ركزت صحف بغداد على تفجيرات الامس التي استهدفت سبع محافظات عراقية بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة ضربت مراكز امنية ونقاط تفتيش وخلفت العشرات بين قتيل وجريح، وقالت احدى الصحف إن عودة موجة العنف إلى العراق ولا سيما في شهر واحد معناها الفشل، فيما تساءلت صحيفة اخرى، ماذا يمكن تسمية ما حدث هل هو خرق امني ام انهيار امني؟. فيما شكلت الدعوة التي اطلقها نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي الى انعقاد البرلمان وحوارات الكتل السياسية لتشكيل الحكومة المقبلة، فيما اشارت صحيفة اخرى الى ان فرقاء الازمة يشعرون بالخيبة وسبب الخيبة يتعلق بمحاولات "عبثية" لتوظيف اوراق خارجية.
استفحال التراخي وتحت عنوان (إستهداف مراكز شرطة)، قالت صحيفة "العدالة"، يومية تصدر عن نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، في مقال لها كتبه مدير التحرير علي خليف "عاد العنف مرة أخرى إلى البلاد بعد أيام قليلة من موجة العنف التي خلفت أعدادا كبيرة من الشهداء والجرحى عندما استهدف إرهابيون مكانا لتطوع الجيش في بغداد، ويوم أمس عاود الإرهابيون المأجورون أعمالهم الإجرامية واستهدفوا مراكز الشرطة بوصفها رمزا لحفظ الأمن والإستقرار كما استهدفوا المواطنين الأبرياء في مناطق متفرقة من بغداد والمحافظات".
وتابعت الصحيفة ان "الإنتقادات ستوجه إلى الأجهزة الأمنية التي لم تفلح في وضع خطة محكمة في شهر رمضان واستفحل التراخي بين صفوف الأجهزة الأمنية ودب الفتور في مفاصل المؤسسة العسكرية، ولكن كل ذلك يشير ويدل على ان المعركة مع الإرهاب لم تنته بعد، وان عصابات الجريمة التي تحالفت مع قوى الإرهاب الداخلي والخارجي لا زالت تمارس أعمالها الإجرامية".
الانفجارات والسرقات الى ذلك، قالت صحيفة "الاتحاد"، يومية تصدر عن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الجمهورية جلال طالباني، في مقال لها كتبه نائب رئيس التحرير عبد الهادي مهدي وحمل عنوان (الانفجارات والسرقات.. الى متى): "رغم الاشكاليات التي تشهدها الساحة السياسية العراقية، فإن تدهور الملف الامني عاد الى الصدارة مرة اخرى، ورغم كل المحاولات فانه يفرض نفسه بقوة لدى الشارع العراقي الذي يبحث عن الاسباب الحقيقية لهذا التدهور".
وتابعت الصحيفة "ما حدث بالامس لا يمكن ان يمر مرور الكرام، ويفتح الابواب على مصاريعها امام سيل من الاستفسارات التي تبحث عن الاجابات الحقيقية بعيدا عن الانفعالية وتوجيه الاتهامات والتعالي في التعاطي مع الموضوع لانه جاء بعد اقل من اسبوع على استهداف مركز المتطوعين في باب المعظم".
وتضيف الصحيفة "يفترض في مثل هذه الحالات ان تكون القوات الامنية في اعلى درجات الحيطة والحذر لتفويت الفرصة امام المجاميع التي تقوم بمثل هذه الاعمال وتزهق ارواح الابرياء من العراقيين خلال خطط امنية محكمة وليس التراخي واللهاث خلف عبارات وتبريرات لا يستسيغها الشارع العراقي".
وتساءلت الصحيفة "ماذا يمكن تسمية ما حدث هل هو خرق امني ام انهيار امني"، مضيفة "ان كان خرقا امنيا فهذا يعني ان الاجهزة الامنية لا تملك من الوسائل الاستخبارية لمعرفة خلفيات المنتسبين لديها، وان كان انهيارا امنيا يعني ان الخطط الامنية ومواجهة التحديات بحاجة ماسة الى مراجعة جدية لعدم جديتها في مواجهة هكذا تحديات".
وترى الصحيفة ان "الخشية في الشارع العراقي الآن من عودة مثل هذه الاعمال الاجرامية بشكل اوسع لتشمل فئات ومراكز اكثر حساسية، والغريب في الامر ان الاجهزة الامنية ومن خلال بياناتها الرسمية كانت تحذر من وقوع مثل هذه الاعمال خلال شهر رمضان وقبل الانسحاب الامريكي وهذا يعني وجود خطط كافية لمنع وقوعها".
