عاصفة أشبه بعاصفة الحزم، قادها الملك سلمان بن عبد العزيز فجر اليوم داخل البلاط الملكي السعودي، عبر جملة من التغييرات طالت قيادات رفيعة المستوى، من بينها إعفاء الأمير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد وتعين الأمير محمد بن نايف بدلا منه. الأوامر الملكية التي قادها سلمان أثارت ضجة كبيرة داخل الأوساط السعودية، خصوصا في ظل هذا التوقيت والذي تقود فيه المملكة عاصفة الحزم ضد جماعة الحوثي باليمن. التغييرات الملكية أثارت حفيظة السعوديين، فهل كانت بمثابة انقلاب سعودي للحزم داخل المملكة، أم بسبب عاصفة الحزم وعدم التمكن حتى اللحظة من حسم المعركة؟. المراقبون أكدوا أن سلمان يتبع آليات جديدة تختلف عن سابقيه، مؤكدين أن القرارات الجديدة كانت متوقعة في ظل التوجه الجديد للملكة. آليات جديدة الدكتور مختار غباشي، الخبير السياسي ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية قال إن حركة التغيرات التي قام بها الملك السعودي سلمان كان بعضها متوقع والبعض الأخر كان مفاجأة، فبالنسبة لسعود الفيصل وعادل الجبير كانت الأدلة ترجح التغيير، أما فيما يخص الأمير مقرن وتعين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان لم تكن متوقعة. وأضاف الخبير السياسي أن الملك سلمان منذ توليه سدة الحكم وهو يميل لحركة تغيرات شديدة داخل البلاط السعودي، مؤكدا أنه يتبع آليات جديدة مختلفة عن كل سابقيه. وأكد غباشي أن سلمان يريد التغيير وتجديد الدماء للتعاطي مع المواقف الرهنة في ظل آليات الواقع الدولي والإقليمي، وهو ما يؤكد أن طريقة تعاطيه للأزمات الإقليمية تختلف عن كل الحكام السابقين للمملكة. عاصفة الحزم
وعن ما إذا كانت عاصفة الحزم السبب في قرارات سلمان، قال نائب رئيس المركز العربي: “نعم هذا أمر مؤكد فعاصفة الحزم حتى ألان لم تستطع تحقيق الأهداف المرجوة. وتابع: "سلمان كان يتصور أن الحرب ستنهي أزمة الحوميين في وقت قصير، وستجبرهم إما للتراجع أو الجلوس على طاولة المفاوضات، ولكن استمرار الضربات الجوية رغم تغيير المسمى يؤكد أن العاصفة لم تنجح حتى الأن، وهو ما قاد الملك السعودي إلى حركة تغييرات واسعة. وأضاف غباشي أن القيادات الجديدة ستعمل في الوقت الحالي على إنهاء أزمة الحوثيين في اليمن خصوصا فيما يتعلق بالضغط على الأطراف الإقليمية لإجبار الأطراف المتنازعة في اليمن للجلوس على طاولة التفاوض. جيل جديد من جانبه أكد الدكتور معتز سلامة رئيس وحدة دراسات الخليج بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن تغييرات الملك سلمان تأتي في إطار إحلال جيل جديد من الشباب لقيادة المملكة، مشيرا إلى أن التغيرات كانت متوقعة في ظل التسريبات التي خرجت في الأيام الماضية. وأضاف سلامة أن التغييرات تتفق مع الوضعية الجديدة للسعودية في ظل عهد الملك سلمان، ودخول المملكة في مرحلة جديدة، تتطلب قرارات حاسمة ومن ثم جيل جديد من القيادة الشبابية قادر على اتخاذ وتنفيذ تلك القرارات. رؤى سلمان وتابع رئيس وحدة دراسات الخليج أن الحديث عن خلافات داخل الأسرة الحاكمة في المملكة هي من تقف وراء التغييرات أمر غير صحيح، فما حدث من ضمن رؤى سلمان لإدارة الحكم قبل توليه السلطة وليست وليدة اليوم. وبسؤاله عن وقوف عاصفة الحزم خلف القرار، أجاب سلامة قائلا: “لا أظن أنها السبب، فعاصفة الحزم ما زالت مستمرة حتى اللحظة، كما أن معظم قادة العاصفة من أمثال محمد بن سلمان ما زالوا في السلطة، وهو دليل أن العاصفة لم تكن سبب التغييرات الحالية. هيمنة أمريكية
وبدوره قال الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن جملة التغييرات في قيادات المملكة التي أجراها سلمان تؤكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي من تحكم السعودية. وأضاف اللاوندي أن الحرب في اليمن جاءت بالتنسيق بين السعودية وأمريكا، مؤكدا أن الأمير محمد بن نايف ذهب لأمريكا وتم بعدها مباشرة إعلان "عاصفة الحزم"، من واشنطن. وأكد خبير العلاقات الدولية أن ما حدث يكرس الهيمنة الأمريكية على المملكة، كما يحكم من قبضة سلمان على كرسي الحكم، وتعين ولي العهد من أسرته تأكيد على مصادرة المملكة لصالح عائلة سلمان. تغييرات سلمان وفجر اليوم أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز 25 أمراً ملكياً، أعفى بموجبها الأمير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد بناء على طلبه، وعين الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولياً للعهد بدلا منه، ليكون أول حفيد من أحفاد الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة، يتولى هذا المنصب. كما قضت سلسلة الأوامر ذاتها، التي بثها التلفزيون السعودي الرسمي، بتعيين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولياً لولي العهد، خلفاً للأمير محمد بن نايف، الذي أصبح ولياً للعهد، الأمر الذي يعني دخول اثنين من أحفاد الملك عبد العزيز في تشكيل هرم السلطة في المملكة، بعد أن كان حفيداً واحداً، وبذلك أضحى الأمير محمد بن سلمان (30 عاماً) أصغر من تولى منصب ولي ولي العهد. ومن بين أبرز ما تضمنته الأوامر قبول طلب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل (أقدم وزير خارجية في العالم بمدة 40 سنة) إعفاءه من منصبه لظروف صحية، وتعيين سفير السعودية بواشنطن عادل الجبير ( الذي كان يشغل منصب سفير السعودية في أمريكا) بدلاً منه، وتعيين منصور بن مقرن، نجل ولي العهد السابق (المعفى من منصبه) مستشاراً للعاهل السعودي بمرتبة وزير، إضافة إلى صرف راتب شهر لمنسوبي جميع القطاعات العسكرية والأمنية من أفراد وضباط ومدنيين.