لم يكن تفعيل قرار وزارة الداخلية الكويتية ربط إقامة الوافد بصلاحية جواز سفره مجرد خبر، فقد نفض القرار الغبار عن عدم تطبيق القانون لسنوات طويلة، وعلى ذلك فوجئ الكثيرون من الوافدين في الكويت لدى مراجعتهم إدارات الهجرة بتراكم مبالغ مالية كبيرة عليهم، تجاوزت الألف دينار لدى البعض، وهي واجبة السداد. ويدفع هذه الغرامة كل وافد عند تجديد إقامته، إذا كان جوازه منتهيا قبل انتهاء مدة الإقامة، وذلك أن الإقامة تسقط تلقائيا عند انتهاء صلاحية جواز السفر، حتى إن كانت سارية وهذا الإجراء معمول به منذ عام 1959 إلا أن بعض المقيمين يجددون جوازات سفرهم دون الرجوع إلى إدارات شئون الإقامة لدفع الغرامات المترتبة على انتهاء صلاحية الجواز. هذا وقد اكتظت إدارات الهجرة اليوم بالمراجعين من مختلف الجنسيات في أعقاب تفعيل قرار ضرورة تحديث أي وافد لبياناته بعد تجديد جواز السفر، وعلت صرخات المراجعين في الإدارات كافة، وكان بعضهم يشكون من أن الغرامات تجاوزت ال 3 وال 4 آلاف دينار على اعتبار ان الحد الاقصى لمخالفة عدم ابلاغ الداخلية عن تجديد جوازات السفر هو 600 دينار، وفقاً للقانون رقم 1959/17، وصب عدد من المراجعين جام غضبهم على سفارات بلادهم ووزارة الداخلية، وقالوا: نحن ضحية عدم علمنا بالإجراء. وقال مدير عام الإدارة العامة لشئون الإقامة بالإنابة في الكويت اللواء طلال معرفي، إن القانون قديم، وكل ما حدث هو ربط قانون تحديث البيانات بنظام الحاسب الآلي. وأضاف أن الداخلية جهة تنفيذية للقوانين وليست الجهة المخولة بإخطار الناس بضرورة تحديث البيانات فور تجديد الجوازات. خطوات دبلوماسية هذا وقد تفاعلت قضية غرامات الوافدين المتأخرين في نقل معلومات وتحديث بيانات جوازات سفرهم المجددة والممدة ديبلوماسيا ونيابيا وشعبيا, اذ بدأت سفارات دول عدة في البلاد اجراء اتصالات مع وزارتي الخارجية والداخلية ل تجميد القرار واعطاء مهلة لابناء الجاليات المتضررة لتعديل اوضاعهم والتكيف مع الاجراءات الجديدة, وهو الأمر الذي طالب به غير نائب وعشرات المقيمين الذين استغرب بعضهم تحميلهم مسؤولية اهمال الوزارة تطبيق القوانين واعتماد اجراءات جديدة وتوقيع غرامات عليهم من دون سابق إنذار. ديبلوماسيا، أكد السفير المصري عبدالكريم سليمان إنه يجري اتصالات مع مسئولي وزارتي الداخلية والخارجية لإيجاد حلول وتسوية هذه المشكلة الكبيرة خصوصا ان اعداداً كبيرة من ابناء الجالية اتصلوا بالسفارة وراجعوا القسم القنصلي للإبلاغ عن الأضرار التي تكبدوها، وبين أن هذه القضية ستكون على رأس جدول اعمال الوفد القنصلي الذي سيصل الى الكويت يوم غد للتباحث مع المسؤولين الكويتيين في القضايا التي تهم ابناء الجالية”. نيابيا، ناشد عدد من النواب نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد اصدار قرار يجمد بموجبه تحصيل الغرامات من الوافدين والكفلاء واعطاء مهلة محددة لتعديل وتحديث البيانات”, مؤكدين ان ما تقوم به وزارة الداخلية يتماشى مع صحيح القانون لكن لا يجوز تحميل الاخرين مسؤولية اهمال تطبيق القوانين ومن ثم تحصيل الغرامات بشكل مفاجئ. وقال السفير اللبناني لدى البلاد د. خضر حلوة انه يجري اتصالات مع وزارة الخارجية, أملا من السلطات الكويتية التي عودتنا دائما تسهيل أمور ورعاية المقيمين على اراضيها ايجاد حل يتناسب مع حجم المشكلة ، واقترح السفير حلوة اعطاء مهلة قانونية لتمكين المعنيين من تسوية أوضاعهم