قالت صحيفة بريطانية أن الرئيس حسني مبارك أذهل المراقبين، الأسبوع الماضي، حينما رفض بيع أراضي الدولة إلى شركة يملكها القطاع الخاص، دون إبداء أي أسباب، غير أن تلك الشركة يسيطر عليها أحمد المغربي، وزير التعمير في حكومة رئيس الوزراء أحمد نظيف. وأوضحت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن الاتهامات وتدخل الرئيس أثاروا دعوات كثيرة داخل البرلمان ومن الصحافة تطالب باستقالة المغربي، كما ساهمت في إطلاق العنان لانتقادات حادة ضد الحكومة التي تضم عددا كبيرا من رجال الأعمال في مناصب وزارية.
وأكدت الصحيفة البريطانية أن المنتقدين يقولون إن رجال الأعمال صاروا أكثر قربا من الحكومة وصناعة القرار السياسي، ولذلك السبب فإن مصر لا تمتلك آليات مؤثرة لمنع أو التعامل مع مصالح رجال الأعمال المتضاربة.
كما أشارت الصحيفة إلى أن الكثيرين يعتقدون أن جمال مبارك نجل الرئيس هو من ساند دخول رجال الأعمال إلى الحكومة والحزب الحاكم.
جدير بالذكر أن الرئيس تدخل بعدما شرعت لجنة برلمانية في التحقيق في مخالفات مزعومة في بيع شركة بالم هيلز للتعمير منتجعا يقع على مساحة 240 فدانا من الأرض المطلة على بحيرة ناصر في محافظة أسوان.
بلاغ للتحقيق فى الرشوة الألمانية من جهة أخرى، قدم الدكتور سمير صبرى، المحامى بالنقض والدستورية العليا، أمس، بلاغاً إلى المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، طالب فيه بالتحقيق فى تقديم شركة «فيروشتال» العالمية رشوة لمسئولين مصريين فى هيئة اقتصادية– عبر وسيط – لإتمام مشروع مدته خمس سنوات بقيمة 15 مليون يورو.
ورفع «صبرى» دعوى قضائية مستعجلة أمام محكمة القضاء الإدارى، ضد رئيس مجلس الوزراء لوقف تنفيذ ما وصفه ب«القرار السلبى» لامتناعه عن الإفصاح عن أسماء المسؤولين المتورطين فى الرشوة. وطالب فى دعواه بإحالة المتهمين للمحكمة بتهمة الرشوة.
وقالت مصادر قضائية، إن النائب العام سيفحص البلاغ والتحقيق فيه فى ضوء المعلومات المتوفرة، موضحة أن النائب العام من الممكن أن يطلب نسخة من التحقيقات الألمانية فى هذه القضية بمجرد الانتهاء منها لتحديد ما إذا كان هناك مسؤولون مصريون متورطون فى الواقعة.
فى سياق متصل، أكدت التحقيقات التى يجريها الادعاء العام الألمانى بمدينة «ميونخ» وجود اتهامات قوية لعدد من قادة شركة «فيروشتال» تشير إلى تورطهم فى تقديمهم رشاوى بصورة منهجية لمسؤولين فى دول اليونان والأرجنتين والبرتغال وكولومبيا وإندونيسيا، بالإضافة إلى مصر، من أجل إنهاء صفقات لصالح الشركة .
من جانبها، تحركت الأرجنتين لتقصى الحقائق حول المعلومات الواردة من مكتب الادعاء العام فى «ميونخ» حول تورط مسؤولين بها فى قضية الرشوة الألمانية . ورفعت وزارة الدفاع الأرجنتينية دعوى قضائية أمام القضاء الأرجنتينى ضد رئيس شركة «فيروشتال» المقال، ماتياس ميتشرليش، وعدد من كبار قادة البحرية الأرجنتينية، بتهمة الرشوة والفساد.
وبينما أكد رئيس الشركة الجديد، يان زيشر، إصراره على وضع شروط صارمة للحيلولة دون تكرار الممارسات الخاطئة، تشير المعلومات الأولية إلى أن الادعاء العام فى مدينة «ميونخ» يطالب «فيروشتال» بدفع غرامات تدور حول 240 مليون يورو.
