تواصل المعارضة اللبنانية اعتصامها وسط بيروت لليوم الثالث على التوالي بالقرب من مكاتب حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة لإجباره علي استقالة حكومته الموالية للغرب وحمل المشاركون في التجمع الحاشد لافتات تطالب بتشكيل حكومة نظيفة ورددوا هتافات منها "يا سنيورة إسمع إقشاع بدنا حكومة ما بتنباع" ، "يا بيروت الأبية نحنا رجال الحرية" ، "نحنا نجوم الاستقلال والنخوة الوطنية يا سنيورة إطلع بره..بدنا حكومة حرة حرة"، كما بثت عبر مكبرات الصوت خطب للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون وسائر قادة المعارضة، فيما صدحت في الاجواء الاناشيد الحماسية. ووسط تدابير أمنية مكثفة وصلت الحشود الشعبية إلي ساحة رياض الصلح من أقصى الجنوب والبقاع والضاحية وهي في معظمها من الطائفة الشيعية ومن المنتمين إلى حزب الله وحركة أمل وأنصار التيار الوطني الحر وقسم من الدروز، وتعمدت القوي الأمنية إلي قطع الطرق المؤدية إلى الأشرفية والجميزة وبيت الكتائب بالحواجز الحديدية تفادياً لوقوع إشكالات تخل بالاستقرار. وتنفذ المعارضة اعتصاما مفتوحا حتى استقالة الحكومة وتشكيل حكومة يكون لها فيها ثلث الوزراء زائد واحد ما يخولها عدم تمرير القرارات التي تحتاج إلى موافقة ثلثي الوزراء؛ للوقوف أمام الحكومة الموالية للحلف الصهيوني الأمريكي، بالإضافة لانفراد الحكومة بالحكم وتصويتها على معاهدة إنشاء المحكمة ذات طابع الدولي التي ستحاكم المتهمين باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري طبقا للرغبة الأمريكية، وانسحب ستة وزراء للمعارضة من الحكومة الشهر الماضي بعد انهيار المحادثات بين الفريقين والتي كانت تهدف لمنحهم دورا أكبر في الحكومة. ورغم هذا الموقف فإن رئيس الوزراء فؤاد السنيورة جدد اليوم تمسكه ببقاء حكومته قائلا: إن الطريق الوحيد لتكوين حكومة وحدة وطنية هو العودة للحوار، مؤكدا أنه "لن تحل الأمور لا في الشارع ولا في التهديد ولا في الضغط ولا في التخوين. وفي ختام قداس شهده السراي الحكومي اليوم لإحياء ذكرى الوزير المغتال بيير أمين الجميل شارك فيه أقطاب 14 آذار، قال السنيورة أن حكومته باقية طالما هي تتمتع بثقة البرلمان, ". وعن احتمال طلب الحكومة التصويت بالثقة على نفسها داخل مجلس النواب، صرحت مصادر مقربة من رئيس المجلس نبيه بري قوله إنه لن يستجيب لمثل هذا الطلب قبل أن يتم حل الأزمة الراهنة. وكان وزير الاتصالات اللبناني مروان حمادة أكد أن الحكومة ستطلب من مجلس النواب مناقشة عامة وربما تطرح الثقة بنفسها، مشيرا إلى أن حل الأزمة الحالية يتطلب العودة إلى المؤسسات الدستورية وأن ذلك ما سيطرح خلال الأيام المقبلة في المجلس النيابي. تصعيد التحركات وفي ظل التحركات السياسية لوح أنصار المعارضة المعتصمون لليوم الثالث على التوالي بتصعيد تحركهم في الأيام المقبلة من أجل تحقيق مطلبهم باستقالة الحكومة ، ونام المعتصمون الليلة الماضية أمام السراي الحكومي ببيروت حيث نصبت نحو 500 خيمة بيضاء كما أنشأ المعتصمون العديد من خزانات المياه والمراحيض المتنقلة، وتم توزيع الشطائر للمخيمات لضمان استمرار الاعتصام، ورفعت الأعلام اللبنانية فوقها بالإضافة إلى صور الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وزعيم حركة أمل ورئيس مجلس النواب نبيه بري إضافة لزعيم التيار الوطني الحر ميشال عون، وأكد المعتصمون الذين قدموا إلى وسط بيروت من مختلف أرجاء البلاد أنهم مستمرون باعتصامهم المفتوح حتى إسقاط حكومة السنيورة. زيارة عمرو موسى وفي إطار المساعي العربية لنزع فتيل الأزمة في لبنان وصل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى بيروت برفقة وزراء خارجية تونس والبحرين والإمارات للتشاور مع القيادات اللبنانية، قال عمرو موسى في بيان إن "لبنان يمر بمرحلة دقيقة جدا تستدعي المتابعة النشطة من قبل الجامعة العربية". وأضاف أن المهم في الوقت الراهن هو "حماية الوحدة الوطنية اللبنانية وتحقيق الوفاق الوطني الذي كان الدرع الحامي للبنان".
