يبدو أن تداعيات مظاهرات جمعة الأرض التي عبّر فيها المصريون عن غضبهم تجاه عبدالفتاح السيسي، الجمعة 15 أبريل/نيسان 2016، بعد التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود مع الممكلة العربية السعودية، التي بموجبها تنازلت مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية لن تتوقف عند إعلانهم المطالبة برحيل السيسي فقط، وإنما هناك تطور جديد في الموقف ستكشف عنه الأيام المقبلة. فالمتابع للمشهد المصري خلال ال24 ساعة الماضية يدرك أن النظام المصري، وعلى رأسه السيسي، بدأ بالفعل بالشعور بالخطر، وهو الأمر الذي أكده محللون لما تبع الأحداث من ردود فعل محلية وعالمية. تغيب قانون التظاهر والإفراج عن جميع معتقلي جمعة الأرض بعد انتهاء التظاهرات كانت التوجيهات الرئاسية بعدم تفعيل قانون التظاهر مع جميع من تم القبض عليهم، وإخلاء سبيلهم جميعاً في عدد من المحافظات. ويأتي هذا القرار من قبل وزارة الداخلية، ورفض عرضهم على النيابة العامة، رغم البيان الذي أصدرته قبل 24 ساعة من موعد المظاهرات، الذي أعلنت فيه عن توافر معلومات مؤكدة لدى الأجهزة الأمنية بإطلاق جماعة الإخوان دعوات وتوزيع نشرات. لتلك الأسباب يشعر السيسي بالخوف الدكتور طارق زيدان، رئيس حزب الثورة المصرية، يقول "إن النظام بالتأكيد يعيش حالة من القلق البالغ الآن، وكان هذا واضحاً في محاولة استدعاء شعبية السيسي يوم الجمعة القادمة، وتغيب قانون التظاهر الذي طالما لم يترك فرصة ليعلن أنه متمسك بتنفيذ هذا القانون بدقة على أرض الواقع". وأكد زيدان في تصريحات خاصة ل"هافينغتون بوست عربي"، أن ما يقوم به النظام من محاولات ساذجة لاحتواء موجة الغضب الثورية دون التوقف مع الذات ومحاولة التصحيح الحقيقي للأخطاء التي مارسها خلال الفترة الماضية، قد تكون بمثابة السحر الذي ينقلب على الساحر، وعليه أن يدرك أن الوضع مختلف، وربما تظهر دعوة المظاهرات المؤيدة له ما آلت إليه شعبية السيسي. وأشار رئيس حزب الثورة المصرية إلى أن هناك 3 أمور تكشف عن مدى شعور السيسي بالخطر الحقيقي مما حدث أمس، الأول نوعية المتظاهرين، وتجمع أكبر تنوع فكري وأيديولوجي في مظاهرة واحدة منذ مظاهرات ثورة 30 يونيو. الأمر الثاني هو شعوره بالقلق من دخول الولاياتالمتحدة على الخط، وإعلانها أنها تراقب المشهد، وهو الذي دفعه للإفراج الفوري عن جميع المتظاهرين. الأمر الثالث هو غياب شعارات جماعة الإخوان المسلمين عن مظاهرات، وهو ما ينذر بزيادة أعداد المتظاهرين في الفاعلية القادمة، خصوصاً بعد كسر جدار الخوف في الشارع، وهو الأمر الذي يجب أن يستبقه النظام بإعلانه قرار الاستفتاء على الاتفاقية الذي هو المخرج الوحيد له قبل 25 أبريل/نسيان الجاري، وإلا فقد ميزة هذا الحل، حسب "huffpostarabi" "وطنية القضية أظهرت حجم اهتزاز السيسي" فيما قال المهندس محمد سيف الدولة، الكتاب المتخصص في الشأن القومي العربي، إن وزارة الداخلية المصرية لم تتصد بعنفها المعهود لمظاهرات جمعة الغضب، ولم ترفع سلاح قانون المظاهرات في مواجهتهم؛ لأن القضية ذات طابع وطني يمس أرض الوطن وسيادة الدولة، ولن تستطيع أن تتذرع كما تفعل دائماً بأن المتظاهرين يستهدفون وجود الدولة وهدمها، فبالعكس هذه المرة الواضح للعيان أن الذين يدافعون عن أرض الدولة هم المتظاهرون، والذين يفرطون فيها هم السلطة. وذكر سيف الدولة في تصريحات خاصة ل"هافينغتون بوست عربي"، أن السبب الثاني في تغييب قانون التظاهر هو شبه حالة الاجماع السياسي والشعبي على رفض الاتفاقية ورفض التنازل عن تيران وصنافير، ومن ضمنهم عديد من الشخصيات والقوى السياسية من شركاء وحلفاء السيسي في 3 يوليو/تموز، وساعد على ذلك أن غالبية المتظاهرين من المحسوبين على التيار المدني وليس الإخوان والتيار الإسلامي، فيما لعب حجم وإعداد المتظاهرين دور الردع في صعوبة التصدي لهم دون إجراء مذبحة أمنية. وأكد الكاتب سيف الدولة "أنه وضح أن السيسي اهتز مما حدث، وهو أمر لا شك فيه، وهو اهتزاز قديم لا يعود الى ليلة أمس فقط، بل تظهر أعراضه عليه منذ بضعة شهور، ولا يستطيع أحد التنبؤ برد فعل السلطة في الأيام القادمة، ولكن من وجهة نظري يجب التمسك بالقضية التي استطاعت توحيد المصريين، وأن نكمل المشوار". وأشار إلى أن موقف مؤسسات الدولة غير واضح في ظل المشهد الذي قدمه السيسى في لقائه الأخير مع السياسيين والإعلاميين، كان يقول فيه إنهم جميعاً يؤيدون الاتفاقية، وإنه لا يوجد خلاف بهذا الشأن فيما بينهم، وكأنه يريد أن يورطهم جميعاً معه، ولا يعطي أي منهم فرصة أن يدعي مستقبلاً أنه كان يعارضها. وهو ذات الإخراج الذي اتبعه عندما طالب القوى السياسية بتفويضه في يوليو/تموز 2013، حتى لا يُتهم وحده بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بقتل المتظاهرين". وكان عدد من القوى السياسية والثورية المصرية قد نظمت، الجمعة، العديد من المظاهرات الشعبية في عدد من ميادين القاهرة، رفضاً لتوقيع عبدالفتاح السيسي اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير باعتبارها أراضي سعودية.