مصر وخمس دول أخرى وفى السياق، أكدت تحقيقات الادعاء العام فى مدينة ميونيخ الألمانية، فى قضية شركة «فروشتال» المتهمة بدفع رشاوى إلى مسؤولين فى مصر و5 دول أخرى، وجود اتهامات قوية ضد العديد من قادة الشركة تفيد بتورطهم فى قضايا رشاوى بصورة منهجية تم دفعها فى صفقات الشركة مع: مصر، واليونان، والأرجنتين، والبرتغال، وكولومبيا، وإندونيسيا، وتم دفعها فى صورة أتعاب للخبراء الاستشاريين، ووصلت قيمتها إلى أكثر من 180 مليون يورو (حوالى مليار و260 مليون جنيه).
وتشير المعلومات الأولية إلى أن الادعاء العام يطالب الشركة بدفع حوالى 240 مليون يورو غرامات، مما سبب معضلة حقيقية للإماراتيين الذين يجدون أنفسهم مجبرين على دفع غرامات على حالات فساد سابقة على شرائهم 70% من أسهم الشركة، مما أثار قلق حملة الأسهم فى الشركة، وقالت مصادر إن الإماراتيين يتشاورون حاليا مع رئيس هيئة الرقابة على الشركة «توما أنفالتلش» .
ويبحث الصندوق الحكومى لأبوظبى حاليا، حسبما نشرت صحيفة «زود دويتشه» الألمانية، تنفيذ أحد خيارين للحيلولة دون حدوث أضرار كبيرة جراء الأزمة: الأول التراجع عن الصفقة وإعادة أسهم الشركة إلى الشركة الأم «مان»، مقابل استرداد ثمن الشراء، والآخر أن تتنازل شركة «مان» عن نسبة ال30% الباقية مجانا مقابل تحمل أبوظبى سداد تكاليف تبعات الفساد الذى تفجر فى الشركة.
ونشرت صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية التحقيقات التى أشارت إلى أنه تم دفع رشاوى إلى مؤسسة استشارية فى صفقة الشركة لتوريد غواصات لليونان بين عامى 2000 و2003، بلغت 84 مليون يورو، مما أثار شكوك الرئيس السابق للقسم الضريبى فى الشركة، فأبدى تحفظه لعدم وجود وثائق كافية تثبت مجالات الصرف، وأبلغها إلى رئيس الشركة السابق «ماتياس متشرلش»، خاصة أن المبالغ ذهبت إلى حساب سرى فى أحد بنوك سويسرا، وكانت ذريعة الشركة وقتها أن المؤسسة الوسيطة قامت بعمل كبير وناجح، وحصل وسيط واحد لديه حساب فى سويسرا على 11 مليون يورو، وقبل رئيس الشركة دفعها بحجة أنه أنقذ 55 مليون يورو لصالح الشركة، بينما رأى الادعاء العام أنها جزء من الرشوة.
وقالت الصحيفة إن المشكلة فى هذه الصفقة أن هناك مؤسسة استشارية أخرى فى الكاريبى، طالبت بمبلغ 67 مليون يورو أخرى كمكافآت، وحين رفض رئيس الشركة السابق، أقامت دعوى قضائية ضد «فروشتال» أمام محكمة مدينة إسن التى يوجد بها مقر الشركة.
فى السياق نفسه وفى أول تحرك من الدول المتهمة بتلقى رشاوى، أقامت وزارة الدفاع الأرجنتينية دعوى قضائية أمام القضاء الأرجنتينى، ضد رئيس شركة «فروشتال» المقال، وعدد من كبار قادة البحرية الأرجنتينية بتهم الرشوة والفساد.
ونقلت صحيفة «لا كابيتال» الأرجنتينية عن موظف سابق فى «فروشتال» قوله إنه تم دفع رشاوى بلغت 200 ألف يورو خلال صفقة تقوم خلالها الشركة بتزويد البحرية الأرجنتينية بزوارق لجهاز خفر السواحل، ولم ينتظر الجانب الأرجنتينى إبلاغه من الجانب الألمانى بتفاصيل القضية بعد انتهاء التحقيقات، بل بدأت وزارة الدفاع فحص عقود البحرية، وعندما لم يتم التثبت من المخالفات بصورة قاطعة، قدمت طلبا رسميا للقضاء الألمانى للحصول على معلومات عما وصلت إليه التحقيقات لديها.
وأجبر ماتياس ميتشرليش، نجل المحللين النفسيين الشهيرين «ألكسندر، ومارجريت ميتشرليش»، على ترك منصبه فى مايو الماضى، بناء على التحقيقات التى يجريها الادعاء العام الألمانى معه لتورطه فى القضية.
وأكد خلفه فى رئاسة الشركة «يان زيشر» إصراره على وضع شروط صارمة للحيلولة دون تكرار الممارسات الخاطئة فى الشركة، منها برنامج للعفو عن الموظفين الذين يسهمون فى الكشف عن قضايا الفساد. ورفضت الشركة الأم «مان» الحلين، إلا أن الإماراتيين يحاولون الاعتماد على فقرة فى عقد البيع تتيح لهم فسخه بسبب الفساد السابق على شرائهم الأسهم، بينما ترفض الشركة ذلك وترى نفسها فى موقف آمن، على اعتبار أنها شركة غير عادية ولديها مشروعات عالمية، وأنه لا يوجد عقد مشابه لآخر، وأن الفساد موجود فى كل مكان.
الدول الأكثر فشلاً فى العالم ووضعت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية الشهيرة مصر فى المركز ال49 بين قائمة «الدول الأكثر فشلاً» فى العالم، التى ضمت 60 دولة، بينما جاءت دول مثل جزر القمر وزامبيا وغينيا الجديدة وأنجولا والضفة الغربية فى مرتبة أفضل من مصر.
ويتم وضع الدولة الأكثر فشلاً وفقاً لهذا المقياس فى المركز الأول وهكذا، وذلك حسب مجموعة مؤشرات، أبرزها: الديمقراطية السائدة فى البلد، وتماسكه العرقى والثقافى، ومستواه الاقتصادى والتعليمى، ومدى حرية وسائل الإعلام به. ووضع المقياس خبراء اعتمدوا فيه على الأخبار الواردة من 177 دولة خلال عام 2009.
وأعطى التقرير مصر 7.4/10 فى الضغوط السكانية (10/10 تعنى أن الضغط فى أقصى حالاته)، و6.7 حول وضع اللاجئين فى البلاد، و8.2 فى مقياس تعدد شكاوى مجموعات معينة من الناس من أحوالهم، و6 فى مقياس انتقال البشر بسلاسة فى البلاد.
وحصلت مصر على 7.4/10 فى «تذبذب» التنمية، و6.8 فى التراجع الاقتصادى، و8.4 فى غياب شرعية الدولة، و6.1 فى غياب الخدمات العامة، و8.2 فى غياب حقوق الإنسان، و6.5 فى تراجع الخدمات الأمنية، و8.1 فى «تفتت» النخبة، و7.8 فى التدخل الأجنبى، وكنتيجة مجملة حصلت مصر على 87.6/120 فى مقياس الفشل. وجاءت مصر فى المركز ال43 العام الماضى، لكن بدرجات مقاربة جداً لدرجات العام الحالى، بما يعكس تدهور بعض الدول وتقدماً مصرياً طفيفاً.
وأشارت المجلة إلى تمديد قانون الطوارئ بوصفه سبباً رئيسياً لوضع مصر فى هذه القائمة، مؤكدة أن القانون القائم منذ 3 عقود تم تمديده مؤخراً لكى يسمح للحكومة المصرية بإقصاء «الإخوان المسلمين» من الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فى إشارة إلى انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى.
وأضافت أن قانون الطوارئ سمح بتقليم أظافر المعارضة باستمرار، والرئيس مبارك يبدو عاقداً العزم على الاستمرار فى السلطة، وهو ما تراه المعارضة «مضموناً»، ونقلت عن مبارك قوله إنه عازم على البقاء فى السلطة «حتى آخر نفس وآخر نبضة قلب».