توقع محللون مزيداً من تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي في خطوة تهدف إلى محاولة استعادة قدرة مصر التنافسية الخارجية، لكنهم حذروا من أن تؤدي زيادة جديدة في الأسعار إلى اضطرابات اجتماعية بمصر وربما ثورة جديدة ضد نظام السيسي. ونقلت مجلة «إيكونوميست» البريطانية عن جيسون توفيي، من شركة أبحاث «كابيتال إيكونوميكس»، قوله: إن من المتوقع أن يصبح شراء الدولار الواحد مقابل 8.25 جنيه مصري في نهاية العام الحالي وب 8.50 في بداية العام المقبل، فيما يرى آخرون أن الجنيه مرشح للهبوط أكثر. وأشارت المجلة إلى أن الجنيه المصري بيع بقيمة 8.03 مقابل الدولار أي أضعف بنسبة %11 هذا العام ولا يزال السعر في السوق السوداء أرخص بنسبة %5، وهو ما يعني هبوطا جديدا في سعر الجنيه، وزيادة في الأسعار قد تؤدي إلى مصاعب واسعة تقود إلى اضطرابات اجتماعية. وقالت المجلة: إن أحلام الحكومة المصرية باجتذاب 10 مليارات من الاستثمار الأجنبي هذا العام، هي أضغاث أحلام، بعد سنوات من الاضطرابات السياسية، التي ضربت السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر. وأشارت إلى أنه رغم جهود الحكومة المصرية وقرار تعويم الجنيه المصري للقضاء على التجارة غير المشروعة، إلا أن الطلب على الدولارات يزيد على العرض، ما يعني نقصاً في الأموال النقدية لدى الحكومة وعودة تجار العملات من جديد للعمل وبيع الدولارات بسعر أعلى من السعر الرسمي. ونقلت عن ألن سانديب من مؤسسة «نعيم هولدينجز» الاستثمارية، قوله: إن استيراد مصر لنفط بقيمة 12.3 مليار دولار العام الماضي، وإنفاق 48.5 مليار دولار على مواد أخرى مستوردة يشكل «ضغطاً على الميزانية». وأوضحت المجلة أن قرار تعويم جديد للعملة المصرية أدى إلى ابتعاد المستثمرين، مشيرة إلى أن هذه التحركات مع تقنين العملة الأجنبية أضرت بالتجارة، وتشتكي الشركات من نقص النقد لاستكمال عمليات الاستيراد، وهذا ما أسهم في البطء الحاد لعملية النمو. من جانبه، قال موقع «ميدل إيست آي» البريطاني: إن تعيين طارق عامر هذا الأسبوع محافظاً للبنك المركزي المصري ينظر إليه كخطوة لاسترضاء رجال الأعمال والمصرفيين في الصراع مع سلفه، هشام رامز. وأشار الموقع، في تقرير له، إلى أن رامز، الذي تنتهي مدته رسمياً كمحافظ للبنك المركزي في 26 نوفمبر، واجه انتقادات متزايدة بعد أن رفض خفض قيمة الجنيه المصري، وقام بدلاً من ذلك بفرض تدابير قيل: إنها أغضبت الشركات المحلية التي اشتكت من نقص العملة الأجنبية لدفع ثمن الواردات. ولفت الموقع إلى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في مصر إلى 16.3 مليار دولار في سبتمبر مقابل 36 مليار دولار في 2011. ونقل عن مسؤول مصري لم يكشف عن اسمه، قوله: «على مدى الأشهر القليلة الماضية، تصاعدت الخلافات الداخلية بين رامز وعدة وزراء بسبب إدارته للسياسة النقدية تجاه الحد من الدين ومعالجة التضخم وارتفاع الأسعار». وأضاف المسؤول: «سياساته كانت تسبب حرجاً مستمراً للحكومة أمام الرأي العام لأنها أدت إلى رفع الأسعار باستمرار وتخفيض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي». وأشار الموقع إلى أن رامز وضع نفسه في موقف حرج بعد أن ألقى باللوم على مشروع قناة السويس الجديدة- الذي يعتقد أنه تكلف 8 مليارات دولار- في انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي. وأوضح الموقع أن تعيين عامر - الذي من المتوقع أن يصدر مرسوماً لإلغاء سياسات سلفه- اعتبر نصرا كبيرا لكبار رجال الأعمال؛ حيث عمل في العديد من البنوك المرموقة وكان نائباً لمحافظ البنك المركزي، وهو أيضاً زميل سابق لجمال ابن الرئيس المخلوع حسني مبارك، وبرز خلال السنوات الأخيرة من حكم مبارك. وتكافح مصر للعودة إلى مستويات النمو قبل ثورة 25 يناير 2011، وقد أدت الاضطرابات منذ ذلك الحين إلى إصابة المستثمرين والسياح الأجانب بالإحباط. وقال وزير التضامن الاجتماعي المصري الأسبوع الماضي: إن الدولة لن تكون قادرة على توزيع المعاشات التقاعدية بقيمة 6.8 مليون دولار بسبب أزمة العملة الحالية.