بعد تقليص ميزانية الصحة فى البلاد، على الرغم من تردى الخدمات من الأساس واستحواذ القوات المسلحة على نصيب الأسد من الأجهزة الجديدة والدعم، إلا أن العسكر يحاول تعويض جزء من ذلك، بخصخصة مستشفيات التكامل التى أنشائها فساد المخلوع مبارك، واكتملت فى قبل ثورة يناير بفترة قصيرة وتشعب فيها الفساد، ولا ينكر أحد ذلك، لكنها بالمقابل تقدم خدمات طبية بالمحافظات حتى لو كانت محدودة. فالفساد الذى خلفته دولة العسكر، ونهب بعض الدعم المقدم على الأدوية فى مستشفيات التكامل يدعو إلى وقفة، لكن ليست تلك الوقفة ترك الفساد كما هو وتحويله إلى القطاع الخاص، الذى سيعوض مكاسب عظيمة بجانب الفساد والنهب، يدفعها أيضًا المواطن، لكن على طريقة الأضعاف المضاعفة. وكانت وزارة الصحة في حكومة الانقلاب قد أعلنت عن خصخصة 75 مستشفى حكوميا خلال الفترة المقبلة، ما يضع العديد من علامات الاستفهام حول أسباب الإقبال على تلك الخطوة، ومستقبل تلك المستشفيات بعد خصخصتها. وقال أحمد عماد الدين، وزير الصحة بحكومة الانقلاب: إنه تم إعداد قائمة من 75 مستشفى متميزة من مستشفيات التكامل، بالتعاون مع وزارة الاستثمار، لطرحها للشراكة مع المستثمرين، مشيرا إلى أن الوزارة تدرس مع وزارة الدفاع إمكانية إدارة بعض هذه المستشفيات عن طريق إدارة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة، وكذلك التواصل مع وزارة الداخلية لاختيار عدد من أماكنها لتكون مقرات عيادات خارجية، والاتفاق مع وزارة التضامن الاجتماعي للتواصل مع الجمعيات الأهلية الراغبة في المشاركة في تطوير هذه المستشفيات. وأضاف أن الوزارة اقترحت أيضا التعاون مع المؤسسات والجمعيات الخيرية لتمويل البنية الأساسية والتجهيزات لإعادة التشغيل، وتشغيل بعض المستشفيات عن طريق مساهمات رجال الأعمال بالمحافظات في التجهيز والتشغيل، وأيضا مقترح مشاركة الوزارة مع القطاع الخاص بنظام ppp بالتعاون مع وزارة الاستثمار. من جانبها، رفضت نقابة الأطباء مخطط حكومة الانقلاب لخصخصة المستشفيات الحكومية؛ معتبرة إياه يؤثر سلبا على الفقراء، وقالت النقابة- في بيان لها- إنها ترفض الاتجاه لخصخصة مستشفيات التكامل البالغ عددها حوالى 500 مستشفى؛ لأنها ترفع تكلفة تلقى العلاج للمرضى الفقراء فى القرى المحيطة بها، مشيرة إلى أن خصخصتها سيؤدى إلى استخدم المستشفيات المبنية من أموال دافعى الضرائب لتربح القطاع الخاص، بدلا من دورها فى تقديم الخدمة الصحية للمواطن بشكل غير ربحى، بالإضافة إلى عدم توضيح مصير الأطباء وأعضاء الفريق الطبى الذين يعملون حاليا بها. وأضافت النقابة أنه لا يمكن قبول تأكيد الحكومة عجزها عن الإنفاق على هذه المستشفيات، خاصة أن الإنفاق على تشغيلها يعد أحد المسؤوليات الأساسية لوزارة الصحة، التى من أجلها أقر الدستور بضرورة رفع نصيب الصحة من الموازنة العامة للدولة، وحتى فى ظل الموازنة الضعيفة الحالية، فمن الممكن أن توجه الملايين والمليارات المهدرة فى القوافل الطبية ومكافآت كبار رجل الإدارة لتشغيل هذه المستشفيات على أحسن مستوى. وأكدت النقابة أنه إذا كانت وزارة الصحة لا تستطيع إدارة المستشفيات القروية، فمن الأولى بها ألا تعلن عن نيتها فى بناء المزيد من الوحدات الصحية، لافتة إلى أن ضبط الإنفاق على الصحة، وتسليم الأصول المبنية بأموال الشعب لإدارة وتربح القطاع الخاص، له نتيجة واحدة هى الرفع الخرافى لتكلفة الخدمة الصحية على المواطن المصرى البسيط، فى ظل المزيد من تخلى الدولة عن دورها ومسؤوليتها فى توفير الخدمة الصحية.