فى 13 نوفمبر 1935م، شهد كوبرى عباس الواصل بين منطقة المنيل وميدان الجيزة، ملحمة بطولية عظيمة لطلاب مصر، الذين كانوا ومازالوا شرارة لكل ثورة تطالب بالحرية، بل إنهم يتصدرون المشهد بصدور عارية أمام الرصاص. وتحل اليوم الموافق الثالث عشر من نوفمبر، من كل عام ذكرى يوم اندلاع تظاهرة كوبري عباس، التي أشعلها تصريح "صمويل هور" وزير الخارجية البريطاني الأسبق، بعدما صرح بأن دستور 1923م، غير صالح للعمل به، في مصر وأن دستور 1930 ضد رغبة الأمة بالإجماع، فالتهبت المشاعر بسبب هذا التصريح الذي تزامن مع الاحتفال بعيد الجهاد وتحول الاحتفال بهذا العيد إلى تظاهرات عارمة. إبطال العمل بالدستور كان البداية وكانت شرارة الثورة المحدودة، أو التظاهرة كما يسمونها، هى عندما تولت وزارة "نسيم" في 14 نوفمبر 1934ميلادية استصدرت أمرًا ملكيًا بإبطال العمل بدستور 1930، إلى أن يوضع نظام دستوري جديد يحل محل دستوري 1923 و1930، وفي 9 نوفمبر 1935 وفي قاعة "الجولدن هول" بلندن، ألقى السير صمويل هور، وزير الخارجية البريطاني، تصريحا أثار الشارع المصري ومثل الفتيل الأول في اندلاع تظاهرات كوبري عباس الأولى في مثل هذا اليوم 13 نوفمبر 1935ميلادية. الطلبة يرفضون حديث "هور" حيث صرح "هور" بأن دستور1923 غير صالح للعمل وهو الدستور الذي كان يلقى قبولا شعبيًا كبيرا، ودستور1930 لاينطبق على رغبات الأمة، وما إن أدلى "صمويل هور" بهذا التصريح إلا وكان له وقع الصدمة في نفوس المصريين فاندلعت المظاهرات في القاهرة، وخرج طلاب الجامعة وانضم إليهم طلاب المدارس في مظاهرة تهتف ضد التصريح البريطاني وضد الاحتلال، ونادت بسقوط الوزارة، وعندما اندفعت حشود الطلاب لتجتاز كوبري عباس لتصل لقلب العاصمة. إطلاق الرصاص على المتظاهرين وسقط أول شهيد برصاص البوليس الإنجليزي وهو "إسماعيل محمد العبد"، وفي اليوم التالي 14 نوفمبر تجددت المظاهرات وتجمع الطلبة في ساحة الجامعة واتجهوا إلى القاهرة فقابلهم البوليس الإنجليزي والمصري باطلاق النار وقتل من طلبة الجامعة "محمد عبدالمجيد مرسي" من كلية الزراعة و"محمد عبدالحكم الجراحي" طالب الآداب و"علي طه عفيفي" طالب دار العلوم وقتل الخامس في مظاهرة في طنطا وهو "عبدالحليم عبدالمقصود شبكة" طالب بالمعهد الديني. أقيم للشهداء نصب تذكاري كان صاحب فكرته النقراشي باشا نفسه لأنه كان يعمل أصلاً بالتدريس وكان قريباً من الطلاب والتلاميذ وكان رئيساً لفرق كشافة الوفد المعروفة بفرق القمصان الزرقاء وزعيماً لهم وأزاح معهم الستار عن النصب التذكاري في 7 ديسمبر وقام الطلبة يومها بمظاهرة هائلة تصدرها كل الزعماء الوطنيين وكان تصرف الطلبة سبباً في حدوث الائتلاف الوطني بين الزعماء وعودة الدستور بعد غياب خمس سنوات. إبراهيم شكرى.. الشهيد الحى ويجد بالذكر هنا أن المهندس إبراهيم شكرى الذى كان حينها طالب بكلية الزراعة وعضو حزب مصر الفتاة ومؤسس حزب العمل (الاستقلال حاليًا) فيما بعد كان من بين المتظاهرين وسقط إلى جوار عبدالحكم الجراحى وظنوه قد استشهد وحملوه مع الشهداء إلى المستشفى وهناك اكتشفوا أنه مازال على قيد الحياة ليكتسب اللقب الذي لازمه طوال حياته وهو الشهيد الحي. صورة- جانب من اعتقال الطلاب أثناء التظاهرات