بدأ مدير المخابرات الافغاني السابق والذي خرج من منصبه الشهر الماضي حملة تحذر من سياسات كرزاي الداعية للحوار مع طالبان واشراك عناصر منها في الحكومة وقال انها وصفة جيدة لبداية الحرب الاهلية. وكان امرالله صالح مديرا للاستخبارات لمدة ستة اعوام، وبدأ في الاونة الاخيرة حملة لتحذير الافغان من مغبة سياسات الرئيس وان الاخير فقد الارادة على مواصلة قتال طالبان وانه يحاول بطريقة خرقاء التوصل لسلام معهم.
وبدأ صالح حملته في العاصمة كابول وفي جولات داخل المراكز الكبرى في شمال افغانستان محذرا من اخطاء الرئيس. وقال صالح في جلسة له مع طلاب كلية في كابول انه لو يرفع صوته "فاننا نسير نحو ازمة".
وتعبر مواقف صالح عن موقف عدد من قادة الجماعات الاخرى الافغانية التي لا تمثل غالبية السكان مثل البشتون الذين يمثلون غالب السكان وينتمي اليهم معظم المقاتلين من طالبان.
ويرى قادة هذه الجماعات من الهزارا والطاجيك والاوزبك انهم صاروا مهمشين في حكومة الرئيس كرزاي وهو يحاول تكثيف الجهود من اجل التحاور مع المقاتلين البشتون. وتتزامن تحذيرات صالح مع المواقف الامريكية المتضاربة من عملية المصالحة وطريقة الحوار مع طالبان حيث لم تتضح بعد مواقف الادارة الامريكية والتي ان دعمت المصالحة الا انها لم تظهر موقفا علنيا داعما من عملية الحوار مع طالبان مع ان صحيفة بريطانية تحدثت بداية هذا الاسبوع عن موقف متغير من الادارة للحوار عبر طرف ثالث سعودي او باكستاني- فيما اكدت ادارة الرئيس باراك اوباما انها تدعم جهود المصالحة التي يقوم بها كرزاي.
وكان الممثل المدني للناتو في كابول وهو مارك سيدويل قد حذر من ان اي حل سياسي في البلاد يجب ان يكون داخليا وبالاتفاق مع القوى الاقليمية بدون تدخل غربي. واضاف ان اي حل مفروض يعني تخزين مشاكل، "والمشاكل في هذا البلد تنتهي بعنف"، كما قال.
وينظر الى دعم جهود المصالحة التي يقودها كرزاي على انها تسليم من الادارة وراسمي السياسات فيها ان الحل العسكري في افغانستان لم يعد الوصفة السحرية ولا بد في النهاية من حل سياسي.
وما يدفع لهذا الموقف هو تصاعد قتلى القوات الامريكية والناتو في الاشهر الاخيرة التي تعد الاكثر دموية منذ عام 2001. ومن هنا يفهم السبب الذي ادى بالتخلي عن خدمات صالح. فحسب مسؤول في قوات الناتو في كابول نقلت عنه "واشنطن بوست"، ووصف بالشخصية الذكية لكن موقفه المتشدد من عدم الحوار مع طالبان يعقد الجهود الامريكية لتحقيق الاستقرار مع ان صالح يظل شخصية مفضلة للامريكيين.
وكان صالح (38 عاما) وهو من الطاجيك، قد بدأ رحلته في عالم الامن مع القائد المشهور اثناء الحرب الافغانية احمد شاه مسعود الذي قتل قبل يومين من هجمات سبتمبر 2001. ويقول ان حملته التحذيرية من جهود كرزاي ليست مدفوعة بدافع التناحر مع العرقية البشتونية ولا لمحاولة اضعاف كرزاي.
ولكن ما يريده هو بناء قوة مدنية من الافغان تقوم بالضغط على الحكومة من اجل اتخاذ موقف متشدد تجاه طالبان ولاظهار ان الافغان لا يريدون عودة طالبان للحكم مرة اخرى. ويستهدف صالح المتعلمين وطلاب الجامعات من اجل نقل رسالته لهم وتشكيل الجماعة هذه المدنية التي لا تدعو للعنف، ويؤكد انه لا يقوم بزرع بذور الفتنة العرقية داخل المجتمع الافغاني ولكنه يحذر اتباعه القادمين من الاسوأ القادم.
مجرد رموز وبحسب الصحيفة، فقد ترك امرالله صالح عمله الشهر الماضي حيث قال ان كرزاي لم يعد يستمع لنصائحه. وحذر صالح من ان طالبان قد وصلوا لابواب كابول.
ورفض المتحدث باسم كرزاي التعليق على تعليقات صالح، لكن حكومة كرزاي التي تعهدت بمحاربة الفساد في مؤتمر المانحين يوم الاربعاء مقابل حصولها على السيطرة الامنية في البلاد بحلول عام 2014 ترى في المصالحة اولوية تعمل عليها بحذر وهدوء، ودعا الرئيس الافغاني طالبان للحوار بشرط قبولها الدستور وتخليها عن العنف، ويقلل محللون من موافقة طالبان التي ترى انها في موقع القوة مما يجعلها غير راغبة بالتحاور مع الطرف الاضعف. وتشير 'واشنطن بوست' الى ان شروط الحوار مع طالبان لم تؤد الى تهدئة القادة الذين يمثلون الجماعات الاخرى وبدأوا عملية التخلي عن دعمه بعد ان وقفوا معه طوال السنوات السابقة. ويخشى عدد منهم من ان اي صفقة مع طالبان قد تؤدي الى حرب اهلية.
