مايزال حكام الخليج يرون أنفسهم فوق النقد فلا يجوز الاقتراب أو الحديث عنهم وإلا سيكون مصيرك خلف القضبان لسنوات طوال أو تصبح مشردا ومطاردا بين الدول... رغم الثورات والتغييرات التي تحدث في العالم أجمع أن حكام الخليج يرون من أنفسهم "ذوات مصونة" غير قابلة للنقد. وتهمة العيب في الذات الأميرية تنقلك خلف القضبان تحت ذرائع قانونية، وأصبحت إهانة السلطة أو النظام ورأسه حاكما أو ملكا أو أميرا أو وليا للعهد غطاءً فضفاضا لملاحقة الناشطين والمعارضين والمدونين، وتقييدا لحرية الرأي والتعبير في عدة دول خليجية أبرزها الكويتوالإمارات بحسب ناشطين. يؤكد إعلان الأممالمتحدة للمدافعين عن حقوق الإنسان بأن على الدول "اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان حماية الجميع من كل أوجه العنف والتهديدات والأعمال الانتقامية والتمييز والضغوط وأي إجراءات تعسفية أخرى نتيجة لمشاركتهم في النشاط الخاص بحقوق الإنسان". الكويت مقبرة النشطاء لم تكن الحالة الأولى بالكويت لسجن ناشطين بتهمة إهانة الأمير حيث قضت محكمة كويتية بالسجن ثلاثة سنوات غيابيا على ناشطة حقوق الإنسان الكويتية رنا جاسم السعدون بتهمة إهانة أمير البلاد.واتهمتها بإعادة مقاطع من خطاب المعارض السياسي الكويتي وعضو البرلمان الكويتي السابق، مسلم البراك، الذي يقضي حاليا فترة عقوبة في السجن لمدة سنتين. وخاض البراك لفترة طويلة خلافا مع السلطات بشأن تعديلات أدخلت على قانون الانتخابات في عام ألفين واثني عشر، وهي التعديلات التي قال عنها البراك ومعارضون آخرون إنها تهدف إلى سيطرة الحكومة على البرلمان. وألقى البراك خطابا موجهًا حديثه لأمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح : "باسم الأمة، باسم الشعب، لن نسمح لك يا سمو الأمير بممارسة حكم استبدادي".وردد أنصار البراك وناشطون حقوقيون مقاطع من خطابه الذي حمل عنوان "لن نسمح لك" كبادرة على التضامن معه ضد الحكم الصادر بحقه. عقاب للناشط والمتضامنين فيما يعد الحكم الصادر ليس فقط عقابا للشخص محل الاتهام بل وللمتضامنين معه فقد قضت محكمة الجنايات في الكويت في 17 يونيو 2015 بحبس 21 ناشطاً من المعارضة، بينهم نواب سابقون، سنتين مع وقف التنفيذ، وكفالة 2000 دينار (7 آلاف دولار) في ما يُعرف محلياً بقضية "ترديد خطاب البراك"، ويعتبر هذا الحكم الأول فهناك نحو 46 متهماً آخر في هذه القضية. كان قطب المعارضة مسلم البراك، ألقى في (نوفمبر) 2012، خطاباً اعتبرته السلطات مسيئاً للأمير الشيخ صباح الأحمد، وأحالته على القضاء ، لكن نحو ستين من نشطاء المعارضة رددوا الخطاب تضامناً مع البراك، ما خلق قضية خاصة بهم. ومن بين من حُكم عليهم بالسجن مع وقف التنفيذ، النواب السابقون: جمعان الحربش وفلاح الصواغ ومحمد الخليفة وسالم النملان وخالد الطاحوس وخالد شخير المطيري ومبارك الوعلان وفيصل المسلم وفيصل اليحيى. ونفى المتهمون أن يكون خطاب البراك الذي ردّدوه مخالفا للقانون، مؤكدين أنه "كان تعبيراً عن رأي سياسي" ويقول قانونيون إن العقوبة مع وقف التنفيذ "ستظلّ سيفاً مسلطاً على المتّهمين، وجميعهم معارضون سياسيون، وتحدّ من حريتهم في ممارسة النقد". تغريدات "مسيئة" شهدت الكويت حالات عديدة لسجن ناشطين بسبب التهمة نفسها فقد أوقفت السلطات في الكويت في يناير 2015 نائبا ليبراليا سابقا بتهمة إهانة أمير البلاد وتوجيه انتقادات إلى الزيارة التي أجراها عبد الفتاح السيسي إلى الدولة الخليجية.وأمرت النيابة العامة بحبس صالح الملا بعد توقيفه بسبب تغريدات عبر تويتر وصفت با"المسيئة" ، بحسب ما أفاد محاميه عبدالله الأحمد.