تواجه حركة النهضة التونسية تحديا جديدًا حيث اختارت قيادة حركة النهضة التونسية زياد العذاري النائب عن محافظة سوسة، ليكون وزيرها الوحيد، وذلك بعد أن قدّم الحبيب الصيد في مفاوضاته الأخيرة مع حركة النهضة منصب وزير واحد وثلاثة كتاب دولة (مساعدو وزير) بهدف توفير أوفر الحظوظ لتمر حكومته أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان). وليست المرة الأولى التي تستعين فيها النهضة بخبرة العذاري في ظرف يفرض الاحتكاك مع الآخر، فقد سبق لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أن عيّن في أكتوبر 2013 زياد العذاري ناطقًا رسميًّا باسم الحركة، عندما زاد الضغط الإعلامي على الحركة بالتوازي مع تصاعد الأزمة السياسية إثر اغتيال المعارض القومي عضو الجبهة الشعبية الحاج محمد البراهمي في صيف 2013 بحسب وكالة الأناضول. وينحدر زياد العذاري (40 عامًا) من مدينة مساكن، أكبر مدن محافظة سوسة، شرقي تونس، ولد فيها سنة 1975، المدينة الوحيدة من مدن الساحل التونسي المعقل التاريخي للحركة الدستورية (حزب بورقيبة) التي صوتت لحركة النهضة في الانتخابات التشريعية وللرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي في دورتي الرئاسة. لم يمنع بطش الرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة يناير 2011، وحربه ضد الإسلاميين، العذاري، خلال تسعينيات القرن الماضي من مواصله تعليمه بعد أن تم سجنه في منتصف التسعينيات وهو يدرس بالمرحلة الثانوية وهو لم يتجاوز عامه ال16 فجاء بالمركز الأول في امتحان بكالوريا الآداب (الثانوية العامة) لكنه لم يحصل على الجائزة الرئاسية التي يكرم فيها الرئيس بقصر قرطاج الطلاب الأوائل بمختلف الشهادات؛ بسبب نشاطاته السياسية. و درس لاحقا القانون وحصل على الأستاذية ثم الدراسات المعمقة في القانون الخاص وبالتوازي مع ذلك درس الاقتصاد والتجارة في أرقى معهد تونسي وهو معهد الدراسات العليا التجارية. وإثر حصوله على جواز سفر منع من الحصول عليه 9 سنوات سافر إلى باريس وتحصل على شهادة الكفاءة في المحاماة واشتغل بمكاتب دولية للمحاماة. ورغم انتمائه لحركة النهضة فإن زياد العذاري، بحسب شهادات من مدينة مساكن، يحظى بتقدير مختلف الفرقاء السياسيين في المدينة من الجبهة الشعبية اليسارية إلى منتسبي حركة نداء تونس. وإثر توليه منصب الناطق الرسمي لحركة النهضة لمع نجم زياد العذاري كمحاور ذكي ومتسامح خلال الحوارات التلفزية التي كانت الخبز اليومي للتونسيين قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية، وكثيرا ما يتجاوز عن استفزازات المنافسين لحركته وحتى عن تهجمات بعض الصحفيين الذين كان يحضر حواراتهم. زياد العذاري يجيد الفرنسية اللغة التي تحبذ النخب "الحداثية" في تونس استعمالها حتى في الحياة اليومية ويدخلون ألفاظها في حواراتهم الإذاعية والتلفزية مما سهل عليه، بحسب بعض المتابعين، الاندماج في المشهد المرئي والمسموع التونسي. ويشبّه بعض المراقبين الوزارة التي كلف بها العذاري، وهي وزارة التكوين والتشغيل، ب"كتلة النار" التي ألقيت في حجر النهضة في شخص الوزير الذي يمثلها بحكومة الحبيب الصيد. ويرى آخرون أن اتحاد المعطلين، المحسوب على الجبهة الشعبية، والذي يرأسه سالم العياري، سيكون أكبر منافس له بل سيكون ضيفا دائما على مكتب الوزير في بلد تبلغ فيه معدل البطالة الوطني 15.2 بالمائة، بحسب إحصائيات نشرها البنك المركزي التونسي سنة 2013 فاقت نسبة بطالة خريجي الجامعة 33 بالمائة. بات السؤال مطروحا إذا.. هل ينجح المحاور اللبق في حل إشكال البطالة خاصة بين خريجي الجامعة خصوصا في وقت لا يزال شعار ثورة يناير 2011 "التشغيل استحقاق يا عصابة السراق" يرن في الآذان؟، أم تكون الوزارة المسندة لحركة النهضة هدية مسمومة لُفَّت في قشرة من العسل اللذيذ؟ وأعلن الصيد الاثنين الماضي عن تشكيلة حكومته الجديدة التّي تضم 27 وزيرا و14 كاتب دولة، منهم 7 وزراء وكاتب دولة منتمين لحركة نداء تونس، و3 كتاب دولة منتمين لحركة النهضة و3 وزراء من حزب آفاق تونس و3 وزراء من الاتحاد الوطني الحر فضلا عن شخصيات مستقلة وأخرى مستقلة ذات خلفيات حزبية. ومنح مجلس "نواب الشعب" التونسي، اليوم الخميس، الثقة لحكومة الحبيب الصيد بأغلبية مريحة.