موعد مباراة نانت ضد ستاد رين في الدوري الفرنسي والقنوات الناقلة    انطلاق العام الجامعي الجديد.. 3 ملايين طالب يعودون إلى مقاعد الدراسة في الجامعات المصرية    مصطفى عماد يهدي تكريمة في حفل توزيع جوائز دير جيست للمخرج محمد سامي    «دست الأشراف» دون صرف صحى.. ورئيس الشركة بالبحيرة: «ضمن خطة القرى المحرومة»    الاعتراف بفلسطين، جوتيريش يطالب دول العالم بعدم الخوف من رد فعل إسرائيل الانتقامي    بعد تحريض ترامب، تعرض محطة أخبار تابعة لشبكة "إي بي سي" لإطلاق نار (صور)    أول تعليق من أحمد العوضي على فوزه بجائزة "الأفضل" في لبنان (فيديو)    نجوم الفن يشعلون ريد كاربت "دير جيست 2025" بإطلالات مثيرة ومفاجآت لافتة    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    كيف تحصل على 5250 جنيه في الشهر من شهادات البنك الأهلي 2025؟.. اعرف عائد ال300 ألف جنيه    حبس المتهم بسرقة الدراجات النارية بالتجمع الأول    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات بمنشأة ناصر    بعد أولى جلسات محاكمتها.. ننشر نص اعترافات قاتلة زوجها وأطفاله الستة بقرية دلجا    ماذا تفعل حال تهشّم زجاج سيارتك؟ خطوات تنقذك على الطريق السريع    أحمد صفوت: «فات الميعاد» كسر التوقعات.. وقضاياه «شائكة»| حوار    الأكاديمية المهنية للمعلمين تعلن تفاصيل إعادة التعيين للحاصلين على مؤهل عالٍ 2025    خبير عسكري| قرار نتنياهو بهدم غزة بالكامل هو رسالة ل«مصر»    حكاية «الوكيل» في «ما تراه ليس كما يبدو».. كواليس صناعة الدم على السوشيال ميديا    د. حسين خالد يكتب: تصنيفات الجامعات مالها وما عليها (1/2)    عوامل شائعة تضعف صحة الرجال في موسم الشتاء    «هيفتكروه من الفرن».. حضري الخبز الشامي في المنزل بمكونات بسيطة (الطريقة بالخطوات)    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة    قبل انطلاق الجولة الخامسة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي    أسعار المستلزمات المدرسية 2025: الكراسات واللانش بوكس الأكثر شراءً    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    مذيع يشعل النار في لسانه على الهواء.. شاهد التفاصيل    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم السبت    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    الشيباني يرفع العلم السوري على سفارة دمشق لدى واشنطن    أشرف زكي يزور الفنان عيد أبو الحمد بعد تعرضه لأزمة قلبية    كارول سماحة عن انتقادات إحيائها حفلات بعد وفاة زوجها: كل شخص يعيش حزنه بطريقته    الدولار يواصل الصعود بعد قرار الاحتياطي الاتحادي.. والإسترليني يتراجع    ترامب يعلق على انتهاك مزعوم لمجال إستونيا الجوى من قبل مقاتلات روسية    رسميًا.. تامر مصطفى مديرًا فنيًا للاتحاد السكندري    الدفاع المدني بغزة: 450 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة    ترامب يعلن إجراء محادثات مع أفغانستان لاستعادة السيطرة على قاعدة باجرام الجوية    شوقي حامد يكتب: استقبال وزاري    مؤتمر إنزاجي: هذا سبب التعادل مع أهلي جدة.. وعلينا التعلم من المباراة    مدرب دجلة: لا نعترف بالنتائج اللحظية.. وسنبذل مجهودا مضاعفا    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض في الأسواق اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    محافظ الأقصر يسلم شهادات لسيدات الدفعة الثالثة من برنامج "المرأة تقود".. صور    انطلاقة قوية ومنظمة وعام دراسي جديد منضبط بمدارس الفيوم 2026    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    مدارس دمياط في أبهى صورها.. استعدادات شاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد    «اللي الجماهير قالبه عليه».. رضا عبدالعال يتغزل في أداء نجم الأهلي    طابور صباح وأنشطة طلابية في الشارع، سور متحرك ينهي معاناة 38 سنة بمدارس ورورة ببنها (صور)    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    قرار عاجل من النيابة ضد أبطال فيديو سكب السولار على الخبز بالشرقية    ترامب يعلن إتمام صفقة تيك توك مع الصين رغم الجدل داخل واشنطن    القرنفل مضاد طبيعي للالتهابات ومسكن للآلام    ديتوكس كامل للجسم، 6 طرق للتخلص من السموم    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً قبل الاقتصادي    سيف زاهر: جون إدوار يطالب مسئولى الزمالك بتوفير مستحقات اللاعبين قبل مواجهة الأهلى    لماذا عاقبت الجنح "مروة بنت مبارك" المزعومة في قضية سب وفاء عامر؟ |حيثيات    مخرج «ڤوي ڤوي ڤوي»: الفيلم انطلق من فكرة الهجرة الغير شرعية    تراجع كبير في سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    موعد صلاة الفجر ليوم السبت.. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعاء مخ العبادة
نشر في الشعب يوم 03 - 11 - 2015


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
آيات في القرآن الكريم جاءت فيها كلمة قل بين السؤال والجواب :
أيها الأخوة الكرام:
اثنتا عشرة آية في كتاب الله جاءت فيها كلمة قل بين السؤال والجواب.
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 189 ]
﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة البقرة: 215 ]
﴿ َيسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 217 ]
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 219 ]
﴿ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾
[ سورة البقرة: 220 ]
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾
[ سورة البقرة: 222 ]
﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾
[ سورة المائدة: 4]
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
[ سورة الأعراف: 187 ]
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ﴾
[ سورة الأنفال: 1 ]
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً﴾
[ سورة الإسراء: 85 ]
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً ﴾
[ سورة الكهف:83]
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً ﴾
[ سورة طه: 105 ]
اثنتا عشرة آية حصراً وردت في كتاب الله فيها سؤال، وفيها جواب، وبينهما قل إلا آيةً واحدةً.
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
[ سورة البقرة: 186 ]
في هذه الآية الوحيدة أغفلت كلمة " قل " وفهم بعض المفسرين أنه ليس هناك حجاب بين العبد وربه، وأن ليس هناك وسيط بين العبد وربه، " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني ".
الإيمان بالله والاستجابة لأمره والإخلاص له يجعل الإنسان مستجاب الدعوة :
لكن هذه الآية دقيقة جداً، " فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ". الإنسان بالدعاء أقوى إنسان، الإنسان بالدعاء أغنى إنسان، الإنسان بالدعاء أعلم إنسان، أنت بالدعاء تكون أعلم إنسان، أنت بالدعاء تكون أعلم الناس، وبالدعاء تكون أغنى الناس، وبالدعاء تكون أقوى الناس، لكن للدعاء شروطاً، " فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون "، للدعاء المستجاب، الاستجابة إلى الله عز وجل في تطبيق أمره، أحد العارفين بالله يقول: " ليس الولي الذي يطير في الهواء، ولا الذي يمشي على وجه الماء، ولكن الولي كل الولي هو الذي تجده عند الحلال والحرام "، أن يجدك حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك.
إذاً: " فليستجيبوا لي " حينما تحرر رزقك من الحرام، وتجعله حلالاً، حينما تضبط أعضاءك وجوارحك، حينما تقيم الإسلام في بيتك، حينما تقيمه في عملك، حينما تجعل كل نشاطاتك وفق منهج الله عز وجل " فليستجيبوا لي "، لكنه في الأعم الأغلب لن تستطيع أن تستجيب لله عز وجل ما لم تعرفه، تستجيب لمن؟ تصلي لمن؟ تخاف مِمَنْ؟ الآمر قبل الأمر، فهذا من باب عطف السبب على المسبب، " فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي "، أي فليؤمنوا بي كي يستجيبوا لي، فإذا آمنا بالله عز وجل، واستجبنا له كنا مستجابي الدعوة، أما قبل قليل " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني " حقاً، مخلصاً، علق الأمان على الله، ويئس ممن سوى الله.