والملا متهم "بتهديد العلاقات الكويتية المصرية من خلال انتقاد السيسي". وطالب الملا في تغريداته مرارا أمير الكويت بعدم منح السيسي أي دعم مالي إضافي. في 29 مارس 2013 أصدرت محكمة كويتية حكما بالسجن عامين على المعارض الكويتي حمد الخالدي بعد إدانته بإرسال تغريدة على موقع تويتر تشكل "مساسا بذات الأمير" الشيخ صباح الأحمد الصباح، وفق ما أفاد محمد الحميدي مدير الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان.وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان فقد شهدت الكويت منذ منتصف مايو 2012، إحالة 35 ناشطا ونائبا كويتيا سابقا على القضاء بتهمة المساس بالذات الأميرية عبر تويتر أو عبر خطابات ألقيت في تجمعات عامة. 5 سنوات لو هاجم الأمير فيما حكمت محكمة استئناف في 20 مارس 2013 على الكويتي بدر الرشيدي المتهم بالمساس بذات الأمير والدعوة إلى انقلاب عبر تغريدات نشرها على تويتر، برفع حكم السجن عليه من سنتين إلى خمس سنوات. لم تخص تهمة "العيب في الذات الأميرية" الرجال فقط بالكويت، فقد صدر حكم قضائي بحبس الناشطة السياسية سارة إدريس لمدة عام و8 أشهر بالتهمة ذاتها وكانت إدريس أول امرأة يصدر بحقها مثل هذا الحكم حيث أيدت محكمة الاستئناف حكم أول درجة بحبس إدريس بسبب تغريدات لها عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". كما قضت محكمة كويتية في وقت سابق بتخفيض سجن المغردة هدى العجمي من 11 سنة إلى 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، بتهمة العيب في الذات الأميرية، وكانت محكمة الجنايات قضت بسجن المغردة 5 سنوات بتهمة "الطعن في مسند الإمارة"، و5 سنوات أخرى بتهمة "التحريض على قلب نظام الحكم"، وعامًا واحدًا بتهمة "العيب في الذات الأميرية". تجريم الانتقاد السلمي بدورها أكدت منظمة العفو الدولية في تقريرها لعام 2014 -2015 الخاص بالكويت "أنه ظل سارياً تجريم الانتقاد السلمي للأمير، أو لغيره من مسؤولي الدولة، أو للإسلام. وكان نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء المطالبون بالإصلاح السياسي من بين الذين استهدفتهم عمليات القبض والاحتجاز والمحاكمة.واستخدمت السلطات "قانون الاتصالات" لمحاكمة وسجن منتقدين عبَّروا عن آراء معارضة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، كما قيَّدت الحق في التجمع العام. ورصد التقرير صدور أحكام على ما لا يقل عن ثمانية أشخاص بسبب تعليقات أبدوها على شبكات التواصل الاجتماعي؛ وذلك في أعقاب محاكمات بموجب أحكام قانون العقوبات التي تجرِّم "إهانة" الأمير وغيره من مسؤولي الدولة و"إهانة" الدين، وكذلك بموجب أحكام "قانون الاتصالات" الصادر عام 2001 والتي تجرِّم استخدام وسائل الاتصال في بث الانتقادات. وواجه ما يصل إلى 10 آخرين دورة من الملاحقة القضائية، والمحاكمة، والإدانة والاستئناف؛ وذلك بسبب آرائهم، وأساساً عبر موقع تويتر على الإنترنت. وكان من بين أولئك الأشخاص المدوِّن والناشط في مجال حقوق الإنسان عبد الله فيروز، الذي قُبض عليه في نوفمبر 2013، حيث حُكم عليه في يناير 2014 بالسجن خمس سنوات بسبب رسالة بثها على موقع "تويتر". ارتفاع ضحايا التهمة ورغم عدم وجود إحصائية توضح عدد الذين اتهموا ب "العيب بالذات الأميرية" على وجه التحديد إلا أنه وفق منظمات حقوقية كويتية فقد تم تسجيل 8 حالات لأشخاص أدينوا في قضايا حرية الرأي والتعبير منذ 1962 وحتى 2006، لكن العدد ارتفع بين عامي 2012 و2013 إلى 200 شخص. غطاء قانوني قمعي وتعد المادة 25 في قانون أمن الدولة الكويتي غطاء قمع المعارضين بحسب ناشطين وتنص على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات