شن التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية في العالم، هجوماً على عدد من الدول التي تتهمها واشنطن بممارسة القمع الديني الشديد، والتي كان على رأسها كوريا الشمالية وإيران، اللتين اعتبرهما التقرير من بين أسوأ منتهكي الحرية الدينية في العالم. وقال التقرير إن كوريا الشمالية التي يشار إليها دوما، على أنها من بين أشد خصوم الحرية الدينية، تواصل إعاقة كل الأنشطة الدينية التي لا تقرها، بينما شهدت حكومة إيران تآكل التسامح الديني المحدود بالفعل، مما أوجد بيئة مهددة للأقليات الدينية. وأشار التقرير إلى عدد آخر من الدول، قال إنها ارتكبت انتهاكات فاضحة للحرية الدينية خلال العام الماضي، وهي نفس القائمة التي قدمتها وزارة الخارجية في العام الماضي، والتي يمكن أن تتعرض لعقوبات أمريكية. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون فور صدور التقرير، "نأمل أن يؤدي التقرير، إلى تشجيع حركات الحرية الدينية في أنحاء العالم، وأن يعزز الحوار بين الحكومات وداخل المجتمعات، وأن يحمي حق كل فرد في الاعتقاد أو عدم الاعتقاد، وفقا لما يراه". وصرح مايكل بوزنر، أكبر مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية معني بالديمقراطية وحقوق الإنسان، بأن دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما هذا العام، "لبداية جديدة" بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي في أنحاء العالم، لا تعني تهميش القضايا الهامة مثل الحرية الدينية. وأضاف بوزنر في مقدمة التقرير، "أن الحرية الدينية هي حق أساسي، ومن الصالح الاجتماعي، ومصدر للاستقرار ومفتاح للأمن الدولي". ويقدم التقرير السنوي الذي تم جمعه من مصادر مختلفة، تشمل الصحفيين والأكاديميين والمنظمات غير الحكومية، وجماعات حقوق الإنسان والجماعات الدينية، قائمة طويلة بكل من الانتكاسات ومظاهر التقدم بشأن الحرية الدينية في أنحاء العالم. وتحتل كوريا الشمالية، التي يعتقد مسؤولون أمريكيون اأن بها ما يتراوح ما بين 150 إلى 200 ألف سجين في المعتقلات السياسية، مكانا بارزا في القائمة الأمريكية منذ عام 2001، وبعض نزلاء سجونها سجنوا لأسباب دينية. وقال التقرير إن "الحرية الدينية الخالصة ليست موجودة"، ولاحظ أن كوريا الشمالية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع الولاياتالمتحدة، تواصل إعاقة كل عمليات التقييم المستقلة، لما يدور داخل حدودها. وتعرضت إيران أيضا لانتقادات شديدة في التقرير، والذي أشار إلى أن الجمهورية الإسلامية، سجنت وضايقت وروعت أشخاصا بسبب معتقداتهم الدينية، بينما كثفت وسائل الإعلام الإذاعية والمطبوعة من حملاتها السلبية ضد الأقليات الدينية، خلال الفترة موضع الدراسة، بالإضافة إلى عمليات الإعدام التي نفذتها السلطات الإيرانية بحق المسلمين السنة في إقليم بلوشستان وسيستان. وأشار التقرير إلى أن الصين، المقرر أن يزورها الرئيس الأمريكي الشهر المقبل، حققت بعض التحسن بما فيه زيادة التسامح لبعض الجماعات الدينية، التي ترى الحكومة أنها لا تمثل تهديدا، غير أن التقرير انتقد بكين لقمعها الديني الشديد في التبت، وفي منطقة شنجيانغ – تركستان الشرقيةالمحتلة-الواقعة في غرب البلاد، والتي شهدت موجة من العنف في يوليو الماضي، بعد اتخاذ إجراءات صارمة ضد احتجاجات من قبل المسلمين الايجور. وقال التقرير إن بكين أيضا تقمع أنشطة رجال الدين الكاثوليك "السرية"، لأنهم يظلون إلى حد كبير موالين للفاتيكان، كما قيدت ما تسميه "بالديانات الشريرة"، مثل جماعات مسيحية عديدة وجماعة فالون جونج. هذا ولم يتعرض التقرير كالعادة بالقمع الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني ضد الإنسان في فلسطينالمحتلة، حيث يتدخل اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة ضد أي قرار أو انتقاد يوجه للكيان الحليف لواشنطن في المنطقة. من جهة ثانية تجاهل التقرير السياسي الأمريكي التعذيب في مصر ، الذي اعتبره تقرير "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" وصل إلى "حد لا يطاق"، وأصبح "منهجاً يمارس على أعلى مستوى"، مشيراً إلى أن عمليات التعذيب شملت كل شرائح المجتمع المصرى من أطفال ونساء وشيوخ وشباب دون اعتبار لأي وضع اجتماعي، بحسب ما نشرته صحيفة "المصري اليوم" القاهرية. وترى المنظمة أن التعذيب فى مصر أصبح "سلوكاً وسياسة منهجية تتم على نطاق واسع مكرسة سيادياً، بمعنى أن السلطات العليا إما موافقة عليها أو تشجعها". وأضاف تقرير المنظمة -التى تتخذ لندن مقراً لها - أنها "سلمت مجلس حقوق الإنسان والأجهزة الدولية المعنية فى هذا الشأن ملفاً كاملاً بأسماء الضحايا وأسماء معذبيهم، على أمل أن تقوم هذه الأجهزة بواجباتها تجاه آلاف المعتقلين الذين يقبعون فى سجون لا تتوفر فيها أدنى المعايير الدولية"، مضيفة أن كل مناشداتها السابقة حول تحسين ملف حقوق الإنسان فى مصر لم تلق استجابة. وأكد التقرير أن التعذيب يستخدم على نطاق واسع فى أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز غير القانونية، بعدما كان معتاداً فى المعتقلات فقط، مشيراً إلى أن التعذيب لا يمارس ضد المعارضين للسياسات العامة فقط بل ضد المشتبه فى ارتكابهم جرائم وضد كثير ممن ليسوا موضع اشتباه من الأساس. ويشير التقرير إلى وقوع نحو 285 حالة تعذيب نتج عنها 118 حالة وفاة خلال 9 سنوات، مضيفاً أن هناك تزايداً فى حالات الاختفاء القسرى، حيث تم رصد اختفاء 73 شخصاً بصورة قسرية فى الفترة بين عامي 1992 و2009، تمت معرفة مصير 17 منهم، ولازال 56 شخصاً فى عداد المفقودين.