الإيمان بالله، والاستجابة لأمره، والإخلاص له، يجعلك مستجاب الدعوة، وأنت بالدعاء أقوى الناس، وأغنى الناس، وأعلم الناس.
الدعاء أساسه التضرع و التذلل و الخضوع :
لكن هناك آية أخرى تقول:
﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
[ سورة الأعراف: 55 ]
أما التضرع فهو التذلل، الدعاء أساسه التضرع، أساسه التذلل، أساسه الخضوع، " تضرعا وخفية "، وخفض الصوت بالدعاء أقرب إلى الإخلاص، ورفع الصوت، و تشقيق الدعاء، أقرب إلى الرياء، فلذلك الدعاء المقبول أيضاً هو الدعاء الذي يلابسه أي يرافقه الخضوع، والتذلل، وخفض الصوت.
تفسير كلمة المعتدين :
﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
[ سورة الأعراف: 55 ]
العلماء فسروا هذه الكلمة أربعة تفسيرات، قد يعتدي الإنسان فيدعو وهو مستكبر، فقد اعتدى على شرط التضرع، وقد يدعو بصوت عال في تشقيق، و تفاصح، و تقعر في الكلام، اعتدى على خفية، وقد يطيل الدعاء إلى درجة أن الناس يملون منه، هذا عدوان، لكن أدق معنى لهذه الكلمة أن يا عبادي إذا اعتديتم على بعضكم بعضاً، إذا أكلتم أموال بعضكم بالباطل، إذا اعتديتم على أعراض بعضكم، إذا أخذتم ما في أيدي بعضكم، لن أستجيب لكم، لأنني إذاً لا أحبكم:
﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾
[ سورة الأعراف: 55 ]
وما دام لا يحب المعتدين لا يستجيب لهم، فلذلك صار الدعاء يحتاج إلى تذلل، ويحتاج إلى إخلاص، ويحتاج إلى استقامة.
الآية الأولى: يحتاج إلى إيمان، وإلى تطبيق، وإلى إخلاص.
الآية الثانية: يحتاج إلى تذلل، ويحتاج إلى البعد عن الرياء أي يحتاج إلى إخلاص، ويحتاج إلى استقامة.
إذا طبقنا الآية الأولى والثانية كنا مستجابي الدعوة، وقد سئل أحد العارفين بالله: مالنا ندعو الله فلا يستجيب لنا؟ فذكر أسباباً كثيرة: " ضيعتم أمره، ذكرتم أنكم تخافون النار ولم تتقوها، ذكرتم أنكم تطلبون الجنة ولم تعملوا لها، خفتم من بعضكم ولم تخافوا خالقكم "، كلام طويل قاله ابن الأدهم حول الدعاء.
الدعاء مخ العبادة :
الدعاء كما قال النبي في الحديث الصحيح هو العبادة، وفي حديثٍ آخر هو مخ العبادة، أحياناً المسلم يقع في ضيق، أحياناً ييئس، أحياناً يشعر أنه ضائع، لكن بالدعاء، الدعاء سلاح المؤمن، فإذا أردنا أن نكون مستجابي الدعوة فعلينا بالإيمان بالله أولاً، وطاعته ثانياً، والإخلاص له ثالثاً، وعلينا أن ندعو ونحن أذلة، دقق في الآيتين:
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
[ سورة آل عمران: 123 ]
الأذلة معناها هنا الخاضعون لله، المفتقرون إليه.
﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾
[ سورة التوبة: 25 ]
التولي و التخلي :
في حياة كل واحد منا أيها الأخوة الكرام يومان يتكرران كل يوم؛ يوم بدرٍ، ويوم حنين، فإذا قلت: أنا، تخلى الله عنك، وإذا قلت: الله، تولاك، فأنت بين التخلية والتولية، يتولاك إذا افتقرت إليه، ويتخلى عنك إذا اعتمدت على نفسك، من اتكل على نفسه أوكله الله إياها، والحل الدقيق الدقيق أن تأخذ بالأسباب، وأن تتوكل على رب الأرباب، لأنه من أخذ بالأسباب واعتمد عليها فقد أشرك، ومن لم يأخذ بها فقد عصى، وكأن الطريق الصحيح طريق عن يمينه وادٍ، وعلى يساره وادٍ، فأنت إن لم تأخذ بالأسباب فقد استخففت بنظام الكون، ورجوت أن تخرق لك الأسباب بلا مبرر، استخفاف بنظام الله عز وجل بهذه السنن حينما تأخذ بالأسباب.
