أثار المرشح الجمهوري السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض "دونالد ترامب" من مواضيع مثيرة للجدل أحياناً وللسخرية أحياناً كثيرة ، لغطًا وجدلًا لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنتخابات الأمريكية التي يمتد تاريخها إلى ما يقرب من 200 عام، بعد تصريحاته الأخيرة على احتمالية توزير العملية الانتخابية. فحديث المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية ، "دونالد ترامب" ، عن تزوير الانتخابات أشبه بالزلزال، الذي هز الأوساط السياسية الأمريكية، بمن فيهم أقطاب الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه "ترامب" ، مما دفع عددًا منهم لسحب تأييدهم له، عقب تصريحاته المسيئة عن النساء، وتزوير الانتخابات الرئاسية والتى تجري يوم 8 نوفمبر الجاري. الحديث عن تزوير الانتخابات الأمريكية، الذي لم يقل به أحد قبل "ترامب"، و كرره أكثر من مرة، خصوصًا في مناظراته التليفزيونية، مع منافسته عن الحزب الديمقراطي "هيلاري كلينتون". وبالرغم من أن "ترامب" لم يقدم شاهدًا أو دليلًا على كلامه ب"تزوير الانتخابات" ، لكنه هدد إذا لم يفز في الانتخابات، فإنه لن يعترف بالنتيجة، في تهديد واضح بإثارة القلاقل والفوضى، إذا لم تعلن النتيجة بفوزه رئيسًا. ومن جانها ، أعلنت وزارة العدل الأمريكية أن مسؤوليها سينتشرون في مراكز الاقتراع خلال الانتخابات ،مشيرة إلى أن هذا الإجراء يأتي في إطار جهودها لضمان أن "يشارك الناخبون في عملية الاقتراع بحرية"، مشددة على أنها ستحقق في أي شكاوى تتعلق بوقوع تجاوزات محتملة مثل "العنصرية والتزوير والتهديد" وغيرها. حديث ترامب عن التزوير.. حقيقة أم إثارة وتشويق في المناظرة الرئاسية الثالثة والأخيرة، التي استمرت ساعتين كاملتين ، في حرم جامعة "نيفادا" في مدينة "لاس فيجاس"، والتي تمحورت حول قضايا ، الديون، والمستحقات، والهجرة، والاقتصاد، والمحكمة العليا، والقضايا الساخنة الأجنبية ، واللياقة للرئاسة، جدد "ترامب" الحديث عن "تزوير الانتخابات". ولكن مقدم المناظرة، "كريس واليس" ، سأل المرشح الجمهوري، "دونالد ترامب"، بشكل أكثر وضوحًا ، عن ما إذا كان سيقبل بنتائج الانتخابات النهائية، ليرد الأخير: سأخبركم عندما يحين الوقت، فعاد "كريس" سؤاله هل ستقبل بنتائج هذه الانتخابات؟ ، ولكن "ترامب" لم يعطي الحاضرين أى إجابة صريحة. وأجاب "ترامب" قائلا: "سأنظر في الأمر حينها"، لن أقرر أي شيء الآن، ما رأيته هو أن الإعلام مخادع وفاسد جدًا، وتراكم الاتهامات مذهل حقًا، حتى جريدة "نيويورك تايمز" كتبت عن ذلك، الإعلام تلاعب بعقول المنتخبين، لكن لسوء حظهم استطاع بعض الناخبين اكتشاف لعبتهم. وأعاد "كريس واليس" السؤال بشكل آخر: "أحد الأمور التي نفخر بها في هذه البلاد، هي أننا نسلم السلطة للقائد التالي بسلام، وبصرف النظر عن عداوة الحملات الرئاسية، في النهاية، الخاسر يتنازل للرابح، ويجتمع كل من في البلاد لمصلحته ، هل تقول إنك لست مستعدًا للالتزام بهذا المبدأ؟" ،ولكن "ترامب أذهل الجميع حينما جاوبه قائلًا: "ما أقوله هو إنني سأجاوبكم في وقتها، لأحافظ على الإثارة والتشويق". ردرد الأفعال.. الحزب الجمهورى غاضب وأوباما ينصح ترامب اثارات تصريحات وتلميحات "ترامب" انتقادات حادة من قبل السناتور الجمهوري، "ليندسي غريام" ، الذي قال في بيان إن "ترامب" يسيء للحزب والبلاد بالاستمرار في القول إن نتيجة الانتخابات، خارجة عن سيطرته وبأنها مزورة ضده. وقال "نيكول ولاس" ، المحلل في محطة "سي بي إس" الإخبارية، ومستشار السيناتور "جون ماكين" خلال حملته الانتخابية في 2008، "قد يكون ترامب ، بذلك دق مسمارًا في نعشه، وأطلق النار على نفسه. من جانبه ، طالب