فى ظل إنخفاض أسعار النفط حول العالم والمعاناة التى تمر بها روسيا وبعض الدول الكبرى ذكرت مجلة " بزنس إنسايدر" الأمريكية أن أسعار النفط المنخفضة ليست هي المشكلة الوحيدة التي تواجه روسيا، مشيرة إلى أن موسكو بدأت بالفعل تفقد هيمنتها على سوق الغاز الأوروبي. وأضافت المجلة في تقرير نشرته اليوم- الجمعة- على موقعها الإلكتروني أن ثمة عاملين اُستخدما للإبقاء على تصنيف روسيا كأكبر مستودع للغاز: السياسات الأوروبية والشتاء القارص. وأوضح التقرير أن كلا العاملين قد تبدلا الآن، وبدأت روسيا تستكشف أسواقا في الدول غير الغربية. وأشار التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي أقدم في العام 2009 على تمرير " حزمة طاقة ثالثة" Third Energy Package والتي تنص على أن روسيا لا يمكنها امتلاك أو السيطرة على أنابيب الغاز في دول الاتحاد الأوروبي. لكن روسيا حركت دعوى قضائية لدى منظمة التجارة العالمية ضد الاتحاد الأوروبي بخصوص تلك المسألة في أبريل الماضي، بعد الجولة الأولى من العقوبات الغربية التي فُرضت عليها. ويضع الاتحاد الأوروبي أموال دافعي الضرائب في موصلات داخلية جديدة، ومن ثم فإنه إذا قررت موسكو أن تقطع الإمدادات، يكون بمقدور الدول المتضررة أن تحصل على الغاز من أماكن أخرى، وفقا لما أوردته مجلة " إيكونوميست" البريطانية. ورأى تقرير المجلة الأمريكية أن هذا يعد إجراء مهما نظرا لأن روسيا كانت تعاقب الدول عن طريق قطع إمدادات الغاز عنها. فعلى سبيل، قطعت روسيا إمدادات الغاز عن أوكرانيا لمدة ستة أشهر في 2014، بالإضافة إلى فترات في العامين 2006 و 2009. وعلاوة على ذلك، عاقبت موسكو كلا من لاتفيا وليتوانيا ل " لسوء معاملتهما للأقليات الروسية أو منحهما عقود مصافي تكرير أو بناء إلى شركات أوروبية وليست روسية." وسردت " إيكونوميست" أيضا حدوث تغيرات عدة في القارة العجوز، من بينها بدء ليتوانيا في استيراد الغاز الطبيعي المسال من النرويج وقيام أوكرانيا باستيراد مزيد من شحنات الغاز من الغرب وتوسط الاتحاد الأوروبي في صفقة حول الديون والأسعار بين أوكرانياوموسكو والتي سوف تبقي على استمرار تدفق الغاز إلى كييف على الأقل خلال الربع الأول من 2015. وفي ديسمبر الماضي، أجبرت مسألة نقص الأموال روسيا إلى إلغاء مشروع إنشاء خط أنابيب ساوث ستريم South Stream ( أو السيل الجنوبي) لتزويد جنوب أوروبا بالغاز دون أن يمر عبر الأراضي الأوكرانية. واستشهد التقرير بتصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أواخر نوفمبر الماضي والتي قال فيها إن " الشتاء قادم،" ومن ثم" فإنه " متأكد من أن السوق سوف يتزن مجددا في الربع الأول أو في أواسط العام المقبل." وما كان يعنيه بوتين بتلك التصريحات هو أن الطقس البارد يعد نذير خير للاقتصاد الروسي لأن الأوربيين سيتعين عليم استيراد مزيد من شحنات النفط والغاز. وأوردت " بزنس إنسايدر" ما كتبه ديفيد كوتوك رئيس " كيمبرلاند أدفايزورز" Cumberland Advisors، الشركة العاملة في مجال تقديم الاستشارات المتعلقة بالاستثمار، في أغسطس الماضي : " إن تأثير الطقس البارد هو ما سيسمح ل روسيا، بوصفها المورد الرئيسي للطاقة لأوروبا، لممارسة نفوذها. ويمكن أن يأخذ هذا النفوذ شكل أسعار عالية أو أحجام مقيدة أو كليهما، أو مفاوضات تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على تلك التكاليف الإضافية." وقدمت روسيا ثلث الغاز الطبيعي الذي تعتمد عليه البلدان الأوروبية في منازل مواطنيها وتسيير مصانعها أيضا. ونظرا لأن موسكو لعبت مثل هذا الدور الحاسم في سوق الغاز، فإنها تمتلك القدرة على توجيه أسعار الغاز. لكن الشتاء الأوروبي جاء معتدلا هذا العام، وفقا ل إيكونوميست، ولذا فإنه " حتى إذا ما حاولت روسيا عرقلة وصول إمدادات الغاز، لن يكون التأثير كبيرا." وتسعى روسيا علنا إلى استكشاف علاقات جديدة في مجال الطاقة ( وأيضا عسكرية) مع دول خارج أوروبا، وفي مقدمتها الصينوالهند. ففي مايو الماضي، وقعت كل من شركة جاز بروم Gazprom الروسية وشركة البترول الوطنية الصينيةChina National Petroleum Corp عقدا تاريخيا مدته 30 عامًا لتزويد الغاز الطبيعي إلى الصين. وتقابل بوتين مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في نهاية العام المنصرم، واتفق الطرفان على العديد من صفقات الطاقة. ودعت روسياالهند " للعمل في مشروعات" في المنطقة القطبية. وقال بوتين: " روزنيفت Rosneft وجازبروم، أكبر شركاتنا، مع نظرائهما من الهند، يجهزون لتطوير مشروعات في المنطقة القطبية والتوسع في الغاز المسال."