كل من طعن علنًا أو في مكان عام، أو في مكان يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام عن طريق القول أو الصياح أو الكتابة أو الرسوم أو الصور أو أية وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر في حقوق الأمير وسلطته، أو عاب في ذلك الأمير، أو تطاول على مسند الإمارة". وبذلك تجرم المادة التعدي على سلطات الأمير وحقوقه والتعرض لذاته، أو التطاول على مسند الإمارة، وطالبت المعارضة الكويتية ومنظمات حقوق الإنسان بإلغاء هذه المادة التي يحاكم بمقتضاها العشرات من المغردين على الإنترنت ونواب المعارضة السابقين. أبو ظبي ليس الوضع أحسن حالا في الإمارات التي شهدت حالات عديدة لحبس نشطاء ومعارضين وأناس عادية بتهمة إهانة رئيس الدولة وولي العهد فقد أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان،في 30 ديسمبر 2013 الحكم الصادر من محكمة إماراتية والقاضي بسجن اثنين من مدافعي حقوق الإنسان ونشطاء الإنترنت علي خلفية استخدامهم الإنترنت للتعبير عن آرائهم بصورة سلمية وفضح انتهاكات السلطات الإماراتية التي ترتكبها بحق المعتقلين. وكانت المحكمة الاتحادية في أبوظبي قد أصدرت في جلستها المنعقدة في 25 ديسمبر 2013 حكمًا ضد ناشط الإنترنت والمدافع عن حقوق الإنسان "محمد سالم الزمر" بالسجن لمدة 3 سنوات وغرامة قدرها 500 ألف درهم إماراتي حوالي مائة وستة وثلاثون ألف دولار، بتهمة إهانة كلٍ من رئيس الدولة وولي عهد أبوظبي، علي خلفية كتابته تدوينات علي حسابي الشخصي بموقع التدوين القصير تويتر ذكر فيها أن الدولة قد دفعت إلى شركة خاصة لإنشاء جيش من المرتزقة لقمع الحريات، والإضرار بسمعة جهاز الأمن علي خلفية ذكره أن جهاز الأمن يعذب المعتقلين بسجونه، كما برأته المحكمة من تهمة الانتماء إلي جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي. قانون سيء السمعة وتؤكد الشبكة العربية "إن الأحكام القضائية الصادرة بحق النشطاء علي خلفية استخدامهم للإنترنت للتعبير عن آراءهم بصورة سلمية يبرهن علي أن السلطات الإماراتية قد سنت قانون مكافحة الجرائم تقنية المعلومات لتكميم أفواه المعارضين لها علي مواقع الإنترنت، وقمع النشطاء والمدونين، وتستخدم السلطات الإماراتية هذا القانون سيء السمعة بصورة تعسفية مع النشطاء والمدونين لإدانتهم والزج بهم خلف أسوار السجون". في 15 يونيو 2011 قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي على النائب العام بالإمارات العربية المتحدة إنهاء محاكمة خمسة نشطاء مطالبين بالديمقراطية وذلك بإسقاط جميع الدعاوى الموجهة ضدهم. ولا تعدو تهمة "إهانة" مسؤولين رفيعي المستوى أن تكون سوى ممارسة المدعى عليهم لحقهم في التعبير بشكل سلمي لانتقاد الحكومة الإماراتية، ما يعني أن هذا الاتهام ينتهك حقهم في حرية التعبير. وقد أكد الأشخاص الخمسة المُدعى عليهم براءتهم من التهم المنسوبة إليهم. ومن بين هؤلاء الناشط المعروف في مجال حقوق الإنسان أحمد منصور والأستاذ المحاضر ناصر بن غيث. قانون العقوبات الإماراتي قانون العقوبات الإماراتي يكشف كيف أن السلطات الإماراتية تستخدم عادة المواد التي تتعارض مع حقوق الإنسان والتي يتضمنها قانون العقوبات الإماراتي المنصوص عليه والمتعامل به في عموم دولة الإماراتالمتحدة من أجل التغطية على الانتهاكات الجسيمة لحرية الرأي والتعبير والإحالة دون النشاطات السياسية والحقوقية لمجتمع الإمارات المدني، والتي تنتهجها السلطات الرسمية ضد المواطنين الإماراتيين والأجانب المقيمين في الإمارات على السواء، في صورة تجعل الانتهاكات تبدو في إطار شرعي وقانوني بحسب حقوقيين. .