساطع».. غامضون يملكون سحرا خاصا وطاقتهم مفعمة بالحيوية    هشام جمال: «فشلت أوقف ليلى عن العياط خلال الفرح»    «سول» تحتجز جنديا من كوريا الشمالية بعد عبوره الحدود البرية    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    ليبيا.. حفتر يدعو إلى حراك شعبي واسع لتصحيح المسار السياسي    المغرب يرفع ميزانية الصحة والتعليم بعد موجة الاحتجاجات    مضاعفاته قد تؤدي للوفاة.. أعراض وأسباب مرض «كاواساكي» بعد معاناة ابن حمزة نمرة    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. جدل واسع حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في الجونة    الداخلية السورية: القبض على عصابة متورطة بالسطو على البنك العربي في دمشق    محافظ الغربية يجوب طنطا سيرًا على الأقدام لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    محمد رياض يتصدر التريند بعد إعلان نجله عن نية تقديم جزء ثانٍ من «لن أعيش في جلباب أبي» والجمهور بين الصدمة والحنين    طارق العشرى: حرس الحدود خلال فترة قيادتى كان يشبه بيراميدز    الذكاء الاصطناعي ضيفًا وحفلًا في جامعة القاهرة.. ختام مؤتمر مناقشة مستقبل التعليم العالي وتوصيات للدراسة والبحث العلمي    تألق لافت لنجوم السينما فى العرض الخاص لفيلم «فرانكشتاين» بمهرجان الجونة    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    لدغات عمر الأيوبى.. بيراميدز "يغرد" والقطبين كمان    «المؤسسة العلاجية» تنظم برنامجًا تدريبيًا حول التسويق الإلكتروني لخدمات المستشفيات    لجنة تطوير الإعلام تتلقى توصيات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    نادي قضاة مصر يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة اختياره رئيسًا لمجلس الشيوخ    ندب المستشار أحمد محمد عبد الغنى لمنصب الأمين العام لمجلس الشيوخ    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انجيل أمريكا: مصر والشرق الأوسط أساس السيطرة على العالم
دراسة: المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (9)
نشر في الشعب يوم 21 - 10 - 2017


هتلر هُزم لأنه لم يدرك أهمية الاقليم المتوسط
التوسط الجغرافي ضروري لنشر الدعوة وبناء الدولة القادرة

(هذه دراسة غير منشورة وغير مكتملة بعد لمجدي حسين رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدة الشعب الذي يقبع الآن مغيبا خلف أسوار السجون بأحكام ظالمة وغير دستورية.. لقد تم ترتيب الجزء المكتوب من الدراسة في حلقات وسننشر تباعا الحلقات الموجودة لدينا لحين خروجه من محبسه وإكمال عطائه الفكري والسياسي والذي نأمل أن يكون قريبا بإذن الله..).
ما الحكمة الالهية في مسألة المستطيل القرآني؟ سيقول قائل: انه لا يوجد نص صريح في القرآن يتحدث عن هذا المستطيل المزعوم ففيما نتحدث؟ّ!.
وأقول لهم هذا نوع من تدبر القرآن الكريم اللذي أمرنا به الله عز وجل: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)
إن اقتصار المواقع الجغرافية في القرآن الكريم على نفس المساحة التي تسمى الآن (الشرق الأوسط) والتي شهدت مطحنة عالمية واقليمية منذ الاسكندر الأكبر والبطالمة حتى الرومان والعرب والفرس والمغول والصليبيين ثم الاستعمار الغربي الحديث، والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة حيث كانت ولا تزال المواجهات شاملة وخطيرة وحاسمة وكانت نتيجتها هي التي تحدد مصير العالم في اللحظة المحددة. والآن وبعد 14 قرن ونيف من نزول القرآن فلا حديث في العالم (باستثناء كوريا الشمالية بين حين وآخر) إلا العراق وسوريا ولبنان وايران وداعش والأكراد وفلسطين واليمن وتركيا- هذه هي القضايا الأهم في العالم- وبعد ذلك تاتي أي قضايا دولية أخرى ثم القضايا الداخلية لكل دولة في العالم.