أي إذا كان هناك إنسان مرض ابنه وقال: سلمته لله، ويحسب نفسه مسلماً، هذه عين المعصية، إذا الابن مرض تأخذه إلى الطبيب، يفحصه، يصف له الدواء، تعطيه الدواء بعناية، هذه الأخذ بالأسباب، لكن ثقتك أن الله هو الشافي، وأن الله إذا أراد شفاء ابنك ألهم الطبيب التشخيص الصحيح والدواء الصحيح، وسمح للدواء أن يفعل فعله، موقف دقيق جداً، إذا قلت: سلمته لله عصيت، إذا قلت: هذا الطبيب لم يعالج طفلاً إلا شفاه أشركت، مثل بسيط ابنك مرض وأخذته إلى الطبيب، إذا ما أخذته عصيت، وإن أخذته إلى الطبيب وقلت: ما شاء الله هذا الطبيب ممتاز، معه بورد أشركت، يجب أن تأخذه إلى الطبيب تنفيذاً للأسباب، وأن تعتقد أن الله إذا أراد شفاءه يلهم الطبيب صحة التشخيص، والدواء المناسب، ثم يسمح للدواء أن يفعل فعله، إذا قدرت بكل حركاتك وسكناتك أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، فقد سرت بالطريق الصحيح، هكذا فعل النبي في الهجرة، أخذ بكل الأسباب، سار مساحلاً، دخل إلى غار ثور، عين من يمحو الآثار، من يتتبع الأخبار، من يأتيه بالزاد، استأجر خبيراً في الطريق، فعل كل الأسباب فلما وصلوا إلى الغار ما اضطرب، لأنه كان متوكلاً على رب الأرباب.
الأخذ بالأسباب و التوكل على الله :
إذاً قضية دقيقة جداً، أحد أسباب تأخر المسلمين أنهم تركوا الأسباب، يقولون: نحن لنا الله، هذه حماقة، حماقة وزعبرة، الله أمرك بالأخذ بالأسباب، الحديث الصحيح يقول:
(( إن الله يلوم على العجز ))
[ أحمد عن عوف بن مالك]
تستسلم للمشكلة، لا أقدر أن أفعل شيئاً، نحن ضعاف، نحن مستضعفون، هذا كله كلام لا يرضي الله عز وجل، قال:
(( إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس))
[ أحمد عن عوف بن مالك]
طالب بحقك، قدم اعتراضاً، قابل المسؤول، تحرك، قال :
(( فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله ونعم الوكيل ))
[ أحمد عن عوف بن مالك]
لا ينبغي لك أن تقول: حسبي الله ونعم الوكيل إلا إذا أخذت بالأسباب ولم تفلح، ساعتئذٍ هذه مشيئة الله.
هذا الموضوع دقيق جداً، يجب أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ويجب أن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، يجب أن تأخذ بالأسباب دون أن تعتمد عليها، يجب أن تعتمد على الله.
لذلك الدعاء هو العبادة، والدعاء مخ العبادة، ولكي تكون مستجاب الدعوة عليك أن تؤمن، وأن تستجيب لأمر الله، وأن تخلص له، وأن تدعُو له بتضرع وخفية، وأن تستقيم على أمر الله حتى تكون مستجاب الدعوة، وإذا كنت مستجاب الدعوة فأنت أقوى الناس، وأغنى الناس، وأعلم الناس.
إذا أردت أن تكون أقوى الناس، فتوكل على الله، وإذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله، وإذا أردت أن تكون أغنى فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك، ومن أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن أصبح وأكبر همه الآخرة جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.