انتقلت الدولة الصهيونية من مرحلة الخطاب الرسمي التحريضي على فلسطينيي الداخل، وتشريع القوانين العنصرية التي تستهدف وجودهم، إلى المرحلة العملية من خلال تمرين ومناورات عسكرية للأجهزة الأمنية تحاكي تشريدهم وقمعهم في حال اندلاع انتفاضة بالداخل. وكشفت الإذاعة الصهيونية بالتزامن مع مصادقة الحكومة على قانون المواطنة، النقاب عن أن الأذرع الأمنية أنجزت مؤخرا تمرينا واسعا بغية التعامل مع سيناريو اندلاع انتفاضة وعمليات تفجيرية تقوم بها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) داخل الدولة الصهيونية إذا ما تم الاتفاق مع السلطة الفلسطينية على التبادل السكاني.
وتعاملت أذرع الأمن خلال التمرين مع إمكانية قيام حماس بالانقلاب على السلطة والسيطرة على الضفة الغربية، وإطلاق الصواريخ منها على الداخل الصهيونى.
وبحسب إلاذاعة، فإن معسكر اعتقال كبيرا سيقام بالجليل، إلى جانب إخلاء السجون من المعتقلين الأجانب لاستيعاب أكبر عدد من فلسطينيي الداخل، كما يحاكي التمرين اشتباكات داخل السجون ومحاولة قصفها بالصواريخ.
وأشرف على تنظيم التدريبات مصلحة السجون، بمشاركة مختلف الأجهزة الأمنية، منها الوحدات الخاصة والشرطة والإطفاء والشرطة العسكرية والجبهة الداخلية.
وقال النائب بالكنيست دوف حنين "ننظر ببالغ الخطورة لمجرد التمرين الذي يحاكي قمع وتشريد المواطنين العرب. فشعارات الترانسفير التي كانت تروج لها أحزاب اليمين، تحولت إلى خطاب رسمي للمؤسسة الإسرائيلية، وانتقلت بمثل هذا التدريب إلى برنامج عمل يطبق على أرض الواقع".
وأضاف "تسود الدولة أجواء مشحونة، ولا أستبعد أن تستغل المؤسسة اندلاع أي أزمة بالمنطقة أو حرب، لتقوم بتنفيذ مخطط الترانسفير وإحلال نكبة بالعرب حيث نشهد تطورات خطيرة وقد سلكوا الطريق لذلك. وبات قمع العرب أو تشريدهم من أهم الأفكار التي تؤمن بها المؤسسة السياسية".
دولة فاشية وحث حنين القوى التقدمية اليهودية واليسار على للدفاع عن القيم الديمقراطية وحقوق المواطنين العرب، والنضال إلى جانبهم لإفشال هذه المخططات ووقف تدهور الدولة نحو "الفاشية"، على حد تعبيره.
يُذكر أن معظم فرقاء الحكومة الصهيونية الحالية، والرأي العام اليهودي يعتبران الفلسطينيين بمناطق 1948 بمثابة "عدو داخلي" تجب محاربته بواسطة القمع والملاحقة.
وتصدر بين الحين والآخر دعوات تطالب بترحيلهم، وسيل القوانين العنصرية الأخيرة يهدف لتضييق الخناق على وجودهم.
وقال المحلل السياسي والباحث بالشأن الصهيوني أنطوان شلحت "لا يمكن التعامل مع المناورات العسكرية التي تحاكي تنفيذ مخطط ترانسفير ضد الفلسطينيين بالداخل، والتي يبدو أن الكشف عنها كان عملاً يراد منه الترهيب والترويع، إلا في إطار تواتر الحديث عن قيام الحكومة بإجراء مداولات مغلقة تتعلق بخطط تبادل أراض وسكان".
ترحيل الفلسطينيين وتابع أن هذه المناورات تهدف إلى ردع الفلسطينيين بالداخل، وأن المؤسسة السياسية والعسكرية على السواء، لا تخفي عداءها إزاء الحراك السياسي لهم، والذي يكتسب مزيدا من الزخم مؤخرا على صعيد التصدي لمطلب الاعتراف بيهودية الدولة الصهيونية وسياسة التفرقة العنصرية.
وأشار شلحت إلى أن المؤسسة تقوم بممارسات شتى لكبح هذا الحراك على شتى المستويات السياسية والقانونية والاقتصادية، فضلاً عن حملات الاعتقال والمحاكمات بحجج "أمنية واهية".
وكان وزير الخارجية الصهيونى أفيجدور ليبرمان قد كشف النقاب عن طرح التبادل السكاني في سياق الخطاب الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بدورها قالت النائبة العربية بالكنيست حنين زعبي "إذا كانت إسرائيل تتوقع مظاهرات بعد التوقيع على اتفاقيات فهذا يدل على أنها تعلم أن الاتفاقيات التي تعمل على إملائها للسلطة الفلسطينية لا يقبلها الشعب الفلسطيني، ولا تمثل أمانيه ولا تضمن حقوقه".
رسالة للمفاوض ورأت زعبي أن المناورات العسكرية وتوقع مظاهرات وانتفاضة ضدها هي رسالة على المفاوض الفلسطيني أن يفهمها "فهي تكشف قناعات إسرائيلية بأنها تستطيع فرض إملاءات على المفاوض الفلسطيني لا تستطيع في نفس الوقت فرضها على شعبنا".
وقالت أيضا إنه أولى بالسلطة الفلسطينية أن تفهم بأن الذي يعلن الحرب على أي جزء من الشعب الفلسطيني لا يهدف لسلام عادل وحقيقي، وأن تتصرف بما يتلاءم، وألا تقبل بأن تكون ذريعة ووسيلة لشن حروب قادمة على الشعب الفلسطيني".