ومن ثم تحصيل الغرامات وتطبيق القانون على المخالفين, لافتا الى ان السفارة اللبنانية تلقت بلاغات وشكاوى عدة من ابناء الجالية المتضررين من الإجراء المتخذ. وقال حلوة: بعد الاتصالات بالمراجع المعنية حول القرار الذي طبق بموجب قانون ساري المفعول, فان السفارة اللبنانية متعاونة مع السفارات المعنية الاخرى على تواصل مستمر مع الجهات الرسمية لإيجاد الحلول القانونية الملائمة لتحديث البيانات تجنبا للغرامات التي تطال المقيمين آملة أن تحصل على الحلول في اقرب وقت ممكن”. تفاعل برلماني وفي هذا السياق، ناشد رئيس لجنة حقوق الانسان البرلمانية النائب في البرلمان الكويتي الدكتور عبدالحميد دشتي وزيري الداخلية والعدل ضرورة الاخذ بالجوانب الانسانية ووقف تحصيل الغرامات فورا وعدم تطبيقها بأثر رجعي, مبينا انه “في حال لم توقف الوزارة تحصيل الغرامات فان هذه القضية ستوضع على جدول لجنة حقوق الانسان وسنتصدى لها، رافضا تبرير تحصيل الغرامات بالقول انها نتيجة تفعيل الربط الآلي معتبرا أن التكنولوجيا سخرت لخدمة الانسان لا لتكون عذابا له وبالتالي فبامكان وزيري الداخلية والعدل التدخل يدويا واتخاذ اجراء فوري يضع حدا سريعا لما يحدث خصوصا ان الاجراءات الحالية تضع الوافد في موضع اتهام وتحمله غرامات بأثر رجعي رغم انه لا يوجد لديه نية بالمخالفة. من ناحيته، دعا مقرر لجنة حقوق الانسان البرلمانية النائب حمود الحمدان وزارة الداخلية الى تجميد قرارها وتحديد مهلة زمنية لتسوية الأوضاع قبل البدء في تحصيل الغرامات والاستعجال في تطبيق القانون بأثر رجعي, مشددا على ضرورة التمييز والتفريق بين من تعمد ارتكاب المخالفة وبين من اجبرته الظروف او تساهل في الموضوع لاهمال الداخلية تطبيقه سابقا ، ورأى رئيس لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية النائب عبدالله المعيوف ان اجراءات وزارة الداخلية لا غبار عليها ومستحقة رغم رغبتنا باستثناء ابناء الجالية السورية من القرار بسبب الظروف الخاصة بهم ولعدم وجود هيئة ديبلوماسية لبلادهم تباشر اعمالها في الكويت. أكد الخبير الدستوري والأستاذ في كلية الحقوق بجامعة الكويت الدكتور محمد الفيلي أن تطبيق القانون لا ينفذ بأثر رجعي إلا إذا كان إقراره بأغلبية خاصة بغرض إقراره بأثر رجعي، وأوضح الفيلي رداً على سؤال عن مدى قانونية تطبيق وزارة الداخلية لقرار فرض غرامات على المنتهية جوازاتهم من الوافدين وبأثر رجعي، حتى وإن كانت إقاماتهم صالحة، بل ومنع القادم منهم للدخول للبلاد، قال إذا كان هذا قراراً وزارياً فيفترض ألا يُطبق بأثر رجعي، لافتاً إلى انه في حال وجود قاعدة قانونية ولم تطبقها الوزارة في فترة سابقة سواء تقاعست عن تطبيقها أو إهمالها فهي لا تسقط ويمكن للوزارة تطبيقها متى ما أرادت ، وعن استياء الوافدين من تحمّلهم لغرامات وجزاءات لقانون تقاعست الوزارة في فترة سابقة عن تطبيقه، أشار الفيلي الى أن هذا المسلك لا يتفق مع المسلك الحسن، فأحياناً يكون هناك قانون أو لائحة ولا تطبق وفجأة ودون مقدمات أو إعلان يتم تطبيقه فهذا لا يمنع من تطبيقه، وأضاف أنه يحق لوزارة الداخلية تطبيق القانون أو القرار أو اللائحة لأنها تطبق قاعدة موجودة أصلاً، ولا يعتد بأنه طُبّق بأثر رجعي كون أن القانون موجود في الأصل لكن الوزارة تقاعست عن تطبيقه، غير أن عدم تطبيقه لفترة طويلة ومن ثم العودة لتطبيقه يخلق حالة من اللبس وعدم الرضا وصعوبة الالتزام بالقانون.