انتهاكات بالجملة بحق العمالة المصرية، المتواجدة بالمملكة الأردنية، وسط صمت من نظام العسكر، على الرغم من كشف تلك الانتهاكات، التى تلخصت فى القطاعى الزراعى والإنشائى هناك. أحد ضحايا تلك الانتهاكات ويدعى "إبراهيم"، يروى تفاصيل ما يحدث له هناك، ويقول أنه فى البداية قام ببيع مقتنيات زوجته الذهبية، وتوجه من قريته في محافظة كفر الشيخ إلى العاصمة الأردنيةعمان، بحثا على فرصة عمل أفضل، إلا أنه وجد نفسه -كما قال حبيس إحدى المزارع قسرا، بعد مصادرة أوراقه الثبوتية من قبل رب العمل، قبل أن "يشتري حريته لاحقا" ويعمل في الإنشاءات بشكل غير قانوني.
ولكن سوء الطالع رافق إبراهيم إلى عمله الجديد، ووقع مرة أخرى ضحية العمل بلا مقابل، بعد أن رفض صاحب العمل دفع مستحقاته المالية، دون أن يتمكن هو وخمسة عمال آخرين من تقديم شكوى للجهات الرسمية؛ بسبب وضعهم غير القانوني.
وكثيرون هم الذين يعانون كمعاناة "ابراهيم"، فبحسب مقابلات فردية مع 324 عاملا مصريا زراعيا، قام بها مركز "تمكين" المعني بمتابعة العمالة المهاجرة؛ فقد تبين أن ما نسبته خمسة بالمئة من العمال "قاموا ببيع ممتلكاتهم، مثل الأراضي والمنازل والمجوهرات، للحصول على عقد العمل". وبين "تمكين" أن العديد من هؤلاء العمال يعيشون في ظروف عمل صعبة، كتقييد الحرية، أو التخويف، أو التهديد وحجز وثائق السفر. وقال إن هذه مؤشرات تعد "اتجارا بالبشر، وعملا قسريا"، مشيرا إلى أن الترهيب أو التهديد "غالبا ما يأخذ طابعا ماديا، أو من خلال تقييد العطلات". وقالت رئيسة مركز تمكين، ليندا كلش، إن هناك جملة من الانتهاكات التي تقع على العمالة المصرية، كالتوقيع على سندات مالية من قبل بعض أصحاب العمل لإجبارهم على العمل، وتأخير الأجور أو عدم دفعها، وخصوصا في القطاع الزارعي لحين انتظار الموسم. وأضافت أن "من الانتهاكات أيضا؛ حجز الوثائق وجوازات السفر، وعدم تجديد تصاريح العمل، إلى جانب تجارة العقود الوهمية غير القانونية التي تصل من 800 إلى 1200 دينار، دون وجود توعية من قبل السلطات المصرية والأردنية بأن هذه العقود مخالفة للقانون". ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فحسب كلش "لا تتوفر شروط السلامة والصحة المهنية للعمال في قطاع الإنشاءات"، مشيرة إلى أنه "وقعت بين صفوف العمالة المصرية حالات وفيات وإصابات بسبب حوادث العمل، والاختناق داخل آبار محطات المحروقات التي يطلب من العمال تنظيفها". ووثق تقرير آخر للمرصد العمالي في الأردن، وجود شبهات بحالات اتجار بالبشر؛ تمارس على نطاق واسع بحق العمالة المصرية في القطاع الزراعي. وقال مدير المرصد العمالي أحمد عوض، إن العلاقة طردية بين عدم حصول العامل المصري على تصريح، وبين حجم الانتهاكات التي يتعرض لها. وأضاف أن "هذه الانتهاكات تشمل عدم دفع الأجور أحيانا، والإلزام بساعات عمل طويلة، وعدم توفير ظروف سكن جيدة للعاملين في القطاع الزراعي، وتعرض العمال لحوادث بعضها مميت؛ بسبب عدم توفر شروط السلامة". وبحسب عمال مصريين؛ فإن "الشعور بالوحدة والغربة والإهانة؛ هو الجانب الأصعب من حياتهم وعملهم في الأردن"، مؤكدين أن "البعد النفسي هو الأسوأ في تجربتهم". ويحتل العمال المصريون ما نسبته 65 بالمئة من العمالة في الأردن، ويسيطرون على ما نسبته 97 بالمئة من العمال الذين يحملون تصاريح للعمل في قطاعي الزراعة والإنشاءات. ورغم أن العمالة المصرية تحتل المرتبة الأولى من حجم العمالة الوافدة في الأردن؛ إلا أنها فئة "تعاني من انتهاكات صامتة" كما يقول عمال مصريون ينتقدون دور السفارة المصرية في عمان بمتابعة أمورهم. وتواصلت مع السفير والمستشار العمالي في السفارة المصرية في عمان، إلا أنهما رفضا التعليق حول الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة المصرية؛ بحجة أن "كادر السفارة جديد في المملكة"، واعدين بالإجابة لاحقا على استفساراتنا. وكان السفير المصري في عمان طارق عادل، دعا عمال بلاده المتواجدين في الأردن إلى "عدم التعامل مع السماسرة والوسطاء، والتعامل فقط مع الجهات الرسمية، سواء وزارة العمل الأردنية، أو السفارة المصرية، خاصة وأن الجانبين قد اتفقا على أهمية وجود قنوات تنسيق مباشر؛ لتسوية المشكلات التي قد تواجه العمالة". وقال عادل في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، الجمعة الماضي، إن متابعة موضوعات العمالة وتوفيق أوضاعهم القانونية "تحتل أولوية متقدمة، ومتابعة مستمرة من جانب السفارة، التي تحرص على متابعة كافة القضايا التي تهم أبناء الجالية، وتقديم ما يلزم من استشارات قانونية، أو تسهيلات عديدة في استخراج أو تجديد المستندات الثبوتية". وأقرت وزارة العمل الأردنية بوجود إشكالات تتعلق بالعمالة المصرية في القطاع الزراعي. وقال الناطق الإعلامي باسم الوزارة، محمد الخطيب، أن "70 بالمئة من حملة التصاريح الزراعية يتسربون إلى السوق". وأضاف أن "الأيام القادمة ستشهد إصدار نظام جديد للعمالة الوافدة"، مؤكدا أن هذا النظام "سيضبط سوق العمل" على حد تعبيره. وأحالت وزارة العمل الأردنية نهاية العام الماضي، موظفين لديها إلى القضاء؛ بعد أن كشف تقرير لديوان المحاسبة (جهة رقابية رسمية) وجود تلاعب في إصدار تصاريح لعمالة وافدة بناء على وثائق مزورة، وعقود استئجار مزارع غير حقيقية، وإصدار تصاريح عن أشخاص متوفين منذ سنوات.