حذرت لجنة الإنتاج الصناعي والطاقة بمجلس الشورى برئاسة محمد فريد خميس، من التحديات التي تواجه صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة في مصر، بعد زيادة عمليات التهريب التي استفحلت في الآونة الأخيرة، وتسببت في خسائر قدرت بأكثر من 4 مليارات جنيه. وكشفت اللجنة خلالها تقريرها الذي أعدته بشأن هذا الموضوع، أن انتشار ظاهرة المصانع الوهمية بعد استغلالها للتسهيلات التي تقدمها الدولة للتشجيع على الصناعة، واستخدامها بصورة غير مشروعة في استيراد مكونات وأجزاء وخامات دون إقامة مصانع حقيقية، ثم طرحها للبيع في الأسواق المحلية، كما لفت إلى استيراد هذه المصانع لمنتجات شبه جاهزة، وإضافة عمليات تصنيعية بسيطة عليها، ثم الترويج لها بأنها مصنعة في مصر للاستفادة من المزايا المقدمة للصناعات المصرية، فضلا عن قيام بعض المصانع باستيراد الأقمشة والمنسوجات بنظام السماح المؤقت بكميات تفوق طاقتها الإنتاجية المصرح بها في السجل الصناعي، ثم تصريفها إلى السوق المحلي بعد ذلك.
واعتبر العديد من نواب مجلس الشورى والشعب وفي مقدمتهم النائب مصطفى السلاب وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب وحسين مجاور رئيس لجنة القوى العاملة ومحمد خليل قويطة وكيل لجنة العلاقات الخارجية ومحمد رجب زعيم الأغلبية بمجلس الشورى، أن هذا التقرير يمثل ناقوس خطر يهدد مستقبل الصناعة الوطنية بالفناء.
ونبه التقرير على خطورة الموقف الذي تتعرض له صناعة الغزل والنسيج، والتي تضم 33 شركة تابعة لقطاع الأعمال العام، ويصل عدد العاملين فيها إلى 78 ألف و976 ، بخلاف 12 ألف و995 عامل ممن خرجوا على المعاش المبكر، بالإضافة إلى 69 ألف و753 من شركات القطاع الخاص يصل عدد العاملين فيها نحو 475 ألف و102 عامل، نتيجة استمرار عمليات التهريب والغش التجاري والتزوير وتزييف شهادات المنشأ، وتزييف جهة الصنع واستيراد سلع مدعومة من دولها واستيراد مخزون راكد من الدول الصناعية الكبرى وتصريفه للدول النامية.
وأكد التقرير، انخفاض إيرادات النشاط الجاري على مستوى إجمالي الشركات التابعة للشركة القابضة إلى 3 مليار و260 مليون جنيه بانخفاض قدره 302 مليون عن العام الماضي بمعدل انخفاض 8.2%، ووصول مديونيات البنوك على شركات الأقطان إلى 4.6 مليار جنيه، ووصول صافي الخسارة إلى مليار و959 مليون جنيه مقابل مليار و700 مليون جنيه في العام الماضي، بالنسبة للشركات التابعة لقطاع الأعمال العام في ظل استمرار عمليات التهريب وعدم النهوض بتلك الشركات وتطويرها.
وطالب الحكومة بوضع سياسات واضحة وثابتة للتصدي لعمليات التهريب بعد أن تسببت في الانخفاض الجزئي للإنتاج، من خلال تفعيل قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1461 لسنة 2001 بشأن منع شراء المنتجات التي لها مثيل محلي ويدخل في تصنيعها مكونات محلية الصنع، واتخاذ الحكومة إجراءات أكثر صرامة في مجال حماية تلك الصناعة من الممارسات الضارة التي تتعرض لها في أعقاب تلك الأزمة، ومواجهة غزو السلع القادمة من الدول الصناعية الآسيوية وخاصة الصين وبعض الدول المجاورة لها، خاصة التي تتمتع بالإعفاءات الجمركية في إطار اتفاقية التيسير العربية، كما طالب بتعديل مدة بقاء البضاعة المستوردة بنظام السماح المؤقت وكذلك المناطق الحرة إلى 6 شهور بدلا من عامين.
وشدد التقرير على ضرورة قيام مصلحة الجمارك والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بمراجعة دورية لجميع المنتجين المتعاملين بنظام السماح المؤقت والمناطق الحرة الخاصة والعامة، للتأكد من وجود البضائع والخامات، ومطابقتها على الأرصدة المدونة بالسجلات للحد من تصرف المنحرفين بتهريبها للأسواق دون سداد الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات عليها، لافتا إلى أن عمليات التهريب تتم داخل الموانئ المصرية من خلال تهريب كميات كبيرة من الأقمشة الأجنبية من الرسوم الجمركية، وبيعها بسعر منخفض لكونها مدعومة من مصادرها، ومحررة من عبء الرسوم والضرائب التي يتم تحميلها على منتجات النسيج المصرية المنشأ، في ضوء غياب الرقابة الفاعلة على المناطق الحرة داخل البلاد.