تناولت الصحف العالمية، يوم أمس الأحد، خبر وفاة الأب هيلاريون كابوتشى، نصير المقاومة الفلسطينية، ومطران القدس عن عمر يناهر ال 94 عامًا، بمنفاه فى العاصمة الإيطالية روما. وولد الشجاع "كابوتشى" فى مدينة حلب السورية عام 1922م، ثم انتقل إلى الأراضى المقدسة وتم تعيينه مطرانًا لكنيسة الروم الكاثوليك بمدينة القدس عام 1965م. قصة المركبة التى أدت إلى اعتقاله وعن تفاصيل نضاله وشجاعته فى صف المقاومة، وكيفية اعتقاله على يد سلطات الاحتلال، فقد كان المطران برفقة مساعده، يقودان مركبة محملة بالأسلحة والمتفجرات في طريقها إلى مدينة القدس، وكانت حينها عصابة الاحتلال الصهيونى، وجهاز الأمن العام يعملان على مراقبة المطران، إذ تقرر في ذلك الوقت إيقاف المركبة خشية تفجيرها بشكل متعمد أو دون قصد. واعتقل المطران ومرافقه، واقتيدت المركبة إلى مركز شرطة الاحتلال في المسكوبية بمدينة القدسالمحتلة، حيث تم اكتشاف أسلحة كثيرة منها أربعة رشاشات كلاشينكوف ومسدسات وعدة طرود تحتوي على متفجرات بلاستيكية وصواعق كهربائية وقنابل يدوية. وأنكر كابوتشي أمام المحققين الصهاينة حينها ضلوعه في عملية التهريب، إلا أن مغلفاً عُثر عليه لدى تفتيش المركبة، كُتب عليه بخط المطران، رقم المسؤول الفتحاوي "أبو فراس" في لبنان، أثبت التهمة وأدى إلى سجنه ومحاكمته. مقاومة الاحتلال ودعم الأحرار فى فلسطين وحسب شهادة الشهود فى ذات الصحف، فإن "كابوتشى" قد تم اعتقاله عقب حرب السادس من أكتوبر بعام واحد (1974م)، وتم الزج به فى سجون الاحتلال الصهيونى، بتهمة تهريب السلاح ومساعدة المقاومة الفلسطينية، وكذلك التعاون مع جهات وصفها الاحتلال حسب نص الاتهام ب"المعادية للاحتلال"، وحوكم بالسجن لمدة 12 عامًا ليسطر إسمه ويضرب مثال حى على الشجاعة والشرف فى مواجهة مغتصبى الأرض. وبعد أربعة أعوام تم الإفراج عن "كابوتشى" بعد تدخل الفاتيكان، ووجود مفاوضات كبيرة من أجل ذلك، إلا أن سلطات الاحتلال اشترطت نفيه من أجل تنفيذ شرط الإفراج، وهو ما كان عام 1978م، إلى روما. محاولات متعددة لدخول الأراضى المحتلة عقب نفيه وحاول "كابوتشى" أكثر من مرة أن يدخل فلسطين من جديد، إلا أن عصابة الاحتلال كانت تحول دون ذلك، ففي فبراير من عام 2009، كان كابوتشي على متن سفينة الإغاثة التي توجهت إلى قطاع غزة المحاصر، والمحملة بالأمتعة والغذاء، في حين اعترضت عصابة الاحتلال الصهيونى طريق السفينة وصادرت كل ما بداخلها. كما رافق أيضاً، طاقم سفينة "مافي مرمرة" التركية عام 2010. فلسطين حزينة ويعتبر المطران كابوتشي نموذجاً ومثالاً لمدى انتماء وإيمان الشعوب العربية، على اختلاف انتمائهم الديني والجغرافي للقضية الفلسطينية، والنضال العادل والمشرف الذي يسعى لدحر الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وكانت سفارة دولة فلسطين لدى الكرسي الرسولي (الفاتيكان)، قد نعت كابوتشي، كذلك نعاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واصفاً إياه ب"المناضل الكبير". كذلك نعت الحكومة الفلسطينية الراحل، وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود، "إن رحيل المطران كابوتشي ترك حزناً عميقاً في قلب كل فلسطيني، نظراً للسيرة النضالية الحافلة والمواقف الوطنية التي تمسّك بها المطران في دفاعه عن الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، إلى جانب مكانته وسمو منزلته الدينية".