وقد كان أول من التفت لمسألة الخريطة القرآنية هو د.عبد العزيز كامل وزير أوقاف مصر في الستينيات من القرن العشرين، وهو مفكر اسلامي لامع كان منضماً للاخوان المسلمين وكعادة كل المفكرين فانهم يهجرون الاخوان أو يتخلص الاخوان منهم. وفي رواية أخرى أن حسن البنا كان يسميه صاحب العقل الذهبي.
وقد أخذت الفكرة من د. عبد العزيز كامل في دراسته المختصرة وطورتها في دراسة: السيرة النبوية (سنن التغيير)، ثم هذه الدراسة.
ومع ذلك فإن مسألة "المستطيل" أو "الاقليم المتوسط"، وكما تلاحظون فأنا لست متردداً ولكنني أفكر معكم (أيها القراء الأكارم) بصوت مرتفع.
وارى الآن ان الاسم الأكثر مناسبة هو "الاقليم المتوسط" وليس الشرق الأوسط. لقد كتبت في دراسة السيرة النبوية فقلت في البداية انه المربع القرآني ولكنني اكتشفت انه أقرب إلى المستطيل وقلت ذلك في الدراسة، رغم أن كلمة المستطيل ليست رومانسية!! ولكن سأظل أستخدم مصطلح "الشرق الأوسط" كمترادف ثالث حتى يتطابق كلامنا مع أحاديث الغرب عن الشرق الأوسط وحتى لا يتصور أحد أننا نتحدث عن مكان آخر!.
أقول ومع ذلك فإن مسألة "الاقليم المتوسط" أو "المستطيل" يمكن استنتاجها أيضا بدون تكلف أو لي لذراع الآيات من القرآن الكريم.
ويظهر ذلك كما ذكرت من الآيات العشر حول عربية القرآن فمن أين سينطلق هذا القرآن وتنطلق دعوته إلا من هذا المكان. ومنذ أنزل حتى يوم الدين (راجع فصل اللغة العربية).
كذلك هناك آيات ربما لا يلتفت إليها احد، فقد ذكر الله عز وجل وهو يخاطب سيدنا محمد ان هذا القرآن الكريم (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) الزخرف 44 وانه حديث مباشر عن مسئولية العرب عن نشر الاسلام وانهم سوف يسألون يوم القيامة عما فعلوا في هذه المهمة العظمى.
إذن نحن أمام مسئولية خطيرة وليس أمام مجال للفخر والافتخار والتعالي. وأيضا عندما يقول الله عز وجل (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ) الشورى 7.. ويشير بعض المفسرين إلى أن التبشير بهذا القرآن لا يقتصر على بعض القرى والقبائل حول مكة، بل هو انذار للناس جميعا ليوم الجمع أي يوم القيامة، وإذا لم نأخذ بهذا التفسير فكأننا نقول ان هذا القرآن نزل للأمة العربية وحدها!!.
كذلك هناك آية تتكرر بالنص 3 مرات تؤكد حقيقة الصراع العالمي وانه آت من كل بد.. وقد حدث بالفعل بعد وفاة الرسول بسنوات محددة بل حدثت بوادره في حياته صلى الله عليه وسلم في الغزوات ضد اليهود وبغزوة مؤته ثم تبوك ثم ما أمر به في فراش الموت (بعثة أسامة للشام) والتي أخرجها أبو بكر الصديق رغم كل الظروف الصعبة بوفاة الرسول وبدايات الردة.
وهذه الآية الكريمة تقول: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) التوبة 33- الفتح 28- الصف 9 مع خلاف في الخاتمة. بل كل ما ورد في القرآن في محور أساسي له عن صراع الكفر والايمان، مع النصارى (المقصود المحاربين منهم) واليهود وتحذير الله عز وجل من موالاة الكفار دون المؤمنين، سنجد أن هذا أهم موضوعات القرآن الكريم بعد الايمان بالله، وهو أيضا جزء لا يتجزأ من هذا الايمان.
إذن أين ستكون ركيزة المؤمنين في هذا الصراع، أليست دولة الاسلام التي أقامها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب، وما بشر به من القضاء على نفوذ الرومان وحكم الأكاسرة في فارس. لن تكون ركيزة دولة الاسلام في سيبريا (شمال روسيا)، رغم وجود مسلمين بها، ولن تكون في جنوب أفريقيا رغم وجود مسلمين بها.
