ذكر تقرير نشرته جريدة القدس العربى اللندنية اليوم ، أن مشاكل الإدارة الأمريكية بدأت تتضح وهي تحاول تعزيز إستراتيجيتها في اليمن الذي بات بالنسبة إليها المنطقة الساخنة ل "التطرف الإسلامي". وقال التقرير أن هذه المشاكل تشمل قلة المصادر المتوفرة لدعم مشاريع التطوير وغياب الخبرات المحلية وتاريخ البلاد المتشكك من النوايا الأمريكية.
وتحول اليمن الى مركز الحرب الأمريكية على "الإرهاب" بعد عملية التفجير الفاشلة في عيد الميلاد التي حاول تنفيذها عمر الفاروق عبد المطلب، النيجيري البالغ من العمر 23 عاما.
وقامت الولاياتالمتحدة منذئذ بمضاعفة مساعداتها الأمنية والعسكرية لليمن بثلاثة أضعاف منذ عام 2008، وخصصت ما يقرب من 70 مليونا لهذه الجهود هذا العام. وترى تقارير أمريكية ان المبلغ يظل قليلا ومتواضعا وهو نفس المبلغ الذي ترسله الولاياتالمتحدة لصربيا كل عام مقارنة بتحديات اليمن.
ويرى تقرير لصحيفة 'نيويورك تايمز' المدى الذي تتزايد فيه الضغوط الدولية على صعيد السياسة الخارجية والجبهات التي تحاول أمريكا التصدي لها وصعوبة التعامل معها خاصة ان أمريكا تقاتل حربين في كل من العراق وأفغانستان. فإضافة الى تعزيز الجهود اليمنية لمقاتلة القاعدة وتزويدها بالمعلومات الأمنية فواشنطن مطالبة بتطوير خطة لمواجهة الوضع الاقتصادي ومعدلات الفقر التي يرى فيها المحللون أصل مشاكل التطرف في البلاد.
وبحسب سفير واشنطن في اليمن في الفترة ما بين 2001 -2004 فواشنطن ليست لديها استراتيجية واضحة حتى الآن ولكن لديها بعض الردود كما قال أدموند هيل.
وقالت الصحيفة ان الإدارة ليس لديها سوى عدد قليل من الخبراء في الشئون اليمنية، مقارنة مع 30 خبيرا يمثلون أجهزة مختلفة من الدولة يعملون بشكل حصري مع مبعوث الإدارة الى باكستانوأفغانستان، ريتشارد هولبروك.
وقالت الصحيفة ان مستشار البيت الأبيض لمكافحة "الإرهاب" جون أوبرينان، أدهش الجميع عندما أعلن عن دهشته لقدرة القاعدة على تنظيم عملية مثل عملية ديترويت الفاشلة، وهو الذي عمل مديرا لمحطة 'سي اي ايه' في السعودية.
وينظر الى اليمن على انه بلد غامض وملغز للإدارة. ونقل عن الخارجية الأمريكية قولها أنها بدأت برنامج إعادة الاستقرار في اليمن قبل العملية الفاشلة عندما وقعت اتفاقية في سبتمبر 2009، التي تهدف الى توفير فرص العمل وتحسين الصحة ومرافقها. ومنذ تفجير المدمرة كول عام 2000، قامت الخارجية بدعم مشاريع صحية وفتح طرق بين العاصمة ومدينة مأرب من اجل التقليل من انتشار القاعدة.
وكانت العلاقات اليمنية الأمريكية قد شابها البرود بعد هروب عدد من ناشطي القاعدة من سجن أمني في صنعاء عام 2006، منهم مشتبه بضلوعهم بتفجير كول.
وبحلول عام 2008، تراجع الدعم الأمريكي للبرامج غير العسكرية الى 20 مليون دولار في العام مقارنة مع 2.7 مليار ل "الإعمار" مخصصة لأفغانستان و1.5 مليار لباكستان و500 مليون للعراق.
وتقول سفيرة واشنطن السابقة في صنعاء باربرا بودين ان المساعدات الأمريكية تقدم لليمني الواحد اقل من دولار ونصف الدولار اي لا يمكنه شراء فنجان قهوة وهم من اخترع القهوة.
ومع ان الخارجية تعترف بقلة المصادر المخصصة لليمن إلا ان مراقبين يرون ان أهم عقبة للدعم هي الحسابات المتغيرة للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، فهو وان عبر عن رغبة لمواجهة القاعدة إلا ان حساباته تتغير نظرا للظرف الداخلي.
ويظل اليمن جزءً من معضلة المنطقة اي القرن الأفريقي حيث تتداخل المشاكل نظرا لعمليات التهريب والقرصنة ولا يمكن فصل مثلا مشكلة الصومال عن إريتريا وإثيوبيا، كما ان المنطقة تركت آثارها على السياسة العالمية خلال العقود الثلاثة الأخيرة من ناحية المجاعات والحروب الطويلة والأهلية والتشرد.
وينظر المسئولون في الدول القريبة من اليمن الى ان الاهتمام الدولي بالبلد بعد محاولة عيد الميلاد سيترك آثاره على مشاكل الدول المجاورة من ناحية تصدير أزمة اليمن لها.
ونقلت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية عن رئيس وزراء الحكومة الصومالية عمر شارمركي قوله ان تعجل رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون فى الدعوة الى عقد اجتماع دولي حول اليمن لن ينتج عنه إلا ترحيل المشكلة للصومال.
وقال ان القاعدة وحلفاءها من جماعة الشباب المجاهدين في الوقت الذي يؤكدون على تحول اليمن لمركز انتباه فهم سيقومون من ناحية أخرى باستغلال غياب الاهتمام بالصومال وتحقيق ملاجئ لهم هناك.
ولا يستبعد مسئولون يمنيون وجود علاقات بين الجماعات المرتبطة بالقاعدة في البلدين وان أعدادا كبيرة من اللاجئين الصوماليين لا بد ان يوجد بينها من هو متعاطف مع منظمة الشباب الإسلامي. وبعيدا عن مشاكل القرن والتنافس الإريتري الإثيوبي، ودعم أمريكا لتدخل الأخيرة في الصومال فمشاكل اليمن الحالية لا تكمن في الآلاف من الأتباع للقاعدة حيث تتراوح التقديرات ما بين 200 - 300 عضو ملتزم في التنظيم ولكن في قدرة القاعدة هنا على جر كل من أمريكا وبريطانيا الى حرب استنزاف طويلة ببلد يزيد عدد قطع السلاح التي يحملها أبناؤه عن 60 مليون قطعة. ويرى تحليل في صحيفة "إندبندنت أون صاندي" البريطانية انه كلما انخرطت أمريكا وحليفتها البريطانية في اليمن وساهمت في دعم حكومته الضعيفة كلما أصبحتا هدفا لأعدائه أيا كانوا القاعدة، الحوثيين أو الحراك الجنوبي وحتى القبائل.
وهذا يعني إضعافا للحكومة اليمنية في صنعاء التي سينظر إليها على أنها تابع للغرب ومن هنا فالحل الوحيد لعدم الوقوع في خطأ أفغانستان والعراق هو تقوية القوات المسلحة بشكل يجعلها قادرة على قلع خطر القاعدة وحدها، لأن التدخل الأمريكي الواضح سيعطي القاعدة وحلفاءها الفرصة لاستغلال المشاعر المعادية لأمريكا لصالحها.