وتختتم الصحيفة مقالها بالقول "حلقة هذه الاعمال متسلسلة فبعد الاخبار هذه الايام عن سرقة الملايين من الاموال العراقية في اكثر من محافظة وفي وضح النهار وبوسائل مختلفة في غياب واضح لاي اجراء امني لمنع تكراره، جاءت احداث الاربعاء لتكمل سلسلة الاختراقات الامنية".
سيناريو دموي الى ذلك قالت صحيفة "الصباح" (يومية رسمية) في مقال لها كتبه نائب توفيق التميمي وحمل عنوان (سيناريو دموي متكرر)، "السيناريو الدموي نفسه يتكرر مع مجاميع من الشباب العراقي المتطوعين الى خدمة بلادهم والراغبين في العمل بالجيش ووحداته بعد ان ضاقت بهم سبل العطالة والبطالة وبعد ان سئموا السير في متاهات الفراغ وبعد ان تراكم التراب على شهادات البعض منهم، فما كان من الاعلان لوزارة الدفاع عن حاجتها الى عدد من الوظائف الا انقاذا ليس لاوضاعهم المالية فقط، بل للخروج من حصار البطالة والملل وعدم الشعور باداء المسئولية التي تنتظر الانسان في ذروة عنفوانه لا سيما بعد تخرجه وجلوسه على مصاطب البطالة، لم يكن مئات من هؤلاء الشباب ينتظرون ان تنتهي قصة احباطهم عند اللحظة الكارثية التي اختلف الرواة بسرد سيناريوهاتها الدموية، فمنهم من يقول ان انتحاريا تسلل بين هؤلاء المتطوعين وبتسهيلات من اطراف مخولة بالدخول من السياجات الامنية التي تحرس منطقة الميدان لثلاثة ايام، وهي المدة التي حددت لتقديم ملفات المتطوعين الشباب، ومنهم من يقول ان الكارثة نجمت عن سيارة مفخخة ركنت في منطقة قريبة من تجمع هؤلاء المتطوعين، ومهما يكن السيناريو الحقيقي فالنتيجة واحدة وهي نجاح المهمة الارهابية الاجرامية واهدار عشرات الارواح البريئة وايقاع خسارة كارثية بالشباب العراقي المتطلع لدور ومهمة بناء وطنه والدفاع عنه، وان كان هذا الارهابي الجبان او السيارة المعبأة بديناميت الاحقاد قد فلتا من كل الاحترازات الامنية كما يحصل في كل مرة ولا يحدث عقب هذه الكوارث الا صراخات متشنجة بتشكيل مجالس تحقيقية لمعرفة الجناة لا تنتهي عادة بتحقيق مهمتها وغاياتها، ولكن هذه المرة المسؤولية تتحملها الحكومة سواء كانت بعنوان تصريف الاعمال او بدونها، لانها هي التي دعت هؤلاء الشباب من خلال اعلان رسمي، وكان عليها ان تتحمل المسؤولية عن ارواحهم البريئة وتضمن سلامتهم حتى نهاية تسليم ملفات تعيينهم، ومن ثم ان هذا السيناريو الكارثي لم يكن الاول بين سيناريوهات استهداف المتطوعين الشباب وايقاع اكبر الخسائر فيهم وخسارة البلاد كفاءتهم والنكبة في شبابهم، فقد سبقت ذلك كوارث مشابهة وقعت امام بوابة مطار المثنى في الكرخ وكذلك امام ابواب كلية الشرطة في الرصافة قبل عامين حيث يتعمد بقاء هؤلاء الشباب عراة امام تلك الجماعات الشبحية الارهابية ليكونوا اسهل الاهداف واضعفها امام الارهابيين القتلة لايصال اهدافهم الشريرة التي لا تعدو دوافعها دائرة الاختلاف السياسي والتنازع على الغنائم والحصص، وحتى لو تخطينا هذا الاحتمال الى احتمال التدخلات الخارجية او غيرها فاننا ازاء تقصير فادح من قبل السلطة امام ارواح مواطنيها التي لا تهدر امام ابواب وزارة الدفاع فقط بل في كل مكان بالاسواق ودور العبادة وساحات شرطة المرور الشرفاء".