بحياتنا السياسية أسماء ما إن أتى ذكرها تذكرنا فكرا واستراتيجيات سياسية استولدت واقع ووقائع من العسير نسيانها... فالسياسة كتابا يتداول القارئ بكلمات وسطور صفحاته ارتفاعا وهبوطا... تلك كانت نافذة استقرائي لبيكر وهاملتون وهما مؤتمران صحافيا بمساء الأربعاء السادس من ديسمبر 2006 للجهر بظاهر التسعة وسبعون توصية التي جاءت بتقرير جماعتهما " الديموجهورية " والتي تتحدث بلسان حكماء بنو صهيون القدامى... ذاك التقرير الملقب " ببيكر هاملتون" والذي اعد بعناية أيديولوجية سياسية فائقة لم تفلت هدفا حيوي إلا واستهدفته... فالاستهداف الداخلي الأمريكي حاضر... والخارجي الدولي العام محدد... أما استهداف الشرق العربي المسلم فقد كانت معالمه الظاهرية والباطنية واضحة المعالم...!!! أرى بتفكري وتدبري لروح التقرير ومربض فكره... قبل تدرس للرابط بين تسلسل توصياته الظاهرة... انه أمرا صهيونيا بنقلة استراتيجية نوعية وليس مجرد توصية وإن بدت كذلك... وليس عجبا رغم أنها المرة الأولى في تاريخ النقلات النوعية الصهيونية... أن تكون النقلة رده... " وارتداد "... للنمط والأسلوب الصهيوني القديم... وهو الأسلوب السياسي البناء صهيونيا والهدام لأواصر قوة الأيديولوجية المضادة... أسلوب النفس الطويل وليس القنص بالقوة وفرض هيمنتها... وما فرض ذاك الارتداد النوعي إلا الفشل الذي أتت به حفنة رعاة بقر من المحافظين الجدد حين امتطت ظهر البغل الأمريكي الفتي... فشل إدارة النقلة النوعية الصهيونية التي فرضت 1981 واتخذت علنيتها 1992... ذاك الفشل الذي هدد أركان وثبات الاستراتيجية الصهيونية كلها... إذن... تقرير بيكر هاملتون المجموع تحت لوائه فكر وسياسة حزبي أمريكا الجمهوري والديمقراطي علي السواء... هو تصحيح إداري سياسي للاستراتيجية الصهيونية التي عرضها بوش وإدارته السياسية للخطر...!!! تأكيدا لرؤيتنا السابقة... فإن المتفكر تحليليا سياسيا في مؤتمر بوش وبلير مساء الخميس 7 ديسمبر 2006 بواشنطن... والذي جاء كرد فعل داعم وسريع لمؤتمر بيكر وهاملتون وتمحور حوله... وبدا فيه بوش مبعثر الفكر ومدافعا عن السبعة وعشرون عاما المنصرمة بخاتم إدارته... يلحظ بوضوح... تأكيد بوش وبلير علي السواء وبالتبادل علي معاني محددة وكأنها املاءات محتمة عليهما... أهم تلك المعاني التعبيرية هي... أن تقرير بيكر هاملتون " تقدمي "... وأن استباقه للتقدم أتى من خلال " رؤية "... وانهما ملتزمان بالرؤية المستمدة من مبادئ وأسس دولية غربية راسخة... وأن لفظ وتعبير " النجاح " هو البديل الصائب لتعبيرات الانتصار والفوز والقهر... الخ والتي تعبر عن معارك مؤقتة وليس حربا طويلة وشاملة... تلك الحرب التي أعلن بوش بالمؤتمر أنها حربا أيديولوجية... ولكن... يظل الموتور موتورا مهما أتاه من تقرير... هكذا انزلق بوش مفصحا بفصاحة رعاة البقر عن دعمه لكل من المالكي بالعراق وأبو مازن بفلسطين والسنيورة بلبنان واولمرت إسرائيل مصرا بذلك علي استراتيجية صهيونية المحافظين الجدد رغم محاولة احترامه وتقديره لاستراتيجية قدامى الصهاينة...!!! أما بلير... فقد قال ما يجب التوقف أمامه كثيرا... فبعد أن وصف علاقته ببوش بالصداقة... قال... " نحن اللاعبون الأساسيين بهذه المعركة "... ولا مانع من تطوير استراتيجيتنا في إطار رؤية بيكر هاملتون... وسنعمل سويا من اجل شرق أوسط جديد يأخذ بمقاييس حياتنا...!!! والآن... ما هي استهدافات التقرير... أو أمر بيكر هاملتون الصهيوني... وما هي الملابسات التي فرضت الأهداف...؟ أولا... لم يكن الشعب الأمريكي طيلة مسيرة الصهيونية بدابته السياسية مهتما بالسياسة... أو شعبا سياسيا... بل كان هرسا غافلا تطحنه ماديات ومتعة الأيام المنحلة من كل قيد وخاصة الديني منه.. حتى أيقظته ردود أفعال سياسة المحافظين الجدد الخارجية... وتلك اليقظة الحسابية ستعوق استغلال الصهيونية لقوة دابته الفتية... ولذا... يجب تخديره... وتسكين مخاوفه... ومحاولة تبييض وجهه من بعد سواد قاتم لحق به بالباطل وبات يؤرقه...!!! ثانيا... لابد أن تستعيد أوروبا شعوبا قبل حكومات شعور صداقة السياسة الأمريكية لها... وأن يحل ذاك المستهدف الحتمي محل واقع اليقين الشعوري والعملي بسعي السياسة الأمريكية للهيمنة القطبية الإمبراطورية علي أوروبا... وهو الأمر الذي لا يجوز لمن استولدته أوروبا حديثا والفاقد لشرعية الحضارة... وذاك يتأكد بقول وإشارة بوش التاريخية حين هبت أمريكا لنجدة بريطانيا وأوروبا من بين أنياب هتلر رغم أنها كانت بأمان من مخاطر الحرب... وكأن بوش يؤكد علي الصداقة ويذكر بسداد الدين أيضا...!!! ثالثا... كانت الاستراتيجية الصهيونية الكونية وابنتها إسرائيل بأمان... عمالها وعملائها من أشباه الرجال والنساء في هدوء بغفلة أممهم وشعوبهم يعملون... منظماتها وهيئاتها وجمعياتها يشرعون ويقننون... واهل الأيديولوجية الإيمانية غافلون... ويذبحون وهم نائمون... تتقطع أوصالهم وجسد أمتهم أربا وهم في الاختلاف والفرقة منغمسون... حتى أسرفت رعونة القوة في القتل وسفك الدماء... فاستيقظ النائم وأفاق الغافل وتحتمت المقاومة والفداء... وانكشف ستر العداء... وتنادي الأشقاء... والآن يجب أن نجد لهذا الداء دواء...!!! نعم.. المستهدف هو الاحتواء... قبل أن تلتهمنا حربا ثالثة شعواء... تطيح باستراتيجيتنا وتجعلها هباء... وذاك منتهى الغباء...!!! أيها المستقرئ... انهم يتقدمون نحونا... برؤية مشتركة واحدة... ولا تراجع أو انسحاب عن النجاح... اختلافهم فقط في هل يأكلون بالشوكة والسكين أم بأظافرهم... وربما يأخذون بشوكة وسكين بيكر هاملتون... وشواهد ذلك رؤية تحركات سياسية تفاوضية واعية للسلام... للديمقراطية... لإخاء العيش جنبا لجنب... لنبذ المقاومة ورهبة الله... نعم... سوف يهلون علينا بالمبادرات... بمضغة إقامة الدولة الفلسطينية... وتعمير العراق... والحوار مع سوريا وإيران... ودعم اقتصاد مصر والسعي لحل مشكلة السودان... الخ وآه آه مما سيفتتنا به الإعلام وما ستفعله كل حية ويعمل به كل ثعبان... فهل لنا ألا نغفل ثانية ونظل عبادا للرحمن...؟!! وإلى لقاء إن الله شاء
ملاحظات هامة 1. تحية لنصر الله في رقي معارضة لبنان... وتحية لمقاومة العراق وسياسة سوريا وقوة ثبات إيران... ودعائي لأهلي بحماسة فلسطين بالنصر علي كل جبان... وكذا لأهلي أهل مقاومة الطغيان... تلك المقاومة السلبية المحتقنة بالغليان... والمترقبة لخروج نصر الله من بين الفرسان... فتفجر خلفه ومعه طاقتها كالبركان... وسيحدث هذا مهما طال الزمان...!!! 2. يا من تراهن علي الفساد... اعلم أن القمر لعرجونه القديم عاد... وخسارتك باتت حق وقد اقترب الميعاد... ولن تجد لنفسك ظل شجرة ولا واد... فقط ستحصد بأس جنود شداد... ذاك وعد غير مكذوب كالذي وعدت به ثمود وعاد...!!! 3. يا وزير الأمن والآمان... اعلم أن خطة الاستباق بالقبض الباطل علي بعض الفتية والصبيان... هي تعظيم وقود الغضب والعصيان... الذي حين يشتعل تصل ألسنة ناره لتطول العنان... وحينذاك يحق علينا جميعا الخسران... ونصحي هو أن توظف الطاقات بعدل حق وإتقان... ولا تدير ظهرك لأسس التامين الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وحق الدين والديان... فسيدك ميت ومقعدك زائل فاحسب لذلك حسبان... وكن بسفينة الأمن حقا ربان...!!! 4. لا فرق في الإسلام لله بين شيعي وسني... اعلموا هذا عن الله ورسوله مني... واهجر يا مؤمن تلك الفتنة عنك وعني... واعلم أن عدوك وعدوي... هو ذاك الصهيوني الإبليسي الذي حرف الكلم ومعانيه في حق إبداعك وعدل فني... وجعل الفتنة موالا سياسيا وراح به علينا وفينا يغني... مدعي الحكمة والحضارة ولطف التقني... ولكن... صلاة جمعة لبنان الجامعة نحرته وطببت همك وهمي...!!!