"عض اليد التي مدت إليه".. "من وجد البديل أنكر الجميل".. يبدو أن هاتين العبارتين تنطبقان بكل ما تحملانه من معنى على قائد الانقلاب العسكري المصري الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي يخطو خطوات واضحة يظهر فيها بدايات الانقلاب على دول الخليج، التي ساندت انقلابه سياسياً واقتصادياً وإقليمياً وعالمياً منذ اللحظات الأولى، وذلك بعد توفر بدائل اقتصادية "إسرائيلية" ل"رز الخليج"، رافضًا وساطات السعودية للتدخل لإنقاذ المشهد المصري، متخذًا مواقف سياسية معاكسة للموقف السعودي والخليجي تجاه العديد من القضايا، في مقدمتها القضية اليمنية والسورية وملف التعاطي مع إيران. كما أن السيسي وانقلابه سخر وسائل إعلامه للهجوم على المملكة وقياداتها وقراراتها منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم، وقراراته المتتابعة والمفاجئة للانقلاب وفي مقدمتها إعلان عاصفة الحزم في اليمن، دون التنسيق مع قيادة الانقلاب، وحتى الرسوم الكاريكاتيرية تم تسخيرها في الصحف والمواقع المصرية للانقلاب على السعودية. بديل إسرائيلي للرز الخليجي كشف موقع صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، عن مخطط إسرائيلي لبناء مصنع في مصر من شأنه أن يخلق 5 آلاف فرصة عمل، وذلك تعزيزًا للتعاون الاقتصادي بين الجانبين. وأضاف الموقع أن نائب وزير تطوير النقب والجليل الإسرائيلي "أيوب قرا" التقى، الأسبوع الماضي، القنصلَ المصري "مصطفى جميل"، وبحث معه سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وإسرائيل، وخلال اللقاء، أكد قرا- وفق موقع "مكور ريشون"- أنه سيتم فتح مصنع إسرائيلي في مصر يشغل خمسة آلاف شخص، وهو ما وصفه ب"بشرى سارة بالتأكيد للمصريين الذين يعملون على تطوير اقتصادهم، بالرغم من الوضع الأمني غير السهل في الدولة". وأضاف "القرا" أنه في إطار "مساعي إسرائيل إلى دعم الاقتصاد المصري، فإن (حكومة إسرائيل) تدرس الاستجابة لطلب مصر تغيير نصوص اتفاقية الكويز، التي تم التوقيع عليها عام 2005"، وتابع: "طالب الجانب المصري بخفض النسب المطلوبة من حجم التبادل التجاري، الذي يمنح مصر تخفيضات في حجم الجمارك الأمريكية المفروضة على مصر، وذلك بغية ضخ أموال في الاقتصاد المصري، وتعزيز قوة النظام، وهذه مصلحة إسرائيلية واضحة"، على حد قوله. رفض الوساطة السعودية لوقف الإعدامات ولم يشفع للمملكة السعودية المليارات التي أغدقتها على السيسي وانقلابه، والتي تجاوزت 25 مليار دولار، وتعهدات بمؤتمر شرم الشيخ مقدرة ب 4 مليارات دولار، وودائع بنكية ومساعدات نفطية ونقدية ومنح بالمليارات، حيث رفض السيسي وساطة سعودية لوقف تنفيذ أحكام الإعدامات التي صدرت مؤخرًا ضد أكثر من 120 من أعضاء وقيادات جماعة الإخوان المسلمين، في مقدمتهم الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي. وكان "شؤون خليجية"، قد انفرد بتصريحات خاص من مصادره- التي رفضت ذكر اسمها– أن الجنرال السيسي رفض تلك الوساطة، وأعلن إصراره على تنفيذ أحكام الإعدام، مؤكدة أنه قطع خط الرجعة وقطع كل الجسور، ليس مع الإخوان فقط، إنما مع كل مكونات ثورة 25 يناير. وعن تضحية قائد الانقلاب المصري بمساندة السعودية ودعمها له، برفض وساطتها، قالت مصادرنا الخاصة: إن "السيسي يتكئ على دعم إسرائيلي وصمت غربي، إلا أنه يدرك تمامًا أنه وحده، ألم تلاحظوا حجم الحراسة الشخصية بثياب مدنية، وهو بين أفراد المؤسسة العسكرية التي ينتمي لها؟، فهو في حالة (يأس وجنون تام)، وليس أمامه إلا أن يمضي في طريق الدمار، ويحمل مصر معه". دعم الحوثي على حساب المملكة ورغم "الرز" الذي أمطرته السعودية على السيسي ووقوفها إلى جانبه، وكانت أول المعلنين تأييدها لانقلابه، إلا أن السيسي لم يضع كل ذلك في الحسبان، معلنًا الخيانة بدعم جماعة الحوثي "الشيعية المسلحة" المدعومة من إيران، والتي تقود المملكة حربًا عليها في اليمن منذ 26 مارس الماضي، حيث وافقت السلطات المصرية على إقامة معرض وندوة في القاهرة لجماعة الحوثي الأسبوع الماضي، لمناهضة عاصفة الحزم وقوات التحالف العربي تحت عنوان "أوقفوا العدوان على اليمن". وبحسب تصريحات عن القائمين على الفعالية، التي أقيمت في ساقية عبدالمنعم الصاوي (مركز ثقافي مصري شهير)، في حي الزمالك بالقاهرة، فإنها تهدف إلى ما أسموه "فضح العدوان السعودي على اليمن"، إضافة إلى كسر الحصار الإعلامي المضروب على العدوان على اليمن، حسب وسائل إعلام الحوثيين، كما تم خلال هذه الفعالية الحوثية توزيع نسخ من تقارير صادرة عن منظمات حقوقية تمولها إيران، حيث تضمنت هذه التقارير التي تم توزيعها أثناء الفعالية، توثيقًا لما سمي "جرائم العدوان السعودي على اليمن". وهو الأمر الذي اعتبره ناشطون وسياسيون ودعاة سعوديين خيانة مصرية سعودية، وأنه تجبر من السيسي ولا مبالاة لغضبة دول الخليج التي تكفلت به منذ انقلابه في 3 يوليو 2013. إصرار على استخدام بشار ولم تكن استضافة مصر للحوثيين هو التحدي الأول المعلن للسعودية، فقائد الانقلاب العسكري يستخدم الملف السوري أيضًا لإعلان انقلابه على الخليج، معلنًا رؤيته أن بشار الأسد قد يكون جزءًا من أي خطة سلام سورية في المستقبل، وهو الموقف الذي يتعارض صراحة مع رؤية الخليج والسعودية، التي تصر على إسقاط بشار وعدم إبقاء أي دور له في المرحلة القادمة بسوريا. لكن القاهرة أظهرت اهتمامًا متجدداً بلم شمل المعارضة السورية، واستضافت مؤتمرًا موسعًا لمن أسمتهم القوى الوطنية السورية والمعارضة في يونيو الماضي، وسط عدم رضا من المملكة السعودية التي ترفض أي توجه نحو حل سياسي يكون بشار الأسد جزءًا منه.