وحذر محمد محقق، احد قادة الهزارا وحليف سابق لكرزاي من ان الطريق الذي يسير فيه لن يدمره بل سيدمر البلد. ومع خروج امر الله ونقل بسم الله خان من قيادة الاركان الى وزارة الداخلية هو من الطاجيك ايضا يرى عدد من نقاد كرزاي تراجعا في نبرة التشدد والنقد لطالبان داخل صفوف الحكومة ويعتقد عضو برلمان من الطاجيط ان ابناء الجماعات من الطاجيك والهزارا والاوزبك لم يعودوا شركاء لكرزاي بل موظفين وما يريد سوى استخدامهم كرموز في حكومته فقط.
مهانة الانتخابات غيرت كرزاي ويعتقد صالح ان تحول موقف كرزاي تجاه طالبان من قتالهم للصلح معهم بدأ بعد عملية الانتخابات المزورة العام الماضي حيث اعتبر نتائج الانتخابات التي كانت لصالحه وشابتها تجاوزات صفعة شخصية له. وقال صالح للصحيفة انه شعر ان الديمقراطية الامريكية اضرت به لانه فقد 'كرامته'. وما يهم في التغير ليست المهانة فقط ولكن شعور كرزاي من ان امريكا وقوات الناتو لن تستطيعا تحقيق النصر في البلاد وانها ستغادر البلاد عاجلاً ام آجلاً ولهذا توجه نحو باكستان التي تحمل مفاتيح كثيرة للحل. وبناء عليه يرى صالح ان الديمقراطية في افغانستان تتجه نحو القبر. ويتذكر صالح قول كرزاي "اعطيت كل واحد فرصة لهزيمة طالبان ومرت تسعة اعوم ولكن اين النصر".
وفي الوقت الحالي يحذر صالح مستمعيه من طالبان وما ارتكبته عندما كانت في الحكم ويقول لطلاب الجامعات انه لو عادت طالبان فستغلق جامعتهم. متحدثا ان طالبان لن ترضى بالمشاركة في الحكم وان قيادتها تتحكم فيها باكستان.
بترايوس متردد والحراك السياسي للحديث مع طالبان يأتي في ظل تغير في القيادة الامريكية العسكرية التي قد تسعى تحت قيادة الجنرال ديفيد بترايوس لشراء الوقت وتحقيق تقدم على الارض للتفاوض من موقع قوة.
فقد كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية ان الخطط التي اعلن عنها لتسليم مناطق للحكومة الافغانية العام القادم تم دفنها بسرية وسط مخاوف من عدم اهتمام الجنرال ديفيد بترايوس بما وافقت عليه الدول المانحة في اجتماعها يوم الاربعاء بكابول.
ونقلت الصحيفة مخاوف دول اوروبية حول التزام بترايوس بنقل السلطات الامنية للقوات الافغانية.
واشارت الى ان التغير في الموقف بدا في البيان الاخير للمؤتمر الدولي وعكس مخاوف الجنرال الامريكي من ان الوضع الامني في العراق ما زال هشا وان القوات الافغانية ما زالت ضعيفة بشكل يسمح ببدء عمليات نقل السلطة من قوات الناتو الى القوات الامريكية.
ونقلت عن قائد في قوات الناتو قوله انه في الوقت الذي وافقت فيه الدول المانحة الرئيسية على نقل المهام الامنية بالكامل للحكومة الافغانية الا ان الدول المشاركة بقوات على الارض تتطلع لتحقيق استقرار جيد في مناطق الشمال والغرب من البلاد وهي المناطق التي ترابط فيها قوات بلدان المانيا وايطاليا والنرويج واسبانيا. وكان قادة الناتو يأملون ببدء عملية تسليم مناطق امنة في شمال البلاد الى الجيش الافغاني وقوات الشرطة.
ولكن البيان الختامي للمؤتمر شطب منه بند بدء تسليم المناطق الافغانية بناء على قاعدة "منطقة بعد منطقة". وقال مسئول الناتو ان غياب البند هذا يعكس رغبة الجنرال بترايوس لابطاء عجلة نقل السلطة.
وكانت القوى الاوروبية المشاركة في افغانستان عازمة على الاعلان عن قائمة الاقاليم التي ستنقل صلاحيتها للافغان في اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين المزمع عقده في لشبونة في نوفمبر القادم.
ويقول المسئول ان بترايوس لا مشكلة له مع مؤتمر لشبونة لكنه مرتبط بجدول زمني يعمل حسب واشنطن، فهو يريد في صيف العام القادم اظهار نتائج جوهرية للمسؤولين الامريكيين. وبحسب المسئول فان محاولة بترايوس التأكيد على ضرورة تحقيق نتائج كانت وراء نقاش حاد بينه وبين السكرتير العام لقوات الناتو اندريس فوغ راسمسوسين في مؤتمر بينهما تم عبر الفيديو الاسبوع الماضي.