أعلن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر اعتزامه الطعن قضائياً على قرار المجلس القومى للأجور زيادة الحد الأدنى لرواتب العاملين بالقطاع الخاص إلى 400 جنيه شهرياً، فيما أعربت لجنة الشكاوى بالمجلس القومى للأجور عن استعدادها لتلقى أى شكوى من العمال فى حالة عدم التزام أصحاب الأعمال بتطبيق قرار المجلس الأخير. قال عبدالرحمن خير، عضو المجلس القومى للأجور، نائب رئيس اتحاد عمال حلوان، إنه سوف يطعن أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة على قرار المجلس القومى للأجور، الذى صدر أمس الأول بأغلبية الأصوات بعد أن أعلن جميع ممثلى العمال رفضهم للقرار، متهماً الحكومة بتمرير القرار "لصالح رجال الأعمال فى إخلال واضح وصريح بمبدأ الثلاثية الذى يقتضى موافقة أطراف العمل الثلاثة".
وأكد خير أن قرار المجلس يخالف الدستور، لكونه يميز بين العاملين فى الدولة ونظرائهم فى القطاع الخاص، الذين سيطبق عليهم القرار، مضيفاً "المجلس جانبه الصواب فى قراره ونحن كممثلين عن العمال لن نقف مكتوفى الأيدى أمام اتفاق الحكومة ورجال الأعمال ضد أبناء الشعب المصرى".
وأوضح أن المادة 23 من الدستور نصت على أن يكون الحد الأدنى للأجور دون أى تمييز بين المصريين، مؤكدا أن إقرار حد أدنى للعاملين فى القطاع الخاص وتجاهل باقى العاملين "يعد مخالفة صريحة وواضحة للدستور تأتى فى وقت تقترب فيه الانتخابات البرلمانية والرئاسية دون مراعاة إمكانية استخدام هذه القضية فى مزايدات انتخابية تؤدى إلى زيادة احتقان الشارع".
واتهم الدكتور عثمان محمد عثمان، وزير التنمية الاقتصادية، بالعمل ضد إرادة الرأى العام دون مراعاة اعتبارات السلام الاجتماعى وبالمخالفة للتأكيدات المتكررة من رئيس الجمهورية بحرص النظام على تحقيق العدالة كمبدأ أساسى من مبادئ نظام الحكم.
وأكد خير أن عدداً كبيراً من رجال الأعمال فى مصر وصفوا قرار المجلس ب"المهزلة"، مشيرا إلى أن بعضهم من المقرر أن يحضروا اجتماع اتحاد العمال، غداً، لإعلان رفضهم لهذا القرار المعيب، على حد قوله. فى المقابل، أكد المستشار أحمد محمد عبد الصادق، مستشار وزير التنمية الاقتصادية، أن لجنة الشكاوى بالمجلس القومى للأجور فى حالة انعقاد دائم ومستعدة لتلقى أى عدد من شكاوى العمال بشأن تطبيق قرار المجلس بزيادة الحد الأدنى للأجور.
وقال عبد الصادق، إن المجلس يختص بالنظر فى الحد الأدنى لأجور العاملين فى القطاع الخاص، مضيفاً أن القرار سيستفيد منه نحو 60% من العاملين، كما ألزم أصحاب العمل بالحفاظ على الحقوق المكتسبة للعمال الذين تزيد دخولهم على 400 جنيه، وأشار إلى أن المجلس سوف يعيد النظر فى الحد الأدنى للأجور بعد فترة لا تزيد على 3 سنوات بما يتواكب مع زيادات الأسعار.
وقال أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، إن مفهوم المجلس القومى للأجور لا يتوافق مع الأوضاع الاقتصادية فى الوقت الحالى، مشيرا إلى ضرورة ربط معدل الأجور بالإنتاجية والكفاءة فى العمل، خاصة أن القطاع الخاص يعمل وفقا لحسابات اقتصادية تستلزم الحفاظ على تنافسية المنتج من خلال جودته ومستوى أسعاره فى الأسواق.
وأشار إلى أنه كان من الأفضل للمجلس القومى للأجور بحث سبل تغيير ثقافة العمل لدى المواطن ورفع قيمة العمل والإنتاج، بدلا من البحث عن حد أدنى خاصة أن الوضع الفعلى فى القطاع الخاص يزيد على الحد الذى توصل إليه المجلس.
وأكد مجدى طلبة، الرئيس السابق للمجلس التصديرى للملابس، أن رجال الأعمال ليسوا ضد زيادة الأجور حتى تتلاءم مع مستويات المعيشة، وقال "كلنا مستعدون لإقرار زيادات للعمال بشرط أن تقترن زيادة الأجور برفع الإنتاجية".
وأشار إلى أن قانون العمل الحالى يعطى العمال حقوقا دون أن يلزمهم بواجبات تجاه صاحب العمل، مؤكدا أن العديد من الصناعات فى مصر لا تحتمل زيادة أجور عمالها ومنها الصناعات النسيجية "التى لو زادت الأجور بها لأصبحت المصانع مهددة بالإغلاق".
من جانبه، قال عمر مهنا، رئيس مجموعة السويس للأسمنت، إن إقرار المجلس القومى للأجور 400 جنيه كحد أدنى للرواتب يعتبر بداية جيدة، خاصة أن هذا الحد يعتبر الأول من نوعه، مؤكدا ضرورة إلزام العامل بزيادة إنتاجيته مقابل زيادة الحد الأدنى لأجره الشهرى.
فى السياق نفسه، توالت ردود الفعل الغاضبة من قرار المجلس القومى للأجور من قبل القيادات العمالية، وأكد إبراهيم الأزهرى، الأمين العام لاتحاد العمال، رفضه للقرار، قائلا إن هذا المجلس "فاشل" لأنه لم يجتمع منذ إنشائه لإقرار الحد الأدنى كما ينص القانون سوى بعد حكم محكمة القضاء الإدارى.
وأكد أن وزير التنمية الاقتصادية يتحدى الرأى العام ويعمل ضد التوجهات الشعبية والقواعد العمالية التى تطالب بزيادة الحد الأدنى للأجور، حتى يظل المصريون "يلتفون حول أنفسهم"، على حد قوله.