بقلم: كمال مساعد ناقش وزراء الدفاع الخليجيون خطة المملكة العربية السعودية لتطوير قوة «درع الجزيرة» وقيم المجلس سير العمل في مشروعي حزام التعاون، والاتصالات المؤمنة، ووسائل التدريب والتعليم العسكري وكذلك التمارين المشتركة بين أفرع القوات المسلحة في دول المجلس. كما يقضي المقترح السعودي بعدم ضرورة تواجد قوات درع الجزيرة بتشكيلاتها العسكرية في مقر قيادتها في مدينة حفر الباطن شمال شرق السعودية. ويذكر ان خطة تطوير قوات درع الجزيرة التي أقرت قبل سنوات تضمنت تعزيز هذه القوات وزيادة عديدها كي يبلغ 22 ألف عنصر وبناء مدينة عسكرية لها في حفر الباطن، إلا ان دول الخليج لم تستطع تعزيز أكثر من خمسة آلاف عسكري للقوة. ولهذا فإن ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز، كشف عن خطة تطوير قوات «درع الجزيرة» المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي على ان تشرف كل دولة على وحداتها المخصصة لقوات «درع الجزيرة» التي يمكن استدعاؤها في حال الطوارئ، وان تتولى كل دولة قوتها في بلادها مع تشكيل هيئة اركان مشتركة وامانة عامة للقيادة، وتقوم بمناورات مستمرة (للقوات) البرية والدفاع الجوي والبحري. ولا بد من الاشارة الى ان دول الخليج مرتبطة باتفاقية جماعية أطلق عليها «حزام التعاون»، تهدف الى إنشاء نظام مشترك للإنذار المبكر والسيطرة، يعرف عن الطائرات والصواريخ الباليستية ويتعقبها. ويربط هذا النظام أسلحة الدفاع الجوي لدول الخليج، ويتيح لها الاطلاع الكامل على صورة الأوضاع الجوية في الزمن الحقيقي، على ان يتخذ كل سلاح دفاع جوي الأوضاع القتالية التي يراها مناسبة لمواجهة الطائرات او الصواريخ المعادية. ومن المحتمل ان يتطور هذا النظام بحيث يستكشف ايضا المخاطر البحرية بشكل مبكر، او ان يغطي المخاطر الجوية والبحرية معا، كما ان أنظمة الصورة المشتركة البحرية او الجوية وحتى البرية هي نمط من التعاون الخليجي العسكري الموحد والمستقبلي. ويضاف إلى الصورة المشتركة قوة رد الفعل السريع للقوات المشتركة المؤلفة من (9 او 10 ألوية مشاة ميكانيكية ومدرعة). والهدف من هذه القوة الضاربة تنفيذ الاتفاق الاستراتيجي الذي يعتبر اي اعتداء على أي دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي (الإمارات، البحرين، السعودية، عمان، قطر، الكويت) عدوانا على سائر الدول الأعضاء. بداية نشير الى ما ذكره تقرير هيئة خدمات بحوت الكونغرس الاميركي، من ان الانفاق العسكري في المنطقة (الشرق الأوسط) وصل الى ما يقارب 50 مليار دولار، وقد أشارت الميزانيات العسكرية الى ان الانفاق قد ينخفض في بعض دول المجلس، بالرغم من وجود انفاق اضافي سخي ربما وجد تفسيره في ارتفاع أسعار النفط، كما ان الميزانيات الرسمية التي وضعت للاعوام المقبلة، تتحدث ايضا عن انفاق اضافي آخر، لكون أسعار النفط نفسها الى مستويات قياسية، ومن ثم فقد نما إجمالي الناتج القومي لمنطقة الشرق الأوسط بنسبة 7,4٪. وكشفت وزارة الدفاع البريطانية ان حكومتي المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وقعتا وثيقة تفاهم يراد بها توطيد شراكة أكبر في تحديث القوات المسلحة السعودية وتطوير اتصالات حميمة بين جيشي البلدين وخصوصا من خلال تدريبات ومناورات تدريبية مشتركة. وتقر الشراكة ايضا بالأهداف الرئيسية المشتركة بين الحكومتين لجهة الأمن القومي، وإجراءات مكافحة الارهاب الدولي وتحترم دور القيادة الحكيمة الذي تتولاها الحكومة السعودية في تعزيز الاستقرار الاقليمي. وتمضي حكومة المملكة العربية السعودية في جهودها المبذولة في تطوير مركز صناعي متفوق للدفاع الخليجي