مساندة غربية مشبوهة! وقد أدانت الولاياتالمتحدة ما أسمته "التهديدات بالعنف والترهيب" في لبنان وقال جون بولتون مندوب واشنطن بالأمم المتحدة إن بلاده قلقة من المظاهرات التي نظمتها قوى المعارضة اللبنانية في بيروت، لأنها جزء مما وصفه بالانقلاب المدبر من قبل سوريا وإيران ضد الحكومة اللبنانية. وأشادت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت التي تقوم بزيارة للبنان دعما لموقف السنيورة وأنها قدمت إلى لبنان لإظهار تضامنها مع الحكومة المنتخبة من قبل الشعب اللبناني والتي تستمد شرعيتها من الانتخابات واصفة إياها بأنها "أظهرت شجاعة كبيرة". كما وصل بيروت السبت وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير. ونقل الوزير وسط إجراءات أمنية مشددة عبر شوارع بيروت إلى مقر رئيس الحكومة للاجتماع مع رئيس البرلمان. ومن المقرر أن يزور شتاينماير القوات البحرية الألمانية الموجودة على السواحل اللبنانية لمنع وصول شحنات الأسلحة إلى حزب الله, حسبما أفادت مصادر ألمانية. من جهته أكد رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان الذي اتصل بالسنيورة "دعم باريس الكامل لعمل حكومته من أجل لبنان سيد وديمقراطي". أما موسكو فقالت عبر وزير الدفاع سيرغي إيفانوف إنها تراقب بقلق الوضع المتوتر في لبنان وإن الهدف الأساسي هو تجنّب تحوّل التشنّجات إلى حرب أهلية في لبنان. الحكومات "المعتلة" تؤيد..! وقد خرجت بعض الحكومات العربية "المعتدلة" طبقا للتصنيف الأمريكي بأصوات تؤيد حكومة السنيورة فمثلا اعتبر الرئيس المصرى حسنى مبارك نزول قوى المعارضة اللبنانية للشارع تصرفا غير حكيم. ودعا جميع الأطراف للعودة إلى الحوار بدلاً من التصعيد المتبادل الذى قد يجر البلاد لحرب أهلية، وحذر مبارك في تصريحات له عقب استقباله وزير الخارجية الروسى سيرغى لافروف بشرم الشيخ السبت، من أن استمرار الوضع على هذا النحو قد يؤدى إلى تدخل دول عربية وأطراف دولية لدعم حكومة السنيورة, وهو ما يعنى دخول لبنان فى حرب أهلية. وكان العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز أبلغ بدوره السنيورة دعم بلاده الكامل للمواقف السياسية لرئيس الحكومة, ومعارضة الرياض لأي عمليات للإخلال بالأمن. وأفاد بيان صادر عن رئاسة الوزراء اللبناني بأن الملك عبد الله تحدث عقب مكالمته السنيورة مع "كل الوزراء الموجودين في السراي الحكومي فردا فردا وأبلغهم دعمه ومؤازرته الكاملة".
وسوريا تعارض بالمقابل جددت دمشق دعمها وتأييدها للمظاهرة الشعبية للمعارضة اللبنانية, داعية رئيس الحكومة إلى الاستجابة لمطالب الشعب وعدم "الانجرار" وراء المخططات الأمريكية في المنطقة، وقالت صحيفة تشرين الرسمية إن الاعتصام يعبر عن رغبة المعتصمين في "وضع حد لمحاولات إلحاق لبنان بالمشروع الأمريكي لشرق أوسط جديد وتحصين لبنان ضد المخططات والمؤامرات". وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم اتهم الولاياتالمتحدة وفرنسا ب"التدخل" في شؤون لبنان رافضا في الوقت نفسه اتهامات باريس وواشنطن لبلاده بالتدخل في لبنان، مشيرا إلى أننا "نحن نعرف من يتدخل في لبنان.. أنهم الأمريكيون والفرنسيون".