الحكمة الالهية في مسألة "المستطيل المتوسط" تستند إلى مسألتين وفقاً لاجتهادي المتواضع:
(1) التوسط الجغرافي مهم جداً لنشر الدعوى.
(2) التوسط الجغرافي أساس لبناء دولة قيادية قوية قادرة على حماية نفسها أولا.. في الحد الأدنى، وقادرة على قيادة العالم أو المشاركة في قيادته بصورة محكمة.
والحقيقة فإن المسألتين هما في الواقع مسألة واحدة.. لأننا لا نفصل بين الدعوى والدولة فهما هدفان متداخلان (ليظهره على الدين كله) وهذا يشمل الظهور المعنوي بانتشار الفكر والمفاهيم الاسلامية وانتشار الدخول في الدين الاسلامي، (وهذا ما يحدث الآن ومنذ فترة) والظهور المادي.. وهو ظهور دولة اسلامية عظمى لم يعد يفكر فيها إلا قليل من المسلمين!!.
(1) التوسط الجغرافي لنشر دين الله:
في هذا "الاقليم المتوسط" ولاحظ التسمية الدقيقة للبحر الأبيض بالمتوسط، وشرق البحر المتوسط لصيق تماما وهو المياه الاقليمية بالمستطيل القرآني.
في هذا الاقليم المتوسط وبعد كل ما ذكرناه ماذا بقى على الأرض مادياً؟! بقيت المراكز الروحية الأساسية للمسلمين.. مكة- المدينة- المسجد الأقصى- المسيحيون: كنيسة القيامة وكل أماكن حركة السيد المسيح وهي في فلسطين.
اليهود: يقيمون مزاعمهم حول هيكل سليمان في القدس، ويظهر حتى الآن انها كذبة كبرى. فلا يوجد ولم يوجد يوما هيكل لسليمان (سنناقش هذا تاليا ان شاء الله)، ولكنهم يرتبطون بكل الأماكن والمعالم التي ورد ذكرها في التوراة وهي كلها في فلسطين وسيناء.
إذن بين القدس ومكة والمدينة تتركز معظم أو كل الرموز والمراكز الروحية للأديان الثلاثة . وحتى الأديان الضامرة سنجد لها مجاميع قليلة في شمال العراق وسوريا كالصائبة وعبدة النار والزرادشت والأيزيديين. وطبعا معظم الطوائف القديمة والمعروفة لكل الأديان الثلاثة ممثلة في المستطيل القرآني (الاقليم لمتوسط).
وما يهمنا الآن هو المشيئة الالهية.. والتي لا دخل للبشر فيها، ولا للتطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
فالله سبحانه وتعالى هو الذي اختار هذا المكان لأقدم مسجد وضع للبشر في مكة (الكعبة) سواء كانت الكعبة قد بنيت قبل سيدنا ابراهيم وتهدمت على أحد الآراء، أو هو الذي بناها لأول مرة، ولكن الله حدد له القواعد والمكان تحديداً.
ومن قبل فان الله هو الذي أمر سيدنا ابراهيم بأن يضع أهله عند المسجد الحرام الذي لم يكن ظاهراً (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ). وستنا هاجر هي التي ضربت بقدمها فخرج ماء زمزم الذي مازال يتدفق حتى الآن.
نحن إذن أمام ترتيب الهي عجيب لا يمكن أن يفهمه إلا من سافر للحج أو العمرة ولو مرة واحدة في فصل الصيف.. ربنا سبحانه وتعالى اختار هذا المكان القفر وكأنه محمي بالصحراء القاحلة والحرارة الشديدة، غلاف يحمي الكعبة بمئات الكيلومترات من الصحراء من كل الجهات. ولا يوجد في مكة ما يغري أي قوة عظمى أو استعمارية أن تاتي وتحتل هذا المكان، ولعل هذا من أهم أسباب عدم تفكير الرومان في غزو دولة المدينة التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم. حقاً ان الله سبحانه وتعالى يعصم الرسول، ويحمي الكعبة (كما حدث في غزو أبرهة) ولكن الله سبحانه وتعالى وقد أعلنت مشيئته وقف المعجزات التي كانت تترافق مع الأنبياء وقد انقطعت مسيرتهم، فإن الله سبحانه وتعالى يضع من القوانين الطبيعية والاجتماعية الاطار الملائم لحركة المؤمنين، وعليهم أن يأخذوا بالأسباب.