والاقليمي. وستضع خطة لنقل تكنولوجيا صناعية، وتوفر تدريبا ملائما لآلاف السعوديين لصيانة المعدات العسكرية الاساسية طوال فترة خدمتها. وتقر الحكومتان بمقتضى الاتفاق العسكري ان تحل الطائرات «تايفون» (TYPHOON) محل الطراز الخاص بالدفاع الجوي (ADV) من الطائرة «تورنيدو» (TORNADO) وطائرات اخرى عاملة في سلاح الجو السعودي. كما ان صفقة طائرات «تايفون» ستشمل طائرات يصل عددها الى 72 طائرة، منها دفعة أولى من 24 طائرة «ترانش 2 بلوك 5» ستحول من طلبية الانتاج الخاصة بسلاح الجو البريطاني، ودفعتان تاليتان بموجب الاتفاق. وتقدر القيمة الاجمالية للصفقة بحدود 7 مليارات جنيه استرليني (حوالى 13 مليار دولار). وكذلك في مطلع ايلول 2006 تلقت «ب أ إي سيستمز» عقدا بقيمة 2.5 مليار جنيه لتجديد وتحديث الأسطول الكامل من طائرات سلاح الجو الضاربة (80 طائرة) من طراز «تورنيدو IDS». حيث ان البرنامج سيرفع مستوى الطائرات السعودية الى مصاف طائرات سلاح الجو البريطاني GR.4. وستبقى الطائرات «تورنيدو» المحدثة في الخدمة حتى سنة .2020
في 20 تموز/يوليو ,2006 أخطرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الاميركية الكونغرس، بسلسلة من الصفقات الرئيسية المقترحة مع المملكة العربية السعودية، على النحو التالي: أسطول من 724 عربة قتال مدرعة مدولبة من سلسلة LAV (بيرانيا 3) وتتضمن الصفقة أجهزة راديوية مثبتة بعربات، و2198 جهاز راديو يدوي من طراز «سبيرهد» (SPEARHEAD)، و1700 منظار رؤية ليلية من طراز AN/AVS - 7D، و630 منظارا حرارياً، و162 بندقية عديمة الارتداد من عيار 84 ملم، وأجهزة راديو عالية التردد من إنتاج شركة «هاريس» (Harris)... وتبلغ القيمة الاجمالية، التي تشمل التدريب والدعم اللوجستي ايضا نحو 5.8 مليارات دولار. وفي ضوء ما تقدم من بيانات احصائية خاصة بكل دولة خليجية وبمقارنة أرقام بنودها نستطيع ان نستخلص الدلالات والمؤشرات التالية: أولا: ان حجم الانفاق على ميزانيات الدفاع يستأثر بنسب ومبالغ عالية من إجمالي الناتج المحلي، وان هذا الانفاق يتجه في الغالب نحو الارتفاع او الثبات او الهبوط النسبي الضئيل. ثانيا: ان حجم الانفاق العسكري استمر على ارتفاعه، مع بعض الهبوط النسبي، ولكن مع استمرار ارتفاع حجم الديون، وتأتي في مقدمة مجلس التعاون في حجم الديون السعودية (26 مليار دولار) تليها قطر (2,12 مليار دولار)، علما بأن دول مجلس التعاون لم تكن ترتفع لديها الديون إلا في السنوات القليلة الماضية. وبعد عملية 11 ايلول 2001 بدأ الإعداد العسكري الأميركي للتدخل في المنطقة وأعربت واشنطن عن رغبتها في استخدام التسهيلات المتوافرة لها في دول مجلس التعاون، بالاضافة الى اقامة قواعد عسكرية اخرى. ولقي التوجه الأميركي بعض الاعتراضات، كرفض السعودية استخدام أراضيها قواعد انطلاق للقوات الاميركية، فتمت اجراءات إعادة انتشار بعض هذه القوات من جنوب السعودية الى جنوب قطر (قاعدتي العديد والسيلية)، واستخدام التسهيلات البحرية في البحرين، واعتبار هاتين الدولتين اضافة الى الكويت حلفاء رئيسيين لواشنطن من خارج حلف شمال الأطلسي «ناتو» في المنطقة، اضافة الى شعور بعض الدول بأنها مهددة اقليميا، ما اضاف عاملا استراتيجيا في زيادة الانفاق. الا ان غياب استراتيجية أمنية ودفاعية عقلانية بعيدة المدى، تأخذ بعين الاعتبار كل العوامل والدلالات المستخلصة من الانفاق والحقائق المترتبة عليها، سيظل الانفاق العسكري عديم الجدوى، بل يشكل عبئا على التنمية كما يهدد مستقبل الوجود الاجتماعي والحضاري لدول وشعوب المجلس، اذا اخذنا بعين الاعتبار احتمال... نضوب النفط؟