فيما عدا الكنيسة فإن الانقلاب ينقلب على كل من شارك معه في 30 يونيو ليقتصر الحكم على الثنائي (الجيش – الكنيسة) وآخر أهداف الانقلابيين شيخ الأزهر، مع أن الرجل لم يقصر معهم، ولكنهم لا يرضوا إلا بالانبطاح الكامل. السيسي وأقرانه يطلبون من شيخ االأزهر المستحيل، يطالبونه بالخروج على أساسيات الدين ونصوص القرآن االكريم ولعل هذا ما كان يقصده السيسي بالثورة االدينية، وهذا المصطلح لا يعني إلا الثورة على القرآن والسنة، لأن الدين يقتصر عليهما. وبدأ الاعلام الانقلابي يطالب شيخ الأزهر بالتنحي. لماذا؟ّ! لأن مناهج الأزهر تتضمن تكفير المسيحيين، والحقيقة أن هذه مناهج القرآن االكريم!! ويطالب الانقلابيون بإلغاء موضوع الجزية من مناهج الأزهر رغم أنه منصوص عليها في القرآن لكريم، وما يناقش هو شروط تطبيق الجزية من عدمه، ولكن إلغاء الجزية معناه أن الانقلاب يريد شطب آية من القرآن لكريم، وحتى ملك اليمين فهو منصوص عليه في القرآن، ويمكن مناقشة ظروف تطبيقه من عدمه، وهي المعاملة بالمثل مع الأعداء اذا بدأوا هم بذلك كما ورد في كتابات العقاد. كذلك فإن عدم تكفير داعش والاخوان من صميم الدين وثوابته، ولكن السيسي وأعوانه استشاطوا غضباً من شيخ الأزهر بسبب هذا الموقف. وموقف الأزهر صحيح وقد كتبت الشعب في هذا الاتجاه قبل بيان الأزهر بأسابيع. فأحكام الخوارج معروفة في الفقه ومتفق عليها. وطالما أنكم تريدون تكفير الاخوان وداعش فأنتم تكفيريون، ولماذا تلومون داعش اذا هي كفرتكم؟! كما أن اقتتال المسلمين منصوص عليه في القرآن (سورة الحجرات) ولا يدعو للتكفير. كما أن عدم تكفير أي شخص نطق بالشهادتين وصلى إلى القبلة ولم ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة ليس من مبادئ المذهب الأشعري، بل هذا ما تجمع عليه كل المذاهب (عدا الخوارج وهذا يعني أن الانقلابيين هم الخوارج سياسياً ولا نستطيع أن نقول خوارج عقائدياً لأن ثقافتهم الاسلامية ضحلة تماما)!! ويبدو أن الانقلاب طلب نفي بيان الأزهر الذي رفض فيه تكفير داعش، وتحت الضغط اجتمعت هيئة كبار العلماء مؤخرا لتصدر الفتوى المطلوبة، ولكن المشيخة والهيئة رفضا اصدار الفتوى السياسية وهذا يحسب لهم رغم خلافنا معهم. وفي المقابل قام الأزهر بعملية مروعة عن طريق عباس شومان رئيس لجنة تطوير مناهج الأزهر الذي أصدر قراراً بإلغاء كل المواد الشرعية ودمجها جميعاً في مادة واحدة تحمل اسم أصول الدين لاعتمادها كتجربة يتم تطبيقها على طلاب الأزهر حاليا في سابقة هي الأولى من نوعها!! وبعد تخريب المناهج في عهد طنطاوي حيث تم اختزال المذاهب الفقهية الأربعة، فإن الأزهر كمؤسسة علمية وتعليمية تتجه إلى الاضمحلال والسطحية حتى في المواد االشرعية التقليدية.