فتحت الانفجارات التي استهدفت محيط عدد من منازل قيادات في حركة فتح، ومنصة مهرجان إحياء ذكرى اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفاتبغزة، الباب على مصراعيه لرسم سيناريوهات متعددة عن المسئول عن هذه التفجيرات والمستفيد منها، فيما يبرز الصراع الداخلي الفتحاوي كعامل أساسي. فبعد ساعات من الشجار والعراك العنيف الذي وقع بين أنصار عباس ودحلان، في جامعة الأزهر بغزة، وقعت فجر الجمعة (7-11) 8 انفجارات قرب منازل قيادات من حركة فتح شمال قطاع غزة، إضافة لتفجير تاسع استهدف منصة مهرجان إحياء ذكرى اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات. وأثار بيان عثر عليه قرب التفجيرات موقع باسم الدولة الإسلامية المعروف باسم "داعش" المزيد من اللغط حول ما جرى، سيما أنه هدد قادة فتح المستهدفة منازلهم من الخروج منها حتى 16/11. صراع تيارات فتح وقال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا: "لا شك أن حركة فتح تعيش مرحلة صراع حقيقي بين تيارات فتح أبرزها تيار محمود عباس وتيار محمد دحلان في ساحات متعددة". واعتبر أن هدف التفجيرات التي حدثت دفعة واحدة في غزة واضح أنه "التهديد المتبادل". وربط القرا في تصريحات له بين ما جرى من تفجيرات بغزة، واقتحام منزل القيادي في فتح زياد أبو عين في الضفة الغربية كساحة ثانية للصراع، فيما الساحة الثالثة في مخيمات لبنان والتي قتل فيها أحد أنصار دحلان قبل أسبوعين. وكان منزل أبو عين في الضفة الغربية تعرض للاقتحام من قبل مجهولين الليلة الماضية، حيث استولوا على وثائق خاصة من خزنته. وأضاف القرا: "جميع الحوادث ربطت بمجهولين وما صدر من بيان (داعش) هو تضليل من الفاعل وخاصة أنها جاءت بعد ساعات من الشجار الكبير الذي وقع في جامعة الأزهر بين أنصار دحلان وعباس خلال تكريم عائلات الشهداء". وشدد على أنه "من الواضح أن الخلاف الداخلي في فتح عميق وشديد ويريد تيار الانتقام من تيار عباس وإعاقة عمل حكومته في غزة وسد الفراغ وإضعاف تياره في الضفة ولبنان بالاستقواء في غزة باعتبار أن دحلان قاعدته الجماهيرية غزة ويريد أن يواجه تيار عباس بقوة وخاصة أن دحلان يسيطر على قادة الشبيبة الفتحاوية وهذا تاريخيا مصدر قوة". وقال: "في كل الاحوال يقع العبء والمسؤولية على الأجهزة الأمنية في كشف هوية الفاعلين وخاصة أنه يمس سلطتها وقوتها ويمس دورها المهم في القضاء على الفلتان الأمني". صراع دحلاني عباسي على الحشد للمهرجان وكانت خلافات داخلية في حركة فتح برزت في الأيام الماضية خلال التحضير لمهرجان عرفات، الذي وافقت وزارة الداخلية بغزة على عقده بساحة الكتيبة. وكشف الكادر الفتحاوي هشام ساق الله أن أقاليم فتح بغزة فوجئت بحجز معظم باصات قطاع غزه يوم مهرجان عرفات وخاصه أقاليم الجنوب، وذلك من قبل جماعة المفصول من حركة فتح. وأضاف: "هذه الخطوة التي صدمت بها أقاليم قطاع غزه جاءت بسبب تأخر الموازنات وعدم توقعهم أن جماعة المفصول من حركة فتح تنوي التجمع والتجمهر بشكل موحد والوصول إلى مكان المهرجان كفصيل آخر يحمل اسم حركة فتح، ومعهم صور المفصول من حركة فتح وعليها صور الشهيد القائد ياسر عرفات". وكان شجار وقع بين التيارين تسبب بفض مهرجان عرفات العام قبل الماضي الذي عقد في ساحة السرايا بغزة. الدجاني: 5 سنياريوهات محتملة ويرى الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجاني أن هناك خمسة سيناريوهات متعلقة بالتفجيرات، أولها مسئولية الاحتلال الصهيوني من أجل خلق الفتنة، ويرى أن هذا الخيار "ممكن وبقوة لحرف الانظار عن القدس وهبتها الشعبية، وخلط الأوراق في الساحة الفلسطينية". ورأى أن "استخدام داعش فيه رسائل سياسية للإقليم والمجتمع الدولي". وأشار إلى أن السيناريو الثاني هو أن يكون الأمر في إطار الصراع الدحلاني العباس، ولكنه استبعد هذا الخيار بسبب "التزامن والدقة والأهداف المستهدفة خليط بين دحلانيين وعباسيين". وذكر أنّ السيناريو الثالث متعلق بالرسالة التي عثر عليها، وتتبنى التفجيرات، أي داعش، ولكنه استبعد ذلك بسبب طبيعة بنيتها التنظيمية وغياب المصلحة. وقال الدجني إنه من حق البعض أن يشير بأصابع الاتهام لحماس كون بعض عناصرها والمحسوبين عليها أطلقوا حملة لمنع مهرجان عرفات، مستدركاً في الوقت نفسه أن "البعض قد يقول إن هذا دليل براءة، فلو كانت حماس مخططة لمثل هكذا أعمال لما أطلق بعض المحسوبين عليها حملة منع المهرجان". وكان نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أطلقوا حملة على "فيسبوك" للاعتراض ومنع إقامة مهرجان عرفات، قبل اعتراف الحكومة بالموظفين وتسليم رواتب العسكريين منهم. ورأى الدجاني أنه ينبغي على حماس إدانة الحادث والعمل بسرعة للقبض على الجناة وكشف هوياتهم، كونها المتحكم بالأمن بقطاع غزة. وقال: إن "أحد السيناريوهات أن يكون طرف ثالث يريد أن يشعل الصراع الداخلي الفلسطيني لمصالح خاصة بها، كأن تكون أجهزة استخبارات تريد إرسال رسائل سياسية لحركة فتح تتعلق بمسار العلاقة الدحلانية العباسية، أو جهات تريد أن تتدخل في قطاع غزة وتصنع حدثاً للمطالبة بحماية دولية او للتخلي عن غزة نهائياً وعزلها". وختم بقوله: "يبقى ذلك تحليل وسيناريوهات حتى يثبت القضاء الحقيقة، فهذا العمل مرفوض وطنياً وشعبياً".
نتاج سياسة تهميش غزة أما الكاتب ورئيس مركز المستقبل للدراسات والأبحاث إبراهيم المدهون، قال: "يبدو أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة وهي نتاج سياسة تهميش غزة والاستهتار بمعاناتها وما كنا نحذر منه". واعتبر أنَّ ما حدث "إما أن يكون رسالة للمخابرات الإقليمية أو من فعل المخابرات الإقليمية، الأمر ضبابي ومعقد جدا".