إذن هذه هي أول وأهم ميزة للكعبة أنها محمية بالصحراء والمناخ القاسي، ولكن الله سبحانه وتعالى وفر الحد الأدنى من المياه للمعيشة والزراعة والرعي لتظل الحياة تدب في جزيرة العرب وحول مكة التي أصبحت مركزاً تجاريا (وهذا من دواعي الانتعاش الاقتصادي)، ونوعاً من العاصمة السياسية والاقتصادية والثقافية لجزيرة العرب. إذن فلم تكن الحياة في مكة ميتة بل تتسم بالحد الأدنى من الحيوية والتجمع السكاني، حتى يكون وسطا معقولا لاستقبال الرسالة التي ستغير مجرى حياة البشرية.
ثانيا: في اختيار مكان الكعبة ومكة نلاحظ هذا التوسط الجغرافي.
منذ سنوات بعيدة قرأت دراسة جغرافية في إحدى المجلات الاسلامية توضح كيف أن الكعبة بإحداثيات دقيقة تقع في الوسط من أي بقعة في العالم، وطبعا هنا لا يهم أن نبرهن على التوسط بهذه الدقة. ولكن ما يهمنا هو التوسط بشكل عام.
اليابسة تمثل حوالى 30% من مساحة الكرة الأرضية ووفقا لعلماء الجيولوجيا فانهم متفتحون على أن اليابسة كانت كتلة واحدة فكانت آسيا وأفريقيا وأوروبا كما هي الآن وكانت الأمريكتان ملتصقتان بأوروبا وأفريقيا وانفصلتا عام 1500 ق.م ويقولون ان هذا تم بسبب ذوبان الجليد، وقد يكون بفعل زلازل.
وبالمناسبة هذا موعد قريب وليس بعيداً بمقياس تاريخ الأرض والبشر. ولكن في علم الله أن هذا سيحدث، وفي علم الله أيضا أن تطوير وسائل النقل البحري والجوي لن يجعل من الأمريكتين بعيدتين جداً.
ولكن إذا ركزنا على الكتلة الأساسية لليابسة وهي القارات الثلاث (آسيا- أفريقيا- أوروبا) ويمكن أن تضاف استراليا التي انفصلت عن البر الآسيوي في وقت ما، إذا ركزنا على هذه الكتلة الأساسية لليابسة سنجد أن الكعبة قريبة جدا من التوسط بين مختلف البلدان والمحاور والاتجاهات. وحتى لا يقال أن الأرض ككرة القدم وأي نقطة منها يمكن أن تكون متوسطة . فهذا كلام غير واقعي فالأرض ليست كالكرة تماما بل هي بيضاوية وتعاني من التفلطح المتزايد في القطبين الشمالي والجنوبي. كذلك فإن المناخ ليس متساوياً، فهناك مناطق خط الاستواء حيث الهطول المستمر للأمطار والحرارة والرطوبة، وهناك خطوط الجليد (شمال أوروبا- شمال أمريكا- شمال روسيا)، أما القطب الجنوبي فهو يكاد يخلو من السكان.
وعلى سبيل تنشيط الذهن وضرب الأمثال، تصور لو كانت الكعبة في أندونيسيا أو في سيبريا أو في شيلي، فلا شك أن السفر إليها سيكون مشقة بالغة وربما تؤدي إلى الموت بالنسبة لكبار السن (إذا أخذنا مثال سيبريا!) كان الحجاج قبل وسائل النقل الحديثة يأتون سيرا على الأقدام أو على الجمال من مختلف أنحاء البلاد العربية ومن أواسط آسيا وأفريقيا. (السير على الأقدام كان مشهوراً في النطاق العربي) وبعض التابعين كانوا يفعلون ذلك تقرباً إلى الله. ولكن كان معقولاً أن يأتي الحجاج من أقصى المغرب وغرب أفريقيا بقوافل بالجمال وغيرها. ومن أواسط آسيا. وأيضا كان استخدام الوسائل البحرية ميسراً من البحر الأحمر. ومع تطور وسائل المواصلات فإن الشعور بالقرب الجغرافي أصبح واضحاً لجميع الحجاج عدا الصين والأمريكتين، وإن كانت رحلة الطائرة منها تأخذ حوالي 10- 12 ساعة، وهذه مسافة زمنية معقولة.