الرئيس الأمريكي" باراك أوباما"، المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، "دونالد ترامب" بالتوقف عن النحيب، ورفض مزاعم الأخير بأن الانتخابات التي ستجرى بعد أسبوع من اليوم سيجري تزويرها، مشيرًا إلى أن محاولة "ترامب" تشويه الانتخابات الرئاسية، حتى قبل أن تبدأ، هي أمر "غير مسبوق" لمرشح رئاسي أمريكي. وقال "أوباما" إن تصريحات "ترامب" بشأن تزوير الانتخابات لا تستند إلى حقائق، وأضاف: "أود أن أنصح ترامب بالتوقف عن النحيب، والسعي لتقديم رؤيته للحصول على أصوات الناخبين" ، وتابع: "وبالمناسبة، فإن ذلك لا يظهر نوع القيادة والصرامة التي تسعى إليها في شخصية الرئيس، إذا بدأت النحيب قبل أن تنتهي حتى اللعبة، إذا ساءت الأمر بالنسبة لك في أي وقت وخسرت، فإنك تبدأ إلقاء اللوم على شخص آخر، لذا فإنك لا تتمتع بالمواصفات الضرورية المطلوبة لهذا المنصب". "ترامب" المتعصب.. هل يختاره الأمركيين ؟! حديث "ترامب" عن تزوير الانتخابات الأمريكية ، يحمل أكثر من مغزى، خصوصًا في ظل حالة التعصب التي أوجدها خطاب المرشح الجمهوري، وإثارة قضايا منع دخول المسلمين الولاياتالمتحدة، وهجومه على اللاجئين ومنعهم من الدخول، وبناء سور على الحدود مع كندا، وإثارة اليمين المحافظ، وتأجيج خطاب الكراهية، في وقت تتصاعد فيه أعمال العنف بين البيض والسود، إثر حوادث اعتداءات من الشرطة على السود. هذه الحالة لم تكن على الصعيد السياسي فحسب ، فقد وجه عددًا من نجوم هوليود رسالة إلى الأميركيين يطالبونهم فيها بالتسجيل والمشاركة في الانتخابات لمنع المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" من الوصول إلى البيت الأبيض ، وجاءت هذه الرسالة في تسجيل أنتجه المخرج "جوس ويدون"، وهو الأول ضمن سلسلة تسجيلات ستصدر تباعًا. أصوات فلوريدا فى انتخابات 2000.. تزوير أم حظوظ في عام 2000، وفي أثناء فرز انتخابات الرئاسة في ولاية "فلوريدا"، حدث لغط شديد بين معسكر المرشح الجمهوري "جورج بوش" الابن، ومعسكر المرشح الديمقراطي "آل جور"، بشأن الفرز اليدوي وتوقف قرار حسم نتائج الانتخابات الرئاسية، لحين سماع رأي المحكمة العليا في فلوريدا، للفصل في الخلافات بين المعسكرين، بشأن استمرار أو وقف الفرز اليدوي في بعض مقاطعات الولاية، بعد أن قررت المحكمة وقف إعلان النتائج الرسمية ل"فلوريدا"، بالتالي للانتخابات ككل. وكانت أظهرت النتائج غير الرسمية، بعد حصر أغلبية أصوات المغتربين من سكان فلوريدا المقيمين بالخارج، تقدم "بوش" علي "آل جور" ب927 صوتًا، وطبقا للنتائج غير الرسمية، فقد زادت أصوات الأمريكيين المغتربين والعسكريين، بعد فرز 66 مقاطعة، من67 هي إجمالي مقاطعات فلوريدا، من الفارق الذي يتمتع به "بوش" على "آل جور" ب927 صوتًا. أصوات المدنيين والعسكريين ووقعت عدة مشكلات خلال عملية فرز أصوات الأمريكيين المدنيين والعسكريين، دفعت بالصراع الانتخابي إلى حلقة جديدة من الانتقادات والنزاع القانوني، وذكر مسؤولو الانتخابات في الولاية، أنه تم التخلص من نحو ألف صوت ؛ نظرًا لوجود مخالفات إجرائية في أسلوب التصويت عليها، من بينها وضع طوابع محلية، بدلًا من الطوابع الخارجية على المظاريف، أو عدم وجود توقيع لشاهد، يثبت فيه أن التصويت تم بصورة قانونية. وجرى اعتبار نصف أصوات المغتربين في بعض الولايات غير صالحة، خصوصًا بين الناخبين من العسكريين، ما آثار انتقادات لاذعة بين أعضاء الحزب الجمهوري، الذين اتهموا مسؤولي الانتخابات المحليين، بالتنسيق مع الديمقراطيين، لرفض تلك الأصوات. فهل تتكرر مثل هذه الحوادث على نطاق أكبر في ظل الانتخابات القادمة، في ظل مرشح رئاسي يدلي بتصريحات بأن "الانتخابات ستزور"، وأنه لن يعترف بالنتيجة إذا لم يفز؟.