اعتبر "المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى" الاحتلال الصهيوني من "الدول" القلائل في العالم التي تمارس التعذيب الشديد في سجونها غير الشرعية بهدف انتزاع الاعترافات من المختطفين بصورة مهينة ومذلة، مشددًا على أن استمرار الاحتلال في استخدام سياسة التعذيب يعد جريمة متواصلة بحق القوانين السماوية والأرضية والدولية التي تجرِّم تعذيب الإنسان وتحرِّمه. ولفت المركز الفلسطيني في تقرير صدر عنه بمناسبة "اليوم العالمي لمناهضة التعذيب" إلى أن عملية التعذيب المستمرة في سجون الاحتلال تأتي في إطار رسمي وتغطية كاملة من قِبل سلطات الاحتلال التي تخصِّص لتلك العمليات الأموال الطائلة، وهو ما يتعارض تمامًا مع كافة الأعراف والمواثيق. وأشار المركز في تقريره إلى أن الغالبية الساحقة من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال تعرَّضت للتعذيب الشديد على يد الاحتلال، وأن هذا التعذيب امتد إلى التعذيب النفسي والجسدي والقهر والاضطهاد دون أدنى مراقبة من تلك المؤسسات الدولية التي تتغنَّى بحقوق الإنسان وحماية الأسرى من البطش والإرهاب. وشرح المركز الظروف التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون والعرب في سجون الاحتلال، وقسَّم ما يتعرض له الأسرى إلى نوعين من التعذيب: العقاب والتعذيب الجسدي، والعقاب والتعذيب النفسي؛ حيث تمارس سلطات الاحتلال أنواعًا كثيرة من التعذيب؛ منها الضرب المبرِّح الذي قد يصل في بعض الحالات إلى الإغماء ثم مفارقة الحياة، والصعق بالكهرباء، وكذلك عزل الأسير عن باقي الأسرى؛ لخلق جوٍّ من الضغط النفسي بهدف الإضرار بحالة الأسير، وكذلك حرمانه من زيارة المحامي والالتقاء به، والحرمان من الحق في إبلاغ الأهل فور الاختطاف أو الانتقال من مركز تحقيق إلى آخر. كما يمارس الاحتلال بحق الأسرى الحرمان من النوم، والتلفظ بألفاظ بذيئة ومخزية، كالسب والتهديد بإيذاء العائلة أو اختطاف أفرادها، وكذلك تهديد الأسير بإبعاده خارج الوطن وهدم بيته، مضيفًا أن من أصناف التعذيب وضع الأسير في غرف المتعاونين "العملاء" أو ما يعرف بغرف "العصافير"؛ حيث يتعرَّض فيها لعملية ضغط نفسي شديد، كما يتعرَّض في كثير من الأحوال داخل هذه الغرف للتعذيب والضرب واتهامه بالعمالة. وسلَّط "المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى" الضوء على المعلومات التي أقرَّتها التقارير الرسمية والحقوقية التي بيَّنت أن الاحتلال يستخدم قرابة 80 أسلوبًا من أساليب التعذيب بحق الأسرى والمختطفين، مبينًا في الوقت ذاته أن نسبة 98% من الأسرى الذين اختطفتهم قوات الاحتلال تعرَّضت للتعذيب في قرابة 30 سجنًا ومركزًا للتحقيق، وأن 88% من الأسرى تعرَّضوا لأسلوب تعذيب يعرف ب "الشبح المتواصل"؛ حيث يتم تعليق الأسير عاريًا من يديه أو قدميه في سقف الزنزانة فترات طويلة؛ يحرم خلالها من النوم ويُضرب ضربًا مبرِّحًا، الأمر الذي يؤدي إلى إصابة الأسير بالإغماء أو التشنج أو مفارقة الحياة. وأشار المركز إلى أن عدد شهداء الحركة الأسيرة وصل إلى 196 أسيرًا، مبينًا أن هذا العدد الكبير من الشهداء معظمه استشهد تحت التعذيب أو تعرَّض للقتل المباشر أثناء الاختطاف؛ مما يدلل على أن الاحتلال يمارس القتل المتعمَّد والإجرام الممنهج بحق الأسرى في سجونه التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة البشرية، وسط إهمالٍ وتجاهلٍ من قبل المؤسسات الحقوقية الدولية. وأشار إلى سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها سلطات الاحتلال وإدارات السجون بحق الأسرى المرضى الذين بلغ عددهم قرابة 1600 أسير، مبينًا أن هذا العدد من الأسرى لا يتلقى الرعاية الصحية ولا يتناول العلاج بسبب منع الاحتلال واكتفائه بإعطاء الأسير المريض بمرض عضال ومزمن حبة "أكامول" أو مسكنات مؤقتة فقط، كما تمنع سلطات الاحتلال الأسيرات على وجه الخصوص من توظيف طبيبة متخصصة لهن؛ الأمر الذي نادت به الأسيرات كثيرًا ولكن لا مجيب. وحسب الإفادات التي نشرها المركز فقد أصيب العديد من الأسرى المرضى بأمراض داخل السجون على الرغم من اختطافهم أصحاء، ولكنهم تحت التعذيب الشديد أصيبوا بأمراض مزمنة. وذكر التقرير ما أفاد به الأسير المحرر صهيب الصعيدي (25 عامًا) من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة خلال مقابلة أجراها معه "المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى"؛ حيث أكد أن الأسرى يتعرَّضون لمعاملة سيئة للغاية من قِبل إدارة السجون، مشيرًا إلى أن أحد الأسرى تعرَّض لضعف شديد في النظر بسبب ممارسات الاحتلال وقمعه داخل السجن؛ حيث بدأ يفقد بصره يومًا بعد يوم، حتى أصيب بالعمى التام، وبعد ذلك قرَّرت إدارة السجن عرضه على الطبيب بعد أربعة أشهر إضافية"، وقد رفض الصعيدي ذكر اسم هذا الأسير حتى لا يقلق ذويه خارج السجن. وعبَّر المركز في تقريره عن قلقه البالغ والكبير تجاه ما يتعرَّض له الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال من أساليب تعذيبية، معتبرًا أن هذه الأحوال الرهيبة التي يعيشها الأسرى والمختطفون في السجون من أطفال وشباب وشيوخ ونساء يبيِّن بشكل واضح وصريح بما لا يدع مجالاً للشك أن سلطات الاحتلال تنتهك كافة البنود التي تحتويها كل الاتفاقيات والأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تكفل للإنسان العيش بكرامة، والتي حدَّدت أساليب التعامل مع الأسرى والمختطفين في السجون. ودعا المركز الفلسطيني مؤسسات وهيئات ومنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات التي تهتم بشؤون الأسرى والمختطفين، إلى بذل أقصى الجهود وممارسة كافة الأساليب للضغط على سلطات الاحتلال من أجل وقف مسلسل الإذلال الرهيب والمخيف الذي يتعرَّض له الأسرى، وكذلك كبح جماح هذا العدوان البربري والهمجي الذي تمارسه سلطات الاحتلال أمام مرأى ومسمع العالم كله.