إن الله ييسر على الناس ويحب اليسر لا العسر، ومكان الكعبة الحالي أيسر السبل وأقربها للجمع الأكبر من المسلمين، خاصة وأن فقراء الحجاج يحملون معهم بعض الزاد للغذاء توفيراً للنفقات.
والقضية كما ذكرنا ليست مجرد أداء مناسك الحج والعمرة، فالتوسط هنا يفيد ويساعد وييسر في نشر الدعوة في كل الاتجاهات كما ذكرنا من قبل، لأن مكة والمدينة ستظلان تشعان للعالمين.
(2) التوسط الجغرافي أساسي لبناء الدولة الاسلامية القوية والقيادية:
هنا نود الاشارة إلى مثال محير ومثير للتساؤلات، وهو مثال الصين، فقد كانت الصين دوما مركزاً حضاريا قديما (علماء التاريخ مازالوا يركزون على أن مصر وبلاد الرافدين هما أقدم حضارة ويستبعدون الصين زمنيا).
كذلك فإن وقوع الصين في طرف العالم محاصرة أو محاطة بالمحيط الهادي من ناحية الشرق والجبال والتضاريس الصعبة من ناحية الغرب، ربما أدى إلى الميل الصيني التاريخي للعزلة حتى وصل بهم الأمر إلى بناء سور الصين العظيم لحماية الدولة من الغزوات الخارجية، وتأمين المملكة، حتى أصبح هو الرمز الأول للصين. بدأ بناؤه 264 ق.
م وانتهى في عشر سنوات، طوله 2400 كيلومتر في خط مستقيم، يتراوح ارتفاعه بين 6 و 10 أمتار وعرضه 8 أمتار عند القاعدة. وقد حاولت الصين الخروج من عزلتها ولكنها سرعان ما كانت تعود لتنكفئ على نفسها. فهناك دراسات عن تنظيم رحلات بحرية للشاطئ الأمريكي قبل كريستوفر كولومبس، ولكن المؤكدد أن الصين طورت صناعة السفن وبنت أسطولا تجاريا متطوراً قبيل فترة النهضة الأوروبية وان هذه السفن كانت تسافر عبر المحيط الهندي إلى الساحل الشرقي لأفريقيا ولكنها لم تواصل وعادت وانكمشت.
والآن ربما نحن أمام محاولة معاصرة للخروج الحذر من العزلة في شكل تجاري- اقتصادي- استثماري مع كل دول العالم، ومع زحف تدريجي على الشرق الأوسط.
فيما يتعلق بموضوعنا نقول أن الصين حققت تقدما حضارياً كبيراً عبر التاريخ وينسب إليها صناعتات الحرير والبارود والطباعة والخزف الصيني (لاحظ اسمه الصيني) والمنسوجات ومصنوعات أخرى عديدة. وأن الصين بمعنى (عزوفها عن التوسع الاستعماري) فإن ذلك لم يعني عزلة اقتصادية فظلت الصين محوراً أساسيا للتجارة العالمية وهذا هو السبب الرئيسي لما يسمى طريق الحرير، حيث كانت هذه الطرق البرية تنقل مصنوعات الصين لباقي آسيا وحتى أوروبا والشرق الأوسط. وبعد اكتشاف أمريكا وما بها من ذهب وفضة فقد استخدمت هذه الثروة في شراء المنتجات الصينية.
ما يهمنا هنا أن موقع الصين المتطرف جغرافيا جعلها خارج بؤرة الأحداث العالمية الكبرى، وجعلها هي نفسها تميل للعزلة، حتى جاء زمن السيطرة على الكرة الأرضية القرن 19- 20 فبدأ الغزو الغربي الأمريكي للصين، لأن هذا الاستعمار الغربي لا يريد أن يترك بقعة في الأرض بعيدة عن سيطرته.
في العصر الحديث بدأ ينشأ علم الجغرافيا السياسية وهو لابد أن ينشأ عند الدول العظمى لأنها تريد السيطرة على العالم. وتضع الخطط لاحتلال العالم. وكان من أبرز هؤلاء ماكيندر (الانجليزي) وكان يرى أن السيطرة على قلب اليابسة (أوروآسيا) أي الكتلة البرية الأوروبية- الآسيوية يعني السيطرة على العالم. ولكن من أجل ذلك لابد من السيطرة على قلب أوروبا أولا ثم أوروآسيا ثم العالم. وهذه هي النظرية التي أودت بمشروع هتلر إلى الهاوية لأن علماء ألمان أقنعوه بها. ، وعندما بدأت الحرب العالمية الثانية سار على نفس الخطة.
(1) السيطرة على ألمانيا. (2) السيطرة على أوروبا. (3) عندما تعثر احتلال بريطانيا أخطأ خطأ استراتيجيا واجتاح الاتحاد السوفيتي في وقت كان هناك اتفاق سلام مع نظام ستالين، وكان ستالين يقف على الحياد في الصراع الأوروبي. ولكن تأثرا بهذه النظرية الخاطئة ولأن الاتحاد السوفيتي يضم جزءاً من أوروبا وجزءاً كبيرا من آسيا (أي أوروآسيا) رأى ضرورة اجتياحه وضمه، فغرق في مستنقع لا أول له ولا آخر، وفرح الغرب بذلك وقدم كل المساعدات لستالين لإرهاق وهزيمة هتلر.
إذا كانت هذه النظرية خاطئة فما هي النظريات الصحيحة؟ النظرية الصحيحة- ولا تتعجب- هي نظرية المستطيل القرآني أو الشرق الأوسط!!.
إذن نظرية ماكيندر (التي ضيعت هتلر) تقول:
(1) من يسيطر على ألمانيا يسيطر على أوروبا
(2) من يسيطر على أوروبا يسيطر على الأوروآسيا
(3) ومن يسيطر على الأوروآسيا يسيطر على العالم.
أما النظرية الصحيحة:
فهي تلك التي كتبها ديفيد مستشار الشئون الخارجية للرئيس الأمريكي ويلسون خلال الحرب العالمية الأولى وما بعدها. وديفيد موظف بوزارة الخارجية الأمريكية وقد كتب مؤلفا كبيراً، خلاصته..انه يضع خطة لأمريكا كي تحكم العالم وهي رسالة ربانية أودعها الله لهذا البلد "العظيم" وخلاصة الخطة:
(1) أن من يحكم مصر يحكم الشرق الأوسط.
(2) ومن يحكم الشرق الأوسط يحكم العالم.
ديفيد لايبدو انه قرأ القرآن الكريم، ولم يصل إلى نظرية المستطيل القرآني، ولكن كما ذكرت في عدد من دراساتي، فإن البحث العلمي الدقيق والصحيح لابد أن تصل نتائجه إلى سنن الله التي أودعها في الكون وفي الأرض. لابد أن يلتقي الاثنان حتى وإن كان الباحث غير مسلم ولم يضطلع على القرآن.
هذا الكتاب يعتبر أنجيل أمريكا الحقيقي وهو موضوع في البيت الأبيض وعلى كل رئيس أمريكي جديد أن يقرأه ويعمل به.
(ونواصل الحديث)
للإطلاع على الأجزاء السابقة اضغط على احدي الروابط التالية:-
*
* المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (1)
* دراسة المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- الحلقة (2)
* آدم يمني..نوح عراقي..أيوب مصري..إلياس فلسطيني
* نوح عاش في المستطيل.. دلائل قرآنية إضافية
* لماذا مصر في رباط إلى يوم الدين؟
* مصر هي البلد الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن
* بعثة محمد (ص) وضعت الشرق الأوسط في البؤرة
* هنا.. يجري استعداد أمريكا واليهود لمعركة نهاية العالم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.