تعرضت أول مسلمة من أصول تركية تتولى منصب وزير في ألمانيا لموجة هجوم حاد في أوساط حزبها الاتحاد المسيحي الديمقراطي (المحافظ)، إثر دعوتها الاثنين إلى سحب الصلبان من المدارس الرسمية. ومن شأن الهجوم أن يعيد الجدل حول ما يعتبره المسلمون ازدواجية في المعايير في التعامل مع المظاهر الدينية في المجتمعات الأوروبية، ففي حين تتشدد الحكومات في مسألة النقاب والحجاب خاصة داخل المدارس تدافع عن ارتداء الصليب كهوية دينية يعتبرها الغرب دليلاً على التسامح. وبلغ الأمر حد أن إيجول اوزكان (38 عامًا) التي ستنصب الثلاثاء (27-4)، رسميًا كوزيرة للشئون الاجتماعية في مقاطعة ساكسونيا السفلى (وسط ألمانيا) تلقت تهديدات بالقتل ما أدى إلى وضعها تحت حماية الشرطة، بحسب وسائل إعلام ألمانية. وكانت اوزكان دعت في مقابلة نشرتها مجلة "فوكوس" الأسبوعية إلى عدم السماح بارتداء الصلبان داخل المدارس، قائلة "لا مكان للرموز المسيحية في المدارس الرسمية"، وأضافت أنه "من الضروري أن تكون المدرسة مكانًا محايدًا"، موضحة أن الحجاب أيضًا "غير ضروري" في قاعة الصف. واعترض الوزير، رئيس مقاطعة ساكسونيا السفلى كريستيان فولف على الدعوة، قائلاً إن "السلطة التنفيذية الإقليمية تعتبر الرموز الدينية ولاسيما الصليب، بمثابة إشارة إلى تربية تتسم بالتسامح على خلفية القيم المسيحية". وجاءت أكثر الردود حدة على لسان ستيفان مولر المسئول عن مسائل الاندماج في المجموعة البرلمانية للاتحادات المسيحية، إذ انتقد مواقف اوزكان ووصفها بأنها "شاذة إن لم تكن مرعبة". وأضاف "على المسئولين السياسيين الذين يريدون إلغاء الصلبان من المدارس أن يفكروا في ما إذا كان لهم بالفعل مكان في حزب مسيحي ديمقراطي". وكانت "ندوة المسيحيين الملتزمين" في حزب المستشارة انجيلا ميركل أكثر حزما أيضًا عندما أكدت أن "التجربة التي تقضي بجعل امرأة مسلمة وزيرة من حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في ساكسونيا السفلى، فشلت على ما يبدو حتى قبل أن تبدأ". إلا أن اوزكان حصلت على بعض الدعم داخل حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، وقال ارمان لاشيت الوزير المسئول عن الاندماج في رينانيا في شمال وستفاليا (غرب)، إن تعيينها مؤشر يزيد "من صدقية حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي" في هذا المجال. ويخوض المحافظون في التاسع من مايو انتخابات غير مضمونة النتائج في هذه المقاطعة الإقليمية التي تضم عددًا كبيرًا من السكان من أصل تركي.
تحقيقات واسعة من ناحية أخرى، أفاد المكتب الجنائي الفدرالي الألماني الاثنين (26-4)، بأن ألمانيا تجري أكبر عدد من التحقيقات في تاريخها حول إسلاميين بذريعة الاشتباه في ضلوعهم بأنشطة "الإرهاب" وذلك في ظل تزايد مشاركتها في الحرب بأفغانستان. وقال يورغ زيركي رئيس المكتب لصحيفة "نوي اوسنابروكر زايتونج" المحلية "نجري في أنحاء البلاد حاليًا 350 تحقيقًا حول أشخاص لهم خلفيات إسلامية". وأضاف زيركي أن نحو ثلث تلك التحقيقات تتعلق بهجمات على جنود ألمان مشاركين في احتلال أفغانستان. وأردف "السلطات تتعقب نحو 1100 شخص في ألمانيا يمكن أن يقوموا بأعمال إرهابية إسلامية، وإن الزيارات إلى معسكرات تدريب إرهابية تزايدت بشكل كبير منذ عام 2009". وقال يورج زيركي "منذ ذلك الوقت تمركزت مجموعة من الألمان في هندو كوش"، في اشارة الى سلسلة الجبال التي تربط ما بين شمال وجنوب أفغانستان. وتحدث عن أن هذه المجموعة المؤلفة من 10 إلى 12 شخصًا تحاول كسب مزيد من الألمان بواسطة الدعاية وهي ناجحة في ذلك، وفق قوله. هذا، وتظاهر خمسة آلاف شخص، في وقتٍ سابق، من أجل إعلان الاحتجاج على سلوكيات التيار اليميني المعادي للإسلام وذلك بمدينة ديسبورج الألمانية. وأتت المظاهرة ردًا على مسيرات الجماعة اليمينية المتطرفة "مع ولاية شمال الراين ويستفاليا" والتي تعلن عداءها للمسلمين وترفض ما زعمت أنه محاولة "أسلمة المجتمع الألماني". ورفع المتظاهرون شعارات تندد بالعداء ضد الإسلام وطالبوا بالعمل على انصهار المسلمين في المجتمع الألماني. وكانت العنصرية الأوروبية تجاه المسلمين قد وصلت إلى حد القتل داخل قاعات المحاكم، حثت طعنت المصرية مروة الشربيني "شهيدة الحجاب" (31 عامًا) ثمانية عشرة طعنة بالسكين، داخل قاعة محكمة "دريسدن" عندما كانت تدلي بأقوالها بشأن إساءة المتطرف الألماني إليها على خلفية تدينها كمسلمة منذ عدة أشهر عندما كانت مع طفلها في إحدى الحدائق العامة المخصصة للأطفال في مدينة دريسدن، كما أصاب المتطرف زوج مروة الشربيني بجروح خطيرة. وقتلت الصيدلانية مروة أمام ابنها مصطفى ( ثلاثة أعوام)، الذي تم نقله بعد الحادث إلى إحدى دور الرعاية. وكان المتهم الألماني قد سب مروة في حديقة الأطفال بسبب خلاف على أرجوحة مخصصة للأطفال داخل الحديقة حيث وصفها ب"الارهابية" عندما استأذنته في التخلي عن أرجوحة الأطفال التي كان يجلس عليها لصالح طفلها. ومن جانبها، أقامت مروة دعوى ضد الشاب الألماني انتهت بالحكم بتغريمه 750 يورو, وقرر المتهم استئناف الحكم واستغل جلسة الاستئناف لتوجيه طعنات للفقيدة داخل قاعة المحكمة. واعترفت النيابة العامة بأن حادثة مقتل "مروة الشربيني" لم يكن لها من دافع وراء ارتكابها إلا معاداة المسلمين.