بعد المؤشرات الأولية والمعلومات التي تم تداولها بشأن حادث مجلة "شارلى إيبدو" لابد أن نتساءل عن أشياء أخرى: ما سر وجود ضابط استخبارات فرنسي كبير بين صفوف جبهة النصرة في سوريا؟ وهل للاستخبارات الفرنسية دور في تجنيد الجهاديين الذين ارتكبوا مذبحة شارلي إيبدو؟ هذه مجرد طرح أسئلة بديهية حول الجوانب الغامضة في ما يجري من قتل وجرائم إرهابية باسم المسلمين، وبانتظار الرد الرسمي الفرنسي على أسئلة بديهية حول الهجوم على المجلة الفرنسية، وحتى وصوله أوضح فيما يلي مسائل محيرة لم تجب عليها السلطات الفرنسية. كيف علم المهاجمون بالاجتماع الأسبوع فيما تكون مكاتب المجلة خالية طوال الوقت عدا ذلك التوقيت الأسبوعي؟ كيف تجاوز هؤلاء الحراسة الموجودة في مكتب المجلة؟ ما تفسير ما قام أحد المشتبه بهم من "القتلة" المزعومين بتسليم نفسه؟ فقد نقلت وكالات الأنباء أن حميد مراد (18 عامًا)، سلم نفسه للشرطة الفرنسية، وهو واحد من بين 3 مشتبه فيهم بالهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو" في باريس، الأربعاء، حيث قتل 12 شخصًا، وأصيب 11 آخرون. من يسلم نفسه يسعى على الأغلب لتبرئة اسمه ولا يمكن أن يكون هؤلاء القتلة الذين ظهروا في لقطات الفيديو التي نشرت عن الحادثة يخشى من الموت بل تمكن اثنان من قتل شرطي ضمن دورية و12 شخصًا، وتمكنوا من الفرار بما يوحي أنهم تلقوا تدريبًّا قويًّا يضاهي قوات النخبة أو الكوماندوس، فكيف إذا سيسعى أي منهم لتسليم نفسه فورًا أملا بالبراءة؟ يكتنف الغموض ما تكشفه السلطات الفرنسية حول الشقيقين سعيد كواشي (34 عامًا) وشريف كواشي (32 عامًا) فهما من متعاطي المخدرات ولهما سجل إجرامي وإرهابي حافل فضلا عن حكم بالسجن مع وقف التنفيذ بتهم إرهابية، هكذا يترك هذين يسرحان ويمرحان مع علم السلطات الفرنسية بأنهما كانا يقاتلان في العراقوسوريا وتلقيا تدريبًّا في اليمن مع القاعدة، تمامًا كحال أي شخص نود أن نبني معه علاقة عائلية ودودة، أو حتى مصاهرة! كيف تركت السلطات الفرنسية شخصًا محكومًا بجرائم إرهابية طليقًا بعد إدانته بتهم إرهابية مع حكم بالسجن مع وقف التنفيذ؟ والمعروف أن رادار الاستخبارات الفرنسية يحط فوق رؤوس كل من له أدنى شبهة من العرب والأجانب في فرنسا؟ عندما أساء صحفي في مجلة تشارلي إبدو لليهود طلب المحرر منه الاعتذار فرفض وجرى فصله بعد ضغوط من المفكر المشعوذ هنري برنار ليفي (المصدر). لم تترك المجلة شتيمة بالغة البذاءة- لم تنشر بعض عبارات الشتائم المقذعة ضد الإسلام بأي مطبوعة عربية منذ نصف قرن، ولم تترك الصحيفة إسلوبًا بالاستفزاز ولا علاقة له بحرية التعبير إلا استخدمته ضد الإسلام، فهل تم استدراج شبان للانتقام أم كان الهدف تقديم تمثيلية قابلة للتصديق أو التبرير من قبل المسلمين؟ لا يمكن توقع أي رد من السلطات الفرنسية حول ضلوع استخباراتها في اختراق القاعدة وجبهة النصرة في سوريا، ومدى تأثيرها على عناصر هذه الجبهات التي تتبع القاعدة، إلا أن انشقاق أهم ضابط استخبارات فرنسي من أصول عربية لجانب النصرة ضد فرنسا لهو مؤشر على عمق الدسائس الفرنسية فيما يجري في